وشدد اللاجئون، في المخيمات الموزعة بأنحاء متفرقة من المملكة، على
رفضهم لما تقدم به كيري إلى القيادة الفلسطينية من أربعة خيارات لحل قضيتهم، ليس
من بينها حق العودة، وذلك لتضمينه في اتفاق فلسطيني – "إسرائيلي" يسعى
للتوصل إليه قبل شهر نيسان (إبريل) القادم.
وأكدوا بأن "العودة حق قانوني دولي فردي ثابت لا يسقط
بالتقادم وحق جماعي نابع من حق تقرير المصير، بما لا يملك أي طرف أو جهة أحقية
التنازل عنه أو التفريط فيه"، وفق القرار الدولي 194.
وجزموا بأن "ذلك لا يتحقق بدون حق العودة إلى ديارهم وأراضيهم
التي هجروا منها بفعل العدواني الصهيوني عامي 1948 و1967".
واعتبروا أن الجولات العشر، التي قام بها كيري حتى الآن للأراضي
المحتلة، تستهدف "تصفية القضية الفلسطينية على وقع ما يعتقده أجواء إقليمية
مواتية إزاء ضعف الدعم العربي الإسلامي وتحرر الاحتلال، المسنود أميركياً، من ضغط
المساءلة".
وكان مسؤول فلسطيني كشف لـ"الغد"، أن الوزير الأميركي
قدم إلى القيادة الفلسطينية مقترحاً لحل قضية اللاجئين، يقوم على تخييرهم إما
بالانتقال للعيش في كندا، أو العيش في الدولة الفلسطينية المستقبلية أو
"التوطين" حيثما يتواجدون، لا سيما الأردن الذي يستضيف أكثر من 42 % من
إجمالي زهاء مليوني لاجئ مسجلين لدى وكالة الغوث الدولية "الأونروا".
كما يجد اللاجئ نفسه، وفق اتفاق كيري، أمام خيار التقدم بطلب
للإقامة في الكيان "الإسرائيلي"، الذي يقوم بدوره بدراسته وفق المعايير
والأسس التي يضعها بنفسه، في إطار إنساني بحت.
إلا أن القيادة الفلسطينية تتمسك بحل قضية اللاجئين وفق القرار 194 الذي أكدت عليه
المبادرة العربية للسلام، في قمة بيروت 2002، بينما يرفض الاحتلال الاعتراف بحق
العودة حتى لو كانت رمزية.
وبموازاة ذلك؛ أضافت السلطات "الإسرائيلية" شرطاً جديداً
لتضمينه في أي اتفاق يتم التوصل إليه مع الجانب الفلسطيني يقضي بالاعتراف
"بيهودية الدولة"، وهو الأمر الذي يرفضه الفلسطينيون بشكل مطلق.
وحذر اللاجئون، ومن بينهم الحاج عبدالله إبراهيم (85 عاماً)، من
"مرادفة مقترحات كيري مع اشتراط "يهودية الدولة"، بما يحمل ذلك من
محاذير إسقاط حق العودة وحرمان المواطنين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة العام
1948 من حقهم في وطنهم وأرضهم وتهديدهم بالتهجير".
وقدر عبدالحميد قاسم (52 عاماً) "بسعي الاحتلال من وراء
"يهودية الدولة" لإضفاء المشروعية الدينية والتاريخية المزعومة على
كيانه الصهيوني، وتسويق ادعاءاته حول أحقيته في فلسطين، مقابل طمس الحقائق
التاريخية العربية الإسلامية فيها".
إلا أن محمد أبو رضوان (48 عاماً) يجزم "بفشل المحاولات
الأميركية – "الإسرائيلية" لإسقاط حق العودة، سواء عبر خيارات كيري
الأربعة أم من خلال اشتراط "يهودية الدولة"، معتبراً أن "تمسك
اللاجئين بحقهم في العودة إلى ديارهم وأراضيهم يعدّ الصمام المضادّ لذلك".
وبالنسبة إلى اللاجئين، الذين قارب لجوؤهم الستة وستين عاماً، فإن
"مفاتيح العودة" و"كواشين الأراضي والبيوت" و"خرائط
فلسطين التاريخية"، التي يحتفظون بها من عمر نكبتهم، تعد في نظرهم دلالات
رمزية لتشبثهم بالعودة.
وينظر الحاج عبدالعزيز كاظم (82 عاماً) إلى "رموز
العودة"، التي تزدان بكثافة في بيوت اللاجئين، بصفتها "متاريس مقارعة
المحتل ومناهضة التوطين، إلى حين العودة لوطنهم فلسطين".
ويشكل الحاج كاظم، بعائلته المكونة من سبعة أفراد وعشرة أحفاد، إحدى مخرجات نواتج
نكبة العام 1948، حينما شردته آلة عدوان الاحتلال عن دياره وأرضه في اللد، إلى
الأردن، ضمن 500 ألف لاجئ من إجمالي 900 ألف تشردوا في مناطق اللجوء والشتات.
وتجزم أمل عبدالمنعم (32) "بيقين اللاجئين الفلسطينيين بأن
المكان الذي يعيشون فيه مؤقت، لأنه ليس ديارهم، وإنما مكانهم فلسطين، وإنهم يعملون
باتجاه ممارسة حق العودة إلى الديار التي ينتمون إليها".
ويشاطر محمد شفا برهم (35 عاماً) نفس التأكيد قائلاً "نحن
سنبقى فلسطينيين ولن نحمل هوية البلدان التي نتواجد فيها مؤقتاً حتى لو حملنا
جنسياتها".
وزاد "لو جرى سؤال اللاجئين عن موطنهم الأصلي لما ترددوا لحظة
في الإجابة بفلسطين بالرغم من ولادة الكثيرين منهم خارجها وعدم رؤيتهم لها".
لقد ارتكبت قوات الاحتلال ثلاثين مذبحة خلال العام 1948 سُجل منها
ست مجازر "موثقة" خلال شهر أيار (مايو) وحده من ذات العام. وتزامن ذلك
مع الاستيلاء على قرابة 79 % من الأراضي الفلسطينية العربية، فيما قدر لاحقاً
أعداد اللاجئين الذين قتلهم الاحتلال بين أعوام 1948 و1956 بنحو خمسة آلاف لاجئ
ممن حاول العودة.
بيدّ أن سنوات اللجوء لم تزد اللاجئين "إلا إصراراً بحق
العودة بصفته حقاً ثابتاً ومقدساً لن يسقط بالتقادم ولا يزول بالإنابة"، وفق
صالح رزق (35 عاماً).
وانتقد عمر أبو عرقوب (44 عاماً) مضي "الجانب الفلسطيني في
المفاوضات"، مطالباً "بوقفها والذهاب إلى الأمم المتحدة" لاستكمال
الخطوات اللاحقة بنيل الاعتراف الدولي بفلسطين "دولة مراقب"، غير عضو،
بالمنظمة الدولية في تشرين الثاني (نوفمبر) 2012.
ودعا عاطف سلامة (27 عاماً) إلى "إنهاء الانقسام وتحقيق
الوحدة الوطنية سبيلاً للتصدي لعدوان الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني".
nadiasaedden@
المصدر : جريدة الغد الأردنية
28/1/2014