الاردن الذي يقدم نفسه على اعتباره
بلداً مضيافاً لما يزيد على 200 الف لاجئ سوري، وفقا لأرقام رسمية، يضيق ذرعاَ بـ
1550 لاجئاً فلسطينياً من حملة الوثائق السورية،، وهو الرقم الذي توثقه سجلات
وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الاونروا» حتى تشرين الأول/ اكتوبر 2012 .
ترفض الداخلية الاردنية وصفهم
باللاجئين. تكرر: «لهم ظرف خاص، سنعاملهم برفق إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا».
غير ان الرفق ترجم بحرمانهم من حقوقهم كاللاجئين، فأصدرت الداخلية منذ لجوئهم الى
الاردن قراراً لا عودة عنه، يقضى بمنع تكفّلهم اسوة بنظرائهم السوريين الذين تواصل
العمل بتكفلهم بشكل عشوائي حتى نيسان/ ابريل 2012 حين وضعت الداخلية تعليمات تنظم
العملية، فقلت اعداد المكفلين لكنها لم تنته .
قرار الداخلية خالف إعلان الدار
البيضاء الصادر عن وزراء الخارجية العرب العام 1965 الذي ينص على معاملة
الفلسطينيين من حملة الوثائق معاملة مواطني الدولة الصادرة عنها الوثيقة .
وزيادة في حرمانهم من حقوق اللجوء
الانساني، تم تعريفهم بـ «مهاجرين اقتصاديين» انتقلوا من مكان اقامتهم الى مكان
آخر طلباً للرزق. وزيادة في الزيادة، احتجزوا في مساكن خاصة، فخصصت لهم السلطات
الاردنية بيوتاً في مدينة المفرق (68 كيلومتراً شمال شرق عمّان)، ونقل ما يقرب من
170 منهم الى الـ «سايبر سيتي» في محافظة الرمثا (95 كيلومتراً شمال عمّان). السكن
الذي انتقدته منظمات حقوقية قبل سنوات عندما كان مخصصاً لإقامة العمالة البنغالية
العاملة في المدن الصناعية الحرة. وإن كان دافع النقد الموجه لـ «سايبر سيتي»،
والأماكن المخصصة لإقامة الفلسطينيين هو آليات التعامل مع اللاجئين، فهي واقعيا
أماكن افضل حالاً من مخيم الزعتري المخصص للاجئين السوريين المقام في منطقة
صحراوية بمحافظة المفرق .
بقي اللاجئون الفلسطينيون من حملة
الوثائق السورية ضمن حدود مسؤوليات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين
«الاونروا»، غير انهم انتقلوا من رعاية مكتب اقليم دمشق الى رعاية مكتب اقليم
الاردن الذي سجلهم على قوائمه لضمان مواصلة تقديم الخدمات لهم، خدمات اصبحت شحيحة
وتنحصر في تكميل تلك التي لا تقدمها منظمات الاغاثة الدولية التي تقوم على رعاية
اللاجئين القادمين من سوريا ومن ضمنهم الفلسطينيون من حملة الوثائق .
قرار منع التكفيل حرض عدداً منهم
على الهرب، ففر العشرات خارج اسوار السكن ليجدوا انفسهم امام واقع اكثر صعوبة بعد
ان اصبحوا مطلوبين للتنفيذ القضائي كـ «مجرمين»، فأغلقت جمعيات الاغاثة ابوابها في
وجوههم، بينما وجد بعضهم ملاذاً لدى اقاربهم من فلسطينيي الاردن .
تحايلاً على القرار، عمد العديد
منهم الى إخفاء هويتهم الاصلية عند وصولهم كلاجئين، مدعين انهم سوريون فقدوا
وثائقهم او لم يتمكنوا من حملها خلال فرارهم، لينتهي بهم الحال في مخيمات اللاجئين
السوريين على أمل تكفيلهم، واعدادهم لا توثقها إحصائيات .
كفلسطينيين طرقوا ابواب سفارة
سلطتهم في عمّان املاً في الحصول على المساعدة بعد ان تعهدت السلطة الوطنية
الفلسطينية بالعمل على نقل الراغبين منهم الى غزة ومتابعة شؤون الراغبين بالبقاء،
فلاقوا ابواباً مغلقة ايضاً، وانكاراً .
انكار دفعهم للخروج عن صمتهم
فطلبوا في بيان من السلطة الفلسطينية كف يدها عن قضيتهم، وطالبوا كذلك بنقلهم من
تحت ولاية «الاونروا» الى ولاية مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين طمعاً في ان
يلاقوا مصير الفلسطينيين من حملة الوثائق العراقية ممن فروا من العراق بعد حرب عام
2003، والذين وطنتهم مفوضية الامم المتحدة العام 2009 بالولايات المتحدة الاميركية
وعدد من دول اميركا اللاتينية بعد سنوات من اقامتهم على الحدود .
لماذا المعاملة التمييزية بحق
الفلسطينيين من حملة الوثائق السورية؟ الجواب: الخوف الكامن لدى الاردنيين من
المكون الفلسطيني الذي يسهل انصهاره في المجتمع. فاللاجئون السوريون، وان طال بهم
المقام او قصر، سيعودون الى بلدهم، بينما يبقى الخوف لدى تيارات اردنية من إقدام
الحكومة على توطين حملة الوثائق السورية ليصبحوا مستقبلا مواطنين يضافون الى مجموع
الاردنيين من اصول فلسطينية. فكانت معاملة الحكومة إشارة تطمينية للمتخوفين من اللاجئين
غير المرغوب فيهم. يا لحيرتهم ! .
* صحافي من الاردن
المصدر :
صحيفة السفير العربي
7/11/2012