بسم الله الرحمن الرحيم
الوطن الفلسطيني أسيرٌ بالمعاناة من النكبة والنكسة والتشريد والتهويد والحصار والفرار والنفي والإبعاد والاستشهار وظنك العيش المقصود والقتل والتعذيب وحياة المخيم والكفاح المسلح وهذا نجده ربما يولد حالة من اليأس عند البعض وربما يسأل الفلسطيني نفسه أو غيره لماذا نحن دون كل البشر نتعرض لما نحن عليه!؟ هل إن الله عز وجل غير راض عنا أم ماذا؟ البعض المتشائم يدلو بأجوبة المتشائم والبعض بالتفاؤل! فأين نحن من هذا.
إن من كمال العبودية لله سبحانه وتعالى أن يعلم المسلم أن ما أصابه من البلاء والفتن والمحن إنما كان بقضاء الله وقدره، والمؤمن مأمور شرعاً بالرضا والتسليم تجاه ما قُدّر من رب العالمين يقول الله عز وجل: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} (الآية: 155) سورة البقرة، عن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- قال: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً؟ قَالَ: "الْأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ"، والابتلاء له صور متعددة، فمن الناس من يبتلى في دينه ومنهم من يبتلى في نفسه ومنهم من يبتلى في ماله ومنهم من يبتلى في عرضه ومنهم من يبتلى في ولده ومنهم من يبتلى بالجوع ومنهم من يبتلى بالفقر ومنهم من يبتلى بالخوف وقد ينزل البلاء على أفراد من الناس أو على جماعات أو على أمم بأكملها.
فإن الله سبحانه وتعالى يبتلي عباده بالخير كما يبتليهم بالشر وهذه الحقيقة مؤكدة بقوله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} (الآية: 35) سورة الأنبياء، وأما إن سخط وجزع، فإن المصيبة ستكون في حقه مضاعفة. ألم المصيبة وفوات أجر الصبر عليها. ونقل عن عبد الله بن المبارك -رحمه الله- أنه قال: المصيبة واحدة فإذا جزع صاحبها فهي امتنان. لأن إحداهما المصيبة بعينها والثانية ذهاب أجره وهو أعظم من المصيبة ولا حول ولا قوة إلا بالله. ومن هنا نعلم ضرورة الصبر على أقدار الله، فما من أحد إلا وقد أصيب مصيبة؛ فقد أباً أو أماً أو زوجة أو زوجاً أو ولداً أو قريباً أو صديقاً أو أصيب بماله أو نفسه أو صحته أو دينه، فعلينا جميعاً أن نتسلح بسلاح الإيمان والرضا والتسليم بما قدره الله علينا، فنحن عباده وهو سيدنا يفعل بنا ما شاء كيف شاء {وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} (الآية: 49) سورة الكهف، من هنا نقول بأن التوكل على الله هو الطريق الصحيح للفوز وأي فوز! رضى الله عز وجل فعلى أبناء شعبنا الصبر أليس أنتم المرابطون أليس أنتم المظلومين من قبل الكل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اتقوا دعوة المظلوم فإنها تحمل على الغمام"، يقول الله تعالى في حديث قدسي:
"وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين"، صحيح الجامع:117.
أخي أنت حر وراء السدود
أخي أنت حر بتلك القيود
إذا كنت بالله مستعصما
فماذا يضيرك كيد العبيد
أخي هل تراك سئمت الكفاح
فمن للضحايا يواسي الجراح
ويرفع رايتها من جديد
ويحث إخوانه بالاستمرار في طريق الدعوة والجهاد والحرص على رضا الله:
أخي فامض لا تلتفت للوراء
طريقك قد خضبته الدماء
ولا تلتفت هاهنا أو هناك
ولا تتطلع لغير السماء
الزيداني
2009-07-27
"حقوق النشر محفوظة لموقع "فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"