المشهد واحد ،والسيناريو بنفس العنوان ،والحبكة مخطوطة بالدماء التي روت أرض لبنان الطهورة قبيل وبعيد حرب عام 1982م ، مذابح ترتكب والعالم أجمع شيطان أخرس ،لا يسمع ولا يري ، فالدماء تهدر بلا أي ذنب ، اللهم سوي من إنها دماء فلسطينية .
الشعب الفلسطيني الذي شرد من دياره وحرم من نيل حقوقه منذ أمد بعيد ،ولم يرحم في وطنه أو في أماكن تشتته ولجوئه.
هذا الشعب الذي دفع ولا زال يدفع ضريبة الدم المتواصلة منذ اتفاقيات سيكس – بيكو والوصاية البريطانية ،والاحتلال الصهيوني الذي رسم معالم كيانه بالدماء والإرهاب بحق أبناء فلسطين ، ولم يتوقف المشهد الفلسطيني عند مقاومته للاحتلال ، وتضحيته بالغال والنفيس من أجل كرامته وكرامة أمة عربية وإسلامية ، فلا زالت حلقات المسلسل الدامي الذي يعيشه شعبنا ، تتواصل وتحاك بإتقان .
فأضحي الفلسطيني هو قربان التقرب للعدو الصهيوني ومن خلفة رأس الإمبريالية العالمية (الولايات المتحدة الأمريكية) ، ولنعد بذاكرتنا للماضي المؤلم ونستوحي منها مذابح أيلول الأسود التي أرتكبها الراحل ( حسين بن طلال) وقدمها قرباناً لرضي أسياده بتل أبيب وواشنطن ، وترحيل البندقية الفلسطينية وإبعادها عن حدود الوطن ، وبنفس المشهد قادت المليشيات اللبنانية والمرتزقة التي ندرك جميعا من هي ،بذبح الطفل الفلسطيني والمرأة الفلسطينية بمخيمات لبنان ،ولا زالت تنكل وتذبح بهم علي مرأى من العالم ، ويبدو أنه قدر للفلسطيني دوما أن يكون القربان الذي ينتهك دمة وعرضة ، ولم يستعصي علي الكويت أن تفوت فرصتها من النيل نفسيا ومعنويا وجسديا ،فمارست هوايتها ودورها بالتنكيل بأبناء فلسطين ،كضريبة لموقفهم المشرف من الحرب ضد العراق ، وعجبا عندما نسمع تصريحات تبدي الاستعداد للاعتذار للكويت ، ورغم إنني لست بصدد هذه التصريحات التي لا تمثل موقف أي طفل فلسطيني ، ولكن لماذا الاعتذار ؟ ولأجل من نعتذر ؟ .وما أشبه البارحة باليوم ، فنفس الأيدي ،ونفس المشهد يتكرر بالعراق ، حيث تمارس مرتزقة وعملاء أمريكا ، والصفويين أتباع الصفوي (الحكيم) دمية وألعوبة إيران بممارسة أبشع الجرائم ضد أبناء فلسطين بمخيمات العراق الحبيب.فالفلسطيني الذي لازال دوما يتصدر قضايا أمته العربية والإسلامية ، وعن مبادئه التي جسدها بملاحم بطولية ،لم يتعود قط أو يعهد منطق الخضوع لإملاءات النفوس المنهزمة التي تحاول تزييف التاريخ ،وغسل خيانتها بدماء الفلسطيني ، بل عهد مواجهة خفافيش الظلام بالدماء والأبناء.
تزداد الهجمة الشرسة وتستعر علي أبناء الشعب الفلسطيني في العراق وينكل بهم منذ احتلال العراق ، وازدادت وتيرة هذا العدوان في الأيام الأخيرة ،وأشد ما يلفت النظر الهدوء والصمت الرسمي الفلسطيني والعربي وكأننا بعالم موات لا يعرف ما يجري بالعراق ، فلم نسمع سوي اتصال الرئيس أبو مازن بالرئيس (المعين بالانتخاب للعراق) ، وما دون ذلك لم تخرج أي أصوات فلسطينية رسمية أو شعبية ، تنصر أبناء فلسطين بالعراق .وجال بذاكرتي العديد من الأسئلة ،التي لم أجد أي تفسير لها ،أو مبررات يمكن أن نبرر بها هذه المواقف ،فأين القوي السياسية والحزبية مما يجرب بالعراق ،أم لهثها خلف الحقائب الوزارية أهم من دماء أبناء شعبنا ، ولم يعد لنا قيمة إنسانية لأن الانتخابات انتهت ، أين خطفة الأجانب وقتلة العباد فلم نعد نري سلاحهم المشرع بشوارع فلسطين احتجاجاً هتك الأعراض في العراق ،أم هذا ليس من أولياتهم ونطاق أهدافهم ،ولا يخدم مصالحهم ، أين القادة الذين جابوا الأرض من أقصاها لأدناها بأقل من شهر ليحصلوا علي اعتراف العالم بهم وبحكومتهم القادمة ، ومن تلقوا وعود إيران بالدعم المادي، أليس من الأجدى بمن هدد الولايات المتحدة في حال اعتدائها علي إيران ، من حث هؤلاء الإيرانيين علي وقف دميتهم الحكيم ومرتزقته عن قتل أهلهم في العراق ،أم الاعتراف بهم وبالأموال أهم.
لم يعد بالامكان أكثر مما كان ، صمت آذاننا ،وأغلقت قلوبنا ، فلم نعد نقوي علي سماع عويل النساء ،وصراخ الأطفال ،وآنين الرجال في مخيمات العراق ،انبرت الأقلام لتستعرض لنا آليات السقوط لفتح لتلقي رضي الراعي الجديد ، وتمجد أداء حماس ،عسي أن تجد لها مكان في التركيبة الجديدة ، وتنال مكان بعالم الألوان ، ولم تعد تري أبعد مما يدور حول مصالحها ومطامعها الشخصية الدنيوية.
فهيا أيها القراء مزيدا من التعليقات التي تثني علي المقال ، ومزيدا من التعليقات التي تهاجم وتنتقد ، وكلاً منا يدلي بدلوه ، فلم نمتلك سوي النفاق بزمن غدت به الأحاسيس والمشاعر ببوتقة الهتاف والصراخ للشعارات والرايات ،فأبناء فلسطين علي الموعد لدفع ضريبة دماء أخري ، ولكن متي الزمان؟ وأين المكان؟ .
ولنا ولكم الله
سامي الأخرس
1/3/2006