بسم الله الرحمن الرحيم
في البداية لا يسعني إلا أن أتقدم لجميع أخوتنا من فلسطيني العراق أينما كانوا والى جميع المسلمين وأقول لكم , مبارك عليكم شهر الخير والرحمة , مبارك عليكم شهر المغفرة , مبارك عليكم شهر العتق من النيران أعادة الله علينا عليكم بالخير والبركة والصلاح وكل عام وانتم بخير .
تمر علينا الأيام وتمضي وكل رمضان يأتي علينا كصعقة كهربائية ليـُذكرنا بمرارة الغربة والحنين وذكريات الماضي التي أصبحت من الأحلام الجميلة التي نتمنى أن نحلـَم بها ، ذكريات لن ننساها أبدا , ذكريات تـَركت بصمات في أعماق جوارحنا , ذكريات نـُحتت في عظامنا وجماجمنا , ذكريات وان بكينا عليها ما تبقى من عُمرنا لن نـُعطيها حقها حتى وان عـُمرنا دهوراً وسنين طويلة , ذكريات ثمينا لن تهدرها هذه الأيام سنحتفظ بها كلوحة رسام ٍ أبدع في رسمها .
فلتلك الذكريات في هذا الشهر الفضيل لها نكهتها التي غاب طيب طعمها على نفوسنا وأحاسيسنا , فطعمها لا يشترى بالمال ولا بدموع ٍ من دم , فأيام رمضان كانت تمر علينا كأنها يوماً واحد لما فيها من ود وتراحم وتحابب في ما بيننا , فهل يمكن آن ننسى ذلك ؟؟ .
هل يمكن آن ننسى طقوسنا في هذا الشهر المبارك ونحن مع من نحب , نجتمع جميعاً على مائدة فطور تغمرها المحبة والبسمة وصلة الأرحام , ومن بعدها نسير وأقدامنا تطرق بالأرض طرقةً واحدة لكي نقف صفاً واحداً تحت سقوف جوامع أزقتنا , ولكن أصبحت تلك الأيام كالناقوس يدق في أرجاء الماضي , وفرقتنا الظروف مع من نحب وانقضت تلك الأيام والساعات بلمح البصر ، فرقتنا الطرق وفاضت بنا المشاعر وتضاربت في عقولنا أسئلة لا نجد لها جواب ؟؟؟؟ .
ومازلنا نحيا على هذه الحياة نبحث عن إجابة أو ربما لقاء يجمعنا بعد فراق طويل لا ينتهي , كم نتمنى أن نغمض أعيننا في غفوة قصيرة نسترجع بها أحلى أيام شهر رمضان في أزقتنا وشوارعنا وتجمعاتنا الفلسطينية التي لا يمحي صورتها من خيالنا إلا إذا فاضت الروح إلى باريها , آهٍ على من صنع شباك الموت لشعبنا , آه على من لطخ يداهُ بدم الأبرياء منا , آهٍ على من قذفنا في أحضان الذُل ِ والشتاتِ .
رمضان اليوم يمر علينا يومه كالشهر وشهره كالسنة ليس لطول ساعات الصيام ِ ولكن لطول فراق الأحبة والأحباب , وها نحن اليوم نكبر وتكبر أحلامنا معنا وهمومنا تكبر وأحزاننا تزيد , تجرفنا الدنيا في مشاكلها ونحن لا نزال نجري وراءها ونجري إلى أن نتعب , وماذا جنينا ؟ سوى الركض وراء أحلامنا , أحلامنا المغموسة بدموع العين , تـَبحث عن وطن يؤوينا , تـَبحث عن أمل اللقاء , تـَبحث عن الخلاص من الإذلال ِ ، تـَبحث عن الوطن السليب وطن الأجدادِ , وتبحث عن الكثير و الكثير , لان كل ذلك قد تناثرَ بين أشواك أحداث الأيام ِ وظـُلمات الليالي , فمتى نرى واحة الأزهارِ لِـتنسينا ألم الأشواكِ ومتى ينجلي هذا الظلام وتشرق أنوار الحقيقة لتضئ لنا طريق الأمل ، طريقاً ما أن سرنا فيه حتى تخرج لنا ذئاب الشتاتِ لتنهش لحومنا وترمي بنا على قارعة الطريق ِ ليسير كل منا وحده بلا صاحبٍ ولا حبيب , لتبقى حبيس الوحدة تقتلك أحداث الأيام وتغرق في دموع الحنينِ , نتعذر لكَ يا شهر الخير ِ سأقف في لياليك أتعبد وحيداً وأخ لي يقف أيضاً وحيدأً في ارض ٍ بعيدة لا يجمعنا إلا أن نتضرع بالدعاء لخالقكَ وخالقنا بأن يجعل أحلامنا حقيقة ويجمعنا في ارض فلسطين الحبيبة .
علي احمدا أبو الوفا
11/8/2011
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"