فلسطين..أرض ليست للمتاجرة – بقلم محمد ماضي

بواسطة قراءة 2051
فلسطين..أرض ليست للمتاجرة – بقلم محمد ماضي
فلسطين..أرض ليست للمتاجرة – بقلم محمد ماضي

 

أرض بات يتاجر بها كل من هب ودب ، يتاجرون بدماء شهداءها وحصار أهلها وتجويعهم ، يتاجرون بدموع أطفالهم الذين قتل آباءهم أمامهم ، وآباء قتل أطفالهم وهم بين أذرعهم ، يتاجرون بصدق نوايا مجاهديها ، يتاجرون ببطولاتهم وعملياتهم وأرواحهم حين استشهادهم ، ليجمعوا حولهم الحشود ، وليكسبوا لأنفسهم الشعبية ولقضاياهم المؤيدين والمناصرين ، الذين يرون فيهم المخلصين والفاتحين والمحررين ، يضحكون على الشعوب المقهورة ، بكلمات معسولة ، وخطب رنانة ، وعاها من وعاها من أبناء شعبنا وفهمومها وباتت لا تمر عليهم هذه الألاعيب ، ولكن هناك من الناس من لا يرضى إلا أن يساق سوقاً كقطيع البهم ، لا علم له ولا فهم ، فتراه يهللون ويكبرون بلا علم ولا فهم .

القدس أولى القبلتين ، ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وموطن إمامته بالأنبياء والمرسلين ، بات لها يومٌ تحتشد فيه الحشود للتظاهر !! ، ولها جيوش وفيالق ومنظمات تسمى باسمها ، لم نرها تحرك أو تهب لنصرتها يوماً ، بل على العكس تماماً وهذا هو التناقض الغريب ، ففي الوقت الذي يحشدون فيه الحشود الغفيرة وتلقى الخطب الرنانة ، ويصرخون بعالي صوتهم نصرة لقضية الأمة المصيرية !! ، في نفس الوقت تراهم يذبحوننا من الوريد إلى الوريد ، ونحن فلسطينيو العراق من أكثر الناس معرفة بذلك وبتنا شاهداً حياً على مأساة شعب قُتل وعُذب وهُجر لا لشيء إلا لكونه فلسطينيا مسلماً ، والفاعل في القتل والتظاهر واحد ، لقد عانى فلسطينيو العراق أشد معاناتهم ممن يدعي نصرتهم ونصرة قضيتهم وسعيه لتحرير أرضهم أشد مما عانينا على يد الكيان الصهيوني الغاصب لأرضنا ، فقد استباحت مليشيات القتل والإجرام وسفكت دمائنا ، فكانت مجزرة أخرى من سلسلة المجازر التي جرت وتجري بحقنا ، فسالت دمائنا انهاراً على ارض بلاد النهرين ، وليتم تهجيرنا زرافات ووحداناً ، ولنهيم في أصقاع المعمورة بحثا عن الأمن والأمان ، فمنا من وجد ضالته ومنا من ينتظر .

إن من يمتلك الجيوش الجرارة وترسانة من الأسلحة النووية لا يحق له أن يتظاهر ويطالب الشعوب بالتظاهر في مسيرات لا تغني ولا تسمن من جوع لاسترجاع حقوقنا المغتصبة ، فلمن تكون الجيوش إذن وفيم يستخدم السلاح !! .

إن استعادة الحقوق وتحرير الأرض لا يأتي بالتظاهر وإن الشرائع النبوية وأسفار الحكماء وتجارب الأمم  تجمع على أن تحرير الأرض المغتصبة لا تأتي إلا بقوة القتال ولم تمنح هبة أبداً ولا يقبل خلافها العقل الرشيد .

قال تعالى : (وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرائيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً . فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَفْعُولاً . ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً . إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لَأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً) [الإسراء: من الآية1-7] .

وقال تعالى : (وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرائيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً . وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّراً وَنَذِيراً) [الإسراء:104،105] .

إن بيت المقدس هو مبعث عباد الله المجاهدين في الوعد الأول في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه لتطهيرها من رجس المشركين ، قد جعلها الله بشرى الوعد الآخر لعباده المجاهدين ، ووعدهم أن يدخلوا المسجد كما دخله أجدادهم من قبل عمر وخالد وأبو عبيدة رضي الله عنهم .

وان جمع بني إسرائيل من شتات الأرض في فلسطين ، إشارة ربانية لأمة محمد بالوعد الآخر لبني إسرائيل ، وبالنصر القادم للمسلمين ، وبالحق نزل كلام الله وبالحق أخبرنا الحق سبحانه ، وأمرنا بالاستعداد للجهاد ، ووعدنا النصر .

 

بقلم

محمد ماضي

26/8/2011

 

"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"