بالنسبة
للتقسيمات القانونية لوثائق الفلسطينيين في سورية، فإن الجزء الأكبر نحو85 % من مجموع اللاجئين مسجل لدى الهيئة العامة، ولدى الأونروا منذ
1948، ويحق له الحصول على وثيقة السفر للخروج من سورية والعودة إليها، وأضيف لهم
في 1956 أكراد البقارة والغنامة. وهناك مجموعة قليلة من الفلسطينيين الذين كانوا
أصلاً مسجلين في الأردن (من أبناء الضفة الغربية) وفي قطاع غزة، يحملون وثائق
قديمة من الأردن ومصر، لم تجدد منذ 1970عندما انسحبت الثورة الفلسطينية من الأردن
بعد مجازر أيلول، ورفضت الدولتان اعتماد أوراقهم القديمة، تسمح لهم السلطات
السورية بالإقامة، ولكن لا يحصلون على خدمات الأونروا وليس لهم حق العمل والرعاية
الصحية إلا بموافقة خاصة، وهؤلاء لا يستطيعون اجتياز الحدود قانونياً باعتبارهم لا
يحوزون أوراقاً ثبوتية، رغم أن غالبيتهم يقطن في مناطق مشتعلة عسكرياً في الحجر
الأسود وجوار اليرموك.
مجموعة ثالثة
هم أصلاً من فلسطينيي لبنان، غادروه بعد مجزرة صبرا وشاتيلا في 1982، واستقروا
في سورية، أو بعض الفلسطينيات اللواتي تزوجن إلى سورية وأنشأن أسراً هناك، وهم سهل
عودتهم إلى لبنان ما دامت أوراقهم القانونية معهم.
والمجموعة
الأخيرة هم الفلسطينيون الذين وصلوا من العراق، خصوصاً بعد الغزو والاحتلال
الأميركي، وهم في الأصل – فئتان، الأولى: المسجلون في العراق، ولا يحظون برعاية
الأونروا وإن كان يحق لهم رعاية هيئة اللاجئين الدولية UNHCR، والثانية: الوافدون
من الكويت ودول الخليج الذين طردوا بعد استعادة الكويت حريتها من السيطرة العراقية
أيام الرئيس السابق صدام حسين، هم من قطاع غزة في الأصل، ورفضت مصر أو الاحتلال
"الإسرائيلي" عودتهم أو تجديد أوراقهم القانونية، فبقوا عالقين في
العراق حتى الحرب، ثم لجأوا مرة أخرى إلى سورية، وها هم اليوم يحاولون الهرب منها،
ولكن الحدود رسمياً مغلقة بوجههم بسبب الأوراق القانونية، ومن النادر أن ينجح منهم
أفراد أو عائلات بالتهريب غير القانوني إلى لبنان (يقدرعددهم نحو ستة آلاف فلسطيني).
إن أهم
الخلاصات العامة التي يمكن الخروج بها من واقع اللجوء من سورية:
أولاً: غياب
السياسة الرسمية إزاء اللجوء لفلسطينيي سورية إلى لبنان، وتالياً غياب المرجعية
السياسية والإدارية، ولعل التصريحات المتناقضة حول أعداد المهجرين والتي تتباين
بشكل كبير بين (365 ألفاً)، وفق آخر إحصاء رسمي صادر عن وزارة الشؤون الاجتماعية،
وتصريحات كل من رئيس الجمهورية والحكومة ووزير الداخلية التي ترفع العدد إلى ما
يزيد على مليون لاجئ، هي مؤشر على الارتباك إزاء حجم الهجرة من سورية، وتباين
المواقف مما يجعل الملف عرضة للتجاذب السياسي من جهة، وإلى التهرب من المسؤولية
القانونية والإنسانية من جهة أخرى، خصوصاً إزاء الفلسطينيين من سورية.
ثانياً: إن عدم
الوضوح يكتنف الأحداث السورية، ويؤدي من ناحية إلى توقع المزيد من النازحين وعدم
وضوح المدة الزمنية لهذه الكارثة الاجتماعية، والتي تتوقع العديد من المصادر
السياسية والإعلامية امتدادها، ووفقاً لما هو متبع من سياسات حتى الآن، فملف
اللاجئين يتفاعل بحساسيات منها السياسي والأمني والاقتصادي والاجتماعي تزيد تأثيراتها
في كل النسيج السياسي والمجتمعي في لبنان، ولا تبقى قاصرة على النازحين من سورية
فحسب.
ثالثاً: الضعف
والإهمال لمعظم الهيئات المعنية تجاه ملف اللاجئين الفلسطينيين من سورية خصوصاً
الأونروا ومنظمة التحرير الفلسطينية لأسباب بعضها سياسي وبعضها مرتبط بالتراجع
الدولي للاهتمام بالقضية الفلسطينية، خصوصاً اللاجئين والتخوّف من إنهاء القضية
الفلسطينية عبر سيناريوهات معروفة، منها ما طرحه الكونغرس الأميركي، ونقاش تعريف
يزعم أن اللاجئ الفلسطيني هو فقط من غادر فلسطين في 1948، ولا يحق لأولاده وأحفاده
أن يعتبروا لاجئين، بل يجب أن ينسبوا إلى البلاد التي ولدوا منها، وهذا يخالف التعريف
القانوني الدولي العام، وما أقر أيضاً في الأمم المتحدة بخصوص قرار إنشاء الأونروا
الذي يؤكد أن أبناء اللاجئين والمتحدرين منهم هم لاجئون، ويعاملون منذ 65 سنة
وفقاً لذلك.
أخيراً، إن
التسييس الواضح للملف يؤثر سلباً على بعده الإنساني وعلى حق النازحين في اللجوء
وحرية الاستقرار، واختيار مقر الإقامة وتأمين الحماية اللازمة من المجتمع والدولة،
ولعل المتابع لما يحدث في كل من تركيا والأردن يلاحظ أن العديد من القوى والهيئات
السياسية والمجتمعية، لا سيما مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية والحقوقية،
ما زالت بالمجمل مستنكفة عن العمل في هذا الملف، وهو أيضاً ظاهرة موجودة في لبنان
وإن بشكل أقل وضوحاً.
سامر السيلاوي
المصدر : جريدة الثبات اللبنانية
5/6/2013