ولم يكتفِ النظام بتهجير سكان المخيم من منازلهم، وعدم
السماح لهم بالعودة إليها، بل أقدم على اعتقل العشرات منهم، بعد اتهامهم بالتواصل
مع معارضين في الشمال السوري، أو القيام بأنشطة إغاثية.
شتات جديد وإهمال دولي
مخيم اليرموك أو “عاصمة الشتات” كما كان يطلق عليه، كان
يجمع الفلسطينيين الحالمين يوماً بالعودة إلى أرضهم، أصبح فارغاً من أهله الذين
باتوا يواجهون شتاتاً جديداً.
فبعد الحملة الأخيرة على الحي تم تهجير أكثر من 800
أسرة إلى الشمال السوري بحجة رفضهم عقد (مصالحة) مع النظام، كما تشردت أكثر من
3200 عائلة في مناطق سورية مختلفة، أبرزها بلدات الجنوب الدمشقي يلدا، ببيلا، و بيت_سحم، وجميع تلك العائلات
يواجهون ظروفاً معيشية صعبة، ويعانون من تحكم المستأجرين الذين قاموا بطرد عشرات
الأسر دون أسباب مباشرة.
الناشط والمجاز القانوني “عمار القدسي” قال لموقع
(الحل): “المؤسسات الدولية المعنية بالشؤون الفلسطينية بما فيها “الأونروا” والمؤسسات
المحلية والفلسطينية لم تقم بمهمتها الإنسانية في تقديم الدعم اللازم لأهالي
المخيم المهجرين قسراً إلى الشمال السوري، كما أنّها لم تقم بأية جهود لتنظيم
أوضاعهم وتأمين احتياجاتهم، وما يتم تقديمه من بعض الدعم يقتصر على الحصص الغذائية
عبر إحدى المؤسسات الإغاثية، وهو لا يكفي حاجتهم إطلاقاً”.
صحتك أهم شي .. وعودة للمخيم (مافي) !!!
فاجئ رئيس الدائرة السياسية في السفارة الفلسطينية في
سوريا “أنور عبدالهادي” أهالي مخيم اليرموك الذين ينتظرون العودة إلى منازلهم،
بحديثه خلال تواجده على إحدى موائد الإفطار التي أقيمت في الحي الشهر الماضي، حين
تحدث لرجل مسن قائلاً: “الصحة أهم شيء ولا عودة للمخيم في الوقت الحالي”، بدوره رد
الرجل المسن قائلاً “الصحة راحت ومعي قلب وسكري وضغط من ورا هالوضع”.
وبحسب “عبد لهادي” إنّ التأخير في العودة سببه عدم قدوم
اللجان الفنية المختصة لتقييم حالة الأبنية وإمكانية السكن فيها، على الرغم من
مرور أكثر من عام على سيطرة النظام على المنطقة وإخراج فصائل المعارضة وتنظيم
“داعش” منها، الأمر الذي دفع بعض سكان المخيم للتفكير بالانتقال للعيش في مناطق
سيطرة المعارضة شمالي سوريا، عبر التهريب ودفع مبالغ مالية كبيرة تصل لـ5000 دولار
أميركي، يحصلون عليها من بيع ممتلكاتهم والاستدانة من أقاربهم، بحسب الناشط “عمار
القدسي” الذي قال: “إنّ الفلسطينيين المهجرين لا زالوا يأملون بالعودة، على الرغم
من تردي وضعهم المعيشي وتعرضهم للاستنزاف الاقتصادي خلال الفترة الأخيرة، ولكن تلك
العودة لن تكون كما يحلمون، فعناصر النظام قاموا بتدمير حيهم وما تبقى منه تم
(تعفيشه) بشكل كامل، حتى السيراميك والبلاط تمت سرقته”.
فصائل من “منظمة التحرير” متورطة في الجريمة
واعتبر المصدر السابق أنّ فصائل من “منظمة التحرير
الفلسطينية” شريكة النظام بحصار المخيم وقتل أبناءه وتجويعهم واعتقال الآلاف منهم،
بذريعة وجود تنظيم “داعش”، الذي أكد “القدسي” أنه دخل المنطقة بتسهيلات من النظام،
وتم توثيق دخول قياديين بارزين إليه عبر حواجز النظام التي كان من المفترض أنّها
موجودة لمحاربتهم، كما تلقى المئات من عناصر التنظيم العلاج في مشافي داخل مناطق
النظام في العاصمة دمشق أثناء الحملة العسكرية على المنطقة.
وبحسب القدسي فإنّ عناصر من “منظمة التحرير”
كانوا يسيطرون على معظم نقاط حصار المخيم، ويقودون الاقتحامات ضد مواقع فيه. كما
نفذوا عمليات قنص راح ضحيتها عشرات المدنيين. وساهمت المعلومات التي قدمتها
المنظمة للنظام باعتقال المئات من الفلسطينيين بتهم التعاون مع المعارضة أو القيام
بأنشطة مناهضة للنظام.
يعتبر مخيم اليرموك من أكبر مخيمات إقامة اللاجئين
الفلسطينيين بمساحة تقدر بـ 2.11 كم مربع ويقع على مسافة 8 كم من دمشق. ويختلف
اليرموك عن تجمعات اللاجئين الفلسطينيين الأخرى في سوريا، فمع مرور الوقت
قام اللاجئون فيه بتحسين مساكنهم وبات المخيم مزدحم بالمساكن الاسمنتية
والشوارع الضيقة وقصده للإقامة فيه سكان من غير اللاجئين الفلسطينيين.
وكانت “الأونروا”تشرف على المخيم وهي وكالة غوث وتنمية
بشرية تعمل على تقديم الدعم والحماية وكسب التأييد لحوالي 4.7 مليون لاجئ فلسطيني
مسجلين لديها في الأردن وسوريا ولبنان والضفة الغربية وقطاع غزة.
إعداد: سليمان مطر. تحرير: سالم ناصيف
المصدر : الحل
6/10/1440
9/6/2019