ومنذ ذلك الوقت، لم تتراجع المساعي الدولية والاقليمية
لطرح الحلول لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين ضمن مسار حلحلة الصراع العربي –
"الإسرائيلي" وإعادة الاستقراروالبحث عن دور محوريفي منطقة الشرق
الاوسط، ولكن ورغم كل ذلك بقيت قضية اللاجئين الفلسطينيين تترنّح بيد الولايات
المتحدة الأميركية، معالعلم أنّ الإدارات الأميركية المتعاقبة تنظر إلى قضية
اللاجئين الفلسطينيين ليس بكونهم شعباً يبتغي وطناً، بل فقط بكونهم لاجئين يحتاجون
إلى التوطين في أماكن تواجدهم.
إضافة إلى تلك المساعي، ظهرت العديد من المشاريع
البحثية والأكاديمية في فترة ما بعد اتفاقية أوسلو التي حاولت جاهدة سبر أغوار
قضية اللاجئين، وتقديم توصيات لصانع القرار الأمريكي، ما ميز هذه القراءات
والأبحاث أنها كانت مجرد مقاربات مع المواقف الرسمية الأمريكية، والمواقف
"الإسرائيلية" والأوروبية.
ومن ضمنالابحاث ما قدمته الباحثة اليهودية الاميركية
دونا آرزت، التيانطلقت في معالجتها لقضية اللاجئين الفلسطينيين من مدخل عدم تحميل
"إسرائيل" مسؤولية مشكلة اللاجئين الفلسطينيين لا أخلاقياً ولا
إنسانياً، وتشير إلى أنه لا بدّ لكل الأطراف الدولية والإقليمية أن تتحمل مسؤولية
حلّها. حيث ركّزت الدراسة على استيعاب اللاجئين في الدولة الفلسطينية العتيدة، مع
إمكانية استيعاب ما يقارب خمسة وسبعين ألف لاجئ فلسطيني في "إسرائيل"،
على أن يكونوا من كبار العمر، وغير قادرين على الإنجاب حتى لا يتأثر مستقبل
"إسرائيل" الأمني وتتأثر تركيبتها السكانية.
وطرحت"آرزت "تصوراً ومخططاً تحت عنوان "إعادة
توزيع الفلسطينيين في العالم" التي أعدّته عام1999لصالح جامعة سيركوز في ولاية
نيويورك، تضمن الدعوة لتهجير واعادة توزيع خمسة ملايين و257 الف فلسطيني على دول
منطقة الشرق العربي وبعض دول الغرب كحل نهائي للصراع العربي الصهيوني.
ويطالب المخطط الاردن باستيعاب (توطين) 168 ألف،
بالاضافة الى توطين 1,182,000 لاجئ فلسطيني يتواجدون حاليا في الاردن، وسوريا 75
الفا وتوطين مثلهم في لبنان، اضافة الى 519 الفا في السعودية والكويت والعراق ومصر، بالاضافة الى 446 الفا
موجودين حاليا في الدول الاربعة الاخيرة.
وتقترح آزرت استيعاب (توطين) 90 الف لاجئ في دول اوروبا
والولايات المتحدة وكندا، عدا المتواجدين فيها اصلاً، كما اقترحت عودة 75 ألف لاجئ
من الدول العربية الى فلسطين المحتلة من عام 1948 بشرط أن يثبتوا انهم سكنوا
فلسطين قبل النكبة أو أن لهم اقارب حاليا يعيشون في "اسرائيل" وهؤلاء
سيدفع لهم تعويضات من كيس الدول العربية، عبر التعويضات التي تطالب بها مقابل
املاك اليهود، الذين غادروها منذ بدء الاحتلال "الاسرائيلي" لفلسطين،
وكل ذلك يتوافق تمامًا مع الموقف "الاسرائيلي" المطالب بالتوطين
واستيعاب رمزي محدود لعدد من اللاجئين الفلسطينيين في "الكيان
الاسرائيلي" وعدم الاستعداد للمشاركة في أي تمويل من خلال اقتراح آزرت مشاركة
دول الغرب ودول الخليج في توفير الموارد المطلوبة لما تسميه بإعادة توزيع
الفلسطينيين في العالم، أي توطينهم.
إن مقاربة هذه الدراسة التي اعدت منذ ما يقارب التسعة
عشرة عاماً، هي بالحقيقة شبيهة جداً لما يُحاك من مؤامرة لتصفية القضية الفلسطينية
وإنهاء قضية اللاجئين ضمن ما يعرف بـ"صفقة القرن"التي تسوّقها الولايات
المتحدة الاميركية، وهذه الصفقة بالتحديد تحسم إنهاء ملف عودة اللاجئين
الفلسطينيين إلى ديارهم وتفرض حلاً على قاعدة توطين اللاجئين الفلسطينيين في أماكن
تواجدهم، حتى أنّ بعض وسائل الإعلام الأمريكية تناولت مؤخراً موضوع اللاجئين ضمن
الحديث عن خطة "صفقة القرن".واشارت أنّ هذه الخطة لا تتضمن حتى كلمة حل
"عادل" أو "عملي" لموضوع اللاجئين، وعمليًا هذا ما هو بات
محسومًا لدى الإدارة الامريكية التي حسمت في السادس من كانون الأول\ديسمبر 2017
قضية القدس باعتبارها عاصمة "اسرائيل" الابدية.
ختاماً، إن القضية الفلسطينية اليوم تمرّ بأصعب مراحلها
ولكن الشعب الفلسطيني لن يستكين ولن يكلّ أو يملّ من المطالبة المشروعة بحقه
باسترجاع فلسطين ولو طلب منه بذل كل ما يملك، وها هو قطاع غزة رغم آلمه ومعاناته
وجراحه إلاّ أنه بقي صامدًا بوجه الرياح العاتية أمام جبروت الاحتلال الذي سيصبح
يوماً بخبر كان!!!
المصدر : موقع لاجئ نت
8/4/2018