السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
إن ما يعانيه فريق من الناس من الأمراض كضغط الدم والسكري و الجلطة و الذبحة و غيرها سبب من أسبابه الهموم التي يحملها الانسان فهذا يحمل همّ دنياه من طعامه و شرابه و ملبسه و مسكنه و علاجه و تعليمه و غير ذلك من متطلبات الحياة و آخر يحمل همّ الزعامة و الجاه و السلطان والظهور.
فنتيجة التفكير في هذه الأمور ، يتسلّط الهمّ على الانسان و يصيبه ما يصيبه لذلك لمّا كثر ذكر يعقوب عليه السلام لابنه يوسف عليه السلام قالوا له ( تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ ) [ يوسف:85]قال البخاري : حرضاً أي يذيبك الهمّ.
و كما قال الشاعر:
و الهـمّ يخترم الجسيم نحافةً و يُشيبُ ناصيةَ الغلامِ و يُهرمِ
فكيف يمكن للانسان أن يتخلص من هذا الهمّ ؟
لقد بيّن لنا الله تعالى و بيّن النبي صلى الله عليه و سلم دواء هذا الداء ، فما هو الدواء ؟
كل منا فكر وحلل وتحدث عن حل للمشكلة الواقعين فيها الا حل واحد لم يطرح بجدية على الطاولة ووفقني الله على أن أضعه بين أيديكم ولكن هذا الحل يجب أن يرافقه صدق ووفاء واخلاص.
والحل يكمن بالتوجه الى الله بالدعاء كل في نفسه وبيته وبهدوء وسكينه بيننا وبين الله عزوجل وفي صلاتنا وفي قيام الليل حيث أن الله وعدنا بالاستجابة ان دعوناه مخلصين وكما ادعوكم وادعي نفسي واياكم بالتعالى عن الخلافات والحزازيات والمشاحنات وعلى أن نكون متحابين ومتساحين ممن يفشون السلام والابتعاد عن الغيبة والنميمة وسوء الظن حتى يقبل دعائنا ويكون خالص لله تعالى ولا ننسى اخوتنا في ماليزيا أيضا بدعاؤنا لعلها تكون ساعة استجابة في هذا اليوم المبارك فيفرج الله هممونا وكرباتنا وما اصابنا ونحمد الله أن ابتلانا بهذه الامور وان لم يبتلينا بما هو أعظم وسأسرد لكم بعض الايات والاحاديث المزيله للكروب والهموم والله الموفق.
يمكن للإنسان أن يتخلّص من الهموم من خلال :
أولاً : الايمان : إن الإيمان بالله يوجب الإيمان بقدر الله فمن آمن بقدر الله ، و سلّم الأمر لله ، هدى الله قلبه ، وشرح صدره ، ويسّر أمره ( مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) [التغابن:11] .
ثانياً : الصبر على ما يصيبه : لأن الإيمان بقدر الله يوجب الصبر على ما يحدث ( يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ ) [ لقمان:17] .
وعن صهيب قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن : إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له ، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له ) [ مسلم ]
أيات واحاديث تفريج الكرب:
قال الإمام البصري: عجباً لمكروب غفل عن خمس آيات من كتاب الله عز وجل وعلم فوائدها. قال تعالى "وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ . الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ . أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ " [البقرة 157:155]
- صلوات: تزكية وثناء ومغفرة منه تعالى -
" وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ . فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ " [غافر 44]
- نهاية الحوار الرائع بين مؤمن آل فرعون وقومه -
" الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ . فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ " [آل عمران 173]
هذا كان فى غزوة حمراء الأسد بعد غزوة أحد مباشرة.
وقال تعالى ليونس عليه السلام" وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ . فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ " [الأنبياء 88]
" وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ . فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ " [الأنبياء 83]
دعاء الكرب من السنة النبوية عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي اللَّه عنْهُما أَنَّ رسُولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم كَان يقُولُ عِنْد الكرْبِ « لا إِلَه إِلاَّ اللَّه العظِيمُ الحلِيمُ ، لا إِله إِلاَّ اللَّه رَبُّ العَرْشِ العظِيمِ ، لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّه رَبُّ السمَواتِ ، وربُّ الأَرْض ، ورَبُّ العرشِ الكريمِ »متفقٌ عليه
.قال النووي: " هو حديث جليل ، ينبغى الاعتناء به، والإكثار منه عند الكرب والأمور العظيمة"، قال الطبري : " كان السلف يدعون به ، ويسمونه دعاء الكرب، فإن قيل : هذا ذكر وليس فيه دعاء ، فجوابه من وجهين مشهورين :
أحدهما: أن هذا الذكر يُستفتح به الدعاء ثم يدعو بما شاء.
والثاني: جواب سفيان بن عيينة، قال: أما علمت قوله تعالى : [من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين]، وقال الشاعر:
إذا أثنى عليك المرء يوماً كفاه من تَعرُّضه الثناء
وقوله صلى الله عليه وسلم: اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين ِوأصلح لي شأني كله لاإله إلا أنت الله ، الله ربي لاأشرك به شيئاً .رواه ابن ماجه .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " دعوة النون إذ دعا بها وهو في بطن الحوت" لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين لم يدع بها رجل مسلم في شئ قط إلا استجاب الله له .صحيح الترمذي
إذا أصيب الإنسان بالهمّ أو أي مصاب آخر فصبر عليه كان هذا كفّارة لذنوبه ، و رفعة لدرجاته
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه ) [ متفق عليه
قال الحافظ ابن حجر : قوله ( من نصب ) هو التعب . ( ولا وصب ) أي مرض ، وقيل هو المرض اللازم . ( ولا هم ولا حزن ) هما من أمراض الباطن . وقيل في هذه الأشياء الثلاثة وهي الهم والغم والحزن أن الهم ينشأ عن الفكر فيما يتوقع حصوله مما يتأذى به , والغم كرب يحدث للقلب بسبب ما حصل , والحزن يحدث لفقد ما يشق على المرء فقده . وقيل : الهم والغم بمعنى واحد .[ فتح الباري
إن أعظم ملاذ يمكن للإنسان أن يلتجأ إليه ، أن يعتصم بالله و يلتجأ إليه ، و يستعيذ به من كل ما يحذر و يخاف ، عن أنس بن مالك قال : كان النبي صلى الله عليه و سلم يقول : ( اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن ، والعجز والكسل ، والجبن والبخل ، وضَلَع الدين وغلبة الرجال ) متفق عليه.
بارك الله لكم وعليكم وفرج همومكم ...
أخوكم محمود الفلسطيني
11/3/2011
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"