بعد خروج بريطانيا منتصرة من الحرب العالمية الأولى عام 1918م أصبحت فلسطين خاضعة لانتداب هذه الدولة التي بدأت منذ اللحظة الأولى تدبير المؤامرات من أجل إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين خاصة بعد أن أعطت اليهود وعد بلفور المشؤوم ، ولتحقيق هدفها قامت بريطانيا بتشجيع الهجرة اليهودية إلى فلسطين وتحريض اليهود على استملاك الأراضي و إقامة المستوطنات وطرد السكان العرب ، ثم بدأت بتقديم كافة التسهيلات لليهود لتساعدهم على استملاك الأراضي و إقامة المستوطنات حتى وصل عدد المستوطنات اليهودية في قضاء حيفا لوحده في العهد البريطاني حوالي 62 مستوطنة ، وكنتيجة لتشجيع بريطانيا استمر تدفق الهجرات اليهودية إلى فلسطين وتمكنت بريطانيا أخيرا من الوفاء بعهدها للفئات اليهودية .
وبتاريخ 21-4-1948 أبلغ الحاكم العسكري البريطاني العرب قرار الجلاء عن حيفا ، في حين كان قد أبلغ الجانب اليهودي بذلك قبل أربعة أيام وكان هذا الإعلان إشارة البدء للقوات الصهيونية خطتها في الاستيلاء على المدينة وكان لها ما أرادت .
السكان والنشاط الاقتصادي:
تطور عدد سكان حيفا تطورا مطردا منذ عام 1916 وحتى نهاية الانتداب البريطاني على فلسطين فقد وصل عدد سكان مدينة حيفا عام 1916 إلى 10447 نسمة ارتفع إلى 24634 نسمة عام 1922 ثم وصل إلى 50483 نسمة عام 1931 وتضاعفت تقريبا بعد عام 1938 ليصل إلى 99090 ثم ارتفع إلى نحو 138300 نسمة عام 1945 وفي عام 1948 تراجع إلى 97544 نسمة.
وترجع الزيادة المطردة في عدد سكان مدينة حيفا للأعداد الكبيرة من المهاجرين اليهود الذين تدفقوا إلى المدينة قبل قيام دولة إسرائيل وبعد احتلال اليهود للمدينة أجبر سكانها العرب الفلسطينيون على مغادرتها ليبقى المهاجرون اليهود فيها الذين تزايدوا فيما بعد ليصل عددهم إلى 225800 نسمة عام 1973.
وقد مارس السكان في مدينة حيفا العديد من الوظائف أهمها " الزراعة " وتعتبر أهم الحرف التي عمل بها سكان المدينة منذ القدم حيث بلغت مساحة الأراضي الزراعية في قضاء حيفا 55% من جملة مساحة القضاء وأهم المحاصيل الزراعية هي:
المحاصيل الحقلية مثل : القمح والشعير والعدس والكرسنة والفول.
الحمضيات تعتبر من المحاصيل الهامة التي ينتجها قضاء حيفا.
الخضروات تعتبر إحدى أهم المحاصيل التي يعمل السكان في زراعتها.
الأشجار المثمرة مثل: العنب والزيتون واللوزيات وتنمو على مرتفعات الكرمل.
الصناعة : عاشت حيفا نهضة صناعية منذ الثلاثينات من القرن العشرين بعد انتشاء مدرسة صناعية عام 1936 لتعليم الحرف الفنية كالنجارة والحدادة والبرادة وإصلاح السيارات كما ، أقيمت مصفاة تكرير النفط التي استوعبت عددا كبيرا من العمال كما كان هناك العديد من الصناعات مثل الأسمنت والغزل والنسيج معاصر الزيتون- البلح والخشب وتجميع قطع المركبات…الخ.
التجارة: ارتبطت الوظيفة التجارية بأهمية الموقع الجغرافي لحيفا بالنسبة لأقليمها الخاص أو الأقاليم البعيدة وتصل المدينة بما حولها بأكثر من وسيلة للمواصلات وترتبط شبكة شوارعها الداخلية المنظمة بشبكة الطرق والسكك الحديدية الخارجية بالإضافة إلى ميناء حيفا الذي ساهم في ازدياد الحركة التجارية في المدينة كما ساهم فرع خط سكة حديد الجحاز دمشق- حيفا من جراء تحسينات كبيرة في الميناء دخلت حيفا في عهد جديد وأصبح ميناؤها وسيلة لنقل البضائع المستوردة من الخارج إلى كثير من أجزاء فلسطين والأردن وسورية. وكذلك ساهم الميناء في تصدير كثير من منتجات فلسطين والأقطار العربية المجاورة كالحمضيات والقمح والنفط إلى الخارج.
النشاط الثقافي :
أولا: المدارس في العهد العثماني :
بلغ عدد المدارس في حيفا عام 1870م ثلاث مدارس هي :
مدرسة الحي الشرقي وهي مدرسة عربية .
مدرسة الرشيدية .
مدرسة يهودية .
وفي عام 1901م بلغ عدد المدارس الأجنبية خمس مدارس وهي :
ثلاث مدارس ألمانية .
مدرستان فرنسيتان هما الفرير والراهبات .
وفي عام 1903م بلغ عدد المدارس الأجنبية ثماني مدارس وهي :
أربع مدارس فرنسية هي :
الفرير – راهبات المحبة – راهبات الناصرة – المدرسة اليهودية – ومدرستان انكليزيتان ومدرسة ألمانية ومدرسة روسية .
ثانيا: المدارس في عهد الانتداب :
فضلا عن المدارس الحكومية كان في حيفا مدارس خاصة إسلامية ومسيحية بلغ عددها عشرون مدرسة نصفها إسلامية ونصفها مسيحية وثماني مدارس أجنبية .
المكتبات في حيفا :
لم تعرف حيفا المكتبات العامة قبل عام 1914م حيث تأسس في هذا العام أول مكتبة عامة فيها باسم المكتبة الجامعة وتغير اسمها فيما بعد ليصبح المكتبة الوطنية وقد كانت هذه المكتبة تعنى ببيع الكتب العلمية والتاريخية والأدبية .. الخ كما أخذت هذه المكتبة تصدر مجلة خاصة بها هي مجلة الزهرة .
الصحف:
رأى رجال الصحافة العربية ما آلت إليه حالة الوطنيين من التفرقة فقرروا عقد مؤتمر صحفي في حيفا لوضع خطة يسيرون عليها في كتاباتهم وتأليف نقابة صحفية تجمع شتاتهم وتأخذ حيفا مكانها الريادي في الحركة الصحفية في فلسطين بمثل ما أخذت مكانها الريادي في الحركة الثورية .
المعالم الدينية والتاريخية والسياحية :
تضم حيفا مجموعة من المعالم الدينية والتاريخية والسياحية التي تشجع السياح على زيارة المدينة فقد بلغ عدد الكنائس في العقد الرابع في القرن العشرين ست كنائس إضافة إلى خمس مساجد وتكايا إلى جانب وجود ثمانية فنادق وثلاث حمامات عامة وتسعة خانات.
حيفا مدينة جميلة يوجد بها مجموعة من المعالم السياحية والأبنية الضخمة مثل دير الفرنسيسكان والكرمليين ودير دام دونازارات ونزل الكرمل والجامع الشريف والمحطة وبرج الساعة إلى جانب وجود مجموعة من المتاحف أهمها:
متحف الفن الحديث وبيت الفنانين والمتحف الانتولوجي ومتحف الفن الياباني والمتحف البحري والمتحف البلدي ومتحف الطبيعية ومتحف الفلكلور .
ووجود مجموعة من المنتزهات والحدائق العامة أهمها:
منتزه جان بنيامين وحديقة التكنيون ومنتزه جان هزكرون وحديقة جان حاييم والحدائق الفارسية وحديقة حيوانات إلى جانب وجود أعداد كبيرة من الفنادق والاستراحات.
ومن خلال دراسة الاكتشافات الأثرية في منطقة حيفا وقضائها من حيث خصائصها ومميزاتها ومواصفاتها والمادة الخام المستخدمة وطبيعة الرسومات تبين أن العرب الكنعانيين هم أول من استوطن المنطقة أقاموا فيها الكثير من مدنهم وقراهم مثل الطنطورة وعتليت وقيسارية وبنوا حيفا القديمة على بعد كيلو مترين من حيفا الحالية وقد بقى من هذه المدينة القديمة بعض الآثار التي تدل على مكانتها منها في جبل الكرمل على شكل ثلاث قناطر.
أما أهم المناطق الأثرية والتاريخية في حيفا:
حيفا المدينة وتحتوي على منحوتات صخرية ومقابر أثرية.
مغارة الواد بنقوشها ومنحوتاتها ورسوماتها التي تعود بتاريخها إلى حوالي 15 ألف سنة قبل الميلاد.
الأدوات الحجرية والرسومات التي تم اكتشافها في منطقة المدينة والتي تعود للفترة الواقعة بين ( 1260 – 6000 ق.م) .
تل السمك في الجزء الغربي من حيفا وعلى الساحل وتحتوي على أرضيات فسيفسائية ومنحوتات صخرية رومانية ومقابر منحوتة في الصخر .
شيقومونا غرب مدينة حيفا وتحتوي على مقابر صخرية وأرضيات من الفسيفساء.
مدرسة الأنبياء وهي قريبة من الفنار وعبارة عن بناء إسلامي قديم يضم مسجدا ومغارة قيل أن النبيين الياس ويشع علما فيها تلاميذهما قواعد الدين الحقيقي وتحتوي المغارة على آثار يونانية وهي مكان يقدسه أتباع الطوائف الدينية الثلاث الإسلامية والمسيحية واليهودية .
مار إلياس وهي عبارة عن كنيسة منحوتة في الصخر بالقرب من مدرسة الأنبياء .
قرية رشمية وفيها بقايا قلعة قديمة بناها الفرنجة وتحتوي على بقايا أبراج ومقابر وسط حدائق جميلة وساحرة .
ومن أهم المواقع الأثرية مغارة الوعد كباران السخول الزطية وقد عثر المنقبون على هياكل عظمية متحجرة وبقايا النار التي استخدمها إنسان فلسطين وهي أقدم بقايا رماد في حوض البحر الأبيض المتوسط وتتكون من خشب أشجار الزيتون الطرفاء الكرمة (العنب) .
أعلام المدينة:
إبراهيم بن محمد بن عبد الرزاق الحيفي من أهل قصر حيفا وهو من علماء الحديث متوفى سنة 476 هـ .
محمد بن عبد الله بن علي القيسراني القصري – نسبة إلى قصر حيفا توفى في حلب سنة 544 هـ .
المدينة اليوم :
كانت حيفا من كبريات المدن الفلسطينية قبل عام 1948 تضم 18 عشيرة و52 قرية دمر منها العديد من القرى لإقامة المستوطنات اليهودية حيث أصبحت تضم 90 مستوطنة ومازالت اليوم ثالث أكبر مدينة فلسطينية من حيث عدد السكان بعد القدس وتل أبيب وهي مركز صناعي وتجاري رئيسي.
وتوضح البيانات التالية التجمعات السكانية في قضاء حيفا.
التجمعات السكانية في قضاء حيفا :
يضم قضاء حيفا 18 عشيرة و 52 قرية و 90 مستعمرة أما العشائر التي تقطن القضاء فهي:
عشائر التركمان عشائر الزبيدات عشائر الفقرا عشائر الكعيبة عشائر السواعيد عشائر الخوالد عشائر الزوايدة عشائر العلاقمة عشائر الصفاصفة عشائر الحلف عشائر الغوارنة عشائر النفيعات عشائر الضيري عشائر المنسي عشائر العوادين عشائر التواتهة عشائر النعيم عشائر العمرية .
هذا ما أحببت أن أقدمه كتعرفة عن مدينتي العزيزة حيفا المغتصبة نسأل الله أن يعيدها إلى أيدي المسلمين كما كانت دائما وأبدا بإذنه تعالى انه سميع مجيب .
22/5/2009
إعداد:أحمد وليد الملحم
هذا الخبر حصري لموقع " فلسطينيو العراق "
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"