فلسطين والشام
مهد
العروبة والإسلام
(الرد القويم على بعض ما جاء في القول المبين في تاريخ القدس وفلسطين
نقد التزييف "الاسرائيلي" لتاريخ القدس وفلسطين في المصادر العربية)
لمؤلفه الأستاذ محمد محمد حسن شراب
رشيد جبر الأسعد
(3)
((الدولة العثمانية حمت العرب وكرامتهم ووحدتهم وحافظت على عروبة فلسطين 400سنة وأما الادعاء بالتتريك فهي من خيالات المستشرقين وادعاءات العلمانيين))
حول ما يدعى تتريك العرب
ورد في كتاب المؤرخ الأستاذ محمد محمد حسن شراب ان الخلافة العثمانية أرادت تتريك العرب أو الشام ، فقد كتب تحت عنوان (العالم يحسد العرب على سكن الشام) صفحة (19) ما نصه :
وقد رأيت العالم كله يحسد العرب، لان الله خصهم بسكن الشام منذ خلق الله الخلق، وقدر للناس الرزق، فلم يعرف اقليم من أقاليم الأرض غزو الطامعين كما عرفه أقليم الشام، فتتابع على غزو الفراعنة والفرس واليونانيين والرومان، وطمعت فيه أوروبا كلها فجأته بثوبها الصليبي، وتبعهم التتار المخربون، ثم جاء العثمانيون وأرادوا تتريكه فأبى غير العروبة منزعا وحضارة .
الأتراك العثمانيين، مهما اعترى حكمهم ودولتهم من بعض الخلل والأخطاء والضعف وأوضاع من التأخر والفقر إلا انه كانت عندهم أصالة الإسلام، وفهمهم الشمولي العميق للإسلام واحترامهم لسادة العرب، لم يكن هناك تتريك، فبلاد الشام – وفلسطين منها – وبقية البلاد العربية بقيت عربية إسلامية في وحدتها التاريخية والجغرافية والاجتماعية المتلاحمة مدة 400سنة، لم يغيروا في (ديموغرافية) المدن العربية فلم تكن هناك مذابح ولا طائفية، ولا طورانية و لا عنصرية ولا قومية وقدموا أكثر من 25000 شهيد بإذن الله تركي على بطاح المسجد الأقصى والقدس في الحرب العالمية الأولى، وهم الذين حموا المغرب العربي من العدوان الاسباني ... كان وسيبقى حلم الصهاينة حلما وخيالا وسرابا لولا مؤامرات أعداء الإسلام والعروبة الذين هددوا الخلافة العثمانية لتكون الطريق الممهد لفلسطين أمام الصهاينة، ولتكون البلاد العربية سهلة التفكيك والتمزيق من قبل بريطانيا وفرنسا والصهيونية... ومنذ مأساة الإطاحة بالسلطان عبدالحميد نيسان 1909م كانت بداية الفصول السوداء ... ولا زالت ... أو لازلنا ندفع الثمن .
لماذا لا نحاول فهم حضارة العثمانيين من وثائقهم قبل إلقاء الاتهامات جزافاً؟؟
إن الحكم العثماني لم يؤثر على شخصية وكيان العرب , أو نوع السكان , وتم جعلهم أخوة شركاء مع الأتراك في الحكم , وفي البرلمان , والمجالس البلدية , وقد قرب العرب بدون سائر الأقليات , وكان منهم حتى رئيس الوزراء وغيرها من المناصب الإدارية والبرلمانية والدينية الرفيعة .
(أما الحكم العثماني في البلاد العربية الذي دام 400 سنة , فلم يؤثر مطلقاً على عروبة البلد ونوع السكان , إذ بقوا عرباً شركاء في الحكم مع الأتراك والحكم العثماني لم يكن حكماً استعمارياً بما في هذا الاصطلاح من معنى, ولكنه كان شراكه بين الأتراك والعرب لحكم الدولة العثمانية , وخلاله بقي العرب في بلادهم أسياداً , وكان الأتراك في بلادهم آسيا الصغرى , وكان من رؤساء الوزراء في الحكومة العثمانية عرب , وفي مجلس النواب , ممثلون عرب عن بلادهم ، والمهم في بحثنا ان سكان فلسطين كانوا عنصراً عربياً صرفاً)(1) .
أجل , نعم كان العرب في ظل الحكم العثماني يعيشون حالة واحدة من الأمن والأمان والسلام والاستقرار النفسي والروحي والثقة بالنفس , وحدتهم موفوره , كرامتهم محفوظة , مقدساتهم مصانة غير مدنسة , ثقافتهم متقاربة ، الأماكن والمقدسات الإسلامية والنصرانية مصانة ومحفوظة من كل تغيير أو تدخل أو تلاعب أو طائفية ، في وحدة جغرافية وتاريخية واجتماعية متماسكه واحدة .
(لقد كان العرب تضللهم راية واحدة تسود فيهم وحالة اقتصادية واحدة وثقافة واحدة وقوانين واحدة وكانت تجارتهم موصولة , ووحدتهم موفورة وفي كل وقت ميسوره ثقافتهم متقاربة واتجاهاتهم متناسقة وما كان يشعر العراقي بأنه غريب في سورية ولا السوري بعيد عن الفلسطيني ولا الفلسطيني أجنبي في نظر الحجازي لم تكن تعريفات كمركية متعددة ولا جوازات سفر مختلفة ولا حدود متباينة ومصطنعة ان حزبهم خطب كان الاجتماع ببعضهم هينا لينا وان دهمتهم داهية كان تعاونهم ميسوراً وتظافرهم مكفولا وفوق ذلك كانت تحكمهم دولة واحدة متضعضعة الأركان متداعية الجوانب ما كانت لديها قوة تكمم أفواههم ولا سلطان يعرض كيانهم وحياتهم إلى الخطر ولكن الحلفاء المنتصرين بعد أن فازوا قسموا العرب وأقطارهم كما يقتسم الغزاة الغنائم ولعبوا بهم وبمصالحهم وبحريتهم وبكراماتهم كما يلعب اللاعبون بما يسمى "البوكر" !؟ .
ففرّوقهم إلى مناطق وحبسوهم فيها , حددوا لهم الحدود . وعدّدوا لهم الجنسيات وأخضعوهم إلى قوانين مختلفة وثقافات متباينة)(2) .
وفي الرد على أكاذيب وتضليل ساسة الانكليز من أن لهم الفضل علينا بأنهم حررونا من نير العثمانيين ليمنحونا العدل والاستقلال .. انه التزوير المكشوف .. والغدر والتآمر والكذب .. وقلب الحقائق .
قال المحامي والكاتب حسن صدقي الدجاني (من فلسطين) :
(اقرأ وأسمع كثيرا من البريطانيين – كما قرأت أخيراً تصريحاً "للمستر" جورج – ان العرب يجب أن يكونوا مدينين لانكلترا , لأنها حررتهم من عبودية الأتراك , وقد يظن من يسمع أو يقرأ مثل هذه الأقوال , ان العرب كانوا محرومين من التمتع بالحكم في زمن الأتراك بل كانوا مستعبدين , مستعمرين لهم .(3) مع ان الحقيقة غير ذلك) .
يضيف المحامي الفلسطيني :
(فقد كان العرب يتمتعون بحرية تامة في بلادهم , وكانت لغتهم العربية هي اللغة الرسمية في البلاد , وكان منهم الوزراء , والحكام , وكان لهم مجالس ألوية , ومجالس بلديات , ومجالس إدارة , وكان الأتراك يكرمون سادات العرب وعلماءهم , وكان العرب على أتم وئام مع الأتراك , حتى أعلن ما يسمى الدستور العثماني في 23 تموز عام 1908 م .
وقد يستغرب القراء إذا علموا أن مجلس النواب العثماني كان يتألف في دورته الأولى من 273 نائباً وكان للعرب فيه 70 نائباً أي أكثر من 25%.)(4) .
أثبتت حقائق التاريخ ووقائع الأحداث ومن خلال الوثائق العثمانية وبحوث المؤرخين المنصفين ان السلطان عبدالحميد كان بحق رجل دولة ونظام , نزيه , عفيف , سياسي محنك مخلصاً للخلافة العثمانية , مخلصاً للإسلام واحترام العرب أمينا على فلسطين وحارساً عليها وعلى غيرها .
كان له الدور الأخلاقي والإيجابي المشرف في البقاء والوقوف سداً منيعاً ضد الغزو الصهيوني لفلسطين ولأجل صموده ضحى وخسر عرشه وملكه ونفسه وماله لله تعالى .. لأجل الأقصى وفلسطين والشام .. أجل إنه بإذن الله شهيد فلسطين الأول .
رفضه البطولي المشرف الذي لا ينسى كلفه سقوط الخلافة العثمانية ، إذ كم كانت مؤامرة الحركة الصهيونية خطيرة ومدمرة ووحشية وباطلة وظالمة ، وكبيرة ، ودولية ، !! .
(.. لعل الموقف الذي وقفه السلطان عبدالحميد من فلسطين والصمود الذي أبداه تجاه جميع المحاولات التي بذلها زعماء الصهيونية العالمية كافيان في نظر الباحث العربي والمسلم لتثمين دور السلطان عبدالحميد في الحفاظ على وحدة الأراضي الإسلامية وعدم التفريط بشبر واحد منها , رغم المتاعب السياسية والاقتصادية والعسكرية والمالية التي كانت تعاني منها الدولة العثمانية إبان تلك الفترة , والتي استغلتها الصهيونية أبشع استغلال لتنفيذ وعيدها له بإسقاطه عن عرشه , عندما لم يتجاوب مع الوعود والإغراءات اليهودية – الصهيونية)(5) .
ان طيلة حكم السلطان عبدالحميد وهو يدير سدة الحكم بدهاء وذكاء وحنكة وإخلاص أمام أعتى المؤامرات العاصفة ، الكثيرة والمتواصلة من أساطين الحركة الصهيونية وعملاءها الدونمة والماسون والطوران في الداخل ودول الغرب الاستعمارية في الخارج طيلة ثلاثون عاماً أو أكثر .
(لقد أمضى السلطان عبدالحميد الثاني 33 عاماً صمد خلالها لأعتى المؤامرات , واخطر المناورات , وتمكن بدهائه أن يحفظ توازن السفينة العثمانية وسط الموج الهادر المتلاطم في بحر السياسة والمؤامرات الدولية حتى استسلم لخصومه ظناً بإراقة المزيد من الدماء التركية)(6) .
أثبتت وقائع التاريخ ووثائق الدولة العثمانية ان السلطان عبدالحميد الثاني الذي أمضى بالحكم 33 عاماً , قضاها في مجابهة التآمر الدولي الغربي الصهيوني الماسوني الطوراني .. وسار بالسفينة العثمانية إلى بر الآمان والكرامة والنجاة .. ولكن المؤامرة كانت كبيرة جداً .. مؤامرة خسيسة جداً .. حاكت خيوطها الحركة الصهيونية مع صهاينة مدينة سلانيك ودعم السياسة البريطانية للمشروع الصهيوني المعادي .. وبعض أوساط الغرب ، جابه السلطان عبدالحميد تلك الإغراءات والمؤامرات بشجاعة .
ولم يكن أمام السلطان الصوفي المجاهد إلا أن يرفض إغراءات العروض الصهيونية ويصمم على الحفاظ على سائر الديار الإسلامية وفي طليعتها الديار المقدسة فلسطين العزيزة , أما الأزمة الاقتصادية فليست عيباً وشأنه فيها شأن فرنسا الأوربية(7) .
لذلك قال اليهودي الصهيوني الماسوني متشفياً وهو احد أركان هدم الخلافة الإسلامية المدعو (مزراحي قرصو) أو (عمانوئيل قرصو) :
(ان الاتحاديين نفذوا بأربعمائة ألف ليرة انكليزية ما لم ينفذه عبدالحميد بخمسة ملايين)(8) ، أي الخمسة ملايين التي عرضها كرشوة للسلطان وتم رفضها بشكل قاطع بدافع العقيدة والأخلاق .
ان التاريخ لا يزوّر , والحقيقة لابد وأن تبان وتظهر ولو بعد حين , وان الموقف الأخلاقي المبدئي والثابت الذي وقفه السلطان عبدالحميد , هو موقف مشرف عال , موقف يثمن , موقف أخلاقي عال لا ينسى , أخذت الأجيال تعي الحقيقة , وتدرك أبعاد التآمر الصهيوني المكشوف والتزييف وقواعد اللعبة الصهيونية .. وسوف يبقى التاريخ يسجل هذا الموقف المشرف الخلاق , الموقف السامي النبيل بأحرف من نور ، وكل يوم تظهر حقائق لاحقة , وتظهر وثائق ناطقة تزيد السلطان عبد الحميد فخراً ومجداً وزهواً ، اسأل الله سبحانه أن تسجل في ميزان حسناته .
(.. وهكذا سجل التاريخ موقف السلطان عبدالحميد الذي رفض بيع فلسطين لقاء إغراءات وعروض وأموال , وأنقذ شرفه من معرة ومذمة وسخط الأجيال اللاحقة , بل العكس تذكره الأجيال بالخير وتدعو له بنسمات الرحمة الإلهية على روضة قبره ، وتفرد له صفحة مكللة بالاعتزاز والإكبار لهذا الموقف الجليل الذي لا ينساه له التاريخ كمسلم لم يبع آخرته بدنياه الحقيرة الزائلة)(9) .
يضيف الأستاذ المؤرخ جميل إبراهيم حبيب الزبيدي في المؤلف المخطوط أعلاه في الصفحة (275) مشيدا بالدولة العثمانية وشخصية السلطان العثماني القوية السلطان عبدالحميد بالوقوف بقوة وشجاعة أمام أطماع الصهاينة وأحلامهم إذ ذكر بعنوان :
(حنق اليهود على السلطان عبدالحميد والدولة العثمانية) قال :
(فلما استيقنت الدولة العثمانية من مطامع اليهود في فلسطين اتخذت الوسائل الفعالة لمنعهم من الوصول لفلسطين , فوضعت قانون (الجواز الأحمر) وكان خاصاً بكل يهودي يدخل إلى فلسطين بحجة الزيارة أو السياحة أو التسول ومنعت استملاكهم للأرض واستيطانهم فيها , وكان اليهود في ذلك الحين جالية ضئيلة جداً في فلسطين , وقد هاجر إليها منذ أجيال بعض اليهود , فحنق اليهود على السلطان عبدالحميد خاصة وعلى الدولة العثمانية عامة لوقوفهما حجر عثرة في سبيل مطامعهم في فلسطين وشرعوا بالعمل على مناواة السلطان شخصياً وعلى تقويض أركان الدولة العثمانية بالتعاون مع الدول الاستعمارية التي كانت تتآمر عليها وتعمل على تمزيقها .
واتخذ اليهود الصهاينة في مدينة (سلانيك) الوكر الرئيسي لدسائسهم ومؤامراتهم لأنها تضم اكبر عدد من اليهود في السلطنة العثمانية , وفيهم عدد كبير من (الدونمة) وهي طائفة من اليهود انتحل أفرادها الإسلام وتظاهروا باعتناقه للتمكن من السيطرة على زمام الأمور في الدولة العثمانية واستطاع اليهود بتعاونهم مع الاستعمار الأجنبي وحزب (تركيا الفتاة) الذي كان يتآمر على السلطان , ان يحدثوا انقلابا ماسونياً صهيونيا ويخلعوا السلطان ويزدادوا تغلغلاً في الدولة بعد إعلان ما يسمى بالدستور العثماني)(10) ، انقلاب يهودي صهيوني ماسوني بقناع وبواجهة حزب الاتحاد والترقي...!! .
إن السلطان العثماني عبد الحميد الثاني لم تمنعه طورانيته , أو تركيته أو عجميته من أن يكون ولاءه الأول والأخير للإسلام وللعقيدة الإسلامية وان رعايا الخلافة كلهم سواسية في الإنصاف والحقوق , وان الرابطة المعلنة والمبتغاة هي رابطة الإسلام , وهي التي حافظت على المقدسات الإسلامية وعلى المقدسات النصرانية من العبث والتغيير والامتهان والاستيلاء , ومع هذا كان بعض العرب – وهم في غفلة دون تروي – ينضمون بسلاحهم إلى خندق الافرنجة البريطاني بمجرد وفقط وعدهم بالسيادة والحرية والاستقلال , وعدهم بالأحلام والوهم , فكانت المؤامرة على هذه الخلافة .. لهدمها .. وإزالتها .. وتفكيك أوصالها إربا إربا .. ثم الإجهاز على الإسلام والمسلمين .. منها البلاد العربية واغتصاب قلب الوطن الإسلامي والعالم العربي فلسطين العزيزة والمسجد الأقصى(11) .
(.. كان تعاطفنا أكيد مع السلطان عبدالحميد الثاني الذي لم تمنعه (طورانيته) من الحفاظ على مقدسات المسلمين بفلسطين وغيرها رغم معرفته الأكيدة بخطورة القرارات التي يتخذها وضراوة القوى التي يجابهها , وكان موقفه ذاك أكثر مراعاة لاحترامنا من مواقف الشباب العربي الذين تورطوا في الاستعانة على الحاكم المسلم – حتى لو كان ظالما – بالأجنبي الطامع الذي غرر بهم ونكث بعهودهم وسام أولادهم وأحفادهم مرارة الاحتلال والاستعمار والذل والعبودية .
(والذي لمسناه ان عبدالحميد , التركي , اتخذ من العرب حاشيه , ومن الأكراد أنصارا , ومن الشراكسة حراساً , بينما كان (الطورانيون) يتآمرون مع الدونمة والانكليز للإطاحة بعرشه , ولقد أحصى المؤرخون مئات من الضباط العرب في الجيش العثماني , بل ان قائد الجيش الذي أطاح بعبدالحميد نفسه محمود شوكت كان من العرب , وتولى شقيقه فيما بعد – حكمت سليمان – رئاسة الوزراء في العرا.)(12) .
حتى في مجال التعليم وشمول العرب بهذه الحقوق قيل في هذا الصدد :
(ان الإحصائيات تشير إلى ان عدد المتعلمين العرب كان يفوق بكثير المتعلمين الأتراك , ويعزو بعضهم هذه الظاهرة إلى نشاط الإرساليات التبشيرية رغم ان المبشرين لم يمنعوا اولم يمنعهم احد من ممارسة النشاط في استانبول نفسها)(13) .
إن العربي والمسلم الغيور الواع والحضاري اليوم , لا بد له من التدبر والتأمل في الفرق بين حالنا تحت حكم العثمانيين , وبين حالنا ومصيرنا القلق والمجهول والمأساوي كفلسطينيين وعرب ومسلمين في ظل الهجمة الافرنجية على أمتنا بعد مؤامرة وعدوان سايكس – بيكو في أيار 1916 , وإصدار وعد بلفور المشؤوم في 2/11/1917 وفرض الانتداب البريطاني الظالم على فلسطين في 24/7/1922 بعد احتلالها في 9/1/1917 وجعلها وطناً قومياً للحركة الصهيونية بالقوة الغاشمة والذي شن هذه الهجمة الشرسة الهوجاء الظالمة قوات الانكليز والفرنسيين ومعهم الحركة الصهيونية بكل ثقلها العسكري والاقتصادي والسياسي والاستخباري والإعلامي ... ولا زلنا إلى اليوم نعاني من آثار هذه الهجمة وفصولها السوداء وندفع الثمن غاليا جدا .
(.. يجب أن ندرس حالنا وأوضاعنا كما كانت عليه قبل الانتداب البريطاني على فلسطين يوم كانت فلسطين جزء لا يتجزأ من سورية والعراق لا حدود بينها وبين بغداد ودمشق ولا فواصل بين أهلها وأهل بردى والفرات .. ويوم كان الفلسطيني هو السوري .. بل هو العراقي .. يذهب إلى كلية الحقوق في استنبول جنباً إلى جنب مع أهل الشام وأهل العراق , ويدخل المدرسة الحربية التركية فيزامل أخوة له من حلب والموصل ودمشق والبصرة وكركوك.. ويشعر انه مثلهم , من نفس بلادهم من ارض لا يفصلها عن أرضهم حد ولا قيد , وأسر عربية متصلة بعضها ببعض اتصال القرابة والتراحم , ومشاعر عربية واحدة تنبع من ماض عربي واحد .
وحاضر عربي واحد، وهدف عربي واحد , فالعربي القادم إلى استنبول من (فلسطين) كان يعلم ان فلسطين لا وجود لها كدولة ذات كيان مستقل , إنها جزء من بلاد الشام..)(34) .
إنها شهادات التاريخ .. شهادات الإنصاف اننا كنا في الخلافة العثمانية كنا جسد واحد وكيان واحد , كنا بخير , كنا بأمان , كنا بوطننا , كنا بكرامتنا وكم هناك من شهادات إثبات وإنصاف من الشخصيات العربية والفلسطينية التي عاصرت الأحداث أو عاشت الحدث التاريخ الذي لا يحابي احد ، أو الذين قاموا بالدراسات العلمية الجادة الرصينة والمنصفة حول هذا الموضوع الحيوي .
هذه بعض نصوص من شهادة الزعيم الفلسطيني المناضل المعروف محمد أمين الحسيني مفتي فلسطين ورئيس الهيئة العربية العليا (رحمه الله), قالها أمام لجنة التحقيق الملكية في سنة 1937 م :
(لقد كان العرب يؤلفون جزءاً مهما في كيان الدولة العثمانية ومن الخطأ أن يقال ان العرب كانوا تحت نير عبودية الأتراك ، فقد تمتع العرب في كيان الدولة بجميع أنواع الحقوق التي كان يتمتع بها الأتراك سياسية أو غير سياسية وذلك بحكم الدستور الذي وضع أساس حكم واحد لجميع البلاد والعناصر التي يتألف منها كيان الدولة ، وكان العرب يشاطرون الأتراك في جميع مناصب الدولة المدنية والعسكرية وكان منهم وزراء وقادة فيالق وفرق وسفراء وولاة ومتصرفون ، كما ان مجلس النواب والأعيان يضمان عدداً كبيراً من الأعضاء العرب بنسبة عددهم وفقاً للدستور وقانون الانتخاب العثماني وفوق ذلك كانت البلاد العربية تدار بحكم يستند على مجالس إدارية ومجالس عمومية منتخبة في الأقضية والألوية والولايات وكان لهذه المجالس صلاحيات واسعة في الإدارة المالية والعمران والتعليم)(15) .
وفي شهادة تاريخية دامغة أخرى للمؤرخ الفلسطيني قال محمد عزة دروزة (رحمه الله) في شهادة له أمام اللجنة الملكية عام 1937م :
(ومع ان الدولة العثمانية فتحت فلسطين ضمن ما فتحته من الولايات العربية فان صبغتها العربية ظلت ثابتة , وكانت في الجزء الأكبر من الجزء الأكبر من الحكم العثماني تدار من قبل أمرائها وحكامها الوطنيين وحتى في الفترة الأخيرة من الحكم العثماني فقد كانت أكثرية موظفيها وحكامها عرباً وكان الموظفون العثمانيون لا ينظرون إليهم كموظفي دولة استعمارية بل كعثمانيين لا فرق بينهم وبين العرب .
كما كان موظفو العرب يستخدمون كعثمانيين في الولايات التركية لا فرق بينهم وبين الترك كما كانت الصبغة العربية هي الصبغة العربية الشاملة في هذا العهد.)(16)-(17) .
رشيد جبر الأسعد
أبو محمد
25/11/2011
هوامش موضوع الدولة العثمانية حمت العرب وحافظت على فلسطين ولم يكن هناك تتريك :
1- يوسف هيكل (الدكتور) – (دكتوراه فلسفة في العلوم الإسلامية) من جامعة لندن : كتاب فلسطين قبل وبعد , نشر دار العلم للملايين , بيروت , 1971م , صفحة: (65) .
2- علي محمود الشيخ علي (وزير العدل في حكومة رشيد الكيلاني 1941م) : كتاب من وحي سجن أبي غريب , الجزء الاول , 1966م , بغداد , صفحة (38/39) .
3- يقول ويردد هذا الكلام ساسة الانكليز المستعمرين حلفاء الصهيونية والماسونية , هدفهم غدرنا وإذلالنا وإضعافنا وخداعنا وتضليلنا وتقسيم بلادنا ، وهذا هو الذي حدث..!؟ وليست اغتصاب فلسطين إلا ثمرة لهذا العدوان وهذا التآمر والنشاط الهدام .
4- المحامي حسن صدقي الدجاني : تفصيل ظلامة فلسطين (حقائق أرقام تقارير ووثائق هامة) , القدس , 1355هـ - 1936م , صفحة (11) .
5- موفق بني المرجة : صحوة الرجل المريض أو السلطان عبد الحميد والخلافة الإسلامية , صفحة : (227) .
6- موفق بني المرجة : صحوة الرجل المريض , صفحة : (26) .
7- موفق بني المرجة : صحوة الرجل المريض , صفحة : (28) .
8- موفق بني المرجة : صحوة الرجل المريض , صفحة : (228) .
9- تأليف جميل إبراهيم حبيب : صفوة البيان في مختصر تراجم سلاطين بني عثمان , 1415هـ، 1994م , (مخطوط) , صفحة : (274) .
10- تأليف جميل إبراهيم حبيب : صفوة البيان في مختصر تراجم سلاطين بني عثمان , صفحة (274) , المرجع السابق .
11- موفق بني المرجة : صحوة الرجل المريض أو السلطان عبد الحميد والخلافة الإسلامية , صفحة : (31) , مرجع سبق ذكره .
12- موفق بني المرجة : صحوة الرجل المريض , صفحة: (32) , المرجع السابق .
13- موفق بني المرجة : صحوة الرجل المريض , صفحة: (32) , المرجع السابق .
14- ناصر الدين النشا شيبي (كاتب وصحفي من فلسطين): تذكرة عودة , نشر المكتب التجاري , بيروت , ط1 , تموز 1962م , صفحة: (97) .
15- مصطفى مراد الدباغ: بيت المقدس (22) , صفحة: (136) .
16- مثال لبعض الموظفين العرب الكبار في الولايات العثمانية : الشيخ العلامة والشاعر يوسف النبهاني من قرية اجزم بفلسطين والمناضل موسى كاظم باشا الحسيني وكامل الحسيني من القدس وغيرهم كثير .
17- عبد الوهاب الكيالي : وثائق المقاومة الفلسطينية العربية ضد الاحتلال والصهيونية (1918-1948) – سلسلة الوثائق الفلسطينية العامة – مؤسسة الدراسات الفلسطينية , بيروت , 1969م , صفحة: (553) .
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"