فلسطينيو لبنان وتفتيت الكتلة البشرية .. أوضاع فلسطينيو الشتات الاجتماعية والاقتصادية جيدة باستثناء فلسطينيي العراق - ياسـر عـلي

بواسطة قراءة 3042
فلسطينيو لبنان وتفتيت الكتلة البشرية .. أوضاع فلسطينيو الشتات الاجتماعية والاقتصادية جيدة باستثناء فلسطينيي العراق - ياسـر عـلي
فلسطينيو لبنان وتفتيت الكتلة البشرية .. أوضاع فلسطينيو الشتات الاجتماعية والاقتصادية جيدة باستثناء فلسطينيي العراق - ياسـر عـلي

فلسطينيو الداخل يحملون جنسية الاحتلال. فلسطينيو الضفة وغزة يعيشون تحت الإدارة غير الكاملة للسلطة الفلسطينية. فلسطينيو الأردن يحملون الجنسية الأردنية. فلسطينيو سورية يعاملون ككتلة واحدة متماسكة، سواء قبل الأحداث الدائرة في سورية أو بعدها.

فلسطينيو بقية الشتات، قضاياهم متفرقة، أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية جيدة (باستثناء فلسطينيي العراق).

أما فلسطينيو لبنان، فيجري العمل على تفكيكهم إلى كتل مهاجرة من خلال الضغط عليهم اقتصادياً واجتماعياً ومدنياً وحقوقياً وأمنياً للهجرة من لبنان بشكل جماعي. بحيث يجري توزيعهم ككتل بشرية في بلاد الشتات.

من أجل أن تنجح مشاريع التسوية في المنطقة، يجري العمل على تفتيت الكتلة البشرية لفلسطينيي لبنان، وذلك عبر الوسائل التالية:

1- الضغط الحقوقي والقانوني، وحرمان الفلسطيني من الحقوق المدنية والإنسانية.

2- الضغط الاقتصادي والاجتماعي، حيث يمنع الفلسطيني من العمل في أكثر من 72 مهنة.

3- الضغط العسكري والحصارات، وقد كانت هذه إحدى أكثر الأساليب المؤثرة، فقد شهدت الكتلة البشرية للشعب الفلسطيني في لبنان عدة عمليات خسف بهذا السبب.

ففي حرب السنتين (1975-1976)، فتحت ألمانيا أبوابها للشباب الفلسطيني من لبنان. وبعد الاجتياح "الإسرائيلي" للبنان عام 1982، فتحت السويد أبوابها لآلاف الفلسطينيين المهاجرين إليها. وبعد حرب المخيمات (1985-1987)، فتحت الدنمارك أبوابها للمهاجرين الفلسطينيين. وبعد ذلك، عند نهاية الحرب اللبنانية، فتحت بريطانيا وأستراليا وغيرهما أبوابها.. وكل ذلك بشكل غير رسمي، وجرى معظمه بطريقة التهريب ثم لمّ الشمل.

الأسباب الثلاثة التي ذكرناها هي الأساسية، وهناك عشرات الأسباب الفرعية. وقد أدى ذلك إلى تخفيض عدد فلسطينيي لبنان بشكل لافت.

في الوقت الذي كان تكاثُر عدد الفلسطينيين في العالم أكثر من ثمانية أضعاف، كان التكاثر في لبنان لا يزيد عن أربعة أضعاف، ويبلغ عدد فلسطينيي لبنان بحسب سجلات الأونروا نحو 475 ألفاً. وسبب هذا يعود إلى البيئة الحاجزة من الضغط النفسي والحرمان من حقوق الإنسان على الفلسطينيين.

السبب الثاني، وهو الضغط الاقتصادي، أدى إلى هجرة الكثير من الشبان للعمل في الخليج، من دون أن يتخذوا جنسيات تلك الدول، بل اشتغلوا لتحسين وضعهم الاقتصادي، ويقترب عددهم من مائة ألف لاجئ. أصبحت حياتهم منسجمة مع الحياة الاستهلاكية في الخليج.

السبب الثالث، وهو الحصارات والتضييق الأمني، فقد أدى إلى هجرة أكثر من مائة ألف فلسطيني، وبذلك بات عدد الفلسطينيين الباقين في لبنان لا يتجاوز 260 ألفاً.

إذن، الكتلة البشرية المكوّنة من 260 ألفاً، يجري العمل على تفتيتها اليوم، للتساوق مع مشاريع التسوية التي لا يمكن أن تتم من دون تصفية قضية عودة اللاجئين.. وهي الرؤية التي يعمل عليها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري.

فما رشح من خطة كيري، هو تثبيت المقيمين في الخليج، وتخيير المقيمين في لبنان، أن يهاجروا إلى الغرب أو أن يحملوا جواز السلطة ويحصلوا على تعويض مع شرط بقائهم في لبنان كجالية فلسطينية أو كلبنانيين بعد توطينهم!!.

في هذه الأثناء ترتفع أصوات فلسطينية في لبنان تطالب بهجرة الشباب إلى الخارج، للحصول على فرصة عمل أو كرامة أفضل .. وهي دعوة وجدت صدى في الواقع الفلسطيني وتجاوباً من بعض الشباب، بسبب ما يتعرض له الفلسطينيون من ظلم معيشي في لبنان، حتى كادت الهجرة أن تكون مطلباً لكل فلسطيني في لبنان .. وأصبح هناك خشية من اقتطاع شريحة كبيرة في مشروع هجرة جماعية.

وقد اتضح أن من يحرك هذه الدعوات مرتبط بشكل مباشر مع جهات تسعى لتثبيت مشروع التسوية في المنطقة .. ولا يلام الشباب الفلسطيني في استجابته لهذه الدعوات بسبب ما يعانيه.

إذن، هناك ثالوث يسعى لتفتيت الكتلة البشرية للشعب الفلسطيني في لبنان، هو: الظلم اللبناني، عملية التسوية الأمريكية، والخيوط المرتبطة بالجهات الفلسطينية المعنية بإنجاح خطة كيري.. 

رغم كيد هذا الثالوث، سيبقى فلسطينيو لبنان بحر اللاجئين الهادر الذي سيُغرق الاحتلال عاجلاً أم آجلاً. وسنرفع دائماً شعارنا الجديد «نحن بحر اللاجئين».

 

المصدر : جريدة السبيل الأردنية

12/3/2014