حقائق للتاريخ عن دور الأنظمة المصرية المتعاقبة في القضية الفلسطينية –- كمال نصار

بواسطة قراءة 2158
 حقائق للتاريخ عن دور الأنظمة المصرية المتعاقبة في القضية الفلسطينية –- كمال نصار
حقائق للتاريخ عن دور الأنظمة المصرية المتعاقبة في القضية الفلسطينية –- كمال نصار

 بين الفينة والأخرى يظهر علينا بعض أركان النظام المصري بمناسبة وبدون مناسبة مذكرين الشعب الفلسطيني بتضحياتهم من أجل فلسطين ولأننا تعبنا من المجاملات.

 وبعد أن وصلت الأمور إلى أن النظام المصري بدأ يعادي الفلسطينيين بشكل واضح وصارخ فلا مجاملات بعد اليوم. تطالعنا وسائل الإعلام المصري المدفوعة الأجر مسبقاً في تكرار الأسطوانة المشروخة التي طالما حاول أركان النظام تكرارها بأن الشعب المصري ضحى بالكثير من الشهداء من أجل فلسطين ,

مع اعتزازنا بتضحيات إخواننا المصريين رغم أنهم لم يحرروا لنا شبراً واحداً من أرض فلسطين ولا من بعض الأراضي العربية التي تم احتلالها في حرب 1967.

الجميع يعلم بأن النظام المصري لم يكن مهيئاً لحرب حزيران عام 1967 حيث كان أكثر من نصف جيشه يحارب في اليمن ولم يكن الجيش المصري معبأ وغير مستعد للحرب.

بل اضطرت بعض الدول العربية لدخول الحرب تضامناً معه ظناً منها بأن النظام الحاكم في مصر قد هيئ كل المستلزمات المطلوبة للحرب واكتشفت هذه الدول أن النظام المصري لم يكن مهيئاً بالمطلق للحرب عكس ما كان يطبل له الأعلام المصري حينها شعرت هذه الدول بأن النظام المصري ورطها بالحرب.

 ولكن بعد فوات الأوان حيث فقدت مصر صحراء سيناء إضافة لقطاع غزة الذي كان تحت الإدارة المصرية حينئذ وفقدت السعودية ثلاث جزر في البحر الأحمر وفقدت سوريا هضبة الجولان وفقدت الأردن الضفة الغربية وفقد لبنان بعض من أراضيه المحاذية للجولان كقرية الغجر. ولم يخجل النظام المصري من نفسه وسمي هزيمته المريرة في عام 1967 بنكسة حزيران وفي الحقيقة كانت هي نكبة النكبات.

 ضاع فيها من الأراضي العربية أضعاف ما احتلته( إسرائيل)عام 1948 وضاعت فلسطين بالكامل. لم يكتف النظام المصري بما فعله عام 1967 بل ذهبت أبعد من هذا بالخروج من الصراع بعد اتفاقيات كامب ديفيد.

وزاد النظام المصري الطين بله عندما بدأ يحاصر قطاع غزة الذي تحرر بسواعد المقاومين الأبطال من أبناء فلسطين.

وحسب القانون الدولي تقع على عاتق النظام المصري المسؤولية القانونية والإنسانية في تقديم المساعدة والعون لسكان قطاع غزة لأنه كان تحت الإدارة المصرية منذ عام 1948 ولحد هزيمة 1967.

ولكن النظام تنصل من تقديم المعونة والمساعدة وعمل على عرقلة دخول المساعدات الإنسانية للقطاع والقادمة من المنظمات الإنسانية العربية والإسلامية والدولية.

 بل أقام الحواجز بينه وبين قطاع غزة وكان أخرها الجدار الفولاذي السيئ الصيت الذي هو بسمك 20سم وبعمق 20 متر تحت سطح الأرض ليمنع الفلسطينيين من حفر الإنفاق حتى لا تدخل البضائع المهربة للقطاع.

 للأمانة خجلت (إسرائيل) عدونا الأول من القيام بعمل مثل هذا الجدار الفولاذي على الحدود الفاصلة بينها وبين قطاع غزة خشية انتقادها من المجتمع الدولي.

وكانت الحجة هي إن مصر لها سيادة على أراضيها ومن حقها أن تفعل ما تراه مناسبا لحماية الأمن المصري وكأن أبناء قطاع غزة يهددون هذا الأمن في حين يجول ويصول الصهاينة في أرض الكنانة كما يشاءون.

 وحاولت وسائل الإعلام المصرية والكثير من الأبواق الإعلامية الأخرى من الكتاب والمحللين المصريين في ربط ما يحصل في سيناء من أعمال عنف بالفلسطينيين وتحديدا بحركة حماس كونها مرتبطة عقائدياً بحركة الإخوان المسلمين على الرغم من نفي حماس لهذه التهم المفبركة. وكان الهدف واضح ومكشوف بل ومفضوح وهو أيجاد شرخ في العلاقة الأخوية بين الشعبيين الشقيقين واستطاعوا في تحقيق جزء من هذا الهدف وبالتالي تم تحييد دور الشعب المصري في هذه المرحلة وهذا أعطاهم فرصة لتدمير كل الأنفاق بين قطاع غزة ومصر لزيادة الخناق على الشعب الفلسطيني في غزة بعد أن صمد هذا الشعب أمام العدوان والتجويع والحصار الظالم المفروض عليه.

وكذلك منع الفلسطينيين من حرية التنقل عبر الأراضي المصرية وفي نفس الوقت أطلاق العنان لاعتقال ما يشاءون من الفلسطينيين تحت ذريعة إنهم يؤيدون الجماعات التكفيرية في سيناء. وعلى بعض أركان النظام المصري أن يعلموا بعض الحقائق التاريخية:

 1- أن التضحيات التي يتشدق بها النظام المصري هي كانت من أجل النظام نفسه وأن ما خسره الجيش المصري أثناء حرب 1948 هو أقل من خسائر الجيش العراقي والجيش السوري ولكن ما خسره الجيش المصري عام 1967على أرض قطاع غزة لاشيء لأنه أصلا لم يكن في القطاع سوى كتيبة واحدة فقط لا يزيد عددها عن 400 جندي.

( ولا زالت هذه المنطقة تسمى بمنطقة الكتيبة ليومنا هذا وأسر الجيش الإسرائيلي كل أفرادها عندما أحتل قطاع غزة بالحيلة) سأوضح هذه الحيلة في مقال أخر.

كان يوجد في سيناء أكثر من عشرة ألوية (ثلاث فرق) مسلحة بالمدافع والدبابات والمدرعات بمعنى أنها كانت فوق الأرض المصرية ولم يكن على الأراضي الفلسطينية(قطاع غزة) سوى كتيبة واحدة واحتلت إسرائيل قطاع غزة بعد أن احتلالها لسيناء بثلاث أيام لم يصمد الجيش المصري يوماً واحداً.

 ولم يطلق رصاصة واحدة في حين صمد رجال جيش التحرير الفلسطيني وقوات التحرير الشعبية ثلاث أيام متتالية ولم يتمكن الجيش الإسرائيلي من دخول قطاع غزة إلا بالحيلة ومن منطقة رفح يعني من سيناء حيث كان يعتقد المقاتلين الفلسطينيين بأنها محمية من الجيش المصري وعلى الرغم من عدم وجود أسلحة لديهم سوى البندقية وبعض القنابل البسيطة.

قاتل جيش التحرير الفلسطيني قتال الأبطال مدة ثلاث أيام وبعدها انسحبوا بأسلحتهم إلي بيوتهم وأضع خط أحمر تحت ( بأسلحتهم ) وكل الخسائر التي منيت بها القوات المصرية كانت على الأراضي المصرية في سيناء أكثر من عشرة آلاف قتيل وجريح وأكثر من عشرة آلاف أسير واستولى الجيش الصهيوني على مئات الدبابات والمدافع.

 دون أن تطلق حتى ولو قذيفة واحدة على إسرائيل وبسبب قرار الانسحاب الغير منظم للجيش المصري من سيناء ترك الجنود أسلحتهم حتى الفردية منها وهاموا على وجوههم في صحراء سيناء بعد أن تركهم ضباطهم وانسحبوا في الساعات الأولى من بدء الحرب لضفة القناة الأخرى وأصبح هؤلاء الجنود البسطاء وقودا للطائرات الإسرائيلية.

بمعني أخر كل التضحيات التي يتشدق بها المسئولين المصريين ذهبت بسبب أخطاء النظام وعلى الأراضي المصرية فقط ولم يستشهد حتي لو جندي واحد على أرض فلسطين في حرب 67 وأتمنى أن يرجع المصريين لتلك الفترة ويسألوا الضباط المشاركين في حرب 1967 وهم سيعرفون حقيقة ما جرى. ومع هذا ضحى النظام المصري بقطاع غزة وصحراء سيناء من أجل الحفاظ على النظام وليس من أجل فلسطين.

 2- أضاعت مصر قطاع غزة وسيناء وهضبة الجولان والضفة الغربية وبعض الجزر السعودية في البحر الأحمر بعد أن ورطت سوريا والأردن في حرب غير متكافئة ولم تكن مستعدة لها.

 3- أخلت مصر بالتوازن بين العرب وإسرائيل بعد خروجها من الصراع بعد اتفاقيات (كامب ديفيد) مع أنها تتحمل المسؤولية الأخلاقية والأدبية في هذا.

 بمعنى أن مصر لم تفكر بالتضامن مع الدول التي كانت هي سبب توريطها بالحرب و ضياع جزء من أراضيها بل فكرت بنفسها وبأرضها فقط ( سيناء).

 4- بعد توقيعه لاتفاقيات ( كامب ديفيد ) أصبح النظام المصري بالضد من توجهات العرب والفلسطينيين بل وصل به الحد بمحاربة المقاومين وحصار الشعب الفلسطيني في قطاع غزة. 5- لم يحرر النظام المصري شبراً واحدا من فلسطين أو من الأراضي العربية التي أضاعها حتى نقول أنه كان لتضحيات الجيش المصري ثمن  ومع ذلك نحترم ونعتز بشهداء الجيش المصري الذين سقطوا على أرض فلسطين عام 1948.  

6- نحن الفلسطينيين لنا فضل على مصر من خلال مشاركة لواء اليرموك الفلسطيني التابع لجيش التحرير الفلسطيني وكثير من الضباط والفدائيين الفلسطينيين شاركوا في حرب الاستنزاف قبل عام 1970 وشاركوا بالخطوط الخلفية للعدو أثناء حرب تشرين عام 1973 وسقط عشرات الشهداء الفلسطينيين في تحرير سيناء بمعنى نحن شاركنا في تحرير أرضكم في حين أنتم لم تفعلوا لنا شيئا من أجل تحرير أرضنا لا بالقتال ولا بالمفاوضات والأدهى والأمر أن النظام المصري يمن علينا بتضحياته وليعلم الجميع وفي مقدمتهم بعض أركان النظام المصري نحن لنا الفضل على مصر وليس العكس هذه هي الحقيقة.

ولا يسعني ألا التأكيد بأن الشعب المصري شعب شقيق نحترم تطلعاته المشروعة بالعيش بحياة كريمة وتربطنا معه أكثر من رابطة( اللغة والدين والجغرافيا وغيرها وليس من مصلحة الفلسطينيين بالمطلق إثارة النعرات الطائفية في مصر أو تهديد الأمن المصري.

ويعلم القاصي والداني من أبناء الأمة العربية والإسلامية بأن وسائل الإعلام المصرية مدفوعة الأجر مسبقاً تخدم أجندات خاصة منها محاولة تجميل صورة النظام وتسويقه عند الشعب المصري والشعوب العربية من جهة وإرضاء الولايات المتحدة وإسرائيل لتخفيف ضغطها عليها من جهة أخرى.

وأبناء قطاع غزة يطالبون النظام المصري ليس برفع الحصار فقط بل أن يتحمل النظام المصري المسؤولية القانونية والإنسانية تجاه أبناء قطاع غزة.

 والنظام المصري غير مؤهل إلى لعب دور الوسيط بين المقاومة وإسرائيل بعد أن اصطف النظام الجديد بزعامة السيسي مع الكيان الصهيوني وما المبادرة المصرية سوى مبادرة كتبها الإسرائيليين وما كان من رئيس النظام المصري سوى الإعلان عنها كي يفرضها على المقاومة كأمر واقع في محاولة من النظام لإنقاذ إسرائيل بالمقابل أعطت إسرائيل دور للسيسي كي يسوق نفسه ونظامه إمام الشعب المصري والشعوب الإسلامية.

 ولكن المقاومة كانت له بالمرصاد وكانت تعي دور النظام الجديد في مصر وأن مصر غير مؤهلة في لعب أي دور حتى معبر رفح المفترض إن يكون مفتوح بشكل دائم حسب القوانين والأعراف الدولية المتعامل بها بين الدول حتى هذا المعبر لم تفتحه مصر على الأقل لذر الرماد في العيون كي تعطيها المقاومة دور خجلاً لأنها فتحت معبر رفح حتى هذا الشيء البسيط لم يفعله النظام في مصر لهذا لا دور لمصر بعد اليوم.

وفي الختام أقول للنظام المصري المثل الشعبي المعروف( كوم حجار ولا هالجار ) عشتم وعاشت فلسطين.

 

 

بقلم - كمال نصار

16-7-2014