فلسطينيو سيناء .. الغربة لا تخفّف معاناتهم

بواسطة قراءة 942
فلسطينيو سيناء .. الغربة لا تخفّف معاناتهم
فلسطينيو سيناء .. الغربة لا تخفّف معاناتهم

ما زال الفلسطيني ياسر عون ينتظر تجديد إقامته على الرغم من تقدّمه بطلب منذ أكثر من ستة أشهر، في ظلّ مماطلة الحكومة المصرية في تجديد إقامة الفلسطينيين في سيناء، شرقي مصر، منذ بدء العملية العسكرية الشاملة في فبراير/ شباط عام 2018. ولم يعد في إمكان الفلسطينيين التحرّك خارج مدينة العريش في محافظة شمال سيناء، من دون إقامة، أو تكون النتيجة السجن. وما من جهة يمكنها حل الأزمة، بما فيها السفارة الفلسطينية في القاهرة التي لم تعر القضية أي اهتمام حتى الآن.

وفي التفاصيل، يقول الفلسطيني عون الذي تقطن عائلته في مدينة العريش منذ أكثر من 50 عاماً لـ "العربي الجديد": "تجديد الإقامات للفلسطينيين المقيمين في محافظة شمال سيناء متوقف منذ بداية العملية العسكرية الشاملة التي يخوضها الجيش المصري منذ أكثر من عام. ولم نعد نستطيع الذهاب بسهولة إلى أعمالنا ونشاطاتنا اليومية، في ظل عدم امتلاكنا إقامات سارية المفعول. ونضطر لتجديدها بمبلغ مالي زاد مؤخراً، إضافة إلى دفع مبالغ للتأمينات الاجتماعية، ما يزيد من الضغط على كاهل الفلسطينيين المقيمين في سيناء". يضيف عون أن حياة الفلسطينيين في سيناء باتت متوقفة، بسبب عدم امتلاكهم إقامات سارية المفعول تمكنهم من التحرك بسهولة من وإلى سيناء، في ظل الظروف الأمنية المعقدة التي أثّرت على حركة المواطن المصري قبل المقيم الفلسطيني. ويتحدّث عن كثرة الكمائن التي تقام للتأكد من بطاقات التعريف والإقامات والجوازات على طول الطريق في سيناء، قائلاً: "لم نعد نستطيع الوصول إلى أعمالنا ووظائفنا في الشركات الخاصة. أبناؤنا ينتظرون الأوراق اللازمة للتحرك نحو جامعاتهم وأعمالهم. الأزمة معقدة، ويجب على جميع الأطراف التدخل لحلها في أقرب وقت ممكن".

يشار إلى أن أكثر من 30 ألف فلسطيني يقيمون في محافظة شمال سيناء، وفي مدينة العريش على وجه الخصوص، بعدما قدِموا إليها عبر الحدود الفاصلة بين سيناء وقطاع غزة، بين فترتي النكبة الفلسطينية عام 1948، والنكسة عام 1967، حين احتلّت "إسرائيل" سيناء وقطاع غزة، في وقت حصل جزء منهم على الجنسية بعد "ثورة" يناير/ كانون الثاني، بموجب القرار الصادر عن وزارة الداخلية المصرية، بإعطاء الجنسية المصرية لكل فلسطيني من أم مصرية، في وقت ما زال الآلاف بلا جنسية مصرية، ويعيشون في سيناء بموجب الإقامة التي تُجَدد كل فترة زمنية.

تعقيباً على ذلك، يقول أحد مشايخ الفلسطينيين في سيناء لـ "العربي الجديد"، إن وضع الفلسطيني في سيناء يعدّ الأسوأ على الإطلاق، في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تحياها محافظة شمال سيناء، إضافة إلى التضييقات الأمنية التي تطاول جميع المواطنين، وفي مقدمتهم الفلسطينيون، ما وضع الآلاف تحت خط الفقر، في انتظار تحرّك أي جهة فلسطينية أو مصرية لإنقاذهم من الوضع المأسوي الذي يعانون منه في الفترة الأخيرة. يضيف أن سفارة فلسطين في القاهرة لا تهتم بالأضرار التي تصيب الفلسطينيين المقيمين في سيناء، وكأنهم ليسوا رعايا تابعين لها يحتاجون للاهتمام الدائم، على الرغم من المناشدات التي أطلقها الفلسطينيون على مدار الأشهر الماضية.

يتابع الشيخ الفلسطيني أن معاناة الفلسطينيين في سيناء مستمرة منذ عقود، إلا أنها تمرّ في أسوأ مراحلها منذ عامين تقريباً، وتتطلب جهداً مصرياً وفلسطينياً مشتركاً لتغيير واقع الحياة للفلسطينيين، إذ يجب على كل فلسطيني أن يدفع كلفة العلاج بشكل كامل في المستشفيات والمراكز الطبّية الحكومية، في ظل عدم امتلاكه التأمين الصحّي الذي يخفف من نسبة المبالغ المدفوعة في مقابل الخدمات. كما أن الطالب الفلسطيني يدفع رسوماً جامعية كأي طالب أجنبي وافد من الخارج إلى مصر، على الرغم من أن إقامته وإقامة والديه مستمرة منذ عشرات السنوات، عدا عن صعوبة الحصول على الكثير من المعاملات الحكومية والتراخيص في ظل عدم امتلاكه الجنسية المصرية، أو تعطل تسلّم تجديد الإقامة، وكذلك مسألة طلب الشهادة من إدارة المحاكم في مصر، وتستخرج كل عام عن جميع الأبناء في مقابل دفع مبلغ مادي عن كل شخص.

ويوجّه الشيخ الفلسطيني نفسه نداءً عاجلاً إلى السفير الفلسطيني في القاهرة ذياب اللوح، لضرورة التحرك نحو إنقاذ حياة الفلسطينيين في سيناء، من خلال تسهيل حصولهم على الإقامة، كي يتسنّى لهم استكمال حياتهم في العمل والدراسة، والسعي للحصول على تسهيلات للفلسطينيين في مجالي التعليم والصحّة، إضافة إلى تسهيل الحصول على الأوراق اللازمة للإقامة والزواج وتراخيص السيارات والمحالّ التجارية والحرف، وتفقد الفلسطينيين الذين هم في حاجة إلى دعم مادي عاجل وطارئ، في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة في سيناء منذ بدء العملية العسكرية الشاملة عام 2018. ويدعو اللوح إلى زيارة سيناء والاطلاع على الظروف الحياتية الصعبة، التي يحياها الفلسطينيون في الفترة الأخيرة.

تجدر الإشارة إلى أن الجيش المصري بدأ عملية عسكرية واسعة النطاق في فبراير/ شباط 2018، أدت إلى توقف الحياة بشكل شبه كامل في كافة مناطق شمال سيناء، وأثّرت على حياة السكان وأعمالهم بشكل غير مسبوق، في إطار حصار مطبق جرى فرضه على المحافظة لمدة ستة أشهر، فيما لا تزال آثاره تضرب المحافظة ومن دون أي توجه حكومي لتعويض المتضررين من جراء الحصار.

 

المصدر : العربي الجديد

4/8/1440

9/4/2019