مفقودو المحيط والصمت الرسمي والإعلامي- أيمن الشعبان

بواسطة قراءة 12589
مفقودو المحيط والصمت الرسمي والإعلامي- أيمن الشعبان
مفقودو المحيط والصمت الرسمي والإعلامي- أيمن الشعبان

حوالي 67 فردا قبل شهر من الآن ركبوا قاربا من أندونيسيا – فلسطينيين وعراقيين وسوريين وإيرانيين- على أمل الوصول إلى بر الأمان في أستراليا، إلا أن الرياح جاءت بما لا تشتهي السفن، إذ أي أخبار مؤكدة ودقيقة غير متوفرة لحد هذه اللحظة، ومن خلال تواصلي مع العديد من المقربين على ذويهم ومتابعة هذه القضية الكارثية، لم يتوفر لحد الآن أي معلومة مؤكدة.

نقول: الحمد لله على كل حال، وقدر الله وما شاء فعل، ولا أريد الدخول بتفاصيل وملابسات خاصة تتعلق بالمفقودين وظروفهم، وأحوال المهربين وطبيعة القارب وما الذي حصل، لكن أريد لفت الإنتباه لمأساة أخرى وكارثة من نوع ثاني، هي الإهمال الرسمي الفلسطيني بشكل خاص والإنساني والدولي بشكل عام، ناهيك عن ضعف وإغفال إعلامي لتلك المأساة الإنسانية على أقل تقدير.

السؤال العفوي الذي يطرح نفسه: أين دور السلطة الفلسطينية ممثلة بسفاراتها في كل من( أستراليا وأندونيسيا وقبرص والعراق وماليزيا وغيرها من الدول المعنية ) ؟!!

ثم أين دور الخارجية الفلسطينية على أقل تقدير في محاولة للوصول إلى معلومة أو نتيجة عن هؤلاء المفقودين ونحن في زمن التكنولوجيا والتطور التقني؟!! إذ لا يحتاج لكبير عناء وجهد التوصل لأي خيط بهذا الموضوع.

أين الأحزاب والفصائل والهيئات والمنظمات والروابط الفلسطينية وما أكثرها؟!! أين هيئات حقوق الإنسان الفلسطينية!! وأين تلك الهيئات الدولية أمثال منظمة العفو وهيومان رايتس ووتج وغيرها؟!!

أين المتبجحين بحقوق الإنسان في الأمم المتحدة؟!! أم أننا غير مشمولين بذلك لأننا لا بواكي لنا! لكن لا عجب في وقت صمت فيه القريب قبل البعيد، وهنا تذكرت كيف شارك رئيس تشيلي بنفسه أواخر عام 2010 بإنقاذ عمال منجم محاصرين لشهرين.

نحن لا نطلب من أي مسؤول فلسطيني إنقاذهم، بل يتم تخصيص جزء يسير من وقتهم الثمين لهذه القضية والتوصل لمعلومة دقيقة عنهم وإنهاء هذه الأزمة.

طيب أين القنوات الفضائية الفلسطينية؟! وما أكثرها، أين الصحافة أين المنتديات ومواقع الانترنت؟!! أين الكتاب والمثقفين والمعنيين بحقوق الإنسان؟! أم أن هؤلاء المفقودين غير مسجلين في جمعيات الرفق بالحيوان – عفوا الإنسان -!

والله وتالله لو أن كلبا – أجلكم الله – ضاع عن صديقه – الإنسان طبعا – في أوروبا لقامت الدنيا ولم تقعد لحين العثور عليه وإرجاعه لصاحبه ومربيه!! أما فلسطينيون يتيهون في محيط عمقه آلاف الأمتار فالأمر سهل جدا، ولابد من التأني وعدم الاستعجال لأن الفلسطيني غير مسجل ولا مشمول بحقوق الحيوان – آسف الإنسان – وإلا ماذا نفسر القتل والتعذيب والتهجير ومسلسل التنكيل ضدنا في العراق من قبل ذوي القربى للأسف وبمرأى ومسمع رعاة حقوق الإنسان بالعالم أمريكا وشهادة الأمم المتحدة!! والتضييق عليهم وإهمال قضيتهم في بعض الدول!

ونحن في شهر فضيل كريم أذكّر كل من له مسؤولية، ولو اعتبارية رسمية أو شبه رسمية ابتداء من رئيس السلطة الفلسطينية مرورا بمسؤولي الفصائل دون استثناء وجميع السفراء، والجهات الإعلامية انتهاء بأصغر فلسطيني ومسلم على وجه الأرض، أذكرهم بهذا الحديث الخطير الذي يزلزل القلوب وتتفطر له الأفئدة الحية، يقول عليه الصلاة والسلام( ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة ) صحيح الجامع، ما من صيغ العموم بمعنى أي عبد يكون في منصب أو يكلف بمسؤولية كبرت أم صغرت ثم لا يؤدي حقها يشمله هذا الوعيد والله المستعان.

‌اليهود يحرصون بعد سنين طويلة على مبادلة رفات قتلاهم بأسرى فلسطينيين أحياء لديهم؟!! فهل حرصنا على الحصول ولو على معلومة عن هؤلاء المفقودين لتبريد قلوب ذويهم، وقطع الشكوك باليقين وإنهاء هذه المحنة لأن الانتظار صعب للغاية، وأصعب منه الحيرة وفقدان الأحبة دون معرفة مصيرهم.

ثم واجبنا المهم جميعا الآن بذل قصارى جهدنا لإنهاء هذه الأزمة، ومواساة ذوي المفقودين لحين التوصل لأخبار مفرحة وسارة بمشيئة الله، والدعاء في هذا الشهر العظيم بأن يردهم إلى أهلهم سالمين، ونود التذكير أيضا بقول نبينا عليه الصلاة والسلام( إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها و تستوعب رزقها ... ) صحيح الجامع.

أخيرا أدعو الله عز وجل أن يعجل بإنهاء هذه المحنة، ويهون ويخفف عن ذويهم ويصبرهم ومحبيهم على هذا الابتلاء العظيم.

كما أقترح أن تكون هنالك حملة إعلامية واسعة لهذه القضية يتم فيها تفعيل الموضوع بمختلف الجوانب والنواحي، وإيصاله لأعلى المستويات، على أن نبدأ تلك الحملة بعمل صفحة على الفيسبوك خاصة بهذه القضية وكل ما يتعلق بالمفقودين من معلومات.

 

29/7/2012

 

 "حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"