ما الذي يحصل مع الفلسطينيين؟ - جاد الله صفا

بواسطة قراءة 4882
ما الذي يحصل مع الفلسطينيين؟ - جاد الله صفا
ما الذي يحصل مع الفلسطينيين؟ - جاد الله صفا

عنوان مقال وزع من خلال الانترنت ونشر على بعض المواقع باللغة البرازيلية، ورايت من واجبي كفلسطيني ان اقف امام هذا العنوان، لاكتب بالعربية وليس بالبرازيلية عن ما خص به الكاتب مقاله، كاتب المقال برازيلي ويحمل اسم Thiago de Ávila، يطرح بمقاله مأساة اللاجئين الفلسطينين بالبرازيل، ويوجه اتهامات مباشرة الى المفوضية السامية للاجئين التابعة للامم المتحدة، يقول الكاتب بمقاله، بالنسبة لنا نحن كبرازيليين، تصوروا، اجنبي لا يتكلم اللغة البرازيلية، لا يعرف العادات والتقاليد، بحاجة الى عناية طبية، يتم وضعه ببيت للعجزة، لا يوجد عنده من يتكلم لغته او يحادثه ليسليه، فماذا ستعمل كبرازيلي لو كنت بوضع مثل هكذا؟ ويضيف كاتب المقال، تصوروا ان المنظمات الدولية والمحلية التي تستلم الاموال وتقدم المساعدات قد قامت بالتلاعب بهذه الاموال، فهم اشتروا اثاث منزلي جديد وسلموا اللاجئين اثاث قديم، تصوروا حاله كهذه، جالية عربية وفلسطينية تعتبر في عداد المفقودين لا تعطف على اللاجئين،  وحكومة برازيليه لا تريد ان تغضب الامم المتحدة، ومؤسسات تستخدم  العديد من الراغبين في العودة الى المخيم  للحصول على مكانة، والربح من هذه الحالة المؤلمة. ماذا تفعل؟ 

بمقاله ينتقد ويشدة الطريقة التي تعامل بها البوليس البرازيلي بحق اللاجئين الفلسطينين، اكثر من عشرين سيارة من الشرطة العسكرية والمجموعات الخاصة التكتيكية ببنادقهم، يقتحمون المكان الذي يتواجد به حوالي عشرين فردا اغلبهم اطفالا ونساءا، ليقوموا بمصادرة خيمهم ومحتوياتهم ونقلهم من مكانهم الى مكان اخر،  يقول كاتب المقال ان  هذا العدد الكبير من السيارات والشرطة لا يشاهد الا بالريو دي جانيرو  وساوبولو اثناء المواجهات مع عصابات المافيا، ويتساءل: ما الذي فكرت به المفوضية عندما وصلت سيارات الشرطة؟ هل كانت تعتقد المفوضية ان اللاجئين سيتراجعوا عن مطالبهم؟... لقد تمتع اللاجئين بشجاعة فائقة عندما حملوا انفسهم وانتقلوا الى مكان اخر قريب من مقر المفوضية.  

اليأس خيم عليهم كثيرا بذلك اليوم، لا يدرون كيف سيتصرفون،  والان هم بدون اي مساعدة وبدون اي اهتمام لا الجانب الحكومي البرازيلي يعطف عليهم ولا المفوضية السامية ولا كاريتاس التابعة للكنيسة الكاثوليكية تعيرهم اي اهتمام، كذلك بدون اي دعم وعطف او مساندة من الجالية الفلسطينية والعربية بمدينة برازيليا، الكل تخلى عنهم، هذا جزء من المأساة التي طرحها الكاتب البرازيلي  Thiago de Ávila، والسؤال الذي يطرح نفسه الان ايضا اين تقع مسؤولية الجانب الفلسطيني الرسمي بالبرازيل حول تفاقم ازمة اللاجئين الفلسطينين بالبرازيل؟  

قبل عدة ايام من الحادث، كان هناك اجتماع بمقر السفارة الفلسطينية مع ممثل المفوضية جمع ايضا رئيس اتحاد المؤسسات الفلسطينية بالبرازيل، ليخرج بنهاية الاجتماع السفير الفلسطيني يعرض على مجموعة من اللاجئين المتواجدين بمقر السفارة تذاكر سفر للعودة الى  مدنهم التي قدموا منها، فرفضت المجموعة هذا العرض، اما رئيس الاتحادية الذي سافر ثلاثة الاف كيلومتر بهذا الشأن لم يقابلهم قبل الاجتماع وخرج من الباب الخلفي للسفارة حتى لا يلتقي معهم بنهاية الاجتماع، وبعد الحادث بايام اتصل احد موظفي السفارة باللاجئين ليعلمهم ان المفوضية وافقت على ارسالهم الى مخيم الوليد، ليكتشف اللاجئين فيما بعد ان هذا الكلام عاري عن الصحة، والسؤال: لماذا موظف السفارة نقل خبرا عاري عن الصحة الى اللاجئين؟ الجواب بكل بساطة: ليمارس الارهاب ضدهم من خلال بث الرعب بقلوبهم بانهم سيعودوا الى جهنم، فهم بين نارين ، نار الصحراء ومليشيات القتل بالعراق ونار الرعب والارهاب من الشرطة البرازيلية، السفير الفلسطيني قال انه لا علم له بالحادث، الحادث حصل يوم السبت الموافق 25/04 الساعة السادسة صباحا، فالسؤال الذي يطرح نفسه: هل السفير قدم احتجاج الى المفوضية او الى الحكومة البرازيلية على الطريقة التي تعاملوا بها مع اللاجئين ؟ اكثر من ثمانين شرطيا معززين بالبنادق والهراوات والشاحنات، مقابل عشرين لاجئا اكثرهم اطفالا ونساءا. 

المعلومات التي تخرج من برازيليا، تقول ان المعتصمين يصرون على الخروج من البرازيل، وهذا طبعا حقهم، ولا احد يستطيع ان يحرمهم من هذا الحق، المفوضية السامية للاجئين تتحمل مسؤولية بتوفيرهذا الحق، ونقلهم الى فلسطين او العراق او الى اي مكان، فهي المسؤولة، وعلى الحكومة البرازيلية ان تمارس دورها  بالضغط على المفوضية والامم المتحدة لتحمل مسؤولياتها اتجاه اللاجئين ما دامت فلسطين محتلة، وما داموا اللاجئين محرومين من العودة الى ارضهم وديارهم، تتحمل الامم المتحدة مسؤوليتها بتوفير الحماية لهم، وحياة كريمة بما يضمنها الميثاق العالمي لحقوق الانسان، فمن يرغب البقاء بالبرازيل فله ذلك، ومن لا يرغب فله ذلك ايضا، حقوقا لا احد يمكنه ان يتجاوزها، حق الفرد بالحياة. 

المعلومات التي تصل من برازيليا تقول ان هناك مجموعة من المحامين الذين يعملون  لصالح المجموعة، بما يضمن لهم القانون البرازيلي والقانون الدولي، وتقول المعلومات ان المحامين التقوا مع وزير الخارجية البرازيلي لمطالبة الامم المتحدة بتحمل مسؤوليتها اتجاه هذه المجموعة، فهم ليسوا سلعة رخيصة يتقاضاها من يريد، او يتلاعب بها من يريد، قضية اللاجئين قضية سياسية بالدرجة الاولى، والوقوف والتضامن مع هذه المجموعة ليس عارا، وانما شرفا فلسطينيا وشرفا عربيا وشرفا وطنيا، العار من يترك نساءا واطفالا وكهولا ورجالا تنام بشوارع برازيليا، تلتقط قوتها من زبالة الشوارع، او تشحدها من امام السوبرماركت او الدكاكين، وعندنا ببرازيليا جالية وجمعية وسفارة وفيدرالية.

لماذا حضروا الى البرازيل؟ سؤال يطرحه البعض من ابناء الجالية ورؤساء الجمعيات وبعض المسؤولين الفلسطينين بالبرازيل، فانا اسأل، اذا لاحقتك ميليشيات الموت او عقارب الصحراء ماذا كنت ستفعل؟ وتعود نفس المجموعة لتسأل،  اليست الحياة بالبرازيل افضل من الوضع السابق؟ فاعود واسأل اليست كرامة الانسان والموت بالصحراء وعلى يد المليشيات افضل من الاهانات التي يواجهها اللاجئين بالبرازيل؟ وتعود نفس المجموعة وتسأل، لماذا لم يبحثوا عن فرصة عمل؟ اعود واسأل اين هي فرصة العمل التي وجدوها الى الاخ فاروق والاخ صافي؟ الم يضعوهم ببيت العجزة؟ ,واين هي فرص العمل التي وفرتها المفوضية ووزارة العمل البرازيلية؟ فاروق وضعوه ببيت للعجزة حال وصوله، معزولا مقهورا لا احد يسليه ولا احد يكلمه ولا يجيد لغة البلاد، فاروق قاد الاضراب ببرازيليا لمدة عام ينام بالشوارع وياكل المانجا وما يكرم به البرازيليين من طعام، لم يقدم له اي فلسطيني رغيفا من الخبز،  هذا الانسان الذي اضرب لمدة عام اكد لكل المتامرين وكل المتخاذلين، انه ليس عاجزا وانما مناضلا صلبا وعنيدا، ورغم كل المعاناة اثبت للداني والقاصي ان الارادة الفلسطينية اقوى من كل المؤامرات التي تحاول المساس به او بهم او باللاجئين، هذه هي الارادة النضالية التي نبحث عنها، ولا يوجد امامنا الا خيارا واحدا وهو الوقوف الى جانبهم ودعمهم بكل ما امكن لتحقق مطالبهم التي يناضلوا من اجلها، وهي واضحة الخروج من البرازيل ولا خيار امامنا. 

تحية للبرازيل على كرمها وحسن ضيافتها، تحية للشعب البرازيلي وقواه الوطنية المناصرة للحق الفلسطيني والمتضامنه معه. 

                                      

جادالله صفا

البرازيل

13/05/2009