عندما تقطف ثمار الإيمان- ياسر الماضي

بواسطة قراءة 4541
عندما تقطف ثمار الإيمان- ياسر الماضي
عندما تقطف ثمار الإيمان- ياسر الماضي

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد :

فإن أصدق الكلام كلام الله تعالى وخير الهدي هدى نبينا محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم , فكثيرة هي الخطب والمواعظ التي قالها ويقولها العلماء الخطباء وكثيرة هي الكلمات التي نقرأها وأكثر منها التي نسمعها والتي ترشدنا لما فيه سعادتنا وصلاح دنيانا وأخرانا ولكن الحقيقة يجب أن تقال وهي لم نجد لحد الآن ثمار ناضجة على الأرض وكأنما الوعاء مثقوب كما يقال سرعان ما يفرغ ما فيه فلا يزال الواقع التي تعيش فيه هذه الأمة مخزي ومحزن.

فكل يوم نسمع عن حوادث القتل والسرقة والزنا والقذف وشرب الخمر ناهيك عن الأخلاق والعادات السيئة من الأنانية والحقد والحسد والكذب والغش والرشوة ...الخ من العلامات التي تصدر كثيراً من أبناء المسلمين والعرب والذين هم مادة الإسلام وخامته الأولى حتى صار الخلاص من هذا الواقع وهذه الأمة هو النجاح والفلاح عند كثير من الناس بسبب ما نسمعه مما يتردد على ألسنة الكثير من إخوتنا ممن هاجر إلى دول أوربا ووجد بعض ثمار ما كان يسمع  من أقوال الخطباء ووجد الرحمة وحسن المعاملة  بين الناس بل على الحيوان وآخر يتكلم عن النظافة وذاك يتكلم عن مدى قيمة احترام الإنسان ووو التعاون والإيثار و... الخ.

وآخرين منهم  يقول الماسك على دينه كالماسك على جمرة من نار وآخر يقول خوفي على أهلي وذريتي يقلقني في حياتي ونومي وأضنك علي عيشتي ما جبرنا على هذا المر غير الأمر منه !!! مشاعر و كلمات الحقيقة كلنا  نتمنى أن يكون ما نسمعه ونقرأه واقع نعيشه في بلادنا وأرضنا  وهو فعلا كان واقعاً على الأرض وليس ضرباً وقصصاً من الخيال فقد قطفت  ثمار هذا الإيمان الذي جاء به نبينا محمد عليه الصلاة والسلام وأصبح واقعاُ عمليا يطبق في الأرض شرعا وسلوكاً ,  وشعروا بالأمان والسعادة  ولذة الإيمان تشرح صدورهم  عندما اهتدت عقولهم  للفطرة التي فطر الله الناس عليها واستقرت نفوسهم بعد ما كانت مضطربة لا تعرف طريقها فلما عرفت إلاهها الحق عبدوه ووحدوه وطبقوا شرعه فنالهم جزاء ما عملوا.

يقول تعالى( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا) 30الروم ، ويقول عليه الصلاة والسلام (مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ) البخاري ، فلذلك الإنسان يشعر بثمرة الإيمان عندما يهتدي للفطرة  فيعرف سر وجوده فيجيب عن كل الأسئلة التي كانت تدور في رأسه وعرف الإجابة إنما هو عبد لله وان هناك يوما يلاقي به خالقه تعالى بعد موته فيجازيه على عمله وهذا مما يبعث في النفس الراحة والسكينة  فما معنى  حياة الإنسان الذي  اشتغل عمره حتى حصل على الدكتوراه أو أكثر و ذاك الذي حقق هدفه بعد ما عبر القارات و ذاك الذي بنى العمارات وهو لا يعرف سر وجوده فكل يوم  والموت يقترب منه ينغص عليه حياته وينكد عليه طعامه اللذيذ ولباسه الفاخر.

كم تعبت حتى حصلت على هذه الشهادة وكم تعبت حتى جمعت وبنيت هل كل هذا بلا معنى كل هذا سيزول وأكن تحت الأرض لذلك فالمؤمن سعيد عندما يعرف سر وجوده ويهتدي لخالقه فأين هي ثمار إيماننا وتصديقنا بوجود الله يجب أن يكون لهذا الإيمان أثر فينا وإلا فلا قيمة لإيماننا إن لم يكن واقع نعيشه ويطبق على الأرض كما عاشه سلفنا الصالح .

إن الإيمان بالله تعالى وحسن التعامل مع كل ما حولنا علاقة متلازمة مترابطة لا ينفك أحدهما عن الآخر  قال تعالى{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (8) وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (9)}سورة المائدة ويقول جل وعلا {  إن  الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي } آيات عظيمة فيها كل معاني العدل والرحمة فيما بيننا حتى مع الذين يخالفونا ونبغضهم بسبب كفرهم بخالقهم وعدم تصديقهم لنبينا وكتابنا فيأمرنا الله تعالى أن نعدل معهم ونتقي الله فيهم هذا ما يعلمنا به إيماننا وتصديقنا بالله تعالى وكذلك نبينا الكريم علية الصلاة والسلام في أحاديث كثيرة يقول (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُؤْذِ جَارَهُ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ) البخاري ويقول صلى الله عليه وسلم(الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ) رواه مسلم .

إخواني أحاديث كثيرة تحتاج مجلد كامل هي التي تربط الإيمان بالأخلاق لا مجال لذكرها جميعاً ولكن عندما يكون المسلم مؤمن بأركان الإيمان (بالله , وملائكته, وكتبه ورسله ,واليوم الآخر والقدر خير وشره ) عملاً قلبياً يجب أن يحل هذا الإيمان والتصديق سلوك تطبقه الجوارح  ويكون واقع ملموس على الأرض فيكون المؤمن  صادقا في قوله وفعله.

إن كل ما حل بنا هو كله بسبب غياب تطبيق شرع الله تعالى على خلقه الذي خلقهم ويعلم ما يصلحهم به يقول تعالى { ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب} آية قليلة الكلمات عظيمة المعاني والفائدة لو طبقت على الأرض ويقول تعالى { سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (1) الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ } سورة النور لاحظوا إخواني يقول تعالى إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر فهذا شرط الإيمان هو تطبيق شرع الله تعالى ومنهجه على الأرض وليس فقط إعتقاد في القلب ونطق باللسان ,   , إخواني لم يكن في عصر نبينا عليه الصلاة والسلام مراكز للشرطة ولا مخابرات بين الناس ما الذي جعل الجرائم تكون في عصر نبينا صلى الله عليه وسلم  تكون معدودة على أصابع اليدين إنه الإيمان الذي ملأ القلوب فأصبح واقعا ملموساً يعيشه الناس.

وهذه قصة لبعض شواهد ذلك العصر فبينما أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب يتفقد أحوال الناس ليلاً إذ أجهده التعب فأتكئ على جدار فإذا به يسمع امرأة تقول لأبنتها قومي فامزجي اللبن بالماء فلن يرانا عمر ولا منادي عمر في هذا الوقت  فقالت البنت يا أماه ما كنت لأطيعه في الملاء واعصيه في الخلا فسمع عمر رضي الله عنه مقالة البنت فقال للرجل الذي معه  ضع علامة على هذا البيت وفي الصبح طلب من الرجل أن يذهب لمكان العلامة ويسأل هل لهذه المرأة زوج فتأكد أنها أيم لا زوج لها فطلب يدها وزوجها من ابنه عاصم رضي الله عنه وسبحان الله كان من ذريتهما خليفة المؤمنين العادل (عمر بن عبد العزيز) رضي الله عنه .

تعالوا إخواني نعد الجرائم التي حصلت في هذه السنوات التي كانت في بداية عصر الإسلام إنها على عدد أصابع اليدين إن لم يكن أقل فلم نسمع إلا عن ماعز والغامدية رضي الله عنهما الذين وقعا بالزنا وهل مسكهم الشرطة متلبسين بل قد جائوا بأنفسهم يريدون التوبة من الذنب بعد أن شعروا بالندم فقال عنهم الرسول صلى الله عليه وسلم أن توبتهم لو وزعت على أهل الأرض لوسعتهم  .

 وتلك قصة المخزومية التي سرقت  فكانت قصتها مثال للعدل في الحكم  فبعدما جاء الرجل الذي كان يحبه رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي يلقب بالحب ابن الحب (أسامة أبن زيد) يشفع لهذه المرأة المخزومية لأنها من عائلة لها وزنها عند العرب فمن عشيرتها أبو جهل وخالد ابن الوليد رضي الله عنه  وغيرهم من كبار رجالات قريش وصناديدها فما كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيه درساً في العدل بين الناس ( أتشفع في حد من حدود الله يا أسامة فوالله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ) .

تلك قصة الشاب الذي كان يعمل أجيرا عند رجل فوقع بالإثم أيضاً فحكم بينهم نبينا عليه الصلاة والسلام هذا شرع الله لا تهاون بحكم الله  فأين حكامنا من هذه الأحاديث , أما زماننا فكل يوم نرى جريمة قتل في كل بلدة وسرقة في كل شارع والزنا وقذف المحصنات وغير ذلك ما الله به عليم فلا تخفى عليه خائنة العين ولا ما في الصدور والله المستعان.

أسأل الله العظيم أن يغير حالنا لأحسن حال اللهم يا عزيز اعز الإسلام والمسلمين انصرنا يا الله  اللهم وأهدنا وأهد شبابنا وبناتنا لهذا الدين العظيم اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك وصلى اللهم على سينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم 0

 

ياسر الماضي

6/7/2010

 

"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"