وتقدم «أونروا» خدمات في مجالات التعليم والصحة
والإيواء والإغاثة لأكثر من خمسة ملايين لاجئ مسجلين في الضفة الغربية وقطاع غزة
و"القدس الشرقية"، إضافة إلى اللاجئين في دول مجاورة مثل الأردن ولبنان
وسوريا.
وقال دبلوماسي رفيع في "مجلس الأمن" لـ«الشرق الأوسط»، إن «عملية
الاختيار حسمت يوم الاثنين»، موضحاً أن ملف التعيين أحيل إلى اللجنة الاستشارية
التابعة لـ«أونروا» التي تأسست بموجب قرار الأمم المتحدة الرقم 302 بتاريخ 8
"ديسمبر (كانون الأول)" 1949 بغية «تقديم النصح ومساعدة المفوض العام
لأونروا في تنفيذ مهمات تفويض الوكالة». وعند تأسيسها، كانت اللجنة مؤلفة من خمسة
أعضاء، أما اليوم فتضم في عضويتها 25 شخصاً وثلاثة مراقبين. وتجتمع اللجنة
الاستشارية مرتين سنوياً لمناقشة القضايا التي تهم «أونروا»، وهي تسعى للوصول إلى
«توافق في الآراء وتقديم النصح والمساعدة للمفوض العام للوكالة». وتوقع الدبلوماسي
أن تحسم اللجنة قرار التعيين «خلال الأيام القليلة المقبلة»، ملمحاً إلى «توافق
ضمني بين الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن (الولايات المتحدة وفرنسا
وبريطانيا وروسيا والصين) على تعيين لازاريني».
وسألت «الشرق الأوسط» دبلوماسيا آخر عن تعيين لازاريني، فأجاب أنه «يبدو أن الأمور
تسير في هذا الاتجاه». واستبعد أن تعترض أي دولة في اللجنة الاستشارية على هذا
التعيين الذي يمكن أن «يحصل بالتصويت» خلال نهاية الأسبوع الجاري أو في مطلع
الأسبوع المقبل.
وكان الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي - مون، قد عيّن لازاريني في 24
"أبريل (نيسان)" 2015 نائباً للمنسق الخاص للمنظمة الدولية في لبنان،
محدداً عمله أيضاً «كمنسق مقيم ومنسق للشؤون الإنسانية وممثل مقيم لبرنامج الأمم
المتحدة الإنمائي» في مكتب المنسقة الخاص للبنان آنذاك، الهولندية سيغريد كاغ،
التي تشغل حالياً منصب وزيرة التجارة الخارجية والتعاون للتنمية في بلادها.
يتمتع لازاريني بخبرة واسعة في مجال المساعدات الإنسانية والتنسيق الدولي في مناطق
النزاعات وما بعد النزاعات. ويحظى باحترام واسع في لبنان؛ نظراً للجهود
الاستثنائية التي يبذلها لمساعدة هذا البلد في المحافل الدولية، ولا سيما في
المجالات المتعلقة بالأوضاع الإنسانية للبنانيين عموماً، ولكن أيضا للاجئين
الفلسطينيين والسوريين. وهو عمل كنائب للممثل الخاص لدى بعثة الأمم المتحدة
للمساعدة في الصومال، باعتباره أيضاً ممثلاً مقيماً ومنسقاً إنسانياً. وقبل ذلك،
شغل لازاريني عدداً من المناصب العليا في مكتب "الأمم المتحدة" لتنسيق
الشؤون الإنسانية، وفي مهمات ميدانية مختلفة في العراق وأنغولا والصومال والأراضي
الفلسطينية المحتلة.
وقبل انضمامه إلى الأمم المتحدة عام 2003 كان لازاريني يرأس قسم التسويق لدى أحد
المصارف الخاصة في جنيف. كما عمل لمدة 10 سنين مع "اللجنة الدولية للصليب الأحمر"
بصفته نائب رئيس الاتصالات، ورئيس بعثة اللجنة الدولية في رواندا وأنغولا
وسراييفو، و"مندوباً للجنة الدولية" في جنوب السودان والأردن وغزة
وبيروت.
وتخرج لازاريني بدرجة البكالوريوس في الاقتصاد من جامعة نوشاتيل وهو حاصل على درجة
الماجستير في إدارة الأعمال من جامعة لوزان. ولد عام 1964 وهو متزوج ولديه ثلاثة
أطفال.
وتواجه «أونروا» مشكلات في الميزانية منذ العام الماضي إثر إعلان الولايات
المتحدة، أكبر مانح للوكالة، أنها ستوقف المساعدات التي تدفعها والبالغة 360 مليون
دولار سنوياً. وعانت «أونروا» أخيراً عجزاً كبيراً في التمويل، وأسهم الدعم من
المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على وجه الخصوص في إنقاذ
الكثير من برامجها.
وتعرضت الوكالة لحملة واسعة النطاق من "إسرائيل"، بدعم من الولايات
المتحدة، التي ارتأت خلال العام الماضي أن «لا حاجة بعد الآن» للوكالة التي تقدم
خدمات اجتماعية وتعليمية وصحية لأكثر من خمسة ملايين من الفلسطينيين في الأراضي
المحتلة ودول الجوار. وترافقت الحملة مع اتهامات ظهرت خلال الصيف الماضي للمفوض
العام السابق السويسري بيار كراينبول.
وأفاد تقرير سري لمكتب الأخلاقيات التابع للأمم المتحدة، بأنه خلال ولاية كراينبول
منذ عام 2014 «حصلت إساءة استخدام سلطة لخدمة أغراض شخصية». مع صدور نتائج
التحقيقات في الادعاءات عن سوء الإدارة، اضطر كراينبول للاستقالة من الوكالة
الأكبر والأقدم في المنظمة الدولية. وبعد أشهر من التحقيقات، أفاد الأمين العام
غوتيريش بأنه تلقى تقريراً حول «التحقيق الذي يجريه مكتب خدمات الرقابة الداخلية
فيما يتعلق بادعاءات ضد كراينبول»، مؤكداً أن «النتائج الأولية (...) تستبعد
الاحتيال أو اختلاس الأموال التشغيلية من المفوض العام». لكنه أكد أن «هناك قضايا
إدارية تحتاج إلى معالجة». وإذ قبل استقالة كراينبول، عيّن غوتيريش البريطاني
كريستيان سوندرز ليكون مفوضاً عاماً بالوكالة اعتباراً من 6 نوفمبر (تشرين
الثاني). وخلال الأشهر القليلة الماضية، طبق سوندرز إجراءات وصفها بأنها «صعبة»،
من أجل مواجهة التحديات التي تُعانيها الوكالة وعلى رأسها الأزمة المالية.
ورغم الضغوط التي تواجهها، جددت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأكثرية ساحقة قبل
أسابيع تفويض وكالة «أونروا» لمدة ثلاث سنوات أخرى. ومددت حتى 30 "يونيو
(حزيران)" 2023، بأغلبية 169 صوتاً وامتناع تسعة عن التصويت ومعارضة الولايات
المتحدة و"إسرائيل".
الشرق الأوسط
9/7/1441
4/3/2020