كيف الوصول الى نقطة البداية؟؟؟هل تنفذ اليها ..هل تتخللها ؟؟هل تتخيلها؟؟هل تستطيع ان تخلع جلدك وتتخلى عن ذاكرتك وتتجرد من دواخلك وعواطفك عندما تكتشف نفسك وحيدا في قارة تبعد الاف الاميال عن اخيك الذي يبعد عنك وعن اخيك الاخر الاف الاميال الاخرى؟؟
وهكذا...هل بحثت بين مفردات حياتك عن (قبر منسي)؟؟بالتأكيد لك من الاهل او الاقارب راقدين هناك ,في مقبرة (الغزالي) ,هل ودعتهم ؟هل ودعوك؟عندما ارتحل الاخرون قبلك ..بعد اول السقوط وولادة الاحتلال اللعين ..الم تحاول اقناعهم بالعودة لانك اعتبرتهم قد بالغوا بردة الفعل عندما زحفوا الى حيث اللجوء الثاني :
مخيم الرويشد,اولا؟؟؟؟؟
في ذلك الوقت لم يخطر ببالك او تتخيل ان صديقا لك او شقيقا او قريبا سيموت حرقا او سحلا او تقطيعا في بغداد..لأنك لا تستطيع ان تصدق ان ذلك سيحدث:
التقتيل المبرمج
ربما العبث وحده او الصدفة وحدها كان يمكن ان يقوداك الى مغادرة مكانك في البلديات او الطوبجي او الزعفرانية او حي الصحة او تل محمد او بغداد الجديدة او العشرين حوش او شارع النضال او الامين او اي مكان آخر تتواجد فيه كفلسطيني ..لأنك ببساطة فلسطيني.والسراب وحده كان قادرا ان ينهي علاقتك (التواجدية)مع دجلة , وفي حينها :في ايام الجنون الاولى والاستباحة الخرافية لبغداد ,كنت قد عقدت العزم على انك لن تغادر مكانك البغدادي الا باتجاهين لا ثالث لهما : المقبرة محمولا على الاكتاف ..او الى فلسطين المحررة.......لماذا ؟؟؟لأنك فلسطيني ...لأنك استثناء ......ولأنك فلسطيني لم تغادرها الا قسرا .....لانك تعرف تماما ان اسمك ما زال محفورا على مقعد (رحلة )الدراسة للصف الاول في مدرسة النسور او الكرامة او الحلة او زنوبيا او الصديق الابتدائية .....وتلك صورتك مع الاصدقاء في العطيفية او المحمدية او النضال او الكرخ او الغربية او المركزية ...كيف لك ان تهملها وتترك نفسك دونها؟؟؟مكان جلوسك صاغيا لخطبة الجمعة في جامع القدس ..هل تتذكره؟؟؟خطواتك الرطبة المتعثرة في سوق الشورجة ,هل ادركت للحظة انك ستتركها مرغما ..وستجف ولن تخطوها ثانية هناك؟؟؟؟غادرتها قسرا لأنه من المستحيل ان تتخيل نفسك في احد شوارع (كوبنهاغن)مثلا تبحث عن (باجة الحاتي) او (الكبة البغدادية)..والآن ....في لجوءك الثالث ,كيف لك ان تعيش بلا لوعة؟؟؟كيف تغادر حلمك ؟؟؟و(الله بالخير أغاتي) هل ستسمعها بعد الان في كازينوهات البرازيل او ديسكوهات سدني؟؟ لا تفترض انك ستجد قيمر (ام قاسم )في لارنكا او سانتياغو في تشيلي...ولكن من جهة اخرى ولأننا فلسطينيون ..ولأننا استثناء فلن نجد بؤسا او حرجا في محاولات ايجاد بدائل مستحيلة او تشابهات للحلم بعيدة عن السراب ...فمثلا قد يجد احدنا تشابها ولو بسيطا بين احد شوارع (الداون تاون لسكرمنتو)في كلفورنيا وشارع (الكرادة داخل)......لقد تصادف ان وجد صديق لي حالم امتدادا في الشبه بين (شارع النضال)واحد شوارع (شيكاغو),....وآخر وجد مقارنة بين بيوت (تل محمد)وبيوت احدى ضواحي (موتاله)في السويد....
اعرف احدهم اكتشف ترابطا افتراضيا بين تجمعات الزعفرانية ومجمعات (هيوستن) في تكساس..وثمة من يتسائل : هل تستطيع ان تجد مقارنة بين (العشرين حوش)واحد ضواحي ستوكهولم؟؟؟او احد ازقة الحرية مع اي مكان في اوسلو ؟؟او ايداهو ؟؟او تورنتو؟؟هل الطيور في سماء نيويورك تقترب في الشبه مع طيور الطوبجي ؟؟؟طعم الماء في (كالغاري)او (سان دييغو)هل له نفس مذاق الماء في الدورة او الامين؟؟؟
تكاد تكون المقارنات مستحيلة ,عبثية ,مجنونة,...ويكاد يكون التشابه وهميا حد السراب ...بعيدا جدا حد الخرافة ..غير معقول حد الاسطورة..ومحاولة ايجاد قواسم مشتركة بين المكان والروح والذات والالفة في اللجوء الاول وبينها في اللجوء الثالث ....ولكن لأننا فلسطينيون ..فأننا استثناء .....وللحديث بقية
أحمد أبو الهيجاء
لوس أنجلس
16/1/2011
المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"