اللاجئون الفلسطينيون في العراق يرفعون مذكرة إلى أبو مازن

بواسطة قراءة 2912
اللاجئون الفلسطينيون في العراق يرفعون مذكرة إلى أبو مازن
اللاجئون الفلسطينيون في العراق يرفعون مذكرة إلى أبو مازن

إن وجود اللاجئين الفلسطينيين في العراق يرجع إلى عام 1948 عندما حدثت النكبة باحتلال فلسطين قام الجيش العراقي بجلب العوائل الفلسطينية التي خيمت في جنين بعد نزوحها وخروجها من القرى الثلاث في جنوب حيفا ، والتي دُمِّرت منازلهم نتيجة القصف الجوي والمدفعي التي تعرضت له .

 

     وكان عدد اللاجئين في حينها 3000 لاجئ ، وكانوا برعاية وزارة الدفاع لغاية 1952 ، حيث أُنشأ قسم خاص لإدارة شؤون اللاجئين الفلسطينيين التابع لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية .

 

     ولم يُسَّجل هؤلاء في وكالة غوث اللاجئين (الأونروا) التابعة للأمم المتحدة والتي أسست لرعاية شؤون اللاجئين الفلسطينيين في العالم ، بسبب اتفاق تم بين الحكومة العراقية آنذاك ووكالة الغوث على أن تقوم الحكومة العراقية بكافة احتياجات اللاجئ الفلسطيني من سكن وتعليم وطبابة والأمور الاجتماعية والمعاشية وكل ما يحتاجه اللاجئ مقابل عدم دفع الحكومة العراقية المبلغ الواجب دفعه لوكالة الغوث .

 

وعلى مر السنين لم يتحقق للفلسطينيين في العراق أدنى الاحتياجات القانونية والإنسانية التي تُقدم لبقية اللاجئين في العالم عموما وللفلسطينيين في الشتات خصوصا ، وعلى توالي وتعاقب الحكومات العراقية منذ 1948 ولغاية 2003 م ، وبحسب الأوضاع الإقليمية والعلاقات السياسية مع دول العالم الخارجي والمجاور ، والتي كانت تنعكس علينا انعكاسا كبيرا .

 

وما يشاع من أن الفلسطيني متمتع بخيرات هائلة في العراق ومحسوب على النظام السابق هو محض افتراء ، وأقاويل ليست لها دلائل على أرض الواقع ( وليس الخبر كالمعاينة ) .

 

وبعد احتلال العراق وسقوط النظام بدأت صفحة جديدة من المعاناة والمآسي التي ما كنا لنتوقعها يوما من الايام ، فقد تشرد المئات من العوائل وأصبحوا بلا مأوى في ليلة وضحاها ، بعد أن تم طردهم من منازلهم قسرا وبالقوة وبمختلف التهديدات ، واستمر هذا الوضع لأكثر من عامين وهم راقدين في خيم نادي حيفا الرياضي .

 

وكذلك تم طرد بعض الموظفين من وظائفهم والتضييق على آخرين لا لشيء إلا لفلسطينيتهم ، وازدادت المعاناة يوما بعد يوم وبلغت جميع مناحي الحياة ، من ذلك : التضييق في مراحل مختلفة من التعليم ، وإظهار العداء والإحتقار والازدراء لكل عربي عموما وكل فلسطيني خصوصا بالأسواق العامة والمحال التجارية والمستشفيات حتى أن أحدهم لم يُعالَج بعد إصابته بإطلاقات في إحدى التفجيرات لأنه فلسطيني ولقي حتفه على إثرها ، بل حتى نواجه تضييق في إجراءات دفن الموتى .

 

ويوما بعد يوم بدأت الاعتقالات العشوائية ومن غير أي سبب فقط على الهوية وبلغت ذروتها في ظل الحكومة الحالية ، وتزامنت مع حملة إعلامية تحريضية ضد الوجود الفلسطيني في العراق في الصحف الرسمية والقنوات الفضائية التابعة للحكومة ولبعض الأحزاب الحاكمة ، وتوسعت هذه الاعتقالات لتتحول إلى اغتيالات منظمة بل وصلت إلى الاختطاف والتعذيب البشع والتمثيل ثم القتل وكان آخرها رجل كبير بالسن وشاب لم يتجاوز العشرين من العمر ، مع توجيه رسائل تهديد ووعيد شديد لبعض المجمعات الفلسطينية لغرض التهجير ومن ثَم الاستيلاء على المنازل وحصلت عدة حالات في مدينة الحرية ، بالإضافة إلى أن الفلسطيني مهضوم حقه لدى أي جهة في المجتمع العراقي ، بحيث يطرد من بيته الذي يمتلكه ولا يستطيع بيعه أو الانتفاع من أغراضه خوفا من القتل كما حصل لبعض العوائل ، بل وصل الحال بسيارات الشرطة إطلاق العيارات النارية وبشكل كثيف على أكبر مجمع للفلسطينيين في العراق في منطقة البلديات ولأكثر من مرة كان آخرها صباح يوم الخميس 27/10/2005 ومن غير أي سبب مع إصدار الشتائم والسباب والتهديد والوعيد بالطرد والقتل وما شابه ذلك ولا رقيب ولا حسيب عليهم ولا أحد يتجرأ أن يتكلم ، واخترقت بعض الاطلاقات بعض الشقق .

 

حتى أصبح الفلسطيني يخشى التنقل من منطقة إلى أخرى خوفا من اعتقاله أو إهانته أو شتمه أو ... أو ... لكونه فلسطيني ، حيث أصبح الفلسطيني بمجرد هويته تهمة ؟!! والله المستعان ، مما أدى ذلك لتردي الوضع المعاشي إذ أن كثير من أصحاب الأعمال الحرة أو الصناعيين يخشون الاعتقال أو القتل أو الابتزاز كما حصل للكثير ، بسبب الاستضعاف الذي نعيشه حتى أصبحنا كالمطاريد والمنبوذين في المجتمع العراقي ، حتى أصبحت نسبة البطالة أكثر من 80% في تجمعاتنا .

 

ولو تطرقنا للوضع القانوني لرأينا العجب العجاب ، فلا ندري هل نحن لاجئون أم وافدون أم مقيمون أم مواطنون أم بدون ، فعلى أقل تقدير اللاجىء له حقوق نتمنى الآن الحصول على أدناها ، لكن هذا لم يحصل لا في السابق ولا حتى في الحاضر بل أسوأ ، والأدهى من ذلك والأمر أننا وبعد جذور وأصول عميقة لنا في العراق نطالب بتجديد الإقامة كل شهر أو شهرين وبروتين متعب جدا ومرهق فعليك مراجعة عدة دوائر كوزارة المهجرين والمجلس البلدي ومديرية الإقامة ووفي بعض الأحيان لمراكز الشرطة ( وقد تم استدعاء حتى بعض النساء لذلك ) بحيث تجد الشتائم والإهانات وتقف بالطابور طوال ساعات الدوام تحت أشعة الشمس ثم يقال لك راجع غدا وأحضر جميع أفراد العائلة ( الرجل الكبير والطفل الرضيع والمرأة بل حتى المقعد يجب عليه الحضور ) مع دفع غرامات على كل من يتأخر يوما واحدا على هذه المعاملة ، في ظل هذه الظروف الصعبة جدا والوضع المعاشي السيء ، وهنالك تشديد بالمطالب والإثباتات والأوراق الرسمية والتي تتطلب فترة زمنية كبيرة لا تتناسب مع المدة المحددة للإقامة ؟!! بينما جميع الوافدين من العرب والأجانب الذين دخلوا بعد السقوط لا يعاملون هذه المعاملة التي يعاملها الفلسطيني ، مما يدل على أن هذا الأمر مقصود ومنظم ، وهنالك دلائل وقرائن كثيرة ، حتى باعترافات موظفين في مديرية الإقامة ، من ذلك تنسيب أسوأ الضباط في وزارة الداخلية العراقية على القسم الخاص بالفلسطينيين لغرض التضييق عليهم واستبزازهم لدفع أموال طائلة لإجراء المعاملات مما ازداد الأمر سوءا ، خلافا لبقية الأقسام ، علما أن معظم الفلسطينيين هم من مواليد العراق ، ولا يحتاجون لهذه الإجراءات الشديدة والمجحفة .

 

كل هذه الإجراءات الصارمة والشديدة إلا أنهم لم يصدروا أي هوية ثبوتية جديدة لأي فلسطيني حتى لو كانت نشأته منذ عام 1948 ، ولا إصدار أي وثيقة سفر أو جواز سفر جديد مع عدم اعتراف معظم الدول بوثيقة السفر القديمة والتي لا تؤهل الفلسطيني للتنقل داخل محافظات العراق ، وقد حُرمنا بسبب ذلك لعامين متتاليين من أداء مناسك الحج بسبب هذه الإجراءات والمضايقات المقصودة والغير مبررة ،خلافا لما كان عليه الحال في زمن النظام السابق، ولا ندري هل نُحرم من حج هذا العام أم لا ؟!! 

 

وفي القلب حسرة شديدة لما يجري لنا ، واللسان يعجز عن وصف ما نحن فيه من ضنك وذعر وقلق إزاء كل هذه الاعتداءات وخصوصا في الأشهر الستة الأخيرة بعد اعتقال أربعة من الفلسطينيين لا على التعيين واتهامهم وإظهارهم على قناة العراقية على أنهم المنفذون لهذه الجريمة النكراء التي نستنكرها جميعا ، مما أدى إلى تصاعد وتيرة الحقد والعنف والضرر والتضييق علينا ، والقصص في ذلك والمواقف المؤلمة كثيرة جدا .

 

والعجيب في الأمر هنالك صمت رسمي ودولي عربي وحتى من الحكومة العراقية إلا بعض الهيئات والأحزاب السياسة والتنظيمية المتعاطفة معنا والتي ليس لها دور فعال في اتخاذ القرار والاجراءات الرسمية ، مع أن جميع التحركات الفلسطينية متمثلة بأوساط شعبية وشخصيات معروفة بعلاقاتها الطيبة مع المجتمع الفلسطيني حيث قامت بفتح قنوات وحوارات مع جهات عراقية وإيصال هذه المعاناة لها عسى أن تقلل من خلالها المفاسد والشرور التي تنتظرنا ، ولم يكن دور السفارة الفلسطينية في العراق ( والتي تعتبر المرجعية الأساسية لجميع الفلسطينيين ) بدورها الحقيقي والفعال ، بحسب استقراء معظم الفلسطينيين في العراق ، ولم يتم إيصال هذه المآسي بشكل حقيقي وواقعي لأسباب سياسية أو غيرها ،وعندما تسنح الفرصة لإظهار التظلم وإيصال هذه الانتهاكات لأي جهة ذات سلطة إعلامية أو تنفيذية أو حقوقية يتم من خلال أشخاص ليس لهم دور فعال في الأوساط الفلسطينية الشعبية وليسوا من ذوي الخبرة والمعرفة بشؤون اللاجئين الفلسطينيين ، وما أدل على ذلك من اللقاء الذي جرى بين ممثلين عن حقوق الإنسان في السفارة الأمريكية يوم الأحد الماضي 30/10/2005 والقائم بالأعمال في السفارة الفلسطينية مع مجموعة  من هذا النوع من الأشخاص ، من غير تقديم أي اثباتات أو وثائق أو تقارير لما يجري لنا ، بل حتى موقف مسؤول العلاقات الفلسطينية العراقية النائب عزام الأحد الذي صرح في مقابلة في مجلة حق العودة العدد 12 السنة الثالثة تموز 2005 : بأن ما يجري لنا يعود لانتماء معظمنا إلى حزب البعث وهذا خلاف الواقع ، بل هذا التصريح أصبح ضرره علينا واضحا لتسهيل إدانتنا والتضييق علينا وطردنا تحت قانون اجتثاث البعث ، إضافة لتصريحاته المستمرة بأن الذي يجري لنا هو حالات فردية وغير حقيقي وأن الوضع العام هو كذلك وغيرها من المبررات المضرة والتصريحات الغير مسؤولة .

 

وعليه فإننا نلتمس بكم التدقيق والتحري في صدق المعلومات والبحث عنها من مصادرها الرسمية والشعبية مع الاثباتات والوثائق والبيانات الدقيقة ، حتى أن نسبة المعتقلين والضحايا الفلسطينيين إلى عددهم في العراق فاقت نسبة المعتقلين العراقيين إلى عددهم ، وذلك لأن عددنا الحالي لا يتجاوز ( 22000 فلسطيني ) .

 

والرجاء الأخذ بنظر الاعتبار المقترحات التالية :

 

1- تسهيل عودة اللاجئين الفلسطينيين في العراق إلى غزة .

 

2- إرسال وفد فلسطيني رسمي يمثل السلطة الوطنية الفلسطينية إلى العراق ، للحوار والتفاوض مع الحكومة العراقية حول كثير من القضايا المذكورة سابقا ، مع ضرورة التقاء هذا الوفد مع الأوساط الفلسطينية لكي يسمعوا منهم الحقيقة عن أوضاعهم لكي يخرجوا بتصور واضح عما يجري .

 

3- تسهيل وتسريع معاملات منح جواز السلطة الوطنية الفلسطينية ، وكذلك تسهيل التنقل به للاجىء الفلسطيني في العراق وخصوصا دول الجوار والخليج العربي لغرض العلاج وإيجاد فرص عمل فيها .

 

4- ضرورة تفعيل دور وكالة الغوث ( الأنوروا ) لمتابعة أحوال وأوضاع الفلسطينيين في العراق .

 

5- ضرورة التنسيق مع وزارة الحج والداخلية السعودية لغرض تسهيل واستحصال موافقات لأداء مناسك الحج لهذا العام .

 

6- ضرورة التنسيق مع الدول العربية لإيجاد فرص توظيف وعمل ودراسة للفلسطينيين في العراق .

 

7- ضرورة إنشاء لجان شعبية مستقلة وتزكيتها من قبل السلطة الوطنية وكذلك عموم أبناء فلسطين في العراق ، لغرض التمثيل الشعبي وحل القضايا العالقة والاحتياجات الخدمية والاجتماعية والقانونية بعيدا عن التسييس .

 8- تكثيف الجهود الإعلامية بالتنسيق مع الفضائيات والصحف الدولية والمحلية الفلسطينية والعراقية لإظهار حقيقة وضع اللاجئين الفلسطينيين في العراق ، وبيان الافتراءات والمغالطات المنسوبة زورا وبهتانا ضدنا . مع جزيل الشكر والتقدير ،،،                                                 

                                  اللاجئون الفلسطينيون في العراق

                                         7/11/2005 – بغداد