الكلمة ومخاطر استعمالها – ياسر الماضي

بواسطة قراءة 4335
الكلمة ومخاطر استعمالها – ياسر الماضي
الكلمة ومخاطر استعمالها – ياسر الماضي

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد :

إن ما يميز وضعنا نحن  الفلسطينيون الذين عشنا في العراق إنا كنا نعيش في مجمعات صغيرة يعرف أحدنا الآخر، ما أن يخرج أحدنا من باب ملجئه أو شقته إذ به يأنس مع أهله وخلانه و أحبابه وهذا ما يفتقده أغلبنا في هذه الأيام، وقد يكون هذا من أهم  أسباب معاناتنا بعد أن تفرقنا وتشتتنا في أكثر من بلد وذلك بسبب قلة الأنيس والخليل والصاحب في أكثر الأماكن التي تفرقنا فيها .

 لذلك فإن من نعم الله تعالى علينا في هذه الغربة أن من َالله علينا هذه المواقع التي تخص "فلسطينيو العراق" والتي تحاول أن تجمعنا وتربط أواصرنا وتنقل لنا كل ما يتعلق من توجيهات و أخبار وأحوال أهلنا وخلاننا من أفراح وأتراح مما كان له أثر كبير في التخفيف عن معاناتنا من آثار هذه الغربة ؛ فنشكر كل القائمين على هذه المواقع بما يقدمون من تضحيات من أوقاتهم وجهدهم في تحصيل ونقل أي معلومة أو خبر ينتفع به "فلسطينيو العراق" في إيصال صوتنا ومعاناتنا لكل مكان فبارك الله بهم وبجهودهم الخيرة.

 وحتى لا أذهب بعيدا عن عنوان الموضوع فإن هذه المواقع هي أمانة في أعناق من تصدر في حملها وهي نقل الأخبار والمعلومات الصادقة للناس ، ولكن مما يحز في النفس أن البعض من الناس يستخدم هذه المواقع وخاصة في باب التعليقات حتى أنه يصل الحد في هذه التعليقات أن تصل لدرجة كبائر الذنوب وقد يكون صاحبها يجهل خطرها واسمع ما يقول النبي عليه الصلاة والسلام من خطر الكلمة الواحدة  (عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ ) رواه البخاري.

نعم أيها الأخوة نقرأ أحيانا في التعليقات ما فيه حتى من شهادة الزور على الناس والله تعالى يقول{ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ}الحج (30) ويقول الرسول عليه الصلاة والسلام (أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ ثَلَاثًا قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَجَلَسَ وَكَانَ مُتَّكِئًا فَقَالَ أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ قَالَ فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ)صحيح البخاري، وكذلك يكون في التعليقات ما فيه من غيبة ليس فيها معنى من معاني النصيحة ولا أعتقد أن هذه المواقع خصصت للجرح والتعديل والله تعالى يقول : { وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ } فشبه الذي يغتاب بالذي يأكل لحم أخيه وهو ميت ، وكذلك أٌخبر النبي عليه الصلاة والسلام عن أٌناس في ليله الإسراء والمعراج أنهم لهم أظافر من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم بها فقال النبي عليه الصلاة والسلام من هؤلاء يا جبريل؟ قال هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم.  

وكذلك يكون في التعليقات ما هو فيه نميمة بين الناس وفساد بينهم وهذا الكلام أشد ما كان يغضب النبي عليه الصلاة والسلام  عندما ينقل له كلام عن بعض الصحابة  لما فيه من أثر في ملئ الصدور بالغيظ  والكراهية فيما بينهم مما يؤثر على وحدة المسلمين ووحدة كلمتهم والتي هي من أهم مقومات الإسلام  لذلك ذكر الله تعالى النميمة  في كتابه ونهانا عنها { وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (10) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (11) (القلم) وقال الرسول عليه الصلاة والسلام (لا يدخل الجنة نمام ) وصاحب النميمة من الذين يعذب أشد العذاب في قبره عندما سمع النبي عليه الصلاة والسلام  اللذان يعذبان في قبرهما وأحدهما كان يمشي في النميمة  لذلك يجب عدم نقل ما يشيع الكراهية والمشاحنة بين الناس .

ومن المؤسف نلاحظ بعض التعليقات تحتوي على الاستهزاء ومناداة  الآخرين بألقاب مضحكة وهذه من الذنوب العظيمة عند الله تعالى قال تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11)الحجرات، لذلك نلاحظ أهمية هذا الآيات والأحاديث التي تساعد على الحد من إطلاق الألسنة، وإطلاق التهم على الناس لذلك على الشخصية المسلمة تجنب قول الإشاعة الكاذبة  ونقلها حتى لا يقع في ظلم الآخرين  واتهامهم بغير حق لذلك يجب التصدي للإشاعات وعدم نقلها وخاصة نحن أكثر شعب ظلم من الإشاعات التي نقلت علينا ظلما وعدوانا من بعض العرب على أننا بعنا أرضنا وتركناها من أنفسنا دون قتال مع اليهود  فلماذا نلوم العرب الذين تكلموا بهذا الكلام عنا وها نحن نقذف أنفسنا بأبشع الكلمات فلا تكون هذه النعمة التي منً الله علينا بها باباُ لمثل هذا الكلام بل بالعكس نوحد فيه كلمتنا وخاصة ونحن جميعا مررنا في ظروف واحدة تجعلنا أكثر تماسكا وتناصحا فيما بيننا .

لذلك يجب علينا أن نطهر و نصفي قلوبنا ونستفيد ونتعلم من بعضنا البعض ما ينفعنا في آخرتنا ودنيانا وحتى لو كان في التعليق من نقد يجب أن يكون فيه من الأدب وصدق النية وأنه يبني ولا يهدم في النصيحة لكي تحصل الفائدة للجميع وليس أحد يخلو من عيب إلا من زكاه الله تعالى  جعلنا الله وإياكم من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه وبارك الله لي ولكم والحمد لله رب العالمين.

                                  

4/8/2009

ياسر الماضي

 

"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"