كل شيء بدا غريبا على سيدة فلسطينية ناهزت الستين ورمى بها اللجوء بين أحضان شعب لا تعرف عنه أي شيء ويخالفها في كل شيء تقريبا.
تقول أم ثائر للجزيرة نت "لم أتوقع في يوم من الأيام أن أجد نفسي أنا وأولادي الثلاثة وزوجي تائهين بين هؤلاء البرازيليين الذين لا يفهموننا ولا نفهمهم وتختلف عاداتنا وثقافتا وديننا عن عاداتهم وثقافتهم ودينهم، ورغم ذلك فنحن نشكر البرازيليين قبولهم لنا بعد أن رفضتنا جميع الدول العربية".
رفض عربي
أم ثائر ولدت في 1950 في العراق حيث لجأت عائلتها إثر نكبة 1948 وغادرته إلى مخيم الرويشد على الحدود الأردنية العراقية بعد الإطاحة بنظام صدام حسين, وكانت هي وزوجها وأبناؤها الثلاثة من بين نحو عشرين عائلة فلسطينية منحتها البرازيل حق اللجوء بعد الإقامة أكثر من أربع سنوات في المخيم الصحراوي في ظروف وصفت بأنها غير إنسانية.
وزعت السلطات البرازيلية الفلسطينيين مجموعتين توجهت إحداهما إلى ولاية سان باولو والثانية إلى ولاية ريو غراند دو سول في أقصى الجنوب.مول مشروع إيواء الفلسطينيين بالاشتراك بين المفوضية السامية لشؤون اللاجئين الأممية والحكومة البرازيلية, وتنفذه منظمتان غير حكوميتين لمدة سنتين يوفر خلالهما السكن والعلاج والتعليم للاجئين وأطفالهم إضافة إلى مبلغ شهري لتغطية بقية المصاريف.
غير كافية
غير أن بعض اللاجئين أبلغوا الجزيرة نت أن ما يقدم لهم من خدمات لا يتفق مع ما تعهدت به المفوضية قبل مغادرتهم مخيم الرويشد.
وقال خالد صبري عبد الرحيم للجزيرة نت إن المبلغ الذي يقدمونه لي لا يغطي مصروفي الشهري أنا وزوجتي وبناتي الثلاث وولدي كما أن البيوت ليست مجهزة بما فيه الكفاية.
وأضاف أن الأولوية بالنسبة لنا تتمثل في تعلم البرتغالية لنتمكن من البحث عن عمل ونندمج في المجتمع وندخل أبناءنا المدارس لتعويض ما فاتهم في المخيم.أما منظمة كاريتاس وهي إحدى منظمتين تشرفان على تنفيذ المشروع فتدافع عن نفسها بالقول إنها تتصرف طبقا لموازنة حددتها المفوضية. وقال المدير الإقليمي للمنظمة أنتانور كارلوس روفيدا للجزيرة نت إن وجود اللاجئين الفلسطينيين شكل صدمة كبيرة بالنسبة لنا بقدر ما شكل صدمة للفلسطينيين أنفسهم بسبب الاختلاف الثقافي والتباين في العادات والتقاليد.
قلة ثقة
وأضاف أنتانور أن المنظمة تحاول مساعدتهم على الاندماج في المجتمع في أسرع وقت لأن المشروع سيتوقف بعد سنتين, وهي فترة يجب أن يكونوا قد اندمجوا خلالها بشكل كامل في الحياة, لكن المشكل الكبير الذي يعانونه هو مشكل الثقة، "إذ يعتقدون أننا لسنا صادقين معهم". ويقول أنتانور إن أول خطوة قامت بها منظمته هي البحث عن مرشدين ومدرسي لغة برتغالية يتحدثون العربية.ويتشاءم بعض اللاجئين من مستقبلهم, لكن البعض الآخر يؤكد أن وضعهم أحسن مما كان عليه في المخيم فهم يتمتعون هنا على الأقل بحريتهم التامة.