بين القعقاع وبهمن جادويه يالثارات يوم الجسر- وليد ملحم

بواسطة قراءة 6519
بين القعقاع وبهمن جادويه يالثارات يوم الجسر- وليد ملحم
بين القعقاع وبهمن جادويه يالثارات يوم الجسر- وليد ملحم

بسم الله الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه : أما بعد:

فتاريخنا الإسلامي المشرف مليء بسير الأبطال الذين سطروا مواقف من الشجاعة والرجولة مع التحلي بمكارم الأخلاق ما يثير العجب. والذي لم يشهد له التاريخ الإنساني مثيلا . وحين نقلب صفحات التاريخ، نبحث عن أولئك الذين ساهموا بصنع مجدنا وحضارتنا، وعملوا على نشر تعاليم الدين الحنيف، يطالعنا وجه فارس عربي، بملامح صارمة، ونظرات ثاقبة، نقرأ عن شجاعته النادرة، وبطولته الفائقة، ونعجب كيف أهمل المؤرخون الحديث عنه حتى بدأت الجيوش الإسلامية الفاتحة تنطلق شرقاً وغرباً، لتوقد مصابيح الهداية في تلك الأرجاء، وتحرر أراضيها مما كانت تعانيه من جهل وضلالة وكفر..

من هذه الأمثلة الرائعة هو البطل القعقاع بن عمرو التميمي ..

فمن هو هذا البطل؟

هو أحد فرسان العرب وأبطالهم في الجاهلية والإسلام، له صحبة، شهد اليرموك وشهد القادسية وكان له فيها بصمة بحيث لما أتى تجلت خبرته التي اكتسبها من تلقاء حروبه ومعاشرتة لسيف الله المسلول خالد بن الوليد وكانت بصمته رفع معنويات المسلمين وقد جاهد في القادسية حوالي 26 ساعه متواصله لم يذق فيها النوم، وفتح دمشق وأكثر وقائع أهل العراق مع الفرس وكان شاعراً فحلاً. وقال أبو بكر (ما هزم جيش وبه القعقاع) فعندما توجه خالد بن الوليد رضي الله عنه لفتح بلاد فارس أرسل إلى خليفة المسلمين أبو بكر الصديق
رضي الله عنه وأرضاه يطلب المدد فما كان من أبي بكر إلا إن أرسل له فارسا واحدا
فتعجب الصحابة رضوان الله عليهم وقالوا يا خليفة رسول الله صلى الله عليه و سلم خالد يطلب المدد فترسل له رجلا واحدا.

قال عنه أبو بكر الصدّيق رضي الله عنه: والله لا يهزم جيش فيه القعقاع بن عمرو!!!!

وفي موقعة ذات السلاسل التي كان يقود الفرس فيها قائدهم هرمز تقابل المسلمون والفرس في كاظمة، وخرج هرمز من بين صفوف جنده ونادى بالنزالفمشى إليه خالد بن الوليد. واحتضنه خالد فهجم جند فارس يريدون قتل خالد وتخليص هرمز من قبضته. ولكن القعقاع لم يمهلهم فقد حمل عليهم بسيفه وصال وجال في رقابهم، والمسلمون خلفه، فانهزم جند فارس وفروا من أمامهم فطاردهم المسلمون وركبوا أكتافهم إلى الليل.

بهمن جادويه ويوم الجسر:

يقدم لنا تاريخ العسكرية الإسلامية كثيراً من الدروس التي تبقى الاستفادة منها واجبة وممكنة في كل وقت، وحتى تلك المعارك التي خسر فيها المسلمون تستدعي التوقف عندها وقراءة الأسباب التي أدت إلى الهزيمة، ولعل أشهر تلك المعارك معركة الجسر التي جرت يوم الثالث والعشرين من شهر شعبان عام 13 هجرية.

أجواء الإعداد للمعركة:

نتيجة للتطورات العسكرية على الجبهة مع الرومان تم نقل قسم كبير من الجيش إلى الجبهة المواجهة للرومان، عندها ركز الفرس جهدهم على تصفية الوجود الإسلامي في العراق، فارتأى القائد المثنى بن حارثة تجميع الجيش المسلم على حدود العراق، وذهب مسرعاً لعرض الأمر على القائد العام للجيش الخليفة أبي بكر الصديق فوجده يحتضر، وسرعان ما توفي وتولى الخلافة بعده عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فعرض عليه المثنى الوضع العسكري في العراق. كانت المهام كثيرة أمام عمر بن الخطاب  بعد استلامه الخلافة، ومع ذلك أولى الجهاد ضد الفرس في العراق اهتمامه، فنادى على الناس داعياً إياهم للجهاد ضد الفرس، تسليم قيادة الجيش لأبي عبيد، الذي ما إن دخل العراق حتى نظم الصفوف، واستطاع بفضل الله ثم بشجاعته وإقدامه أن يستعيد كل الأراضي التي تخلى عنها المسلمون، وبجيشه الذي لا يزيد عن عشرة آلاف مقاتل استطاع أن ينتصر في ثلاث معارك كبيرة هي النمارق والسقاطية وباقسياثا، وكان الخليفة عمر يتابع باهتمام وبشكل مباشر أخبار أبي عبيد، فاطمأن إلى أهليته في قيادة الجيش بعد الانتصارات التي حققها. كان لهذه الانتصارات التي حققها المسلمون بقيادة أبي عبيد أثر مدو على الفرس، فتزعزعت الجبهة الداخلية الفارسية بقوة، حتى إن خصوم رستم ثاروا عليه، واتهموه بالتقصير والتخاذل عن قتال المسلمين، وبدأ الانهيار المعنوي في صفوف الجيش الفارسي، وكان لابد على رستم أن يتحرك لوقف التدهور على الجبهة الداخلية من جهة، وتحقيق أي نصر على جيش المسلمين يرفع من الحالة المعنوية لجيشه، كانت الخطوة الأولى التي قام بها رستم هي اختيار قائد قوي للجيش، فاختار أمهر القادة الفرس وأدهاهم، وهو(ذو الحاجب بهمن جاذويه)، وكان من أشد قادة الفرس كبراً وحقداً على المسلمين والعرب، وإنما تسمى بذي الحاجب لأنه كان يعصب حاجبيه الكثيفين ليرفعهما عن عينيه تكبراً، فأسند له رستم قيادة الجيش، كما اختار رستم بنفسه أمراء الجند وأبطال الفرسان، وليتغلب على أسلوب المسلمين في قتال الكرّ والفرّ زود الجيش ولأول مرة بسلاح المدرعات الفارسي، وهي الفيلة، وليضفي رستم أهمية خاصة على هذا الجيش المدرع أعطاه راية الفرس العظمى واسمها (دارفن كابيان)، وكانت مصنوعة من جلد النمور، وكانت هذه الراية لا تخرج إلا مع ملوكهم في معاركهم الحاسمة وكان أبو عبيد يتابع عبر استخباراته التحركات العسكرية للفرس، فوصلته أخبار الجيش الجرار الذي أعده رستم لمحاربة جيش المسلمين، وكانت المنطقة صالحة للقتال وتلائم الأسلوب القتالي لجيش المسلمين،، ولكن أبا عبيد رأى أن يعبر الفرات ناحية الحيرة، وعسكر على مقربة من نهر الفرات على أطراف الصحراء، وهذا المكان أفضل مكان للقتال؛ لخبرة المسلمين في قتال الصحراء ولسهولة الكر والفرّ .

نزل الفرس بقيادة بهمن جاذويه على الشاطئ الشرقي لنهر الفرات المقابل، وأرسل برسول من عنده إلى القائد أبي عبيد، وكان هذا الرسول من دهاة الفرس واسمه (مرادتشاه) قائد سلاح الدروع، وكانت فحوى الرسالة (إما أن تعبروا إلينا وندعكم تعبرون وإما أن تدعونا ونعبر إليكم)، فعقد أبو عبيد مؤتمرًا مع قادة جيشه للتشاور في عرض الفرس، فأجمع قادة الجيش على ترك الفرس يعبرون لهم؛ لأن أرض المعركة ستكون أوسع وأسهل لحرب الصاعقة التي يجيدها المسلمون، وحتى يسهل قدوم الإمدادات للمسلمين، وكان الاتفاق تاماً على أن المسلمين لو عبروا للفرس فسوف يحشرونهم في مكان ضيق حيث سيكون من ورائهم حاجز مائي خطير هو نهر الفرات(وكانت اوامر عمر رضي الله عنه تقضي بأن لا يكون بينه وبين جيش المسلمين نهر) والزاخر بالمياه الهادرة؛ ولكن أبا عبيد القائد العام فاجأ الجميع برفض هذا الرأي، والإصرار على العبور إلى الفرس عندما قال "لا يكونون أجرأ منا على الموت بل نصير إليهم" !! لقد صدم قرار أبي عبيد قادته، فهو قرار مبني على الشجاعة فقط دون النظر لباقي المعطيات والظروف المحيطة بالأمر، فناشدوه، ومنهم الصحابي الجليل سليط بن قيس البدري، ألا يعبر لهم لخطورة العبور ولكن أبا عبيد أصر على رأيه فأمر بعقد جسر يمر عليه المسلمون للطرف الشرقي من النهر، بمجرد أن تكامل المسلمون على الشاطئ الشرقي هجم الفرس بكل قواتهم، خاصة سلاح الفيلة على المسلمين، ولم تكن خيل المسلمين قد رأت فيلة من قبل فنفرت منها بشدة وهربت في كل مكان، وبذلك تعطلت أقوى أسلحة المسلمين وهو سلاح الفرسان، وقامت الفيلة بتمزيق صفوف المسلمين، وأوقعت خسائر بالغة بهم، وعندها أمر القائد العام أبو عبيد بالتعامل مع الفيلة فنادى في أبطال المسلمين (احتوشوا الفيلة) أي أحيطوا بها واقطعوا أحزمة بطنها ليقع ما عليها من قادة، وكان أبو عبيد كما قلنا من أشجع الناس فكان هو أول من نفذ ما أمر به المسلمين، وبالفعل تم للمسلمين ما أرادوا وقطعوا أحزمة جميع الفيلة. وقد استمر القتال شديداً بين الطرفين، وبرز تأثير الفيلة على مسير المعركة من خلال أعداد المسلمين الذين قتلتهم الفيلة، وعندها قرر أبو عبيد أن يقوم بعمل بطولي نادر لا يجرؤ عليه أحد إلا من كان مثله، فسأل عن نقطة ضعف الفيل التي تؤدي إلى قتله، فقالوا له: خرطومه؛ فاختار فيلاً أبيض اللون كان قائداً للفيلة، ونادى في المسلمين (يا معشر المسلمين إني حامل على هذا المخلوق - يعني الفيل الأبيض - فإن قتلته فأنا أميركم، وإن قتلني فأخي الحكم أميركم، فإن قتل فولدي وهب) ثم عد سبعة من القادة آخرهم المثنى بن حارثة، ثم حمل في بطولة نادرة على الفيل الأبيض والذي كان مدربًا على فنون القتال فاتقى ضربات سيف أبي عبيد وألقاه على الأرض وداسه بأقدامه فاستشهد القائد أبو عبيد، وقاتل المسلمون على جثته حتى لا يأخذها الفرس، ثم تولى أخوه الحكم مكانه ولكنه سرعان ما استشهد، ثم ولده ثم الذي بعده حتى استشهد ستة من الذين عينهم أبو عبيد، فتسلم الراية أسد العراق المثنى بن حارثة الذي حاول تصحيح الوضع حتى حدث ما لم يكن في الحسبان، إذ بينما كان المثنى ينظم صفوف جيشه ويدعو الفارين للثبات سارع رجل من بني ثقيف اسمه (عبد الله بن مرثد الثقفي) إلى الجسر فقطعه، وتعصب مجموعة من بني ثقيف لفعلته، ونادوا في المسلمين (موتوا على ما مات عليه أمراؤكم أو تظفروا)، وفرح الفرس بهذه الفعلة، وركزوا هجومهم على المسلمين ليفنوهم بالكامل، وكان تركيزهم أشد على ناحية الجسر المقطوع حتى لا يصلحه أحد، فوقع الاضطراب الشديد في صفوف المسلمين، وفر الكثير منهم وألقوا بأنفسهم في نهر الفرات، وكان أكثرهم لا يعرف السباحة فغرق منهم ألفان. ولما رأى المثنى هذه الكارثة المروعة التي حلت بالجيش انتخب كتيبة بقيادته وأسرع لاصلاح الجسر المنهار، وكان المتهور عبد الله بن مرثد الثقفي قد وقف عند الجسر ليمنع المسلمين من الفرار، فالقى المثنى القبض عليه وربطه، فاعتذر عبد الله بن مرثد بأنه إنما أراد أن يثير حمية المسلمين للقتال.

وأخيراً، وبعد جهد شديد استطاع المثنى ومن معه إصلاح الجسر، وأمر المقاتلين أن يعبروه للجهة الأخرى، وقد بقي المثنى على أول الجسر يشرف على عبور جيشه للطرف الآخر مدافعاً عنهم فاصيب إصابة أدت إلى وفاته بعد ذلك بشهرين . وانتهت هذه المعركة باستشهاد أربعة آلاف شهيد منهم الأمراء السبعة، لذلك فإن وقعها كان شديدًا على نفوس المسلمين حتى إن ألفين من الجيش فروا حتى دخلوا البادية فاختفوا فيها خجلاً مما جرى، ولم يبق مع المثنى سوى ثلاثة آلاف هم الذين انتقموا لمصرع إخوانهم في المعارك التالية.

يوم القادسية والثأر لشهداء يوم الجسر:

في يوم القادسية طلب أمير الجيش سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه المدد من أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه وذلك لكثرة عدد الفرس وكثرة عدتهم .

فقد أرسل عمر بن الخطاب وهو أمير المؤمنين إلى قائد جيوشه في الشام أبي عبيدة بن الجراح أن يرسل الجند الذين جاؤوه من العراق مع خالد بن الوليد إلى سعد بن أبي  وقاص
ليكونوا عونا له في فتح بلاد فارس. وكان عددهم ستة آلاف منهم خمسة آلاف من ربيعة ومضر، وألف من اليمن. وكان أمير الجيش هاشم بن عتبة بن أبي وقاص، وعلى مقدمته القعقاع بن عمرو، وحينما وصل القعقاع إلى القادسية أراد أن يكون وصوله نذير شؤم على الفرس، وأن يبث الرعب في قلوبهم، ويوقع في ظنهم أن المدد الذي جاء لجيش المسلمين من الشام جيش كبير العدد والعدة، فعهد إلى أصحابه وكانوا ألف جندي أن يقسمو أنفسهم إلى أعشار، بحيث يتقدمون عشرة عشرة مثيرين زوبعة من التراب وكأن العشرة مائة، ونفذوا خطته. وكلما وصل عشرة إلى مشارف الفرس جاء بعدهم عشرة آخرون. ثم أثار الحمية في نفوس جنوده وتقدمهم إلى الفرس كان لوصول القعقاع رضي الله عنه باعثاً للاطمئنان متذكرين قول الصدَّيق رضي الله عنه (لا يهزم جيش فيهم مثل هذا)، وقوله أيضاً (لصوت القعقاع في الجيش خير من ألف رجل) ،فطلب البراز، ونادى: من يبارز فخرج إليه ذو الحاجب - قائد الفرس في معركة الجسر، وكان الفرس قتلوا آلاف المسلمين في معركة الجسر - فقال له القعقاع مَن أنت؟ قال: أنا بهمن جاذويه ، فنادى: يالثارات أبي عبيد وسليط وأصحاب يوم الجسر! فاجتلدا فقتله القعقاع ..وأخذ بثأر أهل الجسر وانكسرت الأعاجم لذلك.

 ثم برزت فرسان المسلمين للمبارزة فكان القعقاع يقول لهم: (يا معاشر المسلمين باشروهم بالسيوف فإنما يحصد الناس بها) ولم يقاتل الفرس هذا اليوم على فيل، ونشط فرسان المسلمين فأصابوا عدوهم. ثم استمر القتال إلى الليل وفي صباح اليوم التالي نادى القعقاع: من يبارز؟ فخرج إليه اثنان هما البيرزان والبندوان، فانضم إلى القعقاع الحارث بن ظبيان ليكفيه أحد الفارسين.واشتبك القعقاع مع "البيرزان"، وضربه ضربة قوية أطاحت برأسه، وتمكن "الحارث بن ظبيان"، من قتل "البندوان" أيضاً.

القعقاع بن عمرو التميمي فارس لا ينام ولا يغمض له جفن، فهو في الليل عابد مجتهد في طاعة الله، وفي النهار بطل مغوار ينتدبه سعد بن أبي وقاص للمهام الصعبة.

يوم عمواس

وهو اليوم الثالث من المعركة، وكان القعقاع قد بات ليلته تلك يسرب أصحابه إلى المكان الذي فارقهم فيه في الأمس ليأتوا أفواجا كأنهم مدد، وعند مطلع الشمس رآهم المسلمون فكبروا، وقالوا: جاء المدد،  وكذلك فعل عاصم بن عمرو ، أمّا الفرس فجاؤوا هذا اليوم بالفيلة وقد جعلوا لهم حماية لئلا يحدث معها ما حدث في اليوم الأول.

وكان سعد قد بعث إلى مَن أسلم من الفرس، يسألهم عن الفيلة ونقاط ضعفها، فدلوه عليها فطلب من القعقاع وعاصم ومن معهم أن يتولّوا أمرها، فتمكنوا من فقئ عيونها وقطع مشافرها وإخراجها من ساحة المعركة ليشتد القتال وتشتد وطأة المسلمين على الفرس، وتواصل القتال في المساء، حتى سميت بـ (ليلة الهرير).

ليلة الهرير

كانت المبارزة في الأيام الثلاثة لصالح المسلمين فأراد رستم في ليلة الهرير الزحف لخشيته من المبارزة فلمّا رفض الفرس المبارزة زفوا إليهم كذلك، فقامت حربهم على ساق حتى صباح ليلة الهرير، فقد ورد في كتب التاريخ عن هول هذه الليلة: (وبات سعد بليلة لم يبت بمثلها، ورأى العرب والعجم أمراً لم يروا مثله قط وانقطعت الأصوات والأخبار عن رستم وسعد، وأقبل سعد على الدعاء حتى إذا كان وجه الصبح، انتهى الناس فاستدل بذلك على انهم الأعلون وان الغلبة لهم).

وهكذا انتهت معركة القادسية بانتصار المسلمين. لقد اخذ القعقاع الفارس الشجاع بثأر اخوانه ممن قتلهم بهمن جاذوية فكم نحتاج اليوم لقائد حكيم مثل عمر رضي الله عنه وفارس شجاع مثل القعقاع ليقتص ممن كروا علينا من الفرس المجوس واخوانهم الصليبيين.

 تلك هي حياة القعقاع بن عمرو، فارس بني تميم، تلك حياته بكل شجاعة صاحبها وبطولته وعظمته...

لقد سطر القعقاع أنصع الصفحات، وخلف أطيب الذكر، وترك أفضل الأثر، فهو من أولئك الفرسان الذين سيبقون مفخرة عظيمة لنا، لأمة العرب والإسلام، التي ما بخلت على الدنيا بإنجاب خير الرسل، وأعظم الأبطال، وأشهر القواد.كان القعقاع من أولئك الذين اعتمد عليهم الخلفاء الراشدون فكانوا من قوادهم ورسلهم، وجنودهم الأوفياء.توفي القعقاع في السنة الأربعين للهجرة النبوية الشريفة أي في هذه السنة وصل القعقاع إلى نهاية المشوار، وانتقلت روحه إلى جوار ربها. إيذاناً بانتهاء حياة صاحبها لقد كان شعر القعقاع مرآة صادقة عكست كل مظاهر البطولة والشجاعة التي أبداها وقومه في المعارك، وسجلاً دقيقاً لتفاصيل الأحداث وتتابع الانتصارات التي اشترك فيها مع جيش المسلمين في العراق والشام.

لم يترك القعقاع مناسبة لتصوير حبها والمسلمين، وحسن بلائهم، وعظمة تضحيتهم، إلا وصورها وتحدث عنها، كأن انتصار المسلمين لا يكتمل إلا برسم هذه الصورة، وجهادهم لا يوفى حقه إلا بالإشادة بما فعلوه في ساحات القتال.وقد اقتصر شعر القعقاع على غرض واحد، غرض تصوير المعارك والإشادة بشجاعة المجاهدين وبطولاتهم. ورثاء من استشهد منهم، حتى لنستطيع أن نطلق على شعره شعر الفتوح بالدرجة الأولى.

رحم الله القعقاع واسكنه فسيح جناته .

 

إعداد : وليد ملحم

10/3/2010

 

"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"