حملة الوثائق المصرية من اللاجئين الفلسطينيين بانتظار الفرج – علي بدوان

بواسطة قراءة 13298
حملة الوثائق المصرية من اللاجئين الفلسطينيين بانتظار الفرج – علي بدوان
حملة الوثائق المصرية من اللاجئين الفلسطينيين بانتظار الفرج – علي بدوان

كان التحول المصري السلبي في معاملة المواطنين من اللاجئين الفلسطينيين في مصر منذ العام 1975 والى حينه، من اكبر المصاعب التي واجهت ومازالت تواجه اللاجئين الفلسطينيين في مصر، ومعهم حملة الوثائق من أبناء قطاع غزة الذين يعيشون في دول عديدة منها دول الخليج العربي، وحتى بعض الدول الأوربية، إضافة إلى سوريا ولبنان، حيث تشير بعض المصادر الموثوقة بأن أعداد الفلسطينيين من حملة الوثائق المصرية في الشتات (من أبناء اللاجئين الفلسطينيين في مصر ومن أبناء قطاع غزة) يقارب ربع مليون مواطن فلسطيني، منهم في سوريا فقط زهاء (25 ألفاً) وفق معطيات الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين في سوريا وكذا في لبنان (التقديرات تشير إلى نحو خمسة آلاف) .

لقد قامت الجهات المصرية المعنية وأسوة بالبلدان العربية المضيفة للاجئين الفلسطينيين، باستصدار وثائق السفر الخاصة باللاجئين الفلسطينيين المقيمين فوق أراضيها، وللفلسطينيين في قطاع غزة، حيث كانت الحكومة المصرية معنية بشكل مباشر بإدارة قطاع غزة الذي بقي تحت سيطرتها بعد النكبة الفلسطينية وحرب 1948 وحتى عدوان يونيو 1967، إلا أن مفعول وثيقة السفر الصادرة عن الحكومة المصرية بقي متواضعاً قياساً بإمكانية الحركة والتنقل لحامليها، وذلك لأسباب عدة منها ماله علاقة بعوامل خارجية تخص باقي الدول العربية ودول العالم التي دأبت على معاملة حاملي وثائق السفر من الفلسطينيين بحذر شديد وتحفظ شبه دائم، ومنها ما له علاقة بالحكومة المصرية ذاتها، التي وضعت قيوداً مشددة على حاملي الوثائق الصادرة عنها وخصوصاً بعد العام 1975، وتبع ذلك اشتراطات كانت تبرز من حين لآخر، ومنها الاشتراطات التي كانت تمنع قدوم حاملي الوثيقة المصرية من اللاجئين الفلسطينيين دون تأشيرة دخول مسبقة، فضلاً عن رفض تجديد وثائق عشرات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين من حاملي الوثيقة المصرية، خصوصاً بعد كارثة غزو الكويت، واضطرار عشرات الآلاف من أبناء قطاع غزة الذين كانوا يقيمون في الكويت إلى الخروج القسري إلى أي بقعة في العالم تيسرت سبلها أمامهم .

فقد كابد الفلسطينيون من حملة الوثائق المصرية معاناة كبيرة وأليمة طوال العقدين الماضيين في ظل إيقاف تجديد الوثائق من قبل الحكومة المصرية، والسماح بتجديد البعض منها "وبالقطارة"، وزاد حجم المعاناة مع ترحيل غالبيتهم من الكويت عام 1991 دون أن يجدوا موطىء قدم في دنيا العرب الواسعة، فأضطرت الغالبية منهم للبحث عن دروب الهجرة القسرية إلى كندا وأستراليا وغيرها من البلاد المترامية في الجهات الأربع .

إضافة إلى ذلك فان الحلم يكابد اللاجئين الفلسطينيين من حملة وثائق السفر الفلسطينية الصادرة عن سوريا، لبنان، العراق في حال حاولوا القيام بزيارة مصر العربية، وذلك لأسباب غير مفهومة، بينما كانت الأمور على درجة أفضل في عقود ماضية، وتحديداً خلال فترة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، حيث استطاع عدة مئات من اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في سوريا ولبنان والعراق من التوجه إلى القاهرة وإتمام التحصيل العلمي في الجامعات المصرية المختلفة .

بل وازدادت الأمور سوءاً مع القرارات التالية التي صدرت عن الجهات الأمنية في مصر، والتي منعت حتى عودة اللاجىء الفلسطيني الذي يحمل وثيقة سفر مصرية من العودة إلى مصر دون تأشيرة مسبقة، ومن الطريف أن الوثيقة الخاصة باللاجئين الفلسطينيين في مصر، والصادرة عن الجهات المصرية دونت على صفحتها قبل الأخيرة تعليمات تقول في فقرتها الأولى "إن هذه الوثيقة ذات شأن عظيم (لاحظوا عبارة ذات شأن عظيم) لكنها لا تخول صاحبها دخول مصر دون تأشيرة مسبقة" .

وإلى الآن، هناك عشرات الآلاف من المواطنين الفلسطينيين من حملة (وثيقة السفر المصرية) يكابدون المشقات من أجل تجديد الوثيقة، أو من أجل الدخول إلى مصر، أو العبور منها باتجاه موطنهم الأصلي في قطاع غزة. ففي سوريا ولبنان وبعض دول الخليج يتواجد عشرات الآلف منهم ينتظرون الفرج الآتي من السماء. وعلى سبيل المثال فان المواطن الفلسطيني (سامي معبد) الحامل للوثيقة المصرية استعمل قبل ثلاث سنوات خلت، (83) طائرة خلال (37) يوماً ولم يجد دولة تستقبله سوى دولة الإمارات العربية المتحدة/ إمارة دبي، وبشكل مؤقت .

إن اللاجئين الفلسطينيين في مصر، ومجموع حاملي الوثيقة المصرية لمن خارج مصر، ينتظرون الخطوات الإجرائية التي يتوقعون حدوثها بعد رحيل نظام حسني مبارك ورمز جهازه الأمني والاستخباراتي الجنرال عمر سليمان، في سياق وضع الحل النهائي لمشكلة الوثائق المصرية، بدءاً من الحصول عليها إلى تجديدها لمن هم خارج مصر في بلدان الخليج أو عموم مناطق العالم، وصولاً إلى تسهيل حركة دخول حامليها إلى مصر وعبورهم إلى القطاع .

وعليه، فاللاجئون الفلسطينيون في مصر يأملون من العهد الجديد القادم في مصر معالجة قضاياهم المشار إليها، ومنها مسألة وثيقه السفر الممنوحه لهم لإعادة الاعتبار إليها باعتبارها موازية لجواز السفر المصري، حتى لايحتاج حاملها إلى تأشيرة دخول إلى مصر، وحتى لا يحظر على حاملها دخول صاحبها بلدان بعينها، وأن تعود الأمور في مصر إلى سابق عهدها قبل العام 1975، انطلاقاً من بروتوكول معاملة اللاجئين الفلسطينيين في الدول العربية معاملة المواطن في بلد اللجوء، والذي صادقت عليه مصر وعلى قرار مجلس جامعة الدول العربية رقم (462 تاريخ 23/9/1952)، وبالتالي معاملة أبناء فلسطين معاملة المصريين، في شتى مستويات التعليم، وأن تسقط القيود على تملك الفلسطينيين وعملهم، وهو ما يلقاه اللاجئون الفلسطينيون في سوريا من معاملة كريمة كما هي حال المواطن السوري، منذ عام النكبة .

 

علي بدوان

كاتب فلسطيني / عضو اتحاد الكتاب العرب / دمشق

8/3/2012

 

المصدر : صحيفة الوطن العمانية