إنها ليست مجرد كلمات نقولها أو عبارة نكتبها، بل إنها حقيقة قائمة ومآسي ومصير أسود قادم، فقد بدأت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين مع ذيولها من المؤسسات المشرفة على تنفيذ برنامجها الجائر التعسفي بحق اللاجئين الفلسطينيين في البرازيل، بفتح الباب لمعاناة ومأساة جديدة تضاف إلى السجل الأسود للمآسي التي اقترفوها بحق اللاجئين الفلسطينيين في البرازيل...
في المدة الماضية كنا قد كتبنا وتسائلنا وتحدثنا عن هذه اللحظة، أما الآن فقد حان الوقت الذي حددته المفوضية اللامسؤولة عن تصرفاتها لنهاية برنامجها المجحف والذي أصلاً لم يخدم ولم يكن في خدمة اللاجئين أو في مصلحتهم، فقد بدأ هذا البرنامج بالإهمال وانتهى بالفشل ونتيجة ذلك سنكون أمام مأساة إنسانية بحق المرضى والمسنين والنساء والأطفال....
في الشهر المقبل تكون المدة الرسمية لهذا البرنامج اللاإنساني قد انتهت وأول خطوة سيتم تنفيذها هي تقليل رواتب اللاجئين منذ الشهر المقبل، و بالتأكيد كلنا نعلم إن هذه الخطوة ما هي إلا تمهيداً لقطع تلك الرواتب، وبالطبع هذه الخطوة ما هي إلا بداية لخطوات كثيرة ستتبعها قريباً إلى أن ينتهي المطاف باللاجئين وعوائلهم إلى الشوارع وحدائق البرازيل بين المتسكعين والسكارة ومدمنين المخدرات....
لنتكلم بداية عن الراتب الذي يتقاضاه اللاجئون، أيها الأخوة يتقاضى اللاجئين رواتب لم أسمع من أحد منهم أنه اكتفى به لأكثر من (20) يوما لمصاريف الطعام والغاز والكهرباء فقط، لأن هذا الراتب لا يصلح لتفكر به لأُمور أُخرى من ملابس وخلافه، فماذا بعد التقليل، تقاضى اللاجئين رواتب بداية وصولهم للبرازيل تعادل بقيمتها الـ(350) دولار لعائلة مكونة من (3) أفراد واستمر هذا الوضع أشهراً والأسعار في تصاعد مستمر حتى باتت قيمة هذا الراتب لا تفي لمدة أسبوعين فتم زيادته للـ(3) أفراد ما يقارب (150) دولار.....
وبطريقة صرف متواضعة جدا للمواد الغذائية وحليب الأطفال وخلافه من غاز وكهرباء تستطيع الوصول به لـ(25) من الشهر بأسعار مثل أسعار هذه البلد، فمن الواضح أن هذه البلد ليس فيها قانون لشيء، فالأسعار هنا يختارها البائع فيبيع بما يناسبه، فقد كانت المنتجات البرازيلية تأتي إلى العراق بسعر التراب، الغريب هنا أننا نشتريها الآن بسعر يفوق سعرها بـ(3) أضعاف سعرها في العراق، لم نرى هنا ولو مادة واحدة رخيصة...
إن ثمن المواد الغذائية الرئيسة مرتفع جداً قياساً مع رواتب اللاجئين، أسعار الملابس خيالية وليست بأسعار معقولة.
فما الذي سوف يقللونه ومن ماذا؟ وما هذا التناقض يقللون ما هو قليل أصلاً!!!
لكن يحق لهم فعل أكثر من ذلك، فمن في موقفهم هو القوي والقوي له كل شيء أما اللاجئين فضعفاء، فمن الطبيعي أن يتحمل الضعيف أوزار كل ما يفرضه عليه القوي، لأن اللاجئين الفلسطينيين في البرازيل يقبعون بدائرة يطوقهم فيها الجميع وأولهم الحكومة البرازيلية التي وافقت على قبول اللاجئين على أراضيها دون أدنى مسؤولية أو تفكير بمصير هذه العوائل بعد انقضاء مدة العامين بظروف بلد فقير مثل البرازيل وهم أعلم بوضعهم، ولم يكن لتلك الحكومة أي دور بل إننا شاهدنا أجهزتهم القمعية بالصور وهي تنقض على الأخوة من اللاجئين الفلسطينيين المعتصمين في برازيليا من مسنين وعوائل عُزَل يصادرون أغراضهم وخيمهم فطبع بمخيلتنا هذا المشهد الأشبه بمشاهد القمع الصهيونية لأهلنا في الأراضي المحتلة أو بإحدى المشاهد التي تحدث الآن مع الفلسطينيين في العراق عندما يتم الانقضاض عليهم لقمعهم وقتلهم، طبع بمخيلتنا أقبح الصور اللاإنسانية في البرازيل ورأينا بهذه الطريقة مدى دعمهم لنا فقد تم قمعنا وننتظر قتلنا في شوارعهم...
أيها الأخوة السؤال الآن ما هي الخطوة القادمة؟
وإلى ماذا يتم التمهيد؟
إننا كلاجئين نعلم أننا سنذوق الأمَرَّين هنا في مثل هذا البلد ونعرف تمام المعرفة أن الغرض من ذلك كله هو جعلنا أذلاء نرجو الرحمة و الحسنات منهم، في المرحلة القادمة ستنتهي مسألة الرواتب وإيجارات الشقق وسوف تتم تسميتها مُسمى جديد وهو (حسنات يتلقاها المشردين الفلسطينيين القادمين من العراق لإبقائهم أحياء) ولربما يتم نقلنا إلى أوضَع الأماكن المعيشية في البرازيل والتي يسكنها اللصوص والنشالة ومدمنين المخدرات.
فمن يتلقى الحسنات أين له أن يعيش؟
أيها الأخوة إن الموقف القادم يتطلب من جميع الأخوة اللاجئين الرافضين لتلك المعاناة التكاتف والتلاحم والتعاون وتوحيد الكلمة والعمل الجماعي ليس لزيادة الرواتب بل لرفض هذا الجحيم فإن زيادة الرواتب لن تحل هذه المشكلة لأن الإهمال والمصير المجهول وضياع مستقبل الأبناء والأطفال لن تحله زيادة الراتب، يكمن الحل الوحيد بتصحيح هذا الخطأ الفادح بجلب اللاجئين لمثل هذا البلد وإخراجهم إلى بلد تكون الظروف مهيأةً فيها لحياة كريمة يستطيع اللاجئ التعايش معها أو إعادتنا إلى الصحراء مع إخوتنا هناك أكرم لنا من العيش في مثل هذا البلد.......
بقلم - عصام عرابي - البرازيل
2009-08-12
"حقوق النشر محفوظة لموقع "فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"