كثيرة هي
القصص والبطولات الفذة لشبابنا المسلم في أوروبا على وجه الخصوص وكثيراً ما نسمع
عن أبطال نجحوا في امتحانهم الصعب وتغلبهم على الشهوات والملذات ثبتوا على الدين
الحنيف و تخطوا العقبات التي تؤدي إلى الهلاك والمنكرات والعياذ بالله .
أخي القارئ
: سأطرح عليك هذا السؤال راجياً التمعن فيه .. هب أن رجلاً أتاك نادماً حزيناً
ملحوظ عليه علامات الحزن والضيق والندامة وهذا الرجل هو صديق مقرب لك .. أتاك
لتوعيه وتنقذه مما هو فيه .. أتاك لترشده نحو الصواب .. إذ أنه غارق في بحر
العصيان .. جاءك ليسمع منك كلمات التشجيع .. كلمات الرشد والهداية .. هب أن ردك
عليه كان قاسياً .. ماذا سيحلُ به ؟ .
قصتي اليوم
هي قصة حقيقية ليست من نسج الخيال حدثت مع شاب أعرفه .. قصة مؤثرة راجياً من كل من
يقرؤها وخاصة شبابنا المسلم في أوروبا أن يأخذها بعين الاعتبار وأن يجعلها أمام
عينيه أينما حل وحيثما وجد . هذا الشاب هو في ريعان الشباب في عمر الزهور لم
يتجاوز العشرين .. تعرف على صحبة سيئة جعلوه مدمناً على الفواحش والمنكرات والرجوع
إلى البيت في وقت متأخر بعد منتصف الليل بل في بعض الأوقات كان يرجع للبيت مطلع
الفجر .. ولأنه شاب رأى نفسه قوي ومستمتع بحياته والحياة الدنيا فيها ما لذ وطاب
من طيبات وخبائث تبصرة لذوي الألباب .. هل باستطاعته أن يخرج من هذا البحر الهائل
بالعصيان ؟ .. إن هذا لشيء عجاب !! هذا المسكين لم يكن راضياً عن حاله .. ولم يكن
راضياً على وضعه .. كان في داخله ضيق وألم وحسرة ولكنه ما وجد من يوعيه ويذكره
ويعظه ويرشده نحو الخير .. نحو الصواب .. فعندما التقيت بهذا الشاب المسكين وقلت
له أن يشرح لي أسباب تغيره وخروجه من ظلمات الوهم إلى أنوار العلم قال لي : بينما
أنا أتصفح في اليوتيوب وإذ بأناملي تقودني إلى مقطع دون أن أشعر والمقطع كان
عنوانه : { ونادوا يا مالك } لفضيلة الشيخ محمد حسان .. بعدما سمعت المقطع تأثرت
وحزنت وأدركت بأن الموت يأتي بغتة لا مفر من الهروب .. عندها انتابني القلق وشعرت بالإحباط
ولا اخفي عليك ( خفت ) وعزمت أن أتوب إلى الله سبحانه وتعالى . بالفعل هذا ما بدرَ
منه .. تاب إلى الله عز وجل توبة صادقة نصوحاً بمشيئة الخالق وقد أسمعَ صحبته
المقطع الذي كان سبباً في هدايته وتأثروا به كذلك وصاروا يستمعون لمقاطع أكثر
وقصصاً عن التوبة للشيخ محمد العريفي وغيره .
من كان
يتوقع سبب هدايتهم ؟ خاصة وأن حياة الشاب المسكين كانت لهو ولعب ولا يدري بأنها
دار فناء .. وأن الآخرة هي دار البقاء ... بعد رحلة العصيان .. عاد نادماً وفرحان
.. متذللاً للرحمن .. سائلاً العفو والغفران . رسالة للذين يصَّعبون تعاليم ديننا
الحنيف .. فلان لا يصلي جاء وجرحه ببضع كلمات سامة .. أيعقل هذا ؟ .. الإسلام دين
الرأفة والرحمة .. بعث الله لنا أشرف الخلق والمرسلين محمد عليه الصلاة والسلام
بعثه باليسر والحنيفية السمحة .. ليكن أبا القاسم صلوات الله وسلامه عليه قدوتنا
ومثلنا الأعلى .. وأظن بأن الكل يعلم قصة الرجل الذي جاء إلى رسولنا وحبيبنا محمد
الصادق الصدوق والمصدوق صلى الله عليه وسلم : وطلب من رسول الله صلى الله عليه
وسلم أن يأذن له بالزنا .. فماذا كان رد النبي عليه الصلاة والسلام له ؟ قال
الإمام أحمد حدثنا يزيد بن هارون حدثنا جرير حدثنا سليم بن عامر عن أبي أمامة أن
فتى شاباً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ائذن لي بالزنا فأقبل
القوم عليه فزجروه وقالوا : مه مه ، فقال : " أدنه " ، فدنا منه قريبا
فقال : " اجلس " ، فجلس فقال : " أتحبه لأمك " ؟ قال لا والله
، جعلني الله فداك ، قال : " ولا الناس يحبونه لأمهاتهم " ، قال :
" أفتحبه لابنتك " ؟ قال لا والله يا رسول الله ، جعلني الله فداك ، قال
: " ولا الناس يحبونه لبناتهم " ، قال " أفتحبه لأختك " ؟ قال
لا والله ، جعلني الله فداك ، قال : " ولا الناس يحبونه لأخواتهم " ،
قال " أفتحبه لعمتك " ؟ قال لا والله ، جعلني الله فداك ، قال : "
ولا الناس يحبونه لعماتهم " ، قال " أفتحبه لخالتك " ؟ قال لا
والله ، جعلني الله فداك ، قال : " ولا الناس يحبونه لخالاتهم " ، قال
فوضع يده عليه وقال : " اللهم اغفر ذنبه وطهر قلبه وأحصن فرجه " ، قال
فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء .
هذا دليل
على خلق عظيم للنبي الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم .. اللهم توفنا مسلمين
على ملة التوحيد واجعل آخر كلامنا لا اله إلا الله محمد رسول الله .
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على
المرسلين والحمد لله رب العالمين .
وائل الأسعد
29/1/2013
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة
النشر بشرط ذكر المصدر"