بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى : " { سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ . هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ } [الحشر : 1-2] .
توضح هاتين الآيتين الكريمتين من أوائل سورة الحشر أو سورة بني النضير وهم قوم من اليهود يسكنون قرب المدينة المنورة حجم قوتهم وإمكانياتهم العسكرية والمادية وحجم المؤامرات التي كانوا يحيكونها ضد الرسول صلى الله عليه وسلم وضد الإسلام بالتواطؤ مع الكفار من قريش والمنافقين داخل المدينة وبعد معركة أُحد أحس اليهود بأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد ضعف لذلك ازدادت مؤامرتهم وخاصة زعيمهم كعب ابن الاشرف الذي كان اشد الناس عداوة للرسول صلى الله عليه وسلم وللمسلمين وكان كثير الطعن والفحش بهم وقد قتل على يد الصحابي الجليل محمد ابن مسلمة ومن أجل القضاء على مؤامراتهم تحرك الرسول صلى الله عليه وسلم بجيش من الصحابة إلى بني النضير وحاصرهم واحد وعشرين يوماً وكعادة اليهود في الهروب من المواجهة لجبنهم وتحصنهم داخل الحصن مما اضطر النبي صلى الله عليه وسلم لمحاربتهم اقتصاديا حيث أمر الصحابة بقطع الأشجار التي تحيط بالحصن والتي تعود لليهود جن جنون اليهود وهم يرون أموالهم تدمر أمامهم فاضطروا إلى التفاوض مع النبي صلى الله عليه وسلم من أجل الحفاظ على أموالهم فهي كل شيء في حياتهم إلا أن الرسول صلى الله عليه وسلم رفض وأصر على جلائهم من المدينة , وبالفعل رحلوا إلى عدة أماكن وهم يحملون فقط ما تحمله الإبل من حمولة إلى بلاد الشام ولذلك سميت سورة الحشر لأنها بداية حشر اليهود في فلسطين وقبل أن يتركوا الحصن دمروا كل ما يستطيعون تدميره بأيديهم وهذا ما ذكره القرآن الكريم ليزدادوا ألما على ألم وكذلك لكي لا يستفاد المسلمون من أي شيء موجود في الحصن ولم يكن يتوقع اليهود يوما أنهم سيهزمون وذلك لقوتهم وحصونهم وكثرة أموالهم وعدتهم ولم يكن يتوقع المسلمون أنهم سينتصرون على اليهود إلا أن الله نصرهم بالرعب وبأيدي المسلمين تدور الأيام ويعود الصراع مرة أخرى بين اليهود والمسلمين على ارض فلسطين وتأخذ عدة أشكال وعدة معارك وحروب كان لليهود اليد الطولى دائما فحققوا انتصارات عديدة على المسلمين والعرب وتمكنوا من احتلال كل فلسطين وأجزاء من الوطن العربي كسيناء والجولان حتى ظن اليهود كما ظنوا في السابق أن لا احد يقدر عليهم فهم أقوى قوة على وجه الأرض بفضل سيطرتهم على كل مراكز القوة العالمية والمال والسلاح إلا أن المجاهدين الصابرين في غزة أجبروا الصهاينة وعلى رأسهم زعيمهم في هذا الزمن شارون على الانسحاب مذلولا مرعوبا من شدة المقاومة التي قامت بها هذا الشعب وأدرك شارون وغيره أن المعركة خاسرة لا محالة فقام بسحب قواته وتدمير كل ما بنوه بأيديهم من مستوطنات ومستعمرات ومزارع كما فعل أسلافهم من بني النضير وذهب شارون في غيبوبة لا يحيا ولا يموت من شدة الألم والرعب ولم يكن يتصور أحد أن "إسرائيل" ممكن أن تهزم لشدة قوتها وقد فقد البعض الأمل في زوال "إسرائيل" واقتنعوا بأن "إسرائيل" دائمة إلى الأبد ونسوا الله القوي القدير الذي دمر أسلافهم وسيدمر أخلافهم في كل أراضي العرب والمسلمين وليس في غزة فقط وسيدمرون ما بنوه بأيديهم كل ما بنوه إن شاء الله وسيكون هباء منثور ولكنكم قوم تستعجلون فاعتبروا يا أولي الأبصار وان النصر مع الصبر والحمد لله من قبل ومن بعد .
بقلم الكاتب : محمد خيري عثمان الماضي
6/12/2011
المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"