العدوان الامريكي على العراق، وما لحق بالفلسطيني من ملاحقات واعتقال وتعذيب وقتل واستمرار للمعاناة، لا اتفق على انها سببا او نتيجة لمواقف فلسطينية مناصرة او انحيازا فلسطينيا، وانما نتيجة مؤامرة غربية امريكية صهيونية، لانه الطرف الوحيد الذي له مصلحة بملاحقة الفلسطيني وتصفية قضيته، ومقدمة لتفتيت العراق وتقسيمه على اسس طائفية، ابتدأت خيوط هذه المؤامرة مع بداية العدوان الامريكي على العراق واحتلاله، كانت ملاحقة اللاجيء ودب الرعب بوسط تجمعاته، كانه حقل تجارب يستهدف شعبا باكمله، والخطوات اللاحقة التي تعاملت معها المؤسسات الانسانية الخاصة للامم المتحدة، كانت بالحقيقة واضحة وليست مخفية على احد، الا وهو تشتيت الفلسطيني على عشرات الدول بالعالم، مما يسهل باعادة توطينه، كحلقة اولى من مسلسل ستطول حلقاته، تمهيدا للوصول الى مخيمات اليرموك وعين الحلوة وغيرها من مخيمات البؤس والشقاء، فذوبان الانسان الفلسطيني بمجتمعات غربية وغريبة بعاداتها وتقاليدها هو مؤامرة بحد ذاتها.
اعادة توطين!... اذا كان هو لاجيء او غير لاجيء!... ليس هنا بيت القصيد، هذه قضية وطنية قضية انسان فلسطيني يناضل من اجل الحفاظ على هويته وانتمائه الوطني، وهي قضية سياسية من الدرجة الاولى، وقضية دفاع عن انسانية الفلسطيني، وحقه بالحياة ليعيش كريما معززا رغم كل حالات القهر والظلم، ليتمكن من العودة الى وطنه، اللاجي الفلسطيني بالبرازيل والذي جاءها قادما من العراق، جاءها بارادته موافقا او غير مخيرا ليس هذا محور موضوعي، وهنا يراودني السؤال قبل الحكم مسبقا، من استطاع ان يوفر للفلسطيني بالعراق اي حماية؟ فالحقيقة واضحة وضوح الشمس لقد كان وما زال الفلسطيني ملاحقا بالعراق وخارجها.
من يعتقد ان المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة هي حريصة على اللاجئين الفلسطينين لممارسة حقهم بالحياة، فهذه الاوهام مردودة على اصحابها، فهي بالاساس مؤسسة تساهم على اهانة الانسان اكثر من الحفاظ على كرامته، وهي مؤسسة اقامتها دولا تامرت على فلسطين وشعبها، دولا لا تبحث الا عن طريقة لطي الملف الفلسطيني كقضية وطنية وسياسية، فانتمائنا الفلسطيني جاء تتويجا لانطلاقة الثورة الفلسطينية بتاريخ 01/01/1965، الذي عمدته دماء الشهداء الذين سقطوا من اجل العودة والتحرر، لأان نقول اننا فلسطينيون، وننتمي لوطن طردنا منه اسمه فلسطين .
تؤكد المفوضية العليا لشؤون اللاجئين على رفضها الكامل لمطالب اللاجئين المعتصمين امام مقرها، والذي يصل عددهم الى ما يزيد عن عشرين فردا، اطفالا ونسائا وشيوخا وشبابا، تقريبا 20% من مجموع اللاجئين بالبرازيل، ترفض نقلهم الى دولة اخرى، ترفض معالجتهم، تقطع عنهم الرواتب، تتامر عليهم، تعمل على اهانتهم والاساءة الى فلسطينيتهم، كل هذا امام مرأى الحكومة البرازيلية والسفارة الفلسطينية والفيدرالية الفلسطينية بالبرازيل، فلا خيار امامنا الا الوقوف الى جانب اخوتنا اللاجئين، والتضامن معهم وبكل مطالبهم، فرغم هويتهم الوطنية والسياسية، فهم اناس وبشرا لهم حقوقهم بالتنقل والعيش بكرامه حسب ما نص عليه الاعلان العالمي لحقوق الانسان.
ليس مفروضا على اللاجيء الفلسطيني بالبرازيل ان يتأقلم مع المجتمع البرازيلي، فقضيته ليست هكذا، اما لماذا جاء الى هنا، ومن الذي اجبره، هذا كلام غير مسؤول وغير منطقي، جاؤا لتعود اليهم انسانيتهم وكرامتهم، بعد ان حاول الاعداء اهانتهم بمخيمات البؤس والشقاء، جاءوا لان الموت لاحقهم، لماذا لم يسالوا صافي وطالب وفاروق ورشيدة قاسم ما الذي جاء بكم الى البرازيل، ولماذا لم تعملوا بالشركات التي وفرتها لكم المفوضية؟ فهل حقيقة المفوضية وفرت لهم حياة كريمة؟ اللاجئين لم يجدوا الحد الادنى بهذه البلاد من ما كانوا يصبوا او يطمحوا له، فهل يجب معاقبتهم على هذا الخيار؟ خسئوا من يفكروا هكذا، فاللاجئين لديهم خيارات كثيرة، وهذا ما يقولوه وما يرددوه يوميا باعتصامهم ببرازيليا وبمناطق سكناهم، وكل المؤشرات وما ينشر على النت تنذر بذلك.
على الحكومة البرازيلية ان تتعاطى مع هذه القضية بمنتهى المسؤولية والجدية، بكل تاكيد، فالبرازيل تتحمل مسؤولية تاريخية بماساة الشعب الفلسطيني عندما كان صوت اوسفالدو ارانيا، مندوب البرازيل بالامم المتحدة ورئيس الجمعية العمومية، كان صوته مرجحا النسبة لصالح تقسيم فلسطين واقامة الكيان الصهيوني، فالصوت البرازيلي شرع تقسيم فلسطين وشرع ماساة الشعب الفلسطيني، فمن المفترض ان يكون هناك موقفا فلسطينيا يطالب الحكومة البرازيلية وبشكل رسمي ان لا تتعامل مع القضية الفلسطينية على مستوى المؤسسات الدولية الا من خلال السماح لشعبنا الفلسطيني بممارسة حقوقه وعلى راسها حق العودة، الذي صوتت ايضا لصالحه عام 1949، كذلك ان يكون للبرازيل وحكومتها دورا ايجابيا بالتعاطي مع اللاجئين الفلسطينين المضربين ببرازيليا، والسماع لمطالبهم والعمل على حلها، وان لا تكون الحكومة البرازيلية، التي يعتبرها شعبنا الفلسطيني صديقا ومناصرا، جزءا من مؤامرة على حق اللاجئين الذين استقبلتهم.
رغم ادراكي الكامل ان هناك بعض المتساقطين الذين سيقوموا بطباعة مقالي هذا ورفعه الى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين والمخابرات البرازيلية، الا انهم لا يدركون اننا نعيش ببلد به حرية الكلمة والرأي، وان الكتابة ليست جريمة كما هي بوطننا، وان هذا لا يعتبر تدخلا بالشأن الداخلي البرازيلي، اما اللاجئين الذين بدأوا بالاضراب عن الطعام قبل ايام، لم يبقى امامهم الا بوضع حجر الاساس لمخيمهم الجديد، باحدث عاصمة بامريكا اللاتينية، الذي هو بالتاكيد سيكون رمزا للنضال الفلسطيني اذا لم يتعامل المسؤولون بجدية مع موضوعهم ومطالبهم، وختاما مقالي هذا ليس تحريضا، وانما تاكيد بانني لن اكون منحازا الا لشعبي وقضيتي ووطني، والى اللاجيء الذي هو عماد قضية فلسطين وجوهرها.
جادالله صفا
البرازيل
25/04/2009