اللاجئون الفلسطينيون.. وأسئلة النكبة المستمرة – معتصم أبو خميس

بواسطة قراءة 4394
اللاجئون الفلسطينيون.. وأسئلة النكبة المستمرة – معتصم أبو خميس
اللاجئون الفلسطينيون.. وأسئلة النكبة المستمرة – معتصم أبو خميس

نضال حركة اللاجئين ما يزال يتسم بالنخبوية واقتصار العمل على الحديث عن القضية وليس عن آليات التقدم في حلها كما يريد اللاجئون

على منظمة التحرير ومؤسساتها المعنية الالتفات الجدي لقضايا اللاجئين وحل مشكلاتهم الحياتية في مواقع لجوئهم بما يضمن لهم حياة حرة وكريمة

الذكرى الرابعة والستون تمر لأعتى جريمة إنسانية اقترفت بحق شعب وأرض في القرن العشرين .. ذكرى نكبة الشعب الفلسطيني التي جاءت بفعل الحرب الصهيونية وعنوانها التطهير العرقي لطرد الفلسطينيين من أرضهم وممتلكاتهم وإنشاء دولة يهودية، والتي قامت خلالها العصابات الصهيونية المنظمة بأبشع المجازر بدعم من قوى الاستعمار الكولونيالي، ما أدى إلى تشريد أعداد كبيرة من الشعب الفلسطيني من مناطق الجليل والمدن الساحلية والنقب، وتحولهم إلى لاجئين.. ولعل أبرز مواقع اللجوء كانت الدول العربية المحيطة بفلسطين (سورية، لبنان، الأردن، مصر) ما سمي لاحقا بدول «الطوق». وهكذا نشأت قضية اللاجئين الفلسطينيين التي شهدت العديد من القرارات الدولية والمؤتمرات لإيجاد حل لها.. دون الوصول إلى حل عملي يكفل عودتهم إلى ديارهم وممتلكاتهم .

ولم تمنع الأعوام الأربعة والستون، اللاجئين الفلسطينيين من الاستمرار في المطالبة بحقهم المشروع في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم التي هجروا منها، والتي كفلها لهم القرار الأممي 194 الذي طالب صراحة بوجوب السماح بهذه العودة مع تعويض اللاجئين المتضررين. فيما بقي مصطلح التوطين خارج قاموس اللاجئ الفلسطيني وثقافته .

سؤال العامل الذاتي..

ورغم الإصرار الذي أبداه اللاجئون على حقهم بالعودة، إلا أن وضع اللاجئين الفلسطينيين ما يزال يعترضه العديد من الصعوبات، فبالإضافة إلى العوامل الخارجية التي تتمثل بالدعاية "الإسرائيلية" الكبرى بدعم قوى الغرب الاستعمارية في سبيل تهميش حق العودة وشطبه، لابد من الاعتراف بالثغرات التي تعتري العامل الذاتي الفلسطيني حيث جاءت اتفاقات أوسلو لتشكل ضربة قوية لحق عودة اللاجئين الفلسطينيين وتهميش قضيتهم، وما أفرز نتيجة لذلك من غياب للمرجعية التي تحتضن نضال حركة اللاجئين. ويعود ضعف حركة اللاجئين بصفة أساسية لسببين رئيسيين: أولا أن حركة اللاجئين الفلسطينية لم تستطع بعد توحيد مكوناتها، فضلا عن أن العمل النضالي فيها ما يزال يتسم بالنخبوية واقتصاره على الحديث عن القضية وليس عن آليات التقدم في حلها كما يريد اللاجئون. ولم يصل مستوى نضال حركة اللاجئين إلى المستوى الذي يرقى للمطالبة بمثل هذا الحق، في غياب لمشروع واضح المعالم يحدد شروط هذا النضال وأدواته ومسؤوليات كل لاجئ فلسطيني حياله .

ثانيا: تراجع دور منظمة التحرير الفلسطينية الفعلي في أماكن تواجد الفلسطينيين كافة، ما أصاب الحالة الفلسطينية في الشتات بالخلل الذي أدى بدوره إلى غياب التمثيل الحقيقي للاجئ الفلسطيني، وتشتيت دوره النضالي والسياسي والاجتماعي. وفي هذا السياق توجه التساؤلات إلى الدور الذي تقوم به الهيئات المعنية بشؤون اللاجئين الفلسطينيين وبصفة خاصة دائرة شؤون اللاجئين، لجهة مسؤولية إعادة دور اللاجئ الفلسطيني في صلب قضيته الوطنية، وضمان تفعيل دوره في المشروع الوطني باعتباره جزءا أساسيا من القضية الفلسطينية وتمثيله في النظام السياسي، وضمان حقه بالتصويت في انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني حيثما وقعت. نظرا إلى مساهمة هذه المؤسسات بشكل أو بآخر في تقليص دوره الوطني في هذا الخصوص .

اللاجئون.. معاناة يومية

فأزمة اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في العراق سابقا لم تنته فصولا، وما يزال الآلاف على الحدود مع الدول العربية المجاورة للعراق يعيشون في مخيمات صحراوية معاناة يومية تنتفي فيها شروط الحياة الأساسية، وكان سبق أن توزع عدد كبير من فلسطينيي العراق على العديد من دول العالم، في هجرة منظمة قادتها منظمات إنسانية دولية دون أن نجد دورا ملموسا وجادا لدائرة شؤون اللاجئين في م.ت.ف، لجهة حماية اللاجئين الفلسطينيين في ظل الأوضاع الأمنية المتدهورة في العراق، أو المشاركة في إيجاد حل مرضٍ لمشكلتهم .

من جهتهم، يعاني اللاجئون الفلسطينيون في لبنان مشاكل جدية تمس شروط حياتهم اليومية، وتتمثل في الظلم الواقع على حقوقهم الاجتماعية والإنسانية، ومنها معاملتهم ضمن قانون العمل اللبناني كمواطنين أجانب ما يتطلب إنصاف العامل الفلسطيني بإلغاء إجازة العمل وشموله بالضمان الاجتماعي وإقرار حقه بالعمل في المهن الحرة، وإقرار حق التملك، والإسراع في إعمار مخيم نهر البارد وإنهاء معاناة أهله. ما يشير إلى أن ما أعطي للشعب الفلسطيني في لبنان من حقوق لا يزال غير كاف ولا يلبي الحد الأدنى من المعايير المطلوبة التي تنسجم مع حقوق الإنسان، وتتطلب هذه المشاكل حوارا جديا من قبل مؤسسات منظمة التحرير المعنية والدولة اللبنانية .

وفي السياق تستمر نكبة الفلسطينيين داخل أراضي الـ48 في ظل سياسة العنصرية والإقصاء التي ينتهجها اليمين "الإسرائيلي" الحاكم، من خلال سلسلة التشريعات البرلمانية والقرارات الحكومية والتي تجاوزت 40 قانونا طالبت لجنة مكافحة التمييز التابعة للأمم المتحدة بإلغائها وهي تمس المواطنين العرب داخل أراضي الـ48 وتستهدفهم، وتمعن في التمييز ضدهم، وتساويهم وأبناء شعبهم الواقع تحت الاحتلال العسكري في الضفة والقدس والقطاع، فهدم البيوت متواصل في النقب كما هو في القدس وسائر مدن وقرى الضفة الفلسطينية، وعدم الاستجابة لمطالب الشعب الفلسطيني سياسة موحدة، سواء برفض تحقيق المساواة لأبناء الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة، أو رفض تحقيق الاستقلال لأبناء الضفة والقدس والقطاع. وكل ذلك تحقيقا للأهداف "الإسرائيلية" المتمثلة في «الترانسفير» تمهيدا لضم الضفة الفلسطينية إلى "إسرائيل" وتغيير الوضع الديمغرافي وزيادة عدد المستوطنين الذين يبلغ عددهم ما يفوق المليون ونصف المليون مستوطن .

مرة أخرى كي لا تمر الذكرى الخامسة والستون للنكبة كورقة في التقويم السنوي، تبقى أمامنا مسؤولية إعادة بناء المشروع الوطني الفلسطيني وفي صلبها نضال حركة اللاجئين والتي هي مسؤولية فئات وشرائح المجتمع الفلسطيني كافة، ورسم الدور لكل فلسطيني في هذا المشروع الوطني، وتراجع تمثيل المنظمة في أماكن تواجد الفلسطينيين.. وهي تساؤلات يتيمة تبحث عن الإجابة ! .


معصتم أبو خميس

10/5/2012


المصدر : موقع مجلة الحرية على الانترنت