فلسطينيو العراق يرفعون مذكرة إلى عمرو موسى في مؤتمر القاهرة

بواسطة قراءة 3064
فلسطينيو العراق يرفعون مذكرة إلى عمرو موسى في مؤتمر القاهرة
فلسطينيو العراق يرفعون مذكرة إلى عمرو موسى في مؤتمر القاهرة

بسم الله الرحمن الرحيم     

     إلى الأمين العام للجامعة العربية ،،،

 

     السيد عمرو موسى المحترم ،،،

      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،، م/ مذكرة حول اللاجئين الفلسطينيين في العراق 

     إن وجود اللاجئين الفلسطينيين في العراق يرجع إلى عام 1948 عندما حدثت النكبة باحتلال فلسطين قام الجيش العراقي بجلب العوائل الفلسطينية التي خيمت في جنين بعد نزوحها وخروجها من القرى الثلاث في جنوب حيفا ، والتي دُمِّرت منازلهم نتيجة القصف الجوي والمدفعي التي تعرضت له .

 

     وكان عدد اللاجئين في حينها 3000 لاجئ ، وكانوا برعاية وزارة الدفاع لغاية 1952 ، حيث أُنشأ قسم خاص لإدارة شؤون اللاجئين الفلسطينيين التابع لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية .

 

     ولم يُسَّجل هؤلاء في وكالة غوث اللاجئين (الأونروا) التابعة للأمم المتحدة والتي أسست لرعاية شؤون اللاجئين الفلسطينيين في العالم ، بسبب اتفاق تم بين الحكومة العراقية آنذاك ووكالة الغوث على أن تقوم الحكومة العراقية بكافة احتياجات اللاجئ الفلسطيني من سكن وتعليم وطبابة والأمور الاجتماعية والمعاشية وكل ما يحتاجه اللاجئ مقابل عدم دفع الحكومة العراقية المبلغ الواجب دفعه لوكالة الغوث .

 

   على الرغم من ذلك لم يحظ اللاجىء الفلسطيني في العراق بأدنى وسائل العيش والحقوق المدنية مقارنة مع أخيه اللاجئ في غزة والضفة الغربية والأردن وسوريا ولبنان .

 

     ولحد هذه اللحظة لم نسجل في وكالة الغوث ، الأمر الذي أدى إلى أضرار كبيرة وعظيمة لكوننا عشنا فترات التقلبات السياسية والحروب التي خاضها العراق ومآسي الحصار الأليم أسوة بأشقائنا العراقيين .

 

     وفي العقود الثلاثة الأخيرة إزداد الأمر سوءا ، حيث حُرِمَ اللاجئ الفلسطيني من حق التملك وعدم إمكانية الاستثمار التجاري والسفر ومعظم الحقوق المدنية إلا بشق الأنفس .

 

   ولا نريد الإطالة في المعاناة السابقة وعلى توالي الحكومات ، والتي يحسدنا عليها البعض على أننا منعمون ومميَّزون حتى على إخوتنا من العراقيين والأمر خلاف ذلك .

 

   وبعد احتلال العراق وسقوط النظام بدأت مرحلة جديدة في البلاد انعكست سلبياتها علينا بشكل كبير جدا يفوق التصورات ، لأننا أصبحنا جزء لا يتجزأ من العراق ، فعشنا هذه التقلبات السياسة والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية وحتى الخدمية مع أشقائنا العراقيين ، ولكن لقلة عددنا وعدتنا ، وضعف إمكانياتنا ، وضمور في التضامن والوقوف معنا دولياً وعربياَ وإقليمياً ومحلياً ، وعدم النظر لقضايانا ، وعدم تلبية احتياجاتنا ( حتى أصبحنا الأكثر نسيانا من بين فلسطينيي الشتات )، ازدادت المأساة ، وتفاقمت المعاناة ، وكثرت الويلات ، والمشكلة الكبرى في ذلك عدم وجود فهم ودراية حقيقية لحالنا وواقعنا في العراق من قبل كثير من الأحزاب والتجمعات والتكتلات السياسية الموجودة حاليا .

 

    وبعد السقوط مباشرة تشردت أكثر من 400 عائلة وأصبحت بلا مأوى ،فسكنوا الخيام لأكثر من عامين ، وبعضهم نزح باتجاه الاردن ليعيش في مخيم الرويشد لحد الآن ، ومؤخرا نزحت بعض العوائل باتجاه سوريا لتخيم بين الحدين ، وآخر إحصائية تقول أن عددنا لا يتجاوز ( 22100 فرد ) .

 

    السيد الأمين المحترم : نود أن نبين ابتداء أننا مع خيارات الشعب العراقي بمختلف انتماءاته وطوائفه واتجاهاته ، ويهمنا ويعنينا استقرار البلاد ونشر الأمن والأمان فيها ، ويفرحنا ما يفرحهم ويحزننا ما يحزنهم ، ونتمنى لكم التوفيق في مؤتمر الوفاق الوطني ، ولجميع الكيانات العراقية للوصول لأفضل توافق يخدم العراق أرضا وشعبا دون التفرقة العنصرية والعرقية والمذهبية .

 

   ولكن هنالك ثَمّة حقائق لابد من بيانها لحضرتكم ، للمساهمة من قِبَلِكم لتخفيف الضرر علينا ، ورفع الظلم عنّا ، ليس من قبل قوات الاحتلال فحسب بل من الحكومة العراقية الحالية ومن بعض الأحزاب المؤثرة فيها ، وسنركز على قضيتين أساسيتين ، ومحورين مُهمَّين ، فيهما أصل المأساة ، وأُس المعاناة .

 

   المحور الأول : القضية الأمنية ؛ التي باتت تخيم على الحياة اليومية في الشأن العراقي ، إلا أن التحرشات والاعتداءات المتكررة ، بل والاعتقالات العشوائية على الهوية والغير مبررة ، أصبحت الشغل الشاغل للاجىء الفلسطيني والأمر المقلق له في حياته اليومية ، ناهيك عن الحملات الإعلامية الموجهة ضد الوجود العربي عموما والفلسطيني خصوصا بمبررات أوهى من بيت العنكبوت ، وبأكاذيب ومغالطات ، وتحامل واضح علينا ، من قبل بعض الصحف الرسمية والفضائيات المحلية ، مما أدى إلى سوء في التعامل ملموس لدى الكثير ممن ضلله هذا الإعلام المزور ، فأصبح الفلسطيني مغلوب على أمره ، ومستضعف ومستهجن في المجتمع العراقي إلا من رحم الله وقليل ما هم ، حتى صار محتَقرا عند البعض منبوذا عند آخرين ، لأي شيءٍ ذلك لأنه فلسطيني ؟! ليس له الحق أن يطالِب بحقوقه التي قد تهدر وتغتصب بمرأى ومسمع ، لأنه لو طالب بذلك فسوف يُعرِّض نفسه إما للقتل أو الاعتقال أو التهديد بشتى الوسائل ، وهنالك حقائق أليمة ومرة .

 

    فقد لقي أكثر من عشرين فلسطيني حتفهم بالقتل العمد والاغتيال المنظم ، والقاتل مجهول بطبيعة الحال ، لكنه معلوم لدى العقلاء ، بعضهم تم تعذيبه بشكل إجرامي ووحشي وبشع جدا ، مع تهديدات مستمرة لآخرين تارة بالقتل وأخرى بالتهجير ، حتى اضطر الكثير منهم لتغيير أماكن سكناهم لأنهم رأوا الموت بأعينهم .

 

   وضمن حملات الاعتقال العشوائية التي قامت بها الحكومة العراقية تم اعتقال العشرات من الفلسطينيين بمناطق مختلفة من بغداد والموصل حيث التواجد الأكثر للفلسطينيين ، فعلى سبيل المثال لا الحصر خمسة أشقاء من عائلة واحدة تم اعتقالهم من قبل لواء الذئب بتاريخ 4/6/2005 من منطقة المحمودية وإظهارهم على قناة العراقية على أنهم خلية إرهابية ، من غير أي محاكمة قانونية عادلة وإلى حد الآن لم يُعرف عنهم أي شيء ، وأعداد أخرى بعضهم تم إطلاق سراحهم مؤخرا والبعض لا زال يقبع خلف القضبان ، وقاصمة الظهر كانت باعتقال أربعة من أبسط الفلسطينيين في العراق من قبل لواء الذئب وفيلق بدر بتاريخ 12/5/2005 ثلاثة أشقاء ورابع جار لهم بعد أن اقتحمت هذه القوات أكبر مجمع للفلسطينيين في بغداد وقامت بترويع أهالي المجمع وإطلاق العيارات النارية على مساكنهم واعتقال هؤلاء الأربعة عشوائيا وإظهارهم باليوم التالي على شاشة التلفاز باعترافهم القيام بتفجير إجرامي في منطقة بغداد الجديدة وقد ظهر عليهم آثار التعذيب ، وتهييج الشارع العراقي باعتبار أن جميع الفلسطينيين إرهابيين وحدثت آثارا سلبية وسيئة جدا جراء هذا التحريض الإعلامي ، ولازالت الآثار لحد هذه اللحظات ، ولحد الآن لم تتحق محاكمة عادلة لهم بسبب تدخل هذه الجهات الطائفية وراء القضية حتى وصل الحال إلى تهديد محامي الدفاع عنهم لترك القضية ، فمن ذلك تجرأ سيارات الشرطة القريبة من المجمع بإطلاقات كثيفة على الشقق السكنية مع الشتائم لفلسطين وللفلسطينيين وتهديد ووعيد بالمزيد لغرض التهجير ، وتكررت هذه مرارا ولا أحد يحرك ساكنا ولا أحد يشجب أو يستنكر من الجهات الحكومية .

 

   ومن المعاناة المتعلقة بالحالة الأمنية المتدهورة لكل فلسطيني ، هنالك حالات ابتزاز بدفع أموال من قبل جهات بعضها حكومية ، لقاء إطلاق سراح بعض المخطوفين ، وكذلك أصبح الفلسطيني لا يقوى على التنقل من مكان لآخر حتى لا يتعرض لاعتقال في أي نقطة تفتيش على هويته الفلسطينية وهنالك حقائق كثيرة على ذلك وحوادث حصلت ، مما أدى إلى تفاقم المأساة المعيشية حيث وصلت نسبة البطالة أكثر من 80% .

 

    المحور الثاني : القضية القانونية ؛ من المشاكل المهمة التي نعاني منها في هذه الأيام ، هي اضطراب الوضع القانوني للاجىء الفلسطيني في العراق ، فبعد أكثر من خمسة عقود من التواجد والتعايش نعامَل الآن معاملة الوافد أو القادم من أي دولة بالعالم لغرض الاستثمار أو الإقامة ، بل أسوأ من هؤلاء من خلال تجديد الإقامة بشكل دوري مرة كل ستة أشهر وتارة كل شهر وتارة أخرى كل شهرين ، مع طلبات تعجيزية للحصول على ذلك ، ولابد من إحضار جميع أفراد العائلة الكبير والصغير الرجل والمرأة حتى الطفل الرضيع ، بل حتى العاجز عن الحركة ، مع الإهانات والشتائم المتكررة من قبل الموظفين ، والوقوف بالطابور منذ الصباح الباكر وأشعة الشمس عمودية علينا وفي آخر المطاف يقول لك الموظف : تعال غدا لإكمال الإجراءات ، من غير إصدار هويات أو وثائق للسفر تثبت وجودنا القانوني والشرعي في هذا البلد ، ولا يمنع من اعتقالك هذه الإقامة حتى لو كنت بريئا !!

 

    فمعاناة في الوظائف والمدارس والجامعات ، وفي جميع الوزارات والمؤسسات ومختلف مرافق الحياة ، بسبب عدم الوضوح في وضعنا القانوني ، واضطراب في التعامل مع الملف الفلسطيني ، فلا ندري هل نحن لاجئون أم مقيمون أم وافدون أم بدون !!

 

   فلا يمكن للفلسطيني أن يغادر البلاد للعلاج أو العمل أو زيارة الأقارب في الدول المجاورة ، بل حتى لا يمكنه الفرار من الخطر الذي قد يتعرض له أسوة بكثير من العراقيين الذين غادروا البلاد بكل سهولة ، وما ذلك إلا لعدم وجود أي جواز للسفر أو وثيقة تؤهل الفلسطيني من ذلك ، حتى وصل الحال لمنعنا من أداء فريضة الحج لعامين متتاليين ، بسبب ذلك فالحكومة السعودية لا تعترف بوثيقة السفر القديمة ، والحكومة العراقية ترفض رفض قاطع شمولنا بهذه الفريضة أسوة بالعراقيين كعقوبة لنا على عروبتنا أو فلسطينيتنا ، والحج الآن على الأبواب فلا ندري هل تتكرر المأساة أم أن الفرج قريب وأملنا بالله عز وجل ، ثم بسيادتكم الاهتمام بهذا الأمر وحث كل من بيده الأمر لتسهيل حج الفلسطيني من العراق في هذا العام .

 

   لذلك نطلب من حضرتكم النظر بهذه الأمور لأننا جزء لا يتجزأ من القضية المركزية لكل العرب والمسلمين والشرفاء في العالم ، وكذلك الأخذ بعين الاعتبار الأمور التالية التي من شأنها الوصول لحلول مثلى ، وتقليل الضرر وتخفيف المعاناة عنا ، من خلال دوركم المميز في قضايا الأمة ونصرة المستضعفين :

 

1-  إرسال وفد يمثل الجامعة العربية ، لمعاينة أوضاع الفلسطينيين في العراق والوقوف على حقائق الأشياء ، والتباحث مع الحكومة العراقية للحفاظ على حقوق الفلسطينيين .

 

2- العمل وتكثيف الجهود من أجل تسجيل جميع اللاجئين الفلسطينيين في العراق ضمن وكالة الغوث ( الأنوروا ) ، وأخذ دورها الحقيق تجاههم .

 

3- حث السلطة الوطنية الفلسطينية من خلالكم على الالتفات لشؤوننا في العراق ، والتواصل الفعال والمباشر مع الحكومة العراقية وفتح قنوات لذلك .

 

4- حث حكومات الدول العربية على الاهتمام بأوضاعنا وتسهيل الدخول والخروج والعمل فيها لتقليل وتخفيف المعاناة عنا .

 

5- حث الحكومة العراقية على تجنيس الفلسطينيين مع الاحتفاظ بالجنسية الأصلية ، والمطالبة بحق العودة للأراضي المحتلة ، أو معاملتنا كالعراقيين بجميع الامور عدا التجنيس .

 

6- تفعيل دور الجامعة العربية والاهتمام بقضية الفلسطينيين في العراق ، واعتبارها ضمن أولويات وأجندة الجامعة كبقية قضايا فلسطينيي الشتات ، والقضايا العربية الأخرى .

 

7- حث الحكومة السعودية على ضرورة تسهيل أداء مناسك الحج والعمرة من للفلسطينيين من العراق أسوة بالأشقاء العراقيين ، وجميع المسلمين بالعالم .

                       مع جزيل الشكر والتقدير ،،، 

لفيف من اللاجئين الفلسطينيين في العراق

 17/11/2005