وبالرغم من أن صور الخراب عمت مختلف مناطق البلاد،
باستثناء الجزء الكردي منها، إلا أن السنة دفعوا ضريبة مضاعفة، ففضلا عن مشاركتهم
المكونات الأخرى العيش في ظل دولة فاشلة لا تلتزم بتقديم أبسط مقومات العيش
لسكانها، دمرت الحرب على "الإرهاب" اثنتين من أهم مدنهم، هما الموصل
والرمادي، وشرد ما يزيد على الخمسة ملايين شخص منهم في مخيمات النزوح الداخلية
ومنافي الهجرة.
وبحسب تسريبات خلال الأسابيع الماضية، فإن نية الولايات
المتحدة تتجه إلى تحويل جزء من مناطق العراق ذات الغالبية السنية، إلى ما يشبه
المحميات، من خلال تعزيز حضور الجيش الأميركي في قواعد عسكرية على أطراف محافظات
نينوى وصلاح الدين والأنبار.
وعبّر عراقيون عن تململهم بسبب الهيمنة الإيرانية على
القرار السياسي وعلى مفاصل عديدة من الحياة وفي مقدمتها يقف المفصل الاقتصادي الذي
ينخره فساد غير مسبوق، لا تمكن مكافحته إلا عن طريق إزالة أسباب الحماية التي تقف
وراءها إيران والميليشيات التابعة لها. وهو تحول صار من اليسير تلمس إشاراته من
خلال تردد عدد من ممثلي التيارات السياسية الشيعية في "مجلس النواب" في
التصويت لصالح قانون يحضّ على خروج القوات الأجنبية من العراق.
ونجحت الولايات المتحدة في حشد أصوات لصالح بقاء قواتها
في العراق تمهيدا لما يمكن أن ينتج عن صراعها السياسي مع إيران من تطورات، يكون
للعراق موقع فيها، لا رغبة من الولايات المتحدة بل بسبب إصرار إيران على عدم
التخلي عن مكتسباتها التي تحققت عبر أكثر من عقد من الزمن، وبعد أن أنفقت العشرات
من المليارات من أجل تكريس وجودها في ذلك البلد الذي احتلته الولايات المتحدة عام
2003 ولم تستطع السيطرة عليه إلا من خلال التعاون الإيراني.
لا تخفي الولايات المتحدة وإيران معا قلقهما من اتجاهات
الرأي العام في العراق غير أن كل واحدة منهما قد هيأت نفسها لأسوأ الاحتمالات من
غير أن تفكرا بالتخلي عن العراق.
المصدر : جريدة البصائر
19/7/1440
26/3/2019