مخطط ذبح وتوطين الفلسطينيين في العراق! - طارق ديلواني

بواسطة قراءة 1150
مخطط ذبح وتوطين الفلسطينيين في العراق! - طارق ديلواني
مخطط ذبح وتوطين الفلسطينيين في العراق! - طارق ديلواني

مسلسل الموت والذبح الطائفي اليومي لم يتوقف على ما يبدو عند العرب السنة في العراق, بل طال فلسطينيي العراق لتدخل المنطقة برمتها في مشهد فوضوي قد يكون تأسيسا لتسوية ما.

وأحد فصول هذه الفوضى الدموية هو الجسد الفلسطيني الجريح في العراق ممثلا بالجالية الفلسطينية التي يزيد تعدادها على 50 ألفا, التي يحاك لها مخطط ذبح وتقتيل لفرض التوطين وإلغاء حق العودة.

بوادر هذا المخطط قديمة, إذ إن استهداف فلسطينيي العراق جار على قدم وساق منذ بداية الاحتلال الأمريكي للعراق, لكن القضية طفت إلى السطح بشكل مباشر مؤخرا مع الاستهداف الطائفي لكل ما هو سني في العراق, والفلسطينيون أحد مكونات هذا المشهد.

ويبدو أن ثمة تهمتين لفلسطيني العراق, أولهما أنهم من السنة وثانيها أنهم من المحظوظين سابقا أيام حكم الرئيس العراقي صدام حسين, وهما تهمتان كفيلتنا بتحويل عائلات بأكملها إلى أشلاء على يد فرق وميليشيات شيعية عراقية.

والفلسطينيون في العراق هم الحلقة الأضعف في مكونات الشعب العراقي, فلا ميليشيات تحميهم ولا قوى سياسية تنادي باسهم ولا حضور على الأرض مع غياب شبه كامل لممثليهم دوليا, الأمر الذي يسهل مخطط ذبحهم والاستفراد بهم دون أن ينتصر أحد لدمهم.

ثمة حاقدون من عدة أطراف عراقية ودولية وإسرائيلية وأمريكية ومن رجال الميليشيات العراقية. وهناك اعتقاد راسخ بأن مجزرة شبيهة بـ"صبرا وشاتيلا" في منطقتي "الحرية والبلديات" في بغداد, سيثير ردود فعل دولية كبيرة ستؤدي حتما إلى البدء العملي ببحث قضية اللاجئين بشكل جدي, ولأن العراق هو الدولة الأضعف في هذه المرحلة, فإن مسألة إجباره على القبول بتوطين فلسطينيي العراق ولبنان وغيرهم على أراضيه, وخاصة في المنطقة الغربية أمر بمنتهى السهولة.

وهو مخطط خطير يرمي إلى عدة أهداف, من بينها إيهام السنة مثلا بأن التوطين لصالح خلق توازن ديمغرافي مع الشيعة, الذين يصدحون ليلا نهارا بأنهم الأغلبية, وهو مخطط سيعطي متنفسا لإسرائيل وحلا بحسب البعض يرضي كافة الأطراف في المنطقة.

الفلسطينيون في لبنان أو "القنبلة الموقوتة" أو "ورقة الضغط" بالنسبة لحزب الله وسوريا, هم الأكثر استهدافا بمخطط الذبح والتوطين هذا, والمستفيدون من تهجير فلسطيني لبنان كثر .. ويصطف على قائمة المستفيدين الموارنة والدروز وحتى بعض الشيعة المرعوبين تماما من الأرقام, التي تشير يوميا إلى تفوق كبير لأعداد السنة في لبنان على أعداد الشيعة!

هي خلطة غريبة عجيبة فيها متضررون وفيها مستفيدون, فيها جزارون وفيها مذبوحون حتى الوريد بشكل يومي.

والحقيقة أن الحديث عن توطين الفلسطينيين في العراق قديم وليس جديدا, وهي فكرة ارتبطت ارتباطا وثيقا بمفهوم "الترانسفير" اليهودي, وتعود جذورها إلى عام 1911 عندما اقترح الداعية الروسي الصهيوني "جو شواه بوخميل" مشروع ترحيل عرب فلسطين إلى شمال سوريا والعراق, وكان ذلك أمام لجنة فلسطين التابعة للمؤتمر الصهيوني العاشر المنعقد في ( بازل ) بسويسرا في السنة ذاتها.

وعندما حظيت الفكرة بالترحيب تحولت إلى مطلب من الدول الغربية, وخاصة بريطانيا أثناء انعقاد مؤتمر الصلح في باريس عام 1919 عقب انتهاء الحرب العالمية الأولى.

وقبل الحرب العالمية الثانية سعى الزعماء الصهاينة لإيجاد شركاء غربيين يساعدونهم في تنفيذ مشاريع الترحيل, والتي كان أحدها ترحيل عرب فلسطين إلى العراق من خلال مذكرة بعث بها بن غوريون إلى اجتماع لجنة الأعمال الصهيونية المنعقد في بريطانيا بتاريخ 17 كانون أول/ ديسمبر 1937, ناشد فيها البريطانيين الذين كانوا يستعمرون العراق المساعدة على ترحيل الفلسطينيين إلى العراق.
وقام المليونير اليهودي المقيم في الولايات المتحدة إدوارد نورمان بمحاولات حثيثة بين سنتي 1934-1948, لترحيل الفلسطينيين إلى العراق. وكانت خطة نورمان التي رسمت خطوطها العريضة أول مرة في شباط 1934, تقوم على فكرة أن المملكة العراقية هي مكان التوطين الأفضل خاصة للعرب الذين تمرسوا على الزراعة.

إلا أن هذه المخططات لم تقتصر على اليهود والإسرائيليين فحسب وإنما وجدت لها تأييدا ودعما من قبل أطراف دولية توافقت مصالحها مع هذه المخططات وخاصة الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا.
ففي عام 1949 برزت العديد من مشاريع توطين اللاجئين الفلسطينيين وظهرت اقتراحات لتعويضهم ودمجهم, ومن أبرز تلك المشاريع, مشروع توطينهم في العراق الذي وضعته بريطانيا وقطعت أشواطا على طريق تنفيذه, وذلك حسب ما جاء في وثائق الخارجية البريطانية التي أميط عنها اللثام عام 1985.

ومن شأن وجود اللاجئين الفلسطينيين, الذين ينتمون لطائفة المسلمين السنة في العراق, أن يحد من توغل النفوذ الشيعي الموالي لإيران, ويؤدي إلى خلق حالة من التوازن في المنطقة, فضلا عن سقوط خيار توطين اللاجئين الفلسطينيين في عدد آخر من الدول العربية كلبنان والأردن وسوريا والسعودية والكويت .

15 - 3 – 2006