إنَّه لمنْ دواعي السرورِ أن يلتئمَ الشملُ العربيُ في
ديارِ وضيافةِ الهاشميينَ الأصلاءِ الأوصياءِ الشرعيينَ على المقدساتِ الإسلاميةِ
في القدسِ الشريفِ، والأشقاءِ الذين ما برِحوا يسعونَ مخلصينَ لدعمِ لقاءِ البيتِ
العربي في كلِ مناسبةٍ وحادثةٍ، وإِني إذْ اقدمُ الشكرَ على كرمِ الضيافةِ
العربيةِ الأصيلةِ فإنما أفعلُ كمن يَمدحُ نفسَهُ، فالامتدادُ المجتمعيُّ
العراقيُّ الأردنيُّ أعمقُ من أن تحدَّه حدودٌ أو تفرقَ بينه رسومُ الخارطةِ، فهذا
الانسجامُ والتواصلُ يحظى بحبِّ وتمسكِ الشعبين الشقيقين العراقي والأردني.
كما لا يفوتني أنْ اتقدمَ بالشكرِ والامتنانِ لجميعِ
اخواني وأخواتي رؤساءِ المجالسِ والوفودِ الذين أصرُّوا على تحقيقِ اللقاءِ بهذا
الشكلِ الذي يَنسجمُ وحجمِ التحدياتِ والظروفِ المحيطةِ بنا بشكلٍ عامٍّ وبقضيةِ
الأقصى وفلسطينَ على وجهِ الخصوص.
المحترمون
تعيشُ منطقتُنا على وقعِ أزماتٍ عميقةٍ وتوتراتٍ
متواصلةٍ، ومخاطرَ عديدةٍ، تقتضي تجنبَ كلِّ ما من شأنِهِ تغديةُ وترسيخُ مشاعرِ
الإحباطِ التي تؤدي بالنتيجةِ إلى التطرفِ و"الإرهابِ"، والمساسِ
باستقرارِ المنطقةِ، وإضعافِ الأملِ في التوصلِ إلى وضعٍ مقبولٍ لدى دولِ المنطقةِ
وشعوبِها، ولكننا للأسفِ وفي ظلِّ كلِّ ما يجري فإننا ما زلنا نمضي في سياقِ هذه
التطوراتِ المعقَّدةِ والاضطراباتِ المتعدِّدةِ التي يعيشُها الشرقُ الأوسطُ، حيث
تظلُّ القضيةُ المصيريةُ والجوهريةُ للأمةِ في وضعٍ مغلقٍ، تُراوحُ حالاتِها منذُ
عقودٍ في ذاتِ المشاكلِ دون إيجادِ حلٍّ حقيقيٍّ لشعبٍ وَاصَلَ التحدي من أجلِ
حقِّهِ المشروعِ في إقامةِ دولتِهِ المستقلةِ وعاصمتِها القدسِ الشريف، ولكن
وللأسفِ ما زالَ الكيانُ "الإسرائيليُّ" الغاصب يُصرُّ على نهجِ سياسةِ
تكريسِ الأمرِ الواقعِ، خارقًا بذلك "الشرعيةَ الدَّوليةَ"، ومتجاهلًا
لكلِّ التزاماتِهِ الموثَّقةِ، ومنتهكًا كلَّ مبادئِ "حقوقِ الإنسانِ"
والقانونِ الإنساني الدَّولي، على نطاقٍ واسعٍ، من خلالِ الممارساتِ الإرهابيةِ
التي أدمنَ عليها وصارتْ سياقًا في أدائِهِ اليومي تجاه أبناءِ شعبِنا الفلسطيني .
أيها الإخوةُ والأخوات
لسنا بصددِ عرضِ العواطفِ والآلامِ والمشاعرِ الشخصيةِ
حينما نرى مشاهدَ العنفِ "الإسرائيلي" الهمجي ضدَّ أبناءِ شعبِنا
الفلسطيني، في الوقتِ الذي يَجبُ علينا أن نخطوَ خطواتٍ جديدةً مع خلالِ وضعِ
مشروعٍ عربيٍّ موحَّدٍ يَبدأُ بتشريعٍ يُمثِّلُ إرادةَ الشعوبِ العربيةِ ويَنتقلُ
إلى خارطةِ طريقٍ للحكوماتِ والدولِ العربيةِ والإسلاميةِ؛ لأنَّنا حين نُوحِّدُ
صفَّنا في قضيةِ القدسِ من الناحيةِ الاستراتيجيةِ سنَضطرُّ الآخرَ للتفكيرِ
بالاستجابةِ بقدرٍ ما، فلا يمكنُه أبدًا أن يَتنصَّلَ من مواجهةِ إرادةِ الشعوبِ
مجتمعةً بخصوصِ القدس اذا يجب اتخاذ الاجراءات والتدابير المالية والسياسية
العاجلة والفعالة وتفعيل الصناديق المالية التي انشئت من اجل حماية القدس في وجه
الاخطار التي تتعرض لها مقدساتنا والتصدي لسياسات التطهير العرقي.
أيها الإخوةُ والأخوات
إنَّ حقَّ الشعبِ الفلسطيني في إقامةِ دولتِهِ
المستقلةِ وعاصمتِها القدسِ على كاملِ أراضيه هو حقٌّ تاريخيٌّ لا محيدَ عنه، إذ
يجبُ علينا، اليومَ أكثرَ من ذي قبلٍ، اتخاذُ مواقفَ واضحةٍ وحازمةٍ، تَندرجُ ضمنَ
استراتيجيةٍ مشتركةٍ وفعَّالةٍ، لضمانِ هذا الحقِّ ودعمِ خطواتِهِ العمليةِ، ومن
منطلقِ المسؤوليةِ الملقاةِ على عاتقِنا، كرؤساءَ لـ"المجالسِ النيابيةِ"
وممثلينَ لشعوبِنا فإننا ملزمون بعدمِ ادخارِ أيِّ جهدٍ لمواصلةِ مساعينا لوضعِ
حدٍّ لسياساتِ الكيانِ "الإسرائيلي" الغاصب، الهادفةِ إلى طمسِ
هُوِيَّةِ القدسِ فضلًا عن مواجهةِ كلِّ الإجراءاتِ المنحازةِ التي تَتخذُ من هذا
الطرفِ لترسيخِ هذا الوضعِ المرفوضِ.
وانطلاقًا من كلِّ ما سبقَ فإننا نُؤكدُ أنَّ الموقفَ
العراقيَّ إزاءَ قضيةِ القدسِ هو موقفٌ واحدٌ من "الشعبِ والحكومةِ و"البرلمانِ""،
فلدى العراقيين رؤيتُهم الثابتةُ لهذه القضيةِ المصيريةِ والتاريخية وان موقفنا
ثابت ولن يتغير في اقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشريف .
وقبلَ أن اختتمَ كلمتي اثني على ماطرحت الاخ مرزوق
الغانم وارى من الضروري تبني هذه الفقرات في اللقاء الختامي وان نذهب الى دعم
واسناد وتبني اي موقف يصدر من اخواننا في فلسطين وادعو الاخ الرئيس ورؤساء "البرلمانات
العربية" ان تعقد اجتماع لنا في الاراضي الفلسطينية لتصل رسالة واضحة وصريحة
الى السجان بأننا لن نترك قضيتنا ولن يبقى السجين تحت قيد هذا السجان الغاصب.
أقدمُ للإِخوةِ "رئيسِ الاتحادِ ورئيسِ مجلسِ
النوابِ الأردني" وجميعِ الإخوةِ والأخواتِ رؤساءِ "المجالسِ"
والوفودِ شكري وامتناني على الجهودِ التي ما زالوا يقومونَ بها لمصلحةِ قضيةِ
القدسِ وحرصِهم الأكيدِ على العملِ بإخلاصٍ للوقوفِ مع قضيتِهم التاريخية.
كما لا يفوتني أن اتقدمَ بالشكرِ والتقديرِ إلى
المملكةِ الأردنيةِ الهاشميةِ ملكًا و"برلمانًا" وحكومةً وشعبًا على
حسنِ الضيافةِ العربيةِ الأصيلةِ التي حظينا بها، والتي هي ليست بغريبةٍ على
الأردنِ ملتقى العروبةِ وديوانِ الأشقاءِ العامرِ بالحبِّ والمودةِ والإخاء.
المصدر : الغد برس
26/6/1440
3/3/2019