حكم الاحتفال بالمولد النبوي- عبد الله الأحمد

بواسطة قراءة 5593
حكم الاحتفال بالمولد النبوي- عبد الله الأحمد
حكم الاحتفال بالمولد النبوي- عبد الله الأحمد

بســــم الله الرحمن الرحيم

ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وبعد:

يحتفل كثير من المسلمين في ربيع الأول من كل سنة هجرية بمناسبة مولد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم . فمنهم من يقيم هذا الاحتفال في المساجد، ومنهم من يقيمه في البيوت أو الأمكنة المعدة لذلك. ويحضر جموع كثيرة من دهماء الناس وعوامهم - يعملون ذلك تشبها بالنصارى في ابتداعهم الاحتفال بمولد المسيح عليه السلام – علموا او لم يعلموا والغالب أن هذا الاحتفال علاوة على كونه بدعة وتشبها بالنصارى لا يخلو من وجود الشركيات والمنكرات كإنشاد القصائد التي فيها الغلو في حق الرسول صلى الله عليه وسلم إلى درجة دعائه من دون اللّه والاستغاثة به، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الغلو في مدحه فقال : ( لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد فقولوا : عبد اللّه ورسوله ) رواه الشيخان .

الإطراء معناه : الغلو في المدح .      

وربما يعتقدون أن الرسول صلى الله عليه وسلم يحضر احتفالاتهم، ومن المنكرات التي تصاحب هذه الاحتفالات الأناشيد الجماعية المنغمة وضرب الطبول . وغير ذلك من عمل الأذكار الصوفية المبتدعة، وقد يكون فيها اختلاط بين الرجال والنساء مما يسبب الفتنة ويجر إلى الوقوع في الفواحش، وحتى لو خلا هذا الاحتفال من هذه المحاذير واقتصر على الاجتماع وتناول الطعام وإظهار الفرح . كما يقولون - فإنه بدعة محدثة  ( وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة ) وأيضا هو وسيلة إلى أن يتطور ويحصل فيه ما يحصل في الاحتفالات الأخرى من المنكرات .

وقلنا : إنه بدعة . لأنه لا أصل له في الكتاب والسنة وعمل السلف الصالح والقرون المفضلة، وإنما حدث متأخرا بعد القرن الرابع الهجري، أحدثه الفاطميون الشيعة.

قال الإمام أبو حفص تاج الدين الفاكهاني رحمه الله: أما بعد : فقد تكرر سؤال جماعة من المباركين عن الاجتماع الذي يعمله بعض الناس في شهر ربيع الأول ويسمونه المولد - هل له أصل في الدين، وقصدوا الجواب عن ذلك مبينا والإيضاح عنه معينا، فقلت وباللّه التوفيق : لا أعلم لهذا المولد أصلا في كتاب ولا سنة ولا ينقل عمله عن أحد من علماء الأمة الذين هم القدوة في الدين، المتمسكون بآثار المتقدمين، بل هو بدعة أحدثها البطالون، وشهوة نفس اغتنى بها الأكالون.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وكذلك ما يحدث بعض الناس، إما مضاهاة للنصارى في ميلاد عيسى عليه السلام، وإما محبة للنبي صلى الله عليه وسلم وتعظيما . . من اتخاذ مولد النبي صلى الله عليه وسلم عيداَ مع اختلاف الناس في مولده، فإن هذا لم يفعله السلف ولو كان هذا خيرا محضا وراجعا لكان السلف رضي الله عنهم أحق به مَنا . فإنهم كانوا أشد محبة للنبي صلى الله عليه وسلم وتعظيماَ له منا . وهم على الخير أحرص، وإنما كان محبته وتعظيمه في متابعته وطاعته واتباع أمره وإحياء سنته باطناَ وظاهراَ ونشر ما بعث به والجهاد على ذلك بالقلب واليد واللسان، فإن هذه طريقة السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان انتهى ببعض اختصار .

وقد ألف في إنكار هذه البدعة كتب ورسائل قديمة وحديثة، وهو علاوة على كونه بدعة وتشبهاَ فإنه يجر في إقامة موالد أخرى كموالد الأولياء والمشايخ والزعماء . فيفتح أبواب أخرى.

فلتعلم أخي المسلم أن الله تعالى قد أكمل الدين وأتم الرسالة، كما قال سبحانه: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِينًا )، وقال صلى الله عليه وسلم : (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ). [رواه البخاري, ومسلم]

ويقول الله عزوجل(قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فوالذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من والده وولده والناس أجمعين) رواه البخاري ، ومن لوازم محبته طاعته واتباع هديه وعدم الخروج على شرعه بأي وجه كان.أ,ه

يقول الشيخ عبد الله بن حميد رحمه الله (لا شك أنه سيد الخلق وأعظمهم ، وأفضل من طلعت عليه الشمس ، ولكن لماذا لم يقم بهذا الشكر أحد من الصحابة والتابعين ولا الأئمة المجتهدين ولا أهل القرون الثلاثة الذين شهد لهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالخيرية ؟ مع أنهم أعظم محبة له منا وهم على الخير أحرص وعلى اتباعه اشد ، بل كمال محبته وتعظيمه في متابعته وطاعته واتباع أمره واجتناب نهيه وإحياء سنته ظاهراً وباطناً ونشر ما بعث به والجهاد على ذلك بالقلب واليد واللسان (.

يقول فضيلة الشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله ( لقد توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما من خير إلا وقد دلنا عليه، ولا شر إلا وقد حذرنا منه، ولا ترك لنا طائراً يطير في السماء إلا وذكر لنا منه علماً، فكان قرنه خير القرون، ثم قرن صحابته من بعده الذين مضوا على سنته، ثم التابعين من بعدهم، وبعد ذلك انتشرت البدع والخرافات، وسيطر الجهل والضلالات على كثير من بلاد المسلمين، ومن تلك البدع بدعة المولد النبوي، والاحتفال به الذي لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه الكرام ولا التابعون لهم بإحسان، وقد أبدلنا الله بأعياد شرعية خير من هذا كالأضحى والفطر ويوم الجمعة، وحذرنا الله على لسان رسوله من الابتداع في الدين وتشريع ما لم يشرعه الله ولا رسوله الأمين ... ثم يقول رحمه الله :

فالحاصل أن هذه البدعة التي ابتدعها ملوك المغرب في القرن الرابع، ثم تابعهم بعض الناس، ثارت في الناس، وانتشرت في الناس، في أفريقيا وغيرها من بلاد المسلمين، وصارت سنة عندهم، من أنكرها فقد أنكر السنة، ومن خالف فيها فقد خالف السنة؛ لأنهم عاشوا ونشئوا عليها هم وأسلافهم الذين مضوا بعد القرون الثلاثة المفضلة، وبعد ظهور البدعة في القرن الرابع على يد الفاطميين، ثم على يد مَن جاء بعدَهم من بعض الناس، صار بعض الناس الذين نشئوا فيها واعتادوها يعتقدونها سنة، ويعتقدونها عيداً يجب أن يُقام، ويجب أن يُعظَّم، وإنما هو بدعة منكرة ما أنزل الله به من سلطان(.

فعلى جميع المسلمين أن لا يكونوا موسميين وعلينا الاحتفاء بنبينا وتعظيمه وتوقيره ومحبته واتباعه في كل وقت وحين، فهذا والله حب مزيف أن نخصص ليلة أو سويعات في السنة ونهجر سنته بقية العام، فهو قدوتنا وسيدنا وشفيعنا وقائدنا وهو قرة عيوننا، وكما قيل ( إن المحب لمن يحب مطيع)، وقد قيل قيدما ( وكل خير في اتباع من سلف وكل شر في ابتداع من خلف ) وقال الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ( اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم ).

اللهم اجعلنا من اتباع دينك ظاهراً وباطناً ، اللهم اجعل حبّك وحبّ نبيك أحب إلينا من أنفسنا وأهلينا والناس أجمعين، اللهم ارزقنا اتباع هدي رسولك الأمين صلى الله عليه وسلم واجعلنا من ورثة جنة النعيم ،،، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه,,,,,,,,,

 

اعداد: عبد الله الأحمد

بغداد الرشيد

20/2/2010

 

"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"

وصل إلى موقع" فلسطينيو العراق " تعقيب ورد من قبل الأستاذ الفاضل وليد ملحم على أحد التعليقات في موضوع حكم الاحتفال بالمولد النبوي، ولطول الرد وأهمته فقد ارتأت إدارة الموقع إدراجه كتتمة لأصل المقال وإليكم نص الرد والتعقيب:

تعقيب على تعليق الاخ الفاضل ابو ميمونة بخصوص الاحتفال بالمولد النبوي

بسم الله الحمد لله والصلاة ولاسلام على رسول لله وعلى آله وصحبه وم والاه اما بعد:

فقد قرات رد الاخ ابو ميمونة على المقال بتحريم الاحتفال بيوم مولد الرسول صلى الله عليه وسلم وهو كالعادة قد استنسخه من بعض المواقع الاسلامية بطريقة الكوبي باست وهذا المنهج وهو اختيار مواضيع جاهزة من النت دون وجود خلفية علمية او شرعية لمن استنسخ هذا المقال او الفتوى منهج خطير لان عملية الترجيح او الاختيار لم تنبني على اسس شرعية وضوابط اصولية صحيحة بل على الهوى والعاطفة ففي شبكة النت يوجد كل شيء فمثلا في قضيتنا هذه يوجد المانعون من الاحتفال وهم علماء ولهم ادلتهم ويوجد مجيزون فما هي القواعد التي استعلمها اخونا صاحب الرد للترجيح بين المختلفين انا متأكد لا توجد قواعد وانما هي العاطفة فقط ولا غيرها وهذه مشكلة العصر في فوضى الفتاوى وعدم المعرفة في كيفية انتقاء الفتوى الصحيحية من غيرها .

وسأوضح بعض الملاحظات في الرد على صاحب المقال الاصلي الذي اخذ منه اخونا الفاضل وهو موقع جمعية المشاريع الخيرية او مجموعة مواقع ومنتديات المدينة المنورة وغيرها ومن اراد التأكد فليستنسخ جملة من المقال ويضعها على الكوكل ليتبين من اين استنسخ اخونا هذا الرد فهذا منهج غير صحيح احذر الجميع منه.

اخي الفاضل ليعلم ان يوم مولد الرسول هو مما اختلف فيه اى في تاريخه ، فابن عبد البر رحمه الله يرى أنه صلى الله عليه وسلم وُلد لليلتين خلتا من شهر ربيع الأول ، وابن حزم رحمه الله يرجح أنه لثمانٍ خلون منه ، وقيل : لعشرٍ خلون منه ، كما يقوله أبو جعفر الباقر ، وقيل : لثنتي عشر منه ، كما يقوله ابن إسحاق ، وقيل : وُلد في شهر رمضان ، كما نقله ابن عبد البر عن الزبير بن بكَّار .

انظر " السيرة النبوية " لابن كثير ( ص 199 ، 200 )

ويكفي هذا الخلاف بين العلماء لنعلم أنه لم يكن المحبُّون للنبي صلى الله عليه وسلم من سلف هذه الأمة يجزمون بيوم ولادته ، فضلاً عن احتفالهم به ، وقد مضت عدة قرون على المسلمين لم يكونون يحتفلون بهذا المولد ، حتى اخترعه الفاطميون في القرن الرابع ، فابتدعوا ستة موالد : المولد النبوي ، ومولد الإمام علي رضي الله عنه ، ومولد فاطمة الزهراء رضي الله عنها ، ومولد الحسن والحسين رضي الله عنهما ، ومولد الخليفة الحاضر ، وبقيت الموالد على رسومها ، إلى أن أبطلها " الأفضل أمير الجيوش " ، ثم أعيدت في خلافة الآمر بأحكام الله في سنة أربع وعشرين وخمسمائة ، بعدما كاد الناس ينسونها ، وأول من أحدث المولد النبوي بمدينة " إربل " : الملك المظفر أبو سعيد في القرن السابع ، وقد استمر العمل بالمولد إلى يومنا هذا ، وتوسع الناس فيها ، وابتدعوا كل ما تهواه أنفسهم ، وتوحيه شياطين الإنس والجن" انتهى .

" الإبداع في مضار الابتداع " ( ص 251 )

وللوقوف بشكل واضح وجلي على حقيقة الامر وما يتعلق به من شبه لابد من تفصيل بعض الشيء:

1-من القواعد المهمة عند اهل لسنة والجماعة ان كل رجل يؤخذ منه ويرد علية الا رسول الله صلى عليه وسلم وهذه مقولة الامام مالك رحمه الله "  كل يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب هذا القبر . وأشار إلى قبر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .وقوله كذلك"ما منا إلا راد ومردود عليه إلا صاحب هذا القبر " يعني رسول الله - صلى الله عليه وسلم –

وجاء رجل إلى الشافعي رحمه الله، وسأله عن مسألة فقال: هذه المسألة أفتى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا وكذا. فقال السائل: فما تقول أنت يا أبا عبد الله؛ فغضب الشافعي غضباً شديداً وقال: ويحك أتراني في بيعة؟ أتراني في صومعة؟ أتراني على وسطي زنار؟ أقول لك أفتى فيها رسول الله صلى عليه وسلم وتقول ماذا تقول أنت، أترى أني أخالف فتوى رسول الله صلى الله عليه وسلم! هكذا غيرتهم وحماستهم على السنة النبوية.

كذلك الإمام أحمد رحمه الله اشتهرت مقالته التي يقول فيها: عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته ويذهبون إلى رأى سفيان، والله تعالى يقول: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم)(النور:63) أتدري ما الفتنة؟ الفتنة الشرك، لعله إذا رد بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك.

هذه مقالتهم التي يحثون فيها على الرجوع إلى السنة، هذا كلام الأئمة وهو الرجوع عند التنازع الى قول الله والرسول وليس الى الاشخاص وهذا مصداق قوله تعالى " {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً }النساء59قال صاحب الجلالين((يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي) وأصحاب (الأمر) أو الولاة (منكم) إذا أمروكم بطاعة الله ورسوله (فإن تنازعتم) اختلفتم (في شيء فردوه إلى الله) أي إلى كتابه (والرسول) مدة حياته وبعده إلى سنته أي اكشفوا عليه منهما (إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك) أي الرد إليهما (خير) لكم من التنازع والقول بالرأي (وأحسن تأويلا) مآلا)).

اذا الفصل اخوتي الاعزاء هو الرجوع الى الله والرسول ومن القواعد الشرعية المقررة هي ان (قول العالم يحتج له ولا يحتج به) اي بمعنى ان قول العالم ليس بحجة الا اذا اقترن بدليل من الكتاب والسنة كائنا من كان هذا العالم.

بعد هذه المقدمة من المعروف ان اشد  الناس محبة للرسول صلى الله عليه وسلم هم الصحابة ومن بعدهم من التابعين وتابع التابعين والأئمة الأربعة ابو حنيفة مالك والشافعي واحمد بن حنبل رحم الله الجميع هل احتفل واحد منهم بيوم المولد هل افتى احدهم بجواز الاحتفال بيوم المولد الجواب لا ومن ثم لا.. أنحن احب للرسول منهم هل نحن افقه لدين الله منهم لا هل عرفنا من الخير ما غاب عنهم من الاحتفال بهذا اليوم الجواب لا فهم الاعلم والاحكم وقد قال تعالى  {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً }النساء115فإن لم يكن هؤلاء هم المؤمنون فمن غيرهم وقلنا بأتباعهم لأنهم تبعوا الرسول صلى الله عليه وسلم اى تبعوا الاصل وهو عدم الاحتفال حيث ان الرسول صلى الله عليه وسلم لم يبين هذا الامر ولم يفعلة فلو كان خيرا لسبقنا اليه الرسول صلى الله عليه وسلم اكتم عنا الرسول صلى الله عليه وسلم شيئا من الخير اللهم لا ومن القواعد الاصولية((ان كل شيء وجد سببه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يشرع له قول أو فعل ، فإنه لا يشرع له قول أو فعل)) اي في زمن النبوة وجد سبب الاحتفال بالمولد وهو اظهار محبة الرسول وتعظيمه كما يدعون ولكن لما لم يشرع الرسول صلى الله عليه وسلم فأن بعد زمن النبوة لا يشرع الاحتفال.

2- استدل كاتب المقال وليس الاخ لانه ناقل فقط .ببعض الادلة العمومية واستدل من خلالها على جواز الاختراع في دين الله اذا كان موافقا للشرع اي البدعة الحسنة : اخي العزيز ان الادلة التي استدل بها كاتب المقال والتي منها حديث من سن بالاسلام سنة حسنة فلا دليل به على البدعة الحسنة وذلك لان مناسبة سبب ورود الحديث تعرفنا بذلك فما هو السبب فقد روى مسلم في صحيحه عن جرير قال : ( كنا في صدر النهارعند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءه قوم عراة مجتابي النمار أو العباء متقلدي السيوف عامتهم من مضر بل كلهم من مضر فتمعر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى بهم من الفاقة فدخل ثم خرج فأمر بلالا فأذن وأقام فصلى ثم خطب فقال : ( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة )  إلى آخر الآية ( إن الله كان عليكم رقيبا ) والآية التي في الحشر ( اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد )  تصدق رجل من ديناره من درهمه من ثوبه من صاع بره من صاع تمره حتى قال ولو بشق تمرة قال فجاء رجل من الأنصار بصرة كادت كفه تعجز عنها بل قد عجزت قال ثم تتابع الناس حتى رأيت كومين من طعام وثياب حتى رأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتهلل كأنه مذهبة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء " . رواه مسلم  اذا علم السبب ان الرسول صلى الله عليه وسلم لما رأى قوم فقراء رغب بالصدقة فجاء رجل وبدأ بالصدقة وتتابع القوم اقتداء بهذا ارجل فقال صلى الله عليه وسلم من سن في الاسلام سنة حسنة الحديث فهل اخترع هذا الرجل شيء جديد او ابتدع بدعة جديدة. هذا الرجل فعل شيئا له اصل في الشريعة في كتاب الله وسنة نبيه الا وهي الصدقة فبفعله احيا سنة ثابتة وامر شرعي . وكل واحد يحي سنة ثابتة بأصل الشرع يشمله هذا الحديث ولا يصح الاستدلال بهذا الحديث على البدعة الحسنة.

اما مسألة البدعة الحسنة فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله و إن أفضل الهدي هدي محمد و شر الأمور محدثاتها و كل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة و كل ضلالة في النار.... الحديث" ( صحيح ) رقم : 1353 في صحيح الجامع .

وفي اصول الفقه ان (كل من الفاظ العموم )اي ان كل بدعة ضلالة سواء كانت حسنة او سيئة ولا يوجد استثناء من هذا العموم من كلام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ولا يجوز تخصيص العام بغير السنة .ثم ان هناك فعل وقول الصحابة رضوان الله عليهم مايثبت ان الزيادة في الشريعة هي منكر سواء كانت سيئة او حسنة في نظر فاعل البدعة .وأن قيد ان البدعة اذا وافقت الشريعة تكون مقبولة هو قيد عدمي واليك اخي بعض النصوص:

روى الترمذي والحاكم وغيرهما بسند حسن عن نافع أن رجلاً عطس إلى جنب ابن عمر فقال : الحمد لله والسلام على رسول الله ، فقال ابن عمر : وأنا أقول الحمد لله والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وليس هكذا علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، علمنا أن نقول : (الحمد لله على كل حال ) .

فهذا الصحابي الجليل ابن عمر نهى الرجل ان يزيد على ذكر العطاس والسلام على رسول الله اليس السلام على رسول الله من الدين ولكن في هذا الموضع لم يعلمنا رسول الله صلى عليه وسلم فنترك كما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا من كمال الاتباع وهذا ما فهمه ابن عمر رضي الله عنه.

وروى الدارمي بسند صحيح (((أن أبا موسى الأشعري قال لعبد الله بن مسعود – رضي الله عنهما-: يا أبا عبد الرحمن إني رأيت في المسجد آنفاً أمراً أنكرته، ولم أر والحمد لله إلا خيراً، قال: فما هو؟ فقال: إن عشت فستراه، قال: رأيت في المسجد قوماً حلقاً جلوساً، ينتظرون الصلاة، في كل حلقة رجل، وفي أيديهم حصى، فيقول: كبروا مئة، فيكبرون مئة، فيقول: هللوا مئة، فيهللون مئة، ويقول: سبحوا مائة، فيسبحون مئة، قال: فماذا قلت لهم؟ قال: ما قلت لهم شيئاً انتظار رأيك، وانتظار أمرك، قال: أفلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم وضمنت لهم أن لا يضيع من حسناتهم؟ ثم مضى ومضينا معه، حتى أتى حلقة من تلك الحلق، فوقف عليهم، فقال: ما هذا الذي أراكم تصنعون؟ قالوا: يا أبا عبد الرحمن حصى نَعُدُّ به التكبير والتهليل والتسبيح، قال: فعدوا سيئاتكم، فأنا ضامنٌ أن لا يضيع من حسناتكم شيء، وَيْحَكُمْ يا أمة محمد ما أسرع هلكتكم، هؤلاء صحابة نبيكم - صلى الله عليه وسلم – متوافرون، وهذه ثيابه لم تبل،وآنيته لم تكسر، والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملةٍ محمد، أو مفتتحو باب ضلالة، قالوا: والله يا أبا عبد الرحمن، ما أردنا إلا الخير، قال:وكم من مريد للخير لن يصيبه، إن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حدثنا أن قوماً يقرؤون القرآن، لا يجاوز تراقيهم، وأيم الله، ما أدري، لعل أكثرهم منكم، ثم

تولى عنهم، فقال عمرو بن سلمة: رأينا عامة أولئك الحِلَق يطاعنونا يوم النهروان مع الخوارج))).

في هذه من الرواية من الفوائد العظيمة فماذا فعل القوم سوى انهم جلسوا يذكرون الله في المسجد بطريقة لم تكن على عهد النبوة وهي بالحصى وواحد يمليهم وقالوا ان اردنا الا الخير كما هو في المولد اصحابه يقولون ما اردنا الاالخير لكن رد الصحابي ابن مسعود الفقيه كان عنيفا ونهاهم عن فعلتهم .

وقد رأى الصحابي الجليل عمارة بن رؤيبة بشر بن مروان على المنبر رافعا يديه، فقال: قبح الله هاتين اليدين لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يزيد على أن يقول بيده هكذا وأشار بإصبعه. أخرجه مسلم (الجمعة ح 874).

وأثر غضيف بن الحارث الثمالي (قال: بعث إِليّ عبدالملك بن مروان فقال: يا أبا أسماء إنا قد جمعنا الناس على أمرين! قال: وما هما؟ قال: رفع الأيدي على المنابر يوم الجمعة، والقصص بعد الصبح والعصر. فقال: أما إنهما أمثل بدعتكم عندي، ولست مجيبك إلى شيء منهما. قال: لم؟ قال: لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما أحدث قوم بدعة إلا رفع مثلها من السنة، فتمسك بسنة خير من احداث). إسناده حسن. أخرجه أحمد في المسند (4/105) .

هنا قد استنكر الصحابي رفع اليدين بالدعاء في الجمعة وهل رفع اليدين الا من الخير لكن في هذا الموضع لم يرفع الرسول صلى الله عليه وسلم يديه فمن كمال الاتباع الا نرفع .

لقد استنكر العلماء قديما وحديثا كل انوع البدع ولم يفرقوا بين حسن وقبيح.

قال ابن عمر :" كل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة " رواه البيهقي في المدخل إلى السنن.

وقال ابن مسعود: اتبعوا ولا تبتدعوا، فقد كُفِيتم؛ فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

رواه الدارمي وابن أبي خيثمة في كتاب العلم بسند صحيح،

ولهذا قال حذيفة رضي الله عنه : (كل عبادة لم يتعبدها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا تعبدوها) .

وفي مثل هذا قال الإمام مالك رحمه الله : (فما لم يكن يومئذ ديناً ، لا يكون اليوم ديناً) .

3- اما استدلال كاتب المقال على وجود البدعة الحسنة بفعل عمر بصلاة التراويح فأقول وبالله التوفيق . ان البدعة في اللغة هي الفعل على غير مثيل سابق مثل قوله تعالى " بديع السماوات والارض" اي خلقها على غير مثيل سابق وقوله تعالى " قل ماكنت بدعا ممن الرسل " اى انا لست اول رسول بل جاء رسل قبلي والان لنرجع الى قول عمر رضي الله عنه في صلاة التراويح نعمت البدعة هذه فهل صلاة التراويح لم تفعل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ام فعلت لقد فعلت وصلاها الرسول ولكن لم يدوام عليها خشية ان تفرض  فلما مات النبي صلى الله عليه وسلم وكمل الدين لم تعد خشية من صلاتها فقول عمر نعمت البدعة اي العمل البديع الجيد اي قصده البدعة اللغوية وليست الشرعية وذلك لان التراويح موجودة بأصل الشرع وهذه فتوى للشيخ الفوزان حفظه الله بهذا الامر:

وأما قول عمر رضي الله عنه: "نعمت البدعة هذه"[رواه البخاري في "صحيحه" (2/252) من حديث عبد الرحمن بن عبد القاري]؛ فالمراد بذلك البدعة اللغوية لا البدعة الشرعية؛ لأن عمر قال ذلك بمناسبة جمعه الناس على إمام واحد في صلاة التراويح، وصلاة التراويح جماعة قد شرعها الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ حيث صلاها بأصحابه ليالي، ثم تخلف عنهم خشية أن تفرض عليهم[انظر: "صحيح البخاري" (2/252) من حديث عائشة رضي الله عنها]، وبقي الناس يصلونها فرادى وجماعات متفرقة، فجمعهم عمر على إمام واحد كما كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم في تلك الليالي التي صلاها بهم، فأحيا عمر تلك السنة، فيكون قد أعاد شيئًا قد انقطع، فيعتبر فعله هذا بدعة لغوية لا شرعية؛ لأن البدعة الشرعية محرمة، لا يمكن لعمر ولا لغيره أن يفعلها، وهم يعلمون تحذير النبي صلى الله عليه وسلم من البدع [للفائدة: انظر: كتاب "الباعث على إنكار البدع والحوادث" لأبي شامة (ص 93 ـ 95)].هـ

4-اما نقط المصحف فما علاقته بالبدع فهذا اسلوب من اساليب الكتابه عند العرب وقد كتب النبي القران فأصل الكتابة موجود فأن اتفق العرب على اسلوب في الكتابة فما الضير .

اخي العزيز البدع في التشريع اي تشريع شيء يتقرب به الى الله  وكما عرفها الامام الشاطبي :

البدعة : طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية يقصد من فعلها التقرب الى الله تعالى . او كما قال رحمه الله.

اخي الفاضل (لا يعرف الحق بالرجال اعرف الحق تعرف اهله) كما قيل فلا يستدل بفعل بعض الاشخاص على مشروعية هذا العمل فلا معصوم عندنا الا الرسول صلى الله عليه وسلم وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يرد بعضهم على بعض لكن المرجع في النزاع هو كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وقد قال صلى الله عليه وسلم [عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة] (أخرجه ابن أبي عاصم في (السنة) والترمذي وابن ماجه من حديث العرباض بن سارية وصححه الألباني).

اخوكم: وليد الملحم