بيان مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية حول ما تسمى بـ "صفقة القرن"

بواسطة قراءة 603
بيان مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية حول ما تسمى بـ "صفقة القرن"
بيان مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية حول ما تسمى بـ "صفقة القرن"

إننا مع رفضنا القاطع لهذا الإعلان الظالم، تجاه أرضنا ومقدساتنا التي هي من صميم ديننا وعقيدتنا وشريعتنا؛ نؤكد على أن هذه في حقيقتها جريمةُ وسرقةُ وخديعةُ وكارثةُ وصفعةُ القرن، وهي امتدادٌ وتوكيدٌ لوعد بلفور المشؤوم عام 1917م، بمنح من لا يملك لمن لا يستحق.

في ظل هذه الإنعطافة الخطيرة والتحديات الكبيرة، التي تتعرض لها قضية فلسطين عموماً، ومدينة القدس والمسجد الأقصى المبارك خصوصاً؛ يستوجب على الأمة الإسلامية والعربية جمعاء بكل مكوناتها وبمختلف الأصعدة والمستويات؛ تحمل المسؤولية الكاملة والوقوف صفاً واحداً لمواجهة هذه المخاطر وما يترتب عليها من آثار جسيمة.

إننا إزاء ذلك نؤكد على ما يلي:

1- الخداع أسلوب قديم مارسه الاحتلال وكلّ القوى العالمية التي وفرت له الغطاء لإطالة أمد الاحتلال، ولم يكن هنالك خداع بإتقان كما هو الحال في قضية فلسطين، التي سُلبت أرضها وهُجِّرَ أهلها، ووطِّن بدلاً منهم شتات اليهود.

2- أن الصراع بين الحق والباطل مستمر، ومعركة الدفاع عن القدس وأرض فلسطين المباركة معركة لا تنتهي ما دام هنالك باطل يريد أن يدحض الحق والحقائق، ونحن على يقين أن الطريق طويلة لا سيما بعد تراكم النكبات وقلة المخلصين وتكالب الأعداء، إلا أن الحق أبلجٌ والباطل لجلجٌ والنصر صبر ساعة.

3- المسلمون لا يمكنهم أن يخضعوا لأي قرار فيه مساس بحقوقهم الدينية، ولو أجمع على ذلك العالم كله، ففلسطين ليست للبيع ولن يقبل أهلها بيعها، والأكاذيب التي تشاع بأن أرض فلسطين أخذت بيعاً من أهلها وشراءً من اليهود، تدحضها الحقائق والوقائع، فقيمة دكاكين القدس تفوق حفنة الدولارات التي قدمت في الصفقة الفاشلة.

4- إننا ندرك نحن المسلمون لسنا في العالم وحدنا، بل إنّ العالم تحكُمه قُوى لا تعبأ بحقوق غيرها، ولا بمصالح سواها، والظروف الدولية ليست ثابتة بل دائمة التغير، والعالم لا يسمع من ساكت؛ فقد ولّى زمن الملامات وحان وقت العمل الجادّ لنفخ الروح في قضية المسلمين الأولى، بعلم وحلم وحكمة وحنكة.

5- مع وجود الإجماع الفلسطيني في رفض هذه الجريمة؛ فإن وحدة الصف الإسلامي والعربي عموماً والفلسطيني خصوصاً، ؛ خطوة مهمة ومرتكز كبير في إفشال هذا الإعلان، مع ضرورة التعامل الجادّ وبأقصى درجات المسؤولية من قبل الحكام والشعوب، بما يخدم المقدسات والحقوق الشرعية، فإن التاريخ لا يرحم أحداً.

6- تاج الواجبات وغرّة المهمّات؛ حسن اللجوء إلى الله والرجوع الحقيقي إلى الدين، والتمسك بكتاب الله وسنة نبيه –صلى الله عليه وسلم-، فإن الله سبحانه وتعالى جعل للنصر والتمكين والرفعة والنهوض، مقدمات ومقومات وأسباب وسنن، والله ينصر من نصره ويُعزّ من أعز دينه، قال تعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾[النور:55].

واللهَ نسأل، أن يقرّ أعيننا برجوع الحقوق، واستعادة المقدّسات، وبرؤيتنا أولى قبلتَيْنَا مطهّرة من دنس الغاصبين، وأن ينعّم –سبحانه- قلوبنا بالسجود في عافية في قلب المسجد الأقصى المبارك.

والحمد لله ربّ العالمين.

الأربعاء 4 جمادى الآخرة 1441هـ الموافق 29 يناير 2020م

مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية