مناشدة ومعاناة مستمرة وآلام وحسرة- قصي العيدي

بواسطة قراءة 5755
مناشدة ومعاناة مستمرة وآلام وحسرة- قصي العيدي
مناشدة ومعاناة مستمرة وآلام وحسرة- قصي العيدي

بسم الله الرحمن الرحيم

 }لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (1) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ (2) وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ (4) أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ (5) يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَدًا (6) أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ (7) أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (8) وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ (9) وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (10) فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (15) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (16) ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (17) أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (18) وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (19) عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ (20) { ( البلد، 1-20 ).

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...             

أما بعد ...                                                                         

إلى الإخوة في موقع فلسطينيو العراق المحترمين. إلى الشرفاء والنبلاء القارئين.إلى كل من لديه إنسانية وله القدرة على تحمل المسؤولية  وبدون أي مقدمات أو عتابات لكن أصبح الوضع لا يطاق لا احد يحرك ساكنا متى يا إخواننا نبقى خائفين وكأننا لعبة شطرنج وتعرفون ما معنى (الشطرنج)...                               

 مطر بلا سحاب وكلام بلا عتاب , وبحق من سبب الأسباب وجعل الأقلام تكتب بانسياب ,لتملأ دفتر وكتاب وتسجل حبكم وأفكاركم تنسجون بها فنون وآداب هكذا القدر أراد أن يجمعنا بالشهداء بالجنة إن شاء الله, إذا لنلتقي...لنتعلم...لنتصادق...لنبدع...ونفجر طاقتنا الهائلة ومواهبنا المخبئة وبقلوبنا وأرواحنا الهائمة والباحثة عن من يسمعها ويتبناها...

إلى كل المنظمات الإنسانية في العالم , إلى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين للأمم المتحدة إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر ,إلى قادة العرب وزعمائها وملوكها ورؤسائها,إلى كل الشرفاء النبلاء يا من وجدنا فيكم الإنسانية بعد أن فقدناها :انجدونا,انجدونا ,انجدونا؟

أحبتي ..ارجو من حضراتكم أن تبقوا صدوركم مفتوحة لتقبل هذه الكلمات قد تكون جارحة بعض الشيء لكن يجب علينا أن نعبر ما بداخلنا وهذا إن سمحتوا لنا...

كتبت الكثير عن حياة الفلسطيني ووضعنا داخل العراق وكيفية الخلاص والتأقلم مع الوضع الحالي لكن مهما قلنا وفعلنا صعب علينا أن نغير أفكار غيرنا...

قد يكون من الغريب رجوعي إلى الكتابة بعد سفري إلى بلد لم أكن احلم بالذهاب إليه والله هذه هي الحقيقة قد يكون غريبا لكن يشهد الله إنها الحقيقة منذ هروبنا من بغداد وبينما كنا هدف لتلك المليشيات الملعونة والذي لا يوجد احد لا يعرفها على أي حال .

وعندما كانت تتساقط على حينا (البلديات) أمطار من الهاونات والسيارات المفخخة المدسوسة والاعتقالات العشوائية والقتل المتعمد وتركيب التهم  بنا ,لم تعد حياة إطلاقا أين نذهب بعد أن هجرنا من منازلنا وسرقوا منا فرحتنا وسلبونا أيضا كرامتنا ودنست مسميات حقوق الإنسان تحت أقدامهم الملعونة وفي اخر المطاف يسمونا (بالصداميين)!!

كان الاختباء أو الهروب أو محاولة لتفادي نيران المسلحين أو السيارات المفخخة التي تصيب الآخرين دائما والذي يسقط بها الأبرياء من عامة الشعب العراقي العظيم الغيور,هؤلاء الذين نراهم على شاشات التلفاز كل مساء مقطعي الأجساد وأشلائهم في كل مكان ,انه الموت الذي نراه (هناك) ما الذنب الذي اقترفوه لماذا توضع أخطاء غيرهم على حافة الطريق سيارة مفخخة أو عبوة ناسفة لتلتهم بها الأب والابن والأم والأخت ,لما كل هذا ألا يكفي ما عاناه الشعب العراقي, وللأسف  فالآخر يلقون اللوم على الفلسطينيين ويخرجون في الإذاعات ويبدأ الحديث القي القبض على فلسطيني الجنسية وهو كذا وكذا ,ويقال أيضا حدث انفجار رجل مفخخ وهو مشتبه به فلسطيني الجنسية وكيف عرفتم بالله عليكم كفى ظلما أصبحنا مسرحية داخل العراق أو مرض خبيث يهدد الجميع ويجب إبادته .

أين الأمة العربية لا يوجد سوى عشر أو إحدى عشر ألف فلسطيني داخل العراق ألا يستطيعوا إيجاد حلول لنا ..

متى الخلاص وكيف بالله عليكم هل لكم ردا على هذا السؤال ,أكيد ما من مجيب هذا ما نتوقعه .

من اغرب الغرائب إن هناك دول عربية وإسلامية تناشد وتشجب لكن في الإعلام  فقط ,أما الحقيقة للأسف .

الأمر الذي يعرفه الجميع وتعرفونه انتم بانه لا يوجد أي دولة عربية كانت أو عالمية تستطيع الوقوف أمام مخططات اليهود الذين يحكمون العالم أليست هذه الحقيقة ام نريد أن نبحث على مبررات كي تبعدون مخاوفكم من شعوبكم ,أهذا ما علمه لنا (سيد الكون محمد صلى الله عليه وسلم).

أو ربما خائفين من أنفسكم كي لا تقعون في لعبة قد وقع فيها غيركم لكن,لا,ولا,وألف لا يجب أن تستفيق الأمة العربية والإسلامية وان تستعيد وتجمع أبنائها وتضمهم كي تستفيد من قدراتهم لا أن تلقي بهم إلى الهاوية.

إلى جامعة الدول العربية المحترمين..نريد أن نعلمكم بان هناك شعب يسحق, هناك شعب لطالما شرب من كاس الغدر والذل والاهانة لم يبقى لنا سوى القليل من الكرامة أولا تسعفونا اولسنا عرب يا جامعة الدول العربية احزموا اجزموا اضغطوا على الأمم المتحدة كي تجد حل وحل سريع فعلي صادق نحن نطلب منكم أن تنقذوا أطفالنا ونسائنا وشيوخنا وشبابنا أن يثبتوا بأنهم مثل باقي البشر نرجوا منكم بل نرجوا من  الأمة العربية أن تقف إلى جانب أبنائكم الفلسطينيين داخل العرق...

السنا شعبكم اولسنا مسلمين ,ام انتم مشتركين معهم لإبادتنا ,أفيق أيها الضمير النائم ,أسألتم أنفسكم ماذا ستقولون حين تبعثون ام تظنوا بأنكم خالدين,كفا بالله عليكم !!

إلى زعماء, ,ورؤساء, وملوك, الأمة العربية هذه مناشدة ارجوا أن تقبلوا مني الاعتذار والسماح لكن ما رأيناه شيء مرعب ومخيف, شيء غير معقول مهما شرحناه لكم لا نستطع أن نصف لكم الإحساس الصحيح ولهذا نرجوا بل نكون من الشاكرين إن تقدمتم بعمل شيء لأجل شعبكم يا(قادتي)...

أيها الأمة العربية والإسلامية, أنا لست وحدي في وحدتي ,ففي داخلي يتوالد لاجئين من أول النهار حتى الغسق , أكابد أوجاعهم أتحمل تبعات عيشهم وأحزان قلوبهم بينما بغداد المتهاوية يتصاعد فيها عويلها مع الريح ويحتشد رماد الدخان داخلها في أي وقت تنثرها وتصبح سماء الله سوداء ,عازف مجهول يصيح من الألم ويتمنى الموت كي تقبل شهادته.

احلم أن أدون الحياة معا في قلب شعرا احلم أن يؤرخ لمستقبلي,حلمت أن أكون شاعرا لكتبت قصائد للشهداء,  ويغادر قلمي إلى  مجالس العزاء المقامة لتبيين القتلى بين بيت وبيت...

يتعثرون بالموت والله يرحب بهم وبالجنان اعد لهم يدا بشرية تطفئ نور الجسد والفتى المأسور في التحريم والتجريم.

إذا مبروك لكم أيها الشهداء الجنة وجعلها استقراركم  وتسكنوا فيها إلى يوم الوعيد الذي وعد الله به وانتم .يا أيها الوحوش الخفية والذين تعيشون في الظلال والظلام,ونحن الفلسطينيين ضد لحظة الخرس ,نحاول قول الحياة في لحظة افتتان,ولا نتوقف عن مغامرة العيش ,نضيء الظلام الكثيف لنعري الوحوش الخفية من المليشيات المتربصة لنا ,ننكفئ على وحوشنا ونرسل صيحات استغاثة ولكن ما من مجيب ...

أيها الوحوش أين ستختبئون؟ وأين ستهربون ؟ أوصافكم محفورة في الذاكرة وان نسينا فعند الله لا تنسى غدا تندمون وللموت سوف تتمنون وتحت التراب تنامون وأيضا لا تموتون ستبقون وتبقون وحتى يوم القيامة لا يشفع لكم شافع وفي جهنم بيتكم ونحن في الفردوس ذاهبون,غدا والله بأصابع الندم ستأكلون وتنظروا حولكم ولا تجدون ,نحن شهداء انتم ألقيتم بنا بجنة الخلد الملائكة مستقبلون,أما انتم جهنم ستشبع بكم والله يعلم وانتم لا تعلمون ...

قال الله تعالى ( ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزائهم جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه واعد له عذاب عظيم ).

ألا يريحكم كلام القران الكريم ,من المؤكد إن هناك من يحرس المليشيات واللصوص والإرهابيين ,والذين لم يكتفوا بقتل الإنسان وتشويه صورته الذي صورها الله بأحسن الصور ,قاموا بحرق الجوامع وحرق كتاب الله (القران الكريم) لعنهم الله في الدنيا والآخرة ولهم نار جهنم مستقرا لهم بإذن الله ...

نناشد الرئيس عباس وفقه الله لكل خير أن تناقش الدول العربية والعالمية والأمم المتحدة وجامعة الدول العربية بما يخص ملف الفلسطينيون داخل العراق ناقشوا الدول العربية قبل العالمية على الأقل إن الدول العالمية أخذت الكثير من اللاجئين من جميع أنحاء العالم المطرودة من الدول العربية يا للسخرية على هذا الأمر هناك شيء لطيف في يوم 3-12- 2006 كنت احد اللاجئين الذين عددهم 41 واحد وأربعين لاجئ  وبينما كنا هاربين من الظلم والقتل قاصدين مخيم التنف

وهو داخل الحدود السورية الذي يبعد عن الحدود العراقية 3 كيلوا متر يعني نريد الذهاب إلى الصحراء وصلنا تمام الساعة التاسعة مساءا وأرغمنا بالعودة من الحدود العراقية واضطررنا بالمبيت في العراء نلتحف السماء وفي اليوم التالي ذهبت أنا ومعي احد شيوخ الناحية إلى تجمع الوليد الحدودي وكان الوسيط بيننا وبين الارتباط السوري الأمريكان للأسف الأمريكان يكون وسيط بيننا وبين السوريين عكس ما كنا نتوقعه كان الأمريكان ليس لديه أي مانع ولا الحدود العراقية كان الحل والخلاص بيد الحكومة السورية  كنا فرحين ونعتقد بأننا سوف نرحل ما دمنا بيد السوريين للالتحاق بإخواننا في مخيم التنف وأصبح كل منا يحلم باللقاء كيف سيكون الموقف إلا واتت برقية من الحكومة السورية بعدم دخول أي فلسطيني داخل الأراضي السورية إلا حاملي الجوازات المسموح بها ونحن معنا جوازات ومكتوب فيها (يسمح له دخول كل الأقطار العربية عدى الممنوعة )وهي كلها ممنوعة يأتي قرار سياسي ونحن قرارنا إنساني وقلنا على أي حال شكرا على استقبالكم لنا وأخذنا عهدا على أنفسنا أن نقيم مخيم ونسميه مخيم الوليد وبدأت معاناة الشعب الجبار الصبور .

ساعدتنا الكثير من المنظمات وبدئنا بالصليب الأحمر حيث زارنا أول ضيف لنا وهو (أرينه هيربيت)وهو فرنسي الجنسية يتحدث العربي جيدا نشكره شكرا جزيلا على ما قدمه لنا من مساعدات ومن ثم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين ومن ثم منظمة حماس كانت تبعث لنا مساعدات إنسانية مع الأخ أبو حسن ثامر مشينش وكانت كل هذه المساعدات تأتي من الحدود السورية حيث كانت التسهيلات من قبل ضباط الحدود العراقية فوق الخيال (شاكرين ما قدموه لنا) كانت الأوامر تأتي من الأستاذ الفاضل مدير منفذ الوليد الأخ نوري حياد العيساوي وبتوصية الشيخ عبد الستار أبو ريشه رحمه الله ,وهذه حقيقة كما كانت مؤسسة الأكناف تبعث لنا أيضا والهلال الأحمر وهيئة علماء المسلمين وعذرا إن لم اذكر احدا لذا نقول شكرا على مساعيكم للخير نسال الله أن يتقبل منكم إنسانيتكم ,وعلى قول الشاعر.

ما شاء ربك يفعل قادرا      جل عن كل مقال واعتراض

قد تجمعنا على غير هدى        وتفرقنا على غير تراض

وتفارقنا شهادات التقى         فكم صرنا لزوال وانقراض

كم تمنينا أن نتحدث مع احد القادة لكن للأسف تكلمت مرة مع مبعوث الرئيس الفلسطيني ,ومرة أخرى تكلمت مع مكتب الأخ عزام الأحمد وشرحت لهم الوضع المزري الذي يعيشه اللاجئ الفلسطيني وقلت له إن مكالمتي لك كلفتني مسافة لا تقل عن 350 كيلوا متر طول من المخيم إلى ناحية الرطبة وهذه مشكلتنا لكن كي يعرفوا،  لكن للأسف لا حياة لمن تنادي فصرنا على يقين إن القادة الفلسطينيين لسنا في شاكليهم أو مخيلتهم ولا يعلمون حجم المعاناة التي يعانيها الفلسطيني داخل العراق ومنا الأديب والطبيب والمهندس والفنان والذي كان يعمل ويخدم السلطة ومنا الطفل والمريض والنساء والأمهات والشيوخ والرجال الذين لا مستقبل لأولاده  يا لهذه الحياة أشخاص تكبر وتصعد على أكتافنا ليصبحوا هم كل شيء ونحن لا شيء عذرا على هذه الكلمة.

ما نسمع في الإذاعات كافة ,إن حماس عملت كذا والسلطة قامت بكذا وفلان قتل فلان ,أما نحن أصبحنا كذا وكذ وكذا ,ما هذا الهراء أكل هذا من اجل (الكرسي) أو منصب,ام من اجل المسابقة  لحل الأزمة في الداخل لما لا تتحدون ,لما لا تضعوا أيديكم لتصبح يد واحدة ممدودة إلى العطاء والمساواة لإيجاد ما لم يعرفه أي فلسطيني وهو الأمان ,والسلام والاستقرار,كي نفتخر بكم كحكومة وقاده لشعب جبار أبي,نحن نحلم بيوم عودتنا إلى ديارنا حيث لا نجد احد يعيرنا ببلد ليس لنا ,مثل ما نعانيه الان ..

أعيدوا حساباتكم قبل فوات الأوان, قبل أن تفقدوا شعبكم في العراق انتم لا تعلمون ما حجم الكارثة التي يعيشها الفرد منا قتل ,خطف ,مداهمات,ابتزاز,مطاردة, قصف,احتقار لنا, هذا اقل شيء فهل يرضيكم ما نحن فيه انهضي أيتها الأمة العربية ,وثوري إن شعوب العرب قد أصبحوا هدفا للمليشيات , أتقبلون أن نناشد الغرب وعروبتكم جالسة أما الإسلام يقبل ,أين وقفتكم (انهض يا صلاح الدين )لترى حكام العرب ...

 الصمت والظلام ,هما حصة الفلسطيني هذه الأيام وزادها في الليالي الممتلئة بالمآسي .

يخيل إلي الان لشدة تعلقي بالكتابة هو ,إن أكثر أصدقائي وأقاربي يتصلون بي ويوصوني بان لا اكف عن كتابة الأوضاع ما تخيل لي وان العلاقات الحميمة بيني وبين إخواني الذين لم استطع مفارقتهم في كل محنهم التي صنعها لهم الجبابرة لإخوتي أما الطغاة والبغاة وأولاد الزنا...

لن أعتب على كتاب العالم وأدبائه التحدث عن وضع الفلسطيني داخل العراق ,إني لا أرى شيء كبير أو مستحيل نحن نستحق الكثير الكثير لأننا عانينا الكثير الكثير الكثير ...

بصراحة يستحق أولادنا ,وأمهاتنا,وشيوخنا,العون لأنكم لا تعلمون حين يأتي موعد النوم .

نغمض أعيننا وصرنا نردد,الله..الله..الله..نرددها بسرعة مرة  وبلا عجل أخرى ,مئات المرات بعينين مغمضتين وشفتين مرتعشتين خوفا وذاكرة مثقلة بآلاف النهارات والليالي من انتظارات لم تكن لها نهاية من سقوط هاونات  أو اقتحام مفاجئ مخيف في منطقة البلديات...

ننام على بركة الله ,عاد الصباح الروح امتصت النور ,والهدوء طرد الخوف والسكينة عادة ألينا .

لكن حان وقت الذهاب إلى العمل فرصة أخرى للحصول على لقمة عيش أو اختطافها من فم الذئاب لنجلبها إلى أطفالنا الذين لا يعرفون معنى الحياة سوى إنهم ولدو بالغلط (استغفر الله),حياة غريبة الكل خائف بدون استثناء لكن قد يكون صدى أعماقنا التائهة إلى المزيد من الحكايات .

لست اذكر إننا كنا في يوم مفضلين ,ولم نعتقد قط إن قصتنا هنا ستنتهي ,الا وهو خروجنا من هنا ,لم نظن إن لبغداد ليالي أتعس من هذه الأيام...

لكن دعاء الأمهات عند كل صلاة تخفف عنا قليلا ومن دواخلنا ولا نخفي عليكم الخوف لا يفارقنا وحاجتنا بالخروج من بغداد  أصبحت أكيدة  لكن لا احد يستغيثنا,حتى هيئة الأمم المتحدة أقفلت أبواب مخيم الوليد بوجوهنا وكأنهم مشتركين لإبادتنا ,لذا نرجوا منكم بإعادة النظر بفتح مخيم الوليد قد تكون به حاجه إلى ليالي جديدة ليكفوا عن قتل النساء والأطفال وكبار السن والشباب.

سنرحل جميعا إلى الصحراء للهروب سنبدأ رحلتنا الان إن قبلتم,نحلم لكن الحلم قد يكون حقيقة أو يكون صدى أعماقنا التائهة إلى المزيد من الطموح  ,الأمل يسعد الناس وبه يتكاثر الفرح أما الحرب ,فتؤلم وتقتل,وبها يتناسل الحزن ,لكننا نتأمل فيكم أن تأتوا يوما وبرغم من كل الحروب مرت بنا ,ويقال لنا إن الحل آتي في كل الأحوال ,ينعدم صوت الفرح وضجت الضحك خشية من المليشيات ,إنما هناك بضع العاب نارية تطلق في السماء احتفاء بالمناسبة لم تعد النجوم تراقبنا أصبحنا نحن الذين نراقبها وندعوا من رب السماء أن نراها في بلد اخر بعيدا عن أي خوف لطالما أصبحنا وحيدين الكل يجري ويختفي بل يختبئ من شدة الخوف من المفاجئات المتكررة لنا,عندئذ تستقر دموعنا وراء أعيننا على خدودنا الشاحبة هذه هي الصدمة التي أسكتت الجميع عن الكلام, ومعانقة الحلم الضائع بين الضياع ,لا اعرف أين سمعت هذا الكلام الباكي المبكي ..

لكنني اعرف إن الذي يعشق الحياة يستمر صراعه مع القدر,ليتجاوز الأمة وهمومها,ويبتكر إشكالا للبهجة ,مؤمنا إن للحزن وقته وطقوسه,وللفرح وقته وطقوسه أيضا,من حقنا الحلم ام ممنوع علينا أيضا,نحلم بالكثير وينبلج فجرا جديدا,ليلة أخرى مضت,أتحسس اقرب خلايا الروح التي ما زالت تنبض بالحياة أتيقن بما لايقبل الشك بان زوار الموت ضمن الوجبة المسائية وهبوني يوما إضافي للبقاء.

هنا في هذا البلد الوحيد من العالم يختنق أطفاله برائحة البارود,لدينا كذلك وجبة نهارية للموت ,إنسان محكوم بزمن لا يحدده ملك الموت ولا القدر ولا الأجل إلا بما شاء الله ,هل هو من نصيب هذا الشعب المهجر ,إذا كانت إرادة الله هي موتنا فلبيك ونحن مبتسمين ,ونحمده لأننا ما زلنا على قيد الحياة لنستنشق الهواء يهبه إلى البشر ,ونحمد الله أيضا بانه ليس ملك احد لقطعوه علينا ...

نبتسم للدنيا بل ننتظر طلوع الشمس وأوقات الضحى والظهر والظهيرة وصلاة الفجر والعشاء الخفي,فما يدري متى يأتي الزائر الغريب ,وبأي رصاصة أو عبوة أو مفخخة ,وبأي لسان أو وجه أو ثوب من الأثواب يلقاه.

أخلاقيا يجب تصويب الذهن بان هذه المادة بين قوسين ليست مقدمة لهذه الشهادة التي تقترب من حمام الدم الفلسطيني الذي لم يفقده خلال السبع سنوات الأخيرة بل هو مقطع من فلم رعب مخيف .

حادث واحد يشير إلى إن الموت - عاري الوجه- الذي يتجول متبخترا في الشارع  ويقبض الأرواح قبضا عشوائيا وهو من دون جذر أو أصل أو فرع ينتمي إلى طائفة من طوائف الإرهاب المعروفة ,وانه فبل ذلك وبعدها يتخفى وراء لثام ولا يظهر وجهه خوفا من الناس ومن فعلته ..لا..لا.. هذا وهم ,فما بين الحياء وبين القاتل الملثم إلا جبنهم وضعفهم لأنهم حقيقة يجب أن تقال (جبناء أولاد  زنى ).

في الختام لم يبقى لنا سوى الدعاء ...

الدعاء من الله عز وجل خالق الكون ورافع السماوات وباسط الأرض وخلق الإنسان وصوره بأحسن الصور ,أن يحفظ الإسلام والمسلمين وان يحمي امة محمد من الاستعمار والمستعمرين ,وان يحمي الفلسطينيين من الفخ الذي نحن فيه ,وان يحمي أطفالنا ونسائنا وشيوخنا وشبابنا من الإرهاب والإرهابيين.

رحم الله شهدائنا الإبرار الذين لم يقترفوا أي ذنب سوى هم فلسطينيو الجنسية,واعلموا إن الله رقيب ويعلم ما بالقلوب ورحم الله شهداء العراق .

الله اكبر.. الله واكبر.. الله واكبر..على كل من تكبر..اعملوا لدنياكم لكي تجدوا حسنة لأخرتكم .  يا قادة العرب وملوكها,إن الملك لله وحده حينئذ لا يشفع عنده احد حين تروا إعمالكم ماذا سيقول العاصي لأمر الله ورسوله وبأي وجه سيقف إمام الجبار العظيم خالق الكون والبشر أجمعين .

متى..ومتى..ومتى..سيأتي يوم اللقاء ...

اللهم إليك اشكو ضعف قوت حيلتي وهواني على الناس إلى من تكلني إلى عدو يتجهمني ام إلى قريب ملكته أمري ,اللهم إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي غير إن عافيتك أوسع لي ,أعوذ بنور وجهك الكريم الذي أشرقت له الظلمات أن يحل بي غضبك ام ينزل بي سخطك ولك العقبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك.


إعداد : قصي العيدي

10\5\2010

 

موقع" فلسطينيو العراق" أول موقع ينشر هذه التفاصيل

"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"