عواصم ـ وكالات : تضاربت الانباء حول المفاوضات التي تجري بين المتمردين الليبين والحكومة في جزيرة جربة التونسية، وقال صحافي لاذاعة 'موزاييك اف ام' التونسية ان مفاوضات بين ممثلين للمتمردين وآخرين للنظام الليبي تتواصل الثلاثاء في جزيرة جربة التونسية، بحضور مبعوثين فنزويليين.
ويشارك في المفاوضات اثنان من اعضاء المجلس الوطني الانتقالي واثنان من ممثلي العقيد القذافي احدهما مسؤول عسكري كبير، كما قال الصحافي حبيب ميساوي لوكالة فرانس برس نقلا عن مصدر قريب من المفاوضات.
واضاف ان ممثلين للرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز يحضرون اللقاء ايضا.
لكن في باريس اكد ممثل المجلس الوطني منصور سيف النصر في تصريحات لاذاعة فرنسا الدولية ان المجلس لم يرسل اي ممثل الى جربة.
وقال ان 'المجلس الوطني الليبي لم يرسل احدا (الى جربة). انها شخصيات سياسية ليبية التقت (مبعوث الامم المتحدة الخاص لليبيا عبد الاله) الخطيب. هو موجود في جربة'.
واضاف 'لم يذهب ممثلون للمجلس الوطني الانتقالي الى جربة او الى تونس. سياسة المجلس هي عدم التفاوض مع نظام (معمر) القذافي'.
وتابع ان 'ما يمكنني قوله هو ان شخصيات ليبية مستقلة ليست مع الحكومة ولا اعضاء في المجلس الوطني الانتقالي التقت الخطيب لكنها لا تمثل المجلس الوطني الانتقالي'.
واكد ان المجلس 'لا يتفاوض مع نظام القذافي. نطالب برحيل القذافي وابنائه اولا ثم نتفاوض مع آخرين من المحيطين بالقذافي'.
من جانبه نفى عبد الإله الخطيب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة المكلف الملف الليبي أن يكون أجرى في تونس مفاوضات مع مسؤولين من الحكومة الليبية والمعارضة المسلحة، لكنه إعترف أنه إجتمع مع مسؤولين من الطرفين.
وقال في تصريحات للصحافيين عقب إجتماعه امس الثلاثاء مع وزير الخارجية التونسي محمد المولدي الكافي،'لقد إلتقيت مع مسؤول من الحكومة الليبية، وآخر من المجلس الوطني الإنتقالي الليبي، كما إلتقيت أيضا بعدد من المواطنين الليبيين بناء على طلبهم'.
وأكد أنه لم يجر أية مفاوضات أو مباحثات رسمية مع مسؤولي أطراف الصراع في ليبيا، نافيا علمه بإجراء مفاوضات في جزيرة جربة التونسية لإيجاد حل توافقي يرضي طرفي الأزمة الليبية.
وقال 'لقد علمت بمثل هذا الموضوع عبر وسائل الإعلام'، وأشار إلى أن زيارته إلى تونس تندرج بإطار التشاور مع المسؤولين التونسيين بشأن الأزمة في ليبيا خاصة وأن تونس دولة تأثرت جراء هذه الأزمة ولها مصلحة باستقرار الوضع في ليبيا'.
وأضاف الخطيب 'هناك جهود للأمم المتحدة وللمجتمع الدولي للتوصل إلى حل سياسي للأزمة الليبية، والخروج منها بأقل الخسائر والمعاناة للشعب الليبي'.
وأكد دعم الأمم المتحدة لجهود الأطراف الليبية بهدف الخروج من الأزمة خدمة لمصلحة الشعب الليبي، مبديا إستعداده لزيارة العاصمة الليبية طرابلس ومدينة بنغازي حيث مقر المحلس الوطني الإنتقالي الليبي، 'إذا كان هناك أفق لإيقاف حمام الدم ولتحقيق المطالب المشروعة للشعب الليبي التي يؤيدها المجتمع الدولي'.
وكانت أنباء ترددت أن مفاوضات مرتقبة بين طرفي الصراع في ليبيا ستجري في أحد الفنادق بالضاحية الشمالية لتونس العاصمة بمشاركة الخطيب.
وتزامن ذلك مع بدء الخطيب زيارة إلى تونس هي الأولى له منذ أن عيّنه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون مبعوثا خاصا له مكلفا بالملف الليبي خلال شهر مارس/آذار الماضي.
غير أن الأمم المتحدة سارعت في ساعة متأخرة من مساء أمس إلى نفي مشاركة الخطيب في المحادثات بين مسؤولين من الحكومة الليبية، والمجلس الوطني الإنتقالي الليبي الذي يمثل المعارضة المسلحة.
زنفت الحكومة الليبية علمها بالمفاوضات، فيما أشارت أنباء متضاربة إلى مفاوضات سرية بين طرفي الصراع في ليبيا إستضافتها جزيرة جربة التونسية (500 كيلومتر جنوب شرق العاصمة تونس) قبل وصول عبد الإله الخطيب إلى تونس.
الى ذلك ذكرت تقارير إخبارية امس الثلاثاء أن 26 على الأقل من ثوار ليبيا لقوا حتفهم وجرح 40 آخرون في اشتباكات بين الثوار وكتائب العقيد معمر القذافي.
وأوضحت صحيفة 'قورينا الجديدة' أن معظم القتلى قتلوا برصاص القناصة، ومعظم الإصابات في الرأس.
إلى ذلك، أكد ثوار ليبيا أنهم باتوا يطوقون العاصمة طرابلس بعد أن استولوا على مدينة غريان ودخلوا مدينتي صرمان وصبراتة الساحليتين في أعقاب بسط سيطرتهم على مدينة الزاوية الإستراتيجية.
ونقلت قناة 'الجزيرة' عن مصادر في صفوف الثوار إنهم لا يزالون يخوضون معارك شرسة في بعض أحياء صبراتة غربي طرابلس مع بقايا كتائب القذافي المتحصنين في الأطراف الغربية للمدينة.
وفي وقت سابق قالت مصادر الثوار إن الثوار تمكنوا من التقدم داخل مدينة صبراتة، ويتوقع أن تعترضهم مواجهات كبيرة أثناء دخولهم.
وحسب تلك المصادر فإن الثوار حاولوا تطهير المدينة من بعض القناصة الذين بقوا متمركزين فوق بعض أبنيتها.
وعن معركة صرمان (غرب) قال أحد الثوار إنهم سيطروا بالكامل على المدينة. وذكر أن الثوار خرجوا من مدينة العجيلات التي تقع جنوب غرب صبراتة بعد أن رفض بعض الأهالي بقاء الثوار في المدينة خوفا من عمليات ينفذها ما سماه 'الطابور الخامس'.
من جهة أخرى قال الثوار إنهم استولوا امس بالكامل على مدينة غريان، كبرى مدن الجبل الغربي (80 كيلومترا جنوبي طرابلس) وتمكنوا من الاستيلاء على معسكر كتيبة سحبان إحدى كتائب العقيد معمر القذافي التي كانت تهاجم الجبل الغربي منذ اندلاع الثورة في ليبيا.
وقد يكون المعارضون الليبيون نجحوا في الوصول إلى مدينة الزاوية الاستراتيجية التي تبعد عن العاصمة طرابلس مسافة نصف ساعة بالسيارة لكن كثيرين من أنصار الزعيم الليبي معمر القذافي يرون أن المعركة التي ربما تكون نقطة تحول في الصراع قد تكون في الوقت نفسه بعيدة المنال.
وبدا أن جمودا شاب الصراع في ليبيا لشهور في طريقه لنهاية مفاجئة خلال الأيام القليلة الماضية مع إعلان المعارضين الساعين لإنهاء حكم القذافي الممتد منذ 41 عاما سيطرتهم على وسط مدينة الزاوية الواقعة على بعد 50 كيلومترا غربي طرابلس وسيطرتهم على بلدة إلى الجنوب من العاصمة.
وبالرغم من أن مسؤولين في الحكومة الليبية قللوا من أهمية هذه التطورات وتعهدوا بالنيل من أي مكاسب قد يكون المعارضون حققوها إلا أن قاعدة قوة القذافي في طرابلس محاصرة الآن.
لكن لم تظهر إشارات كبيرة على الترقب في وسط طرابلس أمس.
ولم تشهد العاصمة خروجا كبيرا منها أو إسراعا في تخزين البضائع تحسبا لفترة حصار طويلة مما قد يشير إلى حقيقة أن الكثيرين من سكان المدينة يستعدون للأسوأ منذ بدء الصراع في فبراير شباط أو أنه ليس أمامهم الكثير من الأماكن ليذهبوا إليها.
وعلى العكس سادت أجواء استرخاء بل واحتفال في الميدان الرئيسي بطرابلس حيث خرجت العائلات بعد يوم صيام طويل ودخن الرجال النرجيلة في المقاهي.
ومثل كثيرين بدا أن محجوب مفتاح وهو معلم تطوع لحمل السلاح في قوات القذافي يعتقد أن تقدم المعارضة صوب طرابلس احتمال بعيد.
وقال متحديا المعارضين 'أتمنى أن يسيروا صوب طرابلس. أتمنى.. سيموتون كلهم.'
وإذا حاول المعارضون التقدم شرق الزاوية أو شمالا من بلدة غريان فسيواجهون على الأرجح مقاومة شرسة من قوات القذافي المسلحة بشكل أفضل.
وتعهد أنصار القذافي في طرابلس والذين تم تزويد معظمهم بالأسلحة بالدفاع عن طرابلس في مواجهة المعارضين الذين يصفهم القذافي بأنهم مأجورون.
وألقى القذافي البالغ من العمر 69 عاما الاثنين بأول كلمة له منذ بداية رمضان واستخدم لهجته المعتادة المليئة بالتحدي وحث الليبيين على القتال حتى النهاية.
لكن جزءا كبيرا من كلمة القذافي التي جاءت في مكالمة هاتفية سمع بالكاد وجاءت بقية الكلمة غير واضحة وصعبة الفهم حتى على مسؤولي الحكومة الذين اختلط عليهم الأمر بشأن كلام القذافي.
ونقلت وكالة الجماهيرية الرسمية للانباء نص كلمة القذافي التي قال فيها 'نهاية الإستعمار قريبة ونهاية الجرذان قريبة.. يفرون من دار إلى دار أمام الجماهير التي تطاردهم.'
وعلى الرغم من أن طرابلس عانت في الأسابيع القليلة الماضية من انقطاع كبير في الكهرباء ونقص في البنزين فإن المدينة لم تشهد احتجاجا على الحكومة.
ويبدو أن معظم الليبيين الذين أجرى صحافيون أجانب مقابلات معهم والذين دائما ما يكون برفقتهم رجال من الحكومة يلقون باللوم في نقص مقومات الحياة لديهم على الغارات الجوية التي يشنها حلف شمال الأطلسي والمعارضين الذين يدعمهم الحلف.
واعترف رئيس الوزراء الليبي بخروج احتجاجات محدودة في طرابلس بسبب تداعي الخدمات العامة لكنه أصر على أن هذه الشكاوى لا تعكس استياء من الحكومة.
وفي وسط طرابلس بدا أن الحياة تسير بوتيرة طبيعية في ليالي الصيف فخرج البعض لشراء ملابس أطفال وجلس رجال على الحشائش وخرج آخرون للنزهة بينما باع الباعة الجائلون السجائر والفشار.
وفي طرابلس التي تسيطر عليها جيدا قوات القذافي من الصعب معرفة آراء الناس العاديين في الصراع. ويفند التلفزيون الرسمي مزاعم المعارضين بالتقدم ويعطي الكثير من بثه المباشر لأشخاص يروون انتصارات عسكرية للحكومة سرعان ما يتم تكذيبها.
وعلى الرغم من أنه لا يوجد شخص يمكنه الاتصال بالانترنت في طرابلس فإن معظم سكان المدينة لديهم أطباق لالتقاط الأقمار الصناعية ويمكنهم مشاهدة القنوات الفضائية العربية مثل الجزيرة والعربية.
وقال علي رمضان وهو موظف حكومي 'لا أثق في ما أشاهده في هذه القنوات... أنا متأكد أن الحكومة ستنتصر قريبا.'
لكن تيارا خافتا من التوتر يسري في الأجواء.
وقال عبد الرحيم محمد ترهوني البالغ من العمر 20 عاما يوم الأحد إن شائعات سرت على أن المعارضين سيغتصبون النساء في طرابلس وأضاف 'نحن خائفون بالطبع. ونفكر طبعا في الرحيل.'
وهربت بعض العائلات جنوبا لكن سكانا في طرابلس يقولون إن معظم أهل المدينة باقون فيها. ويقول السكان إن العاصمة لم تشهد هروبا بل تدفقا لنازحين من بلدات وقرى وقعت اشتباكات فيها بين قوات القذافي والمعارضين. ويطلب هؤلاء النازحون الأمن بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية.
ولا يخص في مصير طرابلس في الايام والاسابيع المقبلة سكان المدينة الليبيين فحسب. فعلى الرغم من خروج الكثير من العاملين الاجانب من ليبيا عند بدء الصراع إلا أن آخرين لهم أعمال متأصلة وثابتة في البلاد ظلوا فيها بينهم عشرات الالاف من الفلسطينيين.
وقال فاضل السيد نصر وهو فلسطيني من مدينة غزة إنه قلق بسبب شائعات قالت إن مرتزقة فلسطينيين يحاربون مع القذافي وإنهم سينتقمون من المعارضين إذا اقتنصوا السلطة.
ويخشى نصر وفلسطينيون آخرون في ليبيا من تدهور أوضاع حياتهم إذا اختفى القذافي عن الصورة خاصة وأن الاوضاع السيئة للفلسطينيين في العراق ما بعد الرئيس الراحل صدام حسين ليست ببعيدة عنهم.
لكن نصر وآخرين في طرابلس بدا أنهم يعتقدون على الأقل في الوقت الحالي أن المعارضين سيظلون بعيدين عن العاصمة.
وقال نصر 'طرابلس محمية جدا. الجيش وأناس مسلحون في كل مكان.'
المصدر : القدس العربي
6/9/2011
http://www.alquds.co.uk/index.asp?fname=data%5C2011%5C08%5C08-16%5C16qpt959.htm