التطلعات الاقتصادية من قبل قيادة السلطة، تكللت بثلاث
زيارات من مستويات مختلفة قامت بها للعراق خلال هذا العام، بدأت بزيارة الرئيس
الفلسطيني محمود عباس في 3 من آذار/مارس الماضي، وبعدها زيارة ذات طابع سياسي
لمستشار الرئيس للشؤون الخارجية نبيل شعث في 23 من شهر حزيران/يونيو الماضي،
وآخرها زيارة وفد وزاري موسع برئاسة رئيس الحكومة محمد اشتية، رافقه قطاع كبير من
رجال الأعمال منتصف الشهر الجاري.
وقال المتحدث باسم الحكومة الفلسطينية إبراهيم ملحم، إن
فلسطين تولي اهتماماً بتوطيد العلاقات مع الدول العربية، خصوصاً تلك التي تتبنى
موقفاً داعما للحقوق الفلسطينية، وهذه الزيارات المتكررة للعراق، تأتي للتأكيد على
حضوره كدولة لها وزنها السياسي في المنطقة، كما تتطلع الحكومة إلى توسيع آفاق
التعاون الاقتصادي مع العراق، خصوصاً في مجال النفط والطاقة.
وأوضح ملحم في تصريحات صحافية تعقيباً على زيارة وفد
السلطة، أنه تمت مناقشة إمكانية الوصول لاتفاق يقضي باستيراد النفط العراقي ليكون
بديلا ًعن النفط الوارد من "إسرائيل"، والذي يخضع للابتزاز والمقايضة ما
يتسبب في إفشال خطط ومشاريع تنمية، مؤكداً أن الحكومة وضعت استراتيجية كسر العلاقة
الكولونيالية بالاقتصاد "الإسرائيلي" بغية الوصول إلى دولة فلسطينية،
تتمتع بالاستقلال السياسي والاقتصادي.
وتستورد فلسطين احتياجاتها من الطاقة النفط والغاز عبر
"إسرائيل" بكميات تقدر بمليار لتر سنوياً، وتدفع مقابل ذلك 1.3 مليار
دولار سنوياً. في حين تمنح اتفاقية باريس الاقتصادية في البند رقم 12 الطرف
الفلسطيني حق استيراد البنزين من أي دولة، بشرط أن لا يتجاوز فرق السعر للمستهلك
في "إسرائيل" 15 في المئة عن نظيره الفلسطيني لسلعة البنزين، وللسلطة
الحق في تحديد أسعار منتجات النفط الأخرى.
وقال الخبير الاقتصادي ماهر الطباع لـ”القدس العربي” إن
الكثير من الشكوك ما تزال قائمة بفشل مساعي الحكومة للانفكاك الاقتصادي عن
"إسرائيل"، نظراً للارتباط العضوي بين الاقتصادين
"الإسرائيلي" والفلسطيني وتداخل الكثير من القضايا كالعمالة الفلسطينية
داخل "إسرائيل"، وعدم استقرار الأوضاع الأمنية وعدم وجود سيادة حقيقية
لدى السلطة على مرافقها التجارية
وأضاف
“لا يمكن إغفال المحاولات "الإسرائيلية" في إفشال أي محاولات للتقارب
بين فلسطين والعراق، خشية استثمار إيران لهذه العلاقات في زيادة نفوذها وتدخلها في
المنطقة”.
ويبدو أن القيادة الفلسطينية، تراهن في هذه المرحلة وفي
ظل الاشتباك السياسي مع دولة الاحتلال والولايات المتحدة، على أن يقوم الأردن
بممارسة ضغوط على "إسرائيل" للنهوض بالميزان التجاري الفلسطيني الأردني،
ومنع أي عقبات إسرائيلية تحول دون ذلك، بما يصل إلى إضافة إمكانيات لوجستية على
الحدود مستقبلا تسمح بإدخال الوقود إلى الأراضي الفلسطينية عبر الأردن.
في السياق قال وزير الاقتصاد الوطني خالد العسيلي، إن
الحكومة الفلسطينية تجري مراجعة شمولية لتدفق السلع "الإسرائيلية" إلى
أسواقنا، في الوقت الذي تمنع فيه إسرائيل معظم سلعنا ومنتجاتنا من الوصول إلى
أسواقها.
وأكد لـ”القدس العربي” أننا “نمضى قدماً في تنفيذ
الانفكاك التدريجي عن اقتصاد الاحتلال وتعزيز الإنتاج المحلي، والانفتاح
والاستيراد من الأسواق العربية، لذلك سيتم إتخاذ الإجراءات المناسبة لحماية وتطوير
المنتج الوطني، والبحث عن البدائل والخيارات التي تساعدنا في تقوية اقتصادنا”
لافتاً إلى قرار الحكومة وقف استيراد العجول من "إسرائيل".
وأشار إلى أنه مؤخراً تم إبرام اتفاقيات تجارية مع
الأردن، لرفع حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى مليار دولار، والتقدم بطلب رسمي
لـ"إسرائيل" لاستيراد النفط من العراق، كما تم توقيع اتفاقيات تعاون مع
اتحادات عربية لدعم قطاعات التمور، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والصناعات
الجلدية والترويج الالكتروني للمنتجات الوطنية.
وحسب وزارة الاقتصاد الفلسطيني، فإن البترول المستورد
من العراق سيجري تكريره في الأردن وفق المواصفات التي تسمح "إسرائيل"
بإدخاله إلى فلسطين، وحسب ما جاء في بروتوكول باريس، إذ إن إمكانية استيراد النفط
الخام وتكريره في فلسطين غير متوفرة حالياً، ويتطلب ذلك إنشاء مصفاة لتكرير النفط
قد تصل كلفتها إلى مليار دولار.
يذكر أن استهلاك فلسطين من المحروقات حسب تصريحات سابقة
منسوبة للهيئة العامة للبترول، يصل إلى 800 مليار لتر سنوياً، فيما بلغت ايرادات
الخزينة العامة عام 2018 من ضريبة المحروقات 2.48 مليار "شيكل" أي نحو
ثلث ضريبة المقاصة، البالغة نحو 8 مليارات "شيكل" سنوياً.
المصدر : "القدس العربي"
14/2/1441
13/10/2019