المُهِمَّات في صفات القُدُوات من القرآن الكريم " 4 " (31-40)

بواسطة قراءة 2476
المُهِمَّات في صفات القُدُوات من القرآن الكريم " 4 " (31-40)
المُهِمَّات في صفات القُدُوات من القرآن الكريم " 4 " (31-40)

فهذه همسات تربوية وخواطر قرآنية من هداية كلام رب البرية؛ عبارة عن فوائد وإرشادات مقتضبة،  ووصايا وتوجيهات مختصرة، وبرقيات عاجلة، تنير الطريق وترسم المعالم، مستقاة من أخلاق الكبار وصفات العظماء، من الأنبياء والأصفياء، لصناعة وإيجاد قُدوات عملية ونماذج ربانية.

 

31- التيقظ: والتنبه من الصفات الملازمة للقائد الناجح، فأي غفلة أو ذهول، قد تؤدي لكوارث فادحة وأضرار وخسائر لا تحمد عقباها، قال سبحانه مبينا يقظة نبي الله سليمان عليه السلام وانتباهه( وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ )النمل:20، وفي تفقد الهدهد إشارة إلى أن الملوك يجب عليهم التيقظ وعدم الغفلة عن أصغر رعيتهم. تفسير النيسابوري (5/301).

 

32- الحزم: مع المرؤوسين صفة ملازمة للقائد الناجح، لدى حصول تقصير أو خلل في أداء العمل أو تخلف عن مهمة، مع مراعاة المصلحة والإنصاف في اتخذا القرار المناسب والحكم الصائب، قال سبحانه عن سليمان وحزمه مع الهدهد ( لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ )النمل:21، وذو القرنين قال ( أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ )الكهف:87.

 

33- التواضع: حُلّة القائد الناجح ورداء القدوة المتميز، فلم يتكبر سليمان عندما قال له الهدهد ( أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ )النمل:22، ولم يتعالَ موسى في رحلة طلبه للعلم مع أنه أفضل وأعلم من الخضر فقال له ( هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا )الكهف:66.

 

34- رجاحة العقل: جعلت ملك مصر لا يتردد في إشراك يوسف عليه السلام، في المُلك ويعطيه مرتبة عظيمة، ( قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ )يوسف:54، فأجابه الملك إلى طلبه، وجعله وزير المالية والخزانة، وأطلق له سلطة التصرف في شؤون الحكم، لرجاحة عقله وخبرته وحسن تصرّفه. تفسير الوسيط للزحيلي (2/1116).

 

35- الحكمة: وضع الشيء في موضعه؛ من حسن التدبير وسداد الرأي وحصافة السلوك واتخاذ القرار المناسب، من أهم صفات القدوة الناجح، ولننظر كيف تصرف سليمان بحكمة مع بلقيس دون استعجال أو إهمال، فقال سليمان للهدهد ( اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ )النمل:28.

 

36- الاشتراط: وطلب بعض الصلاحيات فيما يراه القائد الناجح يحقق ثمارا مرجوة ونتائج مرضية، تعينه في منصبه الجديد ومهمته المقبلة، كما حصل مع يوسف عليه السلام عندما طلبه الملك اشترط عليهم إعلان براءته على الملأ، ( فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ )يوسف:50.

 

37- الاعتراف بالفضل لأهله: من أخلاق الكبار والقدوات، وهذا يظهر جليا في موقف يوسف عندما راودته امرأة العزيز، ( قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ )يوسف:23، وكانوا يطلقون الرب على السيد الكبير، أَيْ إِنَّ بَعْلَكِ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ أَيْ مَنْزِلِي، وَأَحْسَنَ إِلَيَّ فَلَا أُقَابِلُهُ بِالْفَاحِشَةِ فِي أَهْلِهِ. تفسير ابن كثير (4/325).

 

38- العفة والطهارة: لما يحمله القدوة الناجح من هموم عظيمة ومسؤوليات كبيرة، قال سبحانه عن يوسف ( كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ )يوسف:24، بل فضَّلَ السجن على ما فيه من ألم وشدة على ممارسة الرذيلة والوقوع بالفاحشة، ( قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ )يوسف:33.

 

39- الذكاء: إذ منح الله تعالى سليمان عليه السلام ذكاء نادرا وإصابة في القضاء والحكم، بدليل قصة الحرث الذي نفشت فيه غنم الراعي. التفسير المنير للزحيلي (19/309).

قال تعالى ( وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ، وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ )الأنبياء:78.

 

40- إنزال الناس منازلهم: تعكس مدى حكمة وسياسة القدوة بالتعامل مع أصناف متنوعة من الناس، وقد جسد سليمان عليه السلام ذلك بتعامله مع ملكة سبأ، عندما أرسل إليها كتابا عظيم الشأن يناسب مقامها، فشهدت بذلك وقالت ( يا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ )النمل:29.

 

6- جمادى الأولى – 1438هـ

3/2/2017م