الدكتور ماجد هديب : عطاء بلا حدود وجهد بلا كلل – خالد مرتجى

بواسطة قراءة 2716
الدكتور ماجد هديب : عطاء بلا حدود وجهد بلا كلل – خالد مرتجى
الدكتور ماجد هديب : عطاء بلا حدود وجهد بلا كلل – خالد مرتجى

بعد انقضاء احدى المظاهرات الغاضبة امام السفارة الصهيونية في نيقوسيا تنديداً بالحرب الهمجية على غزة ، اقترب منا رجل أراه للمرة الاولى ليقول للجمع القليل المتبقي " بارك الله فيكم والله يعطيكم العافية " ، وقبل ان اسأل عمن يكون هذا الغريب توجه نحو والدي معرفاً عن حاله بأنه الدكتور ماجد هديب القادم حديثاً من اليونان ليتسلم موقعه الجديد سكرتيراً اولاً لسفارة فلسطين في قبرص .

هكذا تعرفت الى هذا الشخص الكريم العزيز ابن مدينة الخليل الصامدة ، كان همه بالبداية التعرف الى ابناء الجالية الفلسطينية المقيمين في قبرص من اجل نسج علاقات اجتماعية والاطلاع على أحوالهم عن كثب ، وقد طاف الجزيرة من اقصاها الى اقصاها يلتقي الناس ويتعرف عليهم عن قرب ويستمع الى همومهم ومشاكلهم ويشاركهم افراحهم واتراحهم .

كنت تذهب الى السفارة فترى مكتبه مفتوحاً امام الجميع وابتسامته تسابق كلماته المهذبة وكثيراً ما أنصف مراجعين من جور كانوا يلقوه ولعل ذلك من الاسباب التي اثارت حفيظة البعض الذين لم يرق لهم ان يروا شخصاً ينزل الى الناس ويلتفت الى همومهم ويكون رصيد كبيراً من العلاقات والاحترام المتبادل .

هذا الرجل وكما عرفته ما دعي الى أمر الا ولبى ، حاول ان يقول للناس انا منكم افتحوا لي قلوبكم ، ولم يدب اليأس الى قلبه من امكانية لم شمل ابناء الجالية الفلسطينية وحل مشاكلها رغم المعوقات الكبيرة التي لست بصدد الحديث عنها .

الدكتور ماجد هديب خالط الكبار كما الشباب ، طرق كل الابواب واذكر كيف شارك مع فريق كرة القدم الخاص بجمعية حقوق الانسان ولعب لاكثر من 20 دقيقة شاركهم اللعب وفرحة الفوز وعاش واياهم لحظات من التواصل ، الدكتور ماجد ايها الاخوة وكما عرفته كان اول من طرح مشروع اقامة كيان فلسطيني موحد لا تحكمه التنظيمات ولا الاهواء ، كيان يكون رافعة للوجود الفلسطيني وعامل ايجابي في حل مشاكل الفلسطينيين في قبرص، وهو ايضاُ الذي وقف مدافعاً ببسالة عن اربعة من الاخوة الفلسطينيين اعتقلتهم الشرطة القبرصية في مظاهرة ضد زيارة ليبرمان الصيف الماضي ، وهو الذي نزل الى ساحات المدارس في لارنكا لنزع فتيل مشكلة كادت تقع ، وهو صاحب الفضل في تشكيل لجنة من اولياء الامور للاشراف على تعليم ابنائنا اللغة اليونانية في احدى المدارس واذكر ان من اعضائها كان الاخوة رشيد الحسن "ابو امجد" ، الدكتور اياد الماضي، الاستاذ حاتم الاسعد واخرين ، وكيف انه كان يأتي من نيقوسيا اذا طرأ اي أمر او استجد اي جديد .

هكذا كان الدكتور ماجد هديب : عطاء بلا حدود وجهد بلا كلل ، مكاتب وزارة العمل تعرف من هو ماجد هديب ، دهاليز وزارة التربية والتعليم تعبت من زيارات ماجد هديب ، وزارة الداخلية واقسام الشرطة ووزارة العدل سترتاح اليوم من ماجد هديب الذي دافع عن الحقوق الفلسطينية ما امكنه الى ذلك من سبيل .

الدكتور ماجد هديب تحدى القيود التي فرضت عليه وتحمل الاذى الذي تعرض له بما في ذلك الاذى الجسدي المباشر في سبيل الوقوف الى جانب الناس : كيف انسى موقفه اثناء سفن كسر الحصار عن غزة ومشاركته بتحميل المؤن الى داخل السفينة ، وكيف انسى وجوده بيننا في جلسة الصلح الكبرى ؟ ، هل ننسى توجهه الى ماكينزي في اعتصام العوائل ؟ هل ننسى زياراته الى ليماسول وبافوس ، لقاءاته بالشخصيات الحزبية ، وكانت له وجهات نظر تدل على فكر مستنير ورجاحة عقل ، على سبيل المثال كان لا يحبذ المشاركة باحتفالات الحزب الحاكم بصورة ملفتة حتى لا نحسب عليه ، وان علينا ان نكون على مسافة واحدة من جميع الاحزاب حتى لا نقع بالمحظور السياسي .

هكذا كان الرجل وحينما يأتي الوقت لرحيله عن قبرص فليس اقل من بضع كلمات  لا تفيه حقه ولكنها اضعف الايمان ، سعى الرجل في تقريب وجهات النظر بين الفرقاء ، وحاول رأب الصدع بين المتخاصمين ، وزار كافة المسؤولين القبارصة في محاولة لوقف الاجحاف المضطرد بحق الفلسطينيين وكان يمنى النفس في ان يرانا افضل حالاً مما نحن فيه .

اكتب اليوم بحق هذا الرجل وهو مغادر لا اتملقه ولا انافقه ولا عهد لي بالنفاق ولكنها كلمة حق اذكرها والرجل يفارقنا مكرها لا راغبا وحسبنا الله ونعم الوكيل .

في زمن عز فيه الرجال اسأل الله ان يجزيك عنا خير الجزاء واقول وفقك الله وسدد خطاك وارجو الله ان يبعد عنك اولاد الحرام وان يجعل لك من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا وان يرزقك من حيث لا تحتسب .

والله المستعان

 

خالد مرتجى

27/6/2011

 

المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع

"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"