عندما وردته معلومة , من مصادر موثوقة جداً , وكانت في غاية الأهمية , وتصل الى درجة ج , في المصطلاحات العسكرية , وقد بلغت من الخطورة الأنية والمستقبلية , حداً دفعته من ترك عادته القديمة , بالتدقيق في كل شي , يراه أو يسمعه أو يقال له , لذا لم يكلف نفسه , التحقق من صحتها , أو من عدمها , لان مصدرها , بلغ عنده درجات الثقة , بناقلها أكثر من ثقته بأنه يوماً ,, (( سيصبح كما يحب , لا كما يردون منه , منذ بدء خلق البشرية )) ...
وأن هذه المعلومة , غير قادرة على جلبها له , أكبر شبكات الأنترنت الألكترونية , ويعجزون أكبر رجال الأستخبارات الخارجية , ولا المتطوعين بالمجان , من رجال المخابرات المحلية , من الأدعاء لمرؤوسيهم هم من لفقوها , ولو لا خشيته أن يقع , في المبالغة التي يمقتها , لقال أن مصدرها يحبه حباً جماً , وكم سعى لأسعاده وكم وكم , وفي كل مرة كانت , تعض على جرحه , تاركةً جراحها تنزف بدون وجل , وأن كان ذلك على حساب قلبها , أنها ياناس شريكة حياته الأبدية , وأم أولاده بنين وبنات السيدة ,, ( مسعدة ) ,, نصف قلبه وشبابيك روحه المطلة على فسحة الأمل ...
في زمن أصبح فيه , يستخرج العسل من البصل ؟؟ , وتهدى فيه بدل الورد باقات الفجل ؟؟ والكل فيه قاتل وقتيل , وأن لم يقل , سوى مات الأمل ؟؟ , وأخرسوا فيه الحب , ليصبح الدمع صديق المقل ؟؟ , وتفر فيه البسمة , وتنتحر على الشفاه القبل ؟؟ , ويتطاول في المجالس , قليل الأصل على أبناء الأنساب والأصل ؟؟ , حتى بات الرجال الرجال , عند أشباههم مثل العبيد , لا أكثر ولا أقل ؟؟ , ويتمادى الليل ليطال البدر , حتى قبل أن يطل يأفل ,, ولكن هذه قصته في عالم الصحافة ,, خذوها من طرف لسانه , وأنا الى هنا , دوري معه أنفصل , لأن هذا هو كل الذي معه حصل ...
نسيت أن أقول , لكم أن أسمي ( قاسم ) , ولكن السيدة الوالدة , كانت تنكر وتستنكر , لفظ أسمي بالقاف , وتصر بأنه بالكاف , لانها أسمتني تيمناً , بأسم مختار بلدتها في فلسطين , الذي كان يطلق عليه الجميع ( أبو كاسم ) رغم كل ذريته أناث , ممنية نفسها وكلها أمل , بأن تعود يوماً الى بلدتها , ويكون أبي مختاراً لها , وحتى لايحار الناس , بأسم مختار بلدتهم الجديد , ( أبو كاسم ) , قد عاد وعادت بلدتها , الى ما كانت عليه في الأصل ...
ماتت أمي والنسوة يكفونها , وحين أنحنيت على جثمانها , لأقبلها للمرة الأخيرة , دست تحت رأسها , ورقة كتبت عليها , هنا ترقد ( أم كاسم ) , لاني لم أقنع , أعمامي وخوفي من أخوالي , وشماتت الناس من حولي , بأن يكتبوا ذلك , حسب وصيتها لي , على شاهد قبرها , وهذا ماحصل من جراء , قاف قاسم وكاف كاسم ولم يزل ...
أجلست زوجتي السيدة ( مسعدة ) , وقلت لها يا أم البنات قبل البنين , هناك مواقع على الأنترنت , متخصصه بنشر كل , ما يخص الفلسطينيين , ويكتب فيها الكثير من الكتاب , الذين أعرفهم ولا أعرفهم , فما قولك بأن أكتب فيها , لأن أبننا ( هامش ) , قد بلغ سن الرشد , وآن له أن يرتقي , على الصفحة البيضاء , فعندنا مقدمة أطال الله عمرها , وخاتمة صاحبة ماقل ودل , ولم يتبقى لنا شيء , ليصبح زوجك كاتباً مرموقاً , في كل هذا المواقع ...
قالت ( مسعدة ) كيف تقول ذلك , ومن أين أتيت بهذه الجرئة , أنسيت أني في الساعات الأخيرة , من حملي الميمون أن شاء الله , ورغم فحص السونر , الذي لم يحدد أن كان , المولود ذكراً لتسميه ( مقال ) , أو كانت أنثى فأسميها ( مقالة ) , لذا أرى يا زوجي بأن تتمهل , فطلق الولادة ومخاض الوضع , يكاد يقسمني نصفين , أذهب وأتي بجارتنا السيدة ( تعليقات ) , لعلها تعينني أثناء الوضع , لأن حملي هذه المرة , أصعب أكثر بكثير مما تتصور , قال لها أن كان المولود ذكراً سأكتب ( مقال ) , عن معانات وآلام وأوجاع الناس , وقد أعرج قليلاً لأحكي عن الحب والغربة والأغتراب والهجرة والتهجير , في خمسينات أعمارنا , وأقول فيه كلكم القتلة بدم بارد , والمخيمات شاهدة عليكم , وأنا شهيد , وسأجعله يصرخ بوجههم , ولايخشى لومة لائم , وأحكي لهم خذوا حصتكم منا وأرحلوا , لأننا باقون وأنتم الراحلون , هذا أصل الخلق , وهذا هو الحق منذ بدء التكوين , وأن الأرض دوماً للصالحين , وأصحاب الغدر والحقد الدفين , مالهم سوى حصة مما تبقى , على موائد الناس الطيبين ...
قالت له أخشى , أن الحب ممنوع , وأن كان للأوطان , والعشق حرام , وأن كان عشق , فعل الخير ولو في الأحلام , لما لا تكتب عن لوعة , فراقك للمحبين , وغربة الغربة , وغياب أصدقائك وذكرياتك , التي خطها قلمك على جدران ( الدرابين ) , فبغداد ما زالت تنبض بك , بين الحين والحين , قلت أين أنت يا منير وعامر ووليد وأين زهير وأبو ميسون وأين حاتم ووائل وأبن سمارة وعصام وأبيه بشير ملك المصورين وعبد الحكيم وكل أصحابي الجدد منهم والقديمين .. وأين أنتم يا أبناء البدوي أحمد وحسين , أجزم أنكم ما زلتم على عهدي بكم أناس طيبين ,, وكيف لي أن أنسى , أبو غزوة وأبو سرمد وعطا ورجا , وهل ينسى من مثل , سمير ومؤيد وأيمن أولاد معين .. ولينساكم الموت , الذي لا ينسى أحدً أن نسيت , أين منكم يا أبناء بلدي السليب فلسطين , أقسم بالذي رفع السماء من غير عمد , ما زلتم تسيرون في عروقي , مسرى الدم في الشرايين ,, وكم أتمنى أن أهديكم كلمة , لكن أن كان أهدائهم لي , بعض حبهم يضعفهم , ويضعف حبي لبعضي , لذا أنتبهي وحذاري أن تعودين , ثانية لما تقولين , والأفضل لي أن أنسى , والأحسن لك أن تنسين ...
قالت السيدة ( مسعدة ) لما لا تذهب الى بيت صديقة طفولتي , وشريكة أحلامي وصندوق أسراري ( المغلوبة على أمرها ) , فزوجها كما قالت لي ذات مرة , حين التقيتها بالسوق , يقتني كتب كثيرة , ويتكلم الفصحى بطلاقة , كما هي تتكلم العامية بلباقة , ويروم أن يكون كاتباً , في كل المواقع , ومن غير منازع , أذهب عنده لعله يرشدك لما ستكتب أنت , قال ماهو أسمه أعيديه علي ثانية , فهذا الأسم ليس بغريب عني , وأعلمي اني احسه , الى قلبي جداً قريب , قالت أسمه السيد ( مش مهم ) , قال ياليت بعدما طفرت دمعة من عينه لتلامس خد ( مسعدة ) , قالت مابك يارجل , قال بل هو لو تعلمي , ماذا جرى له , وما به حل أنه يازوجتي أرتحل , يوم أمس صلينا في المسجد على جنازته , وكان الناس ألوفً من خلفه , يرددون عبارة غريبة جداً , الكل سألتهم ولم يجيبوا , بل راحوا يرددوها بالعلن , بعدما كانوا يقولونها بسرهم , لتعلوا أصوتهم بالقول ( أراح وأستراح ) , فترحمي عليه , وأطلبي من الله الصبر لصديقتك ( مغلوبة على أمرها ) , قالت كلامك هذا زاد من ألم المخاض , فأذهب وأتني بالسيدة ( تعليقات ) فهي القادرة على مساعدتي على الوضع , وأن عشت بعدما أن ألد , أستأذنك من الأن لزيارة صديقتي , لأعزيها بفقدانها زوجها السيد ( مش مهم ) ...
قال لك هذا , وعند ذهابه لجلب السيدة ( تعليقات ) , اصر زوجها السيد ( تعليق ) مصاحبتهم لأنه لا يأمن عليها لغاية في نفسه , قائلاً لعلها تكون لها حاجة بي , لذا علي أن أكون قريب منها دوماً ,, وجاء المخاض وأشتد الطلق وهي تهذي مسكينة ياصديقتي فزوجك ( مش مهم ) , كما قلتي لي , كان مهم ومهم جداً بالنسبة لك ,, هنا دخلت السيدة ( تعليقات ) , على خط الكلام , قالت يرحمه الله قبل أسبوع ذهبنا أنا وزوجي ( تعليق ) , وجميع أولادي ( ناقد .. وهدام .. وحرية الرأي .. و ملاحظات .. وفتاوي .. وناصح .. وأبنتي الصغرى كارثة التي نناديها تدلعن بأسم .. قصدها شريف ) وحضرنا مجلس الفاتحة على روحه , فلم نجد سوى زوجته , ولافته كتب عليها , هنا كان ومن هنا مر , ولم تنشر له مقالة طول العمر , صرخت السيدة ( مسعدة ) من شدة الألم , أو من شدة قول السيدة ( تعليقات ) , لافرق فكلاهما ولادة , يسبقهما مخاض عسير , لكن شتان مابين الموت والحياة ...
أنفرجت أسارير السيد ( كاسم ) , حين بشر بأن المولود ذكراً , قال مرحباً بك يا ولدي ( مقال ) , ولكن سرعان ما خيم عليه الحزن , فقد قالت له الولادة السيدة ( تعليقات ) , مات لأمر ما أنا به أجهل , وعادت لتقول له أبشر , جاءتك بنوتة جميلة جداً , حمد الله على مجيء ( مقالة ) , ولكن سرعان ماتبخرت فرحته , لان السيدة ( تعليقات ) , خنقتها دون قصد منها , فماتت قبل أن ترى النور , وعينيها به تكتحل , هنا أنهار السيد ( كاسم ) , ومع أنهياره فاضت روحه , في سماء الصحافة وكأنه قتل ...
أنتهت فترة الحداد , وبعد أيام جائت السيدة ( مغلوبة على أمرها ) , لتعزي صاحبتها بفقدانها زوجها وولديها , الذين توفيا قبل أن يريا النور , ولسان حالها يردد قبل أن تطرق , الباب وكأنها تهذي , الأن الأن أدركت ماذا كنت تقصد , يا زوجي يا مهم ومهم جداً , وروحك تفارق جسدك , وماذا كنت تعني بقولك , (( مات الكلام .. وانتحر الحوار .. وفر الورق من تحت القلم .. لتعود يا مش مهم .. من العدم الى العدم )) .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ووداعاً وفي أمان الله معاً
بقلم / جمال أبو النسب ,,,
الولايات المتحدة الأمريكية / كاليفورنيا ,,
4/9/2011
المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"