سلسلة: حيفا وأسرار سقوطها وصمود جبع واجزم وعين غزال ج 15 – رشيد جبر الأسعد

بواسطة قراءة 5891
سلسلة: حيفا وأسرار سقوطها وصمود جبع واجزم وعين غزال ج 15 – رشيد جبر الأسعد
سلسلة: حيفا وأسرار سقوطها وصمود جبع واجزم وعين غزال ج 15 – رشيد جبر الأسعد

ج15 :الخبير العسكري العالمي والمؤرخ الإسلامي العراقي اللواء الركن محمود شيت خطاب يثني على أهل فلسطين وشجاعتهم منهم أهل جنين وقراها وقرى حيفا منها جبع اجزم عين غزال ,بعد ان عاش وسط تضحية وصمود أبناء فلسطين في حرب فلسطين عام 1948 في منطقة جنين واهل فلسطين حين قال :

_: (أقسم بالله العظيم لو إن هذا الشعب الفلسطيني يملك العدة والعتاد لكان هذا الشعب هو من يستحق أن يحكم الوطن العربي والأمة العربية كاملا" ويعيد مجد البطل صلاح الدين الأيوبي ..

كانت معلوماتي الأولية عن فلسطين أنهم رجال إبطال مقاتلون من الدرجة المتميزة والطراز الأول , يتلقون الأوامر بتفهم عجيب , ويتلقونها عن طيبة خاطر , ويقدمون حين يحجم الناس , ويستبسلون في المعارك ويستقتلون في الحرب ..

اشهد إن الفلسطينيين كانوا جنودا"أوفياء بكل ما في الجندية من معاني الضبط والنظام والتضحية والفداء وكانوا ملء العين قدرا"وجلالا"وبطوله وشجاعة ..)

يضيف المؤرخ خطاب رحمه الله :

_ولست أنسى ما حييت منظر المجاهدين الفلسطينيين , وهم يطاردون فلول الصهاينة المنسحبين المنهزمين من جنين البطلة..

وهم يهتفون بأيمان عال بالله سبحانه وتعالى :

سيف الدين الحاج أمين             نحن بالله منصورين 

 اللواء الركن والخبير العسكري والوزير السابق والموسوعي والمؤلف اللواء الركن محمود شيت خطاب (رحمه الله ), قبل ان يكون خبير عسكري عراقي عالمي ,ومؤرخ إسلامي ضليع , وقبل ان يكون وزير في الستينات فهو رجل مسلم شهم غيور مواطن عراقي أصيل مخلص كل الاخلاص لعراقه ووطنه واسلامه وعروبته وامته ..,انسان مرهف الحس , بكل مافي الكلمة من معنى , خدم في الجيش العراقي والكلية العسكرية منذ فترة الثلاثنيات من القرن الماضي , ودخل اكثر من (30) دورة عسكرية عالمية فنية , عراقية وعربية واوربية , وتعرف إلى المناضلين الفلسطينيين  ومجاهديهم الذين كانوا يتوافدون على بغداد في الثلاثينات من القرن الماضي , بهدف جمع الأسلحة والمساعدات للمقاومين الفلسطينين في فلسطين , وتوج هذه العلاقة العضوية والمعرفة بالمقاومين الفلسطينيين في جبهة ابو غريب وخان ضاري في ثورة ايار 1941 بقيادة رشيد عالي الكيلاني وضباط الجيش العراقي ..حين تعرف على عبد القدر الحسيني ، شيت خطاب ، هذا الانسان العربي المسلم ابن الرافدين الكبير في غزارة علمه , الرائد في مؤلفاته التاريخية والعسكريه , الكبير في خلقه وتفكيره واتزانه وفراسته وأثاره ..اشترك في حرب فلسطين 1948واحب فلسطين وفلسطين احبته , وعاشت قضية فلسطين ارض الاسراء والمعراج , ارض القدس والمسجد الأقصى .. عاشت في قلبه وجوارحه وضميره ووجدانه .. عاش خفيف الظل على الارض ,ولم يتوقف يوما واحدا" عن عطاؤه وانتاجه وتفكيره وثورته وعلمه .. وعاش بهدوء وتواضع ولسان حاله يقول ان هذا الدنيا زائله والإنسان المسلم العاقل العامل يعيش عليها كا لمسافر وعليه ان يأخذ زاده الذي هو التقوى ..

هذا الرجل لم تكن تملئ عينه الاموال والعقارات والذهب والماديات الزائله ..التي رفسها خلف ظهره وعاش قانعا" راضيا".. وعرف ان الغنى والثروه ..هي غنى المعرفة وثروة العلم والزاد التقوى والعمل الصالح .. عاش بهدوء وتواضع وترافع عن المظاهر البراقة ..بعيدا"عن الشهره والاضواء والكلام ..و الإعلام ..

عاش بأدب وخلق وايمان وناصح ومذكر وعامل ..ومات بصمت ..مات بصمت وهدوء ..دون ان تحدث في موته ضجيج وزوبعة ..وهذا شان المسلم العامل المجاهد التواق المسرع ..الى لقاءه ربه ..والابتسامة تملأ وجنتيه ..وعجلت اليك ربي لترضى ..ومن الصدف عند موته ان الذي قام بتغسيله وتكفينه ودفنه داعية إسلامي وشيخ جليل من ابناء فلسطين هو الأستاذ توفيق عبد الخالق الداهود (من قرية اجزم و لاجئين جنين ) ومعه لفيف من الاخوه العراقيين والفلسطينيين.. الذين حضروا الدفن .

نعم الذي قام بإجراءات التغسيل والتكفين على ضوء الكتاب والسنة ، هو جاره وصديقه شيخ وأمير الجالية الفلسطينية في العراق الشيخ الأستاذ توفيق عبد الخالق الداهود الساكن في محلة اليرموك ببغداد .

بعد أيام على وفاة هذا الإنسان العلم (رحمه الله ) ، جاء ممثل عن الحكومة ووزارة الدفاع العراقية يعاتب ويعتب ويسال .. كيف تم دفن هذا الضابط الكبير وبكل هدوء وبكل بساطة .. ودون إشهار ودون إعلام .. !؟ قائلين :

-                  ان هذا رجل عسكري مخضرم وضابط كبير .. وله مكانة ومنزلة عند اهله وشعبه وامته .. كيف تم هذا بكل سرعة ، وبساطة ، انه عتاب وقالوا للشيخ الفلسطيني صديقه وجاره .. اجل .. كان المفروض ، وكان بدون إعلامنا بوفاته لنعمل له جنازة عسكرية رسمية ، وتشييع رسمي مهيب ونطوف به شوارع بغداد ومع موكب التشييع وكبار المسئولين وفرقة موسيقي الجيش .. مع تغطية إعلامية لتليق بمكانه هذا المواطن المخلص هذا الإنسان العلم الضابط الكبير والمؤرخ والخبير والوزير ..

- اجل .. سيبقى اللواء الركن محمود شيت خطاب علماُ من إعلام العروبة والاسلام وقادتها ومؤرخيها ومفكريها ورجالها واعلامها ورموزها المخلصين الصادقين الاوفياء .. كان في منطقة جنين ( مقر قيادة الجيش العراقي ) ولأشهر عديدة .. قال :

- (.. حين ذهبت الى فلسطين العزيزة في حرب فلسطين عام 1948م لم اشعر بالغربة اطلاقا ، لقد رايتها كما رأيت العراق ، في بيوتها مثل بيوتنا ، عاداتهم .. قيمهم مثل قيمنا وعاداتنا .. هكذا تحدث عن فلسطين بكل جوارحه ونبضات قلبه ..

        إن شيت خطاب رحمه الله اشهر خبراء الحرب والعسكريين في منطقة الشرق الاوسط  او في العالم العربي والاسلامي .. انه خبيرعسكري متضلع .. من بين خبراء قلائل  معدودين.. في العالم .. انه هو الذي أشار على ساسة العرب بان عدوان الكيان الصهيوني سيقع على العرب قائلا لهم  عن الموعد حسب المعطيات والإحداث الجارية وصوابه ونقاء تفكيره بان العدوان سيقع غدا او بعد غد يوم الاثنين 5 حزيران 1967 فهل من متدبر.. او مذكر .. او ناصح .. او رشيد ..

اجل وله كثير من المواقف المشاهد والآراء السديدة والدراسات وعشرات المؤلفات واكثر من 400 بحث ..! 

أشاد شيت خطاب بالمجاهدين الفلسطينيين الذي قاوموا وقاتلوا بجانب الجيش العراقي ضد الجيش البريطاني في حرب ثورة ايار 1941 الوطنية العراقية التحررية في جبهة بغداد موقعة ومنطقة خان ضاري وابو غريب .. قال :

_ولما اشتبك الجيش العراقي بالقوات البريطانية في ثورة مآيس 1941كان المجاهدون الفلسطينيون في عون الجيش العراقي في حرب ضد بريطانيا.. وقد أذاعت إذاعة لندن بعد سقوط حكومة الكيلاني انه لا تزال مجموعة من المقاتلين الفلسطينيين يربون على الأربعين مقاتلا"في رمال أبي غريب يقاومون بقيادة عبد القادر الحسيني ..كلما وجدوا للمقاومة سبيلا .. حتى جاءهم مسرعا"مدير أو مسؤول امن محلي عراقي وطني وأخبرهم بإخفاق الثورة ..وعودة الوصي ونور السعيد للحكم ثانية ..ولا جدوى من المقاومة واستمرار مواجهة الانكليز .. وطلب منهم التوقف عن المقاومة والانسحاب والتخفي ....

ثم يشترك شيت خطاب في حرب فلسطين 1948 وبعد النكبة لا تزال قرى الساحل تقاوم مقاومة بطولية أسطورية غدت مفخرة للأمة العربية والإسلامية لعل من هذه القرى جبع ..عين غزال ..اجزم.. المزار .. ألطيره .. كفر لام .. وغيرها وبعد سقوط معظم هذه القرى , بعد نفاذ الذخيرة وانعدام وسائل المقاومة هاجرت جموع هؤلاء وحلو في جنين في شهر آب وأيلول 1948 معظمهم من سكان قرى جبع وعين غزال واجزم و المزار و الطيرة وحدثت بينهم وأهل جنين وقاده الجيش العراقي أو أصر الأخوة والصداقة والحب والمودة.. و تبادل الهموم .. و حديث الشجون ..  

 محمود شيت خطاب في[ قصيدة جنين ] ...عام 1948م   (النكبة )

    هذه القصيدة ألقاها الضابط العراقي )) محمود شيت خطاب )) سنة 1948م في حفل وداع الجيش العراقي البطل بعد أن الحق هزيمة نكراء بالقوات اليهودية المهاجمة لجنين..... شهد لها العالم بأسره..ومن تلك اللحظة ترسخ حب العراق وأهل العراق في قلب كل فلسطيني وفلسطينية .
    القصيدة ألقيت وسط حشد جماهيري  فلسطين مفعم بالفخار للبطولة والفداء والشجاعة التي قامت بها القوات العراقية حيث قامت بصد الهجوم اليهودي آنذاك والذي كان قد وصل إلى ما بعد مثلث الشهداء جنوب جنين في شهر حزيران 1948م . وكانت جنين قد احتلت بالكامل إلا أن جيش العراقي بدا بقتال مستميت وبكل بسالة وتمكن من سحق القوة اليهودية المهاجمة المكونة من قوات الأرغون والهاجانا والمستوطنين الذين أتوا من كل بلاد الأرض ليطردوا شعب من أرضه ويستوطنوا مكانه .

شارك أهالي محافظة جنين بالمعركة جنبا إلى جنب مع الجيش العراقي حيث وقدموا له كل مساعدة ممكنة فألقى قائد القوات العراقية يومها مقولته المشهورة وهو يمجد أهالي محافظة جنين قال : ( إن الذي تعلمناه في الكليات العسكرية في سنتين وأكثر تعلمه أهالي منطقة جنين خلال شهرين...وقد أبدعوا بالحرب إبداعاً لا مثيل له. )
     قاتل الله تلك الظروف القاسية الدولية والضعف العربي الرسمي الذي حرم هؤلاء الناس من حمل السلاح للدفاع عن أوطانهم..واقسم لو أن هذا الشعب يملك العدة والعتاد لكان هذا الشعب هو من يستحق أن يحكم الوطن العربي كاملا ويعيد مجد صلاح الدين الأيوبي ولكن المؤامرات الدولية محيطة بهذا الشعب من كل مكان.. وبكى ونزلت من عينيه دموع الرجال التي هي بالأصل عزيزة ولكنها تنهمر من عين حر عندما جاءته الأوامر بالانسحاب مع العلم أن الفرصة كانت مواتية للانتصار على الصهاينة وطردهم من العفولة ومرج ابن عامر خلال ساعات..حيث كان اليهود قد منوا بهزيمة نكراء وعشرات القتلى وفر من بقي منهم حيا يركض طالبا النجاة تاركا عدته وعتاده وجثث قتلاه..     وبعد أن تم دفن الشهداء العراقيين الإبرار في مقبرة أطلق عليها اسم مقبرة شهداء الجيش العراقي وهو ما يعرف اليوم بمثلث الشهداء...في منطقة إستراتيجية تعتبر الموزع الموصل إلى جميع مناطق الضفة الغربية. واقرب البلدات القريبة للموقع هي بلدات قباطية وبرقين وعرابة واليامون وقرى غرب وجنوب وشرق جنين التي لا يزال الأهل والسكان يفتخرون بإخوتهم العراقيين..وحتى ألان أغلبية أهالي محافظة جنين يزورون مقبرة الشهداء سنويا تخليدا لذكراهم ويقرؤون لأرواحهم الفاتحة ويحدثون أبناءهم عن بطولاتهم ليكونوا أبطالاً مثلهم .

نظر القائد العراقي محمود شيت خطاب إلى قبور إخوته .. ووجهه للجمهور المتواجد ثم القى هناك هذه القصيدة العصماء  .

 ***** جنين******

هذي قـبور الخالدين فـقد قضـو

                  شهداء حتى ينقذوا الأوطـانا

قد جاهدوا الأعداء حتى استشهدوا

              ماتوا بساحات الوغى شجعانا

ماتوا دفاعا عـن حيـاض دنست

                   بـاحط خلق الله في دنيــانا

اجنين انـك قد شـهدت جهـادنا

                  وعلمت كيف تساقطت قتـلانا

ورأيت مـعركـة يفـوز بنصرها

                  جيش العراق وتهزم والهاجانا

أجنين يــا بلد الكـرام تجلـدي

                  مـا مـات ثأر درجته دمـانا

لا تأمـني غـدر الـيهود بعيدنا

                   جبلوا على لؤم الطباع زمـانا

أجنين لا ننســى الـبطولة حية

                   لبنيك حتـى نرتدي الاكفــانا

إني لأشهد أن اهــلك كافـحوا

                   غزو اليهود وصارعوا العدوانا

فـإذا بكيت فلست أول صــارم

                   بــهظته أعباء الجهاد فـلانا

المـجد للبـلد المنـاضل صابرا

                    حتى ولو ذاق الردى الــوانا

المسـجد الأقصـى ينـادي امة

                    تركته اضعف ما يكون مـكانا

إنــي لأعلـم أن  دين محمـد

                   لا يرتضي.... للمسلمين هوانا

مـرج ابن عامر ضرجته دماؤنا

                   أيـكون ملـكا لليهود مهـانا

لا تعذلـوا جيش العراق وأهلـه

                  بلواكم ليست سوى بلــوانا

إن السنان يكـون عـند مكـبل

                   بالقيد في رجليه ليس سنـانا

المخـلصون تسربلـوا بقبورهم

                   والخائنون تسنمــوا البنيانا

إن الخلود لـمن يـموت مجاهدا

                   ليس الخلود لمن يعيش جبانا

 

   مقبرة الشهداء العراقيين في فلسطين

   صور و معلومات حول مقبرة الجيش العراقي في جنين بفلسطين كما نشرتها صحيفة ( المشرق ) الغراء في العدد ( 818 ) تاريخ 21 /10 / 2006 م – بغداد .

    تقع مقبرة شهداء الجيش العراقي الذي شارك في حرب 1948 م في فلسطين العربية و قد جرى انتخاب ارض المقبرة بعد استشهاد تسعة عسكريين عراقيين من الفوج الثاني الفوج الخامس في معركة جنين 3 – 4 / حزيران  / 1948 م بين مفرق قباطية و مدينة جنين و تم دفن الشهداء فيها و بعد معركة جنين الثانية و انسحاب الفوج الثاني كاحتياط عام للجيش العراقي في الحواره جنوب نابلس تم إقامة نصب تذكاري لهم في هذه المقبرة و أكمل بناؤها من قبل قطاعات اللواء الرابع الذي استقر في جنين حتى انسحاب الجيش العراقي من فلسطين عام 1949 م و كانت خسائر العدو 300 قتيل و 600 جريح و خسرنا من جانبنا 9 شهداء و 23 جريحاً من الفوج الثاني و شهيداً واحداً و جريحاً من الفوج الثاني اللواء الرابع و الضابط الشهيد الملازم الأول عبد اللطيف صبري كما استشهد 14 عسكرياً عراقياً ينسبون إلى الفوج الآلي .

   كانت خسائر العدو كثيرة فقد ترك الأسلحة و الاعتدة و سحب العديد من قتلاه و كان هناك 300 بندقية مختلفة الأنواع وزعت للفلسطينيين للدفاع عن وطنهم و للضباط و المراتب لبطولتهم و 15 غدارة من نوع سترلنك مع غدارة تومسن أعطيت واحدة للوصي و الأخرى للفريق الركن نور الدين محمود و غدارة للزعيم طاهر الزبيدي و 4 رشاشات براونغ و 15 رشاشة برنو و 3 رشاشات فوجكسن و رشاشتين فيكرز و 3 مدافع هاون و 3 عقدة و مدفع هاون 81 ملم و 4 أجهزة لاسلكي و 2 قاذفات و 300 لغم و 245 قنبلة هاون و 4 مدافع هاون . 

http://www.paliraq.com/images/001pal/clip_image002.jpg 
http://www.paliraq.com/images/001pal/clip_image001.jpg

http://www.paliraq.com/images/001pal/clip_image0021.jpg

 

رشيد جبر الأسعد

كاتب وإعلامي فلسطيني

بكالوريوس تاريخ

 

 

"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"