اروع ما قيل عن الشهيد قوله تعالى }ولا تحسبن الذين قتلو في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون{ .
وقيل في الشهيد } لا تبكه فقد بدأ حياته فإن الشهيد يعيش يوم مماته { .
ولد مصطفى سمير اكرم البلبيسي في 5/9/1994 في بغداد حي الامين الثانية , وكان ترتيبه الثامن في اخوته الاصغر بينهم , وهو الطفل المدلل بينهم ,واتت تسميته تيمنا باسم الحبيب المصطفى محمد (صلى الله عليه وسلم) ولد في كنف والديه واخوته ووجد كل الحب والدفئ في وسط عائلته .
نشأ مصطفى وقلبه معلقا بعبادة الله وبالمساجد سائرا على نهج عائلته في طاعة الله ومحبتهم للدين , كان محبوبا من قبل جميع الناس منذ طفولته فكان كل من يراه يريد ان يحمله ويقبله فكأن الله جعل نورا في وجه هذا الطفل البريء ومحبتا من لدنه عز وجل .
التحق مصطفى بالمدرسة الابتدائية كبقية اقرانه في السادسة من عمره وبدت عليه كل بوادر الذكاء منذ ايامه الاولى في الدراسة اضافة الى روحه المرحة التي جذبت اليه محبة وصداقة الاطفال الذين معه في المدرسة وتعدت ذلك لتصل الى قلوب جميع المعلمين والمعلمات في المدرسة الذين كانوا يحبوه جدا ويميزوه بسبب نشاطه وذكائه في الدراسة ورغم حبه وإنجذابه للتعلم لكنه كان شديد التعلق بوالدته فكان يحبها حبا شديدا .
ولم يتوقف عند هذا الحد فكان طفل حساس وعطوف حتى على اخوانه الاكبر منه وكان يفضلهم على نفسه في الكثير من الامور , انه شيء غريب فاغلب الاحيان نجد الاطفال في عمره يحبون التميز ويرغبون ويجذبون عطف الاخرين لهم لكنه كان على العكس تماما وهذا الشي كبر داخله في كل يوم يكبر في عمره ويصقل داخله ويتبلور ويزداد حب الاخرين له ويزداد تعلقهم به ويزداد تعلقه وحبه لهم حتى لوحظ ذلك في الايام الاخيرة من عمره فكانت تبدو على وجهه البريء نظرة ساحرة تشد وتحير جميع من ينظر اليه كانهم يحسون انهم سوف يفتقدون الى هذا الوجه الملائكي وكانت هذه النظرة تقول الى كل من ينظر اليه اني راحل لملاقاة ربي اني مشتاق الى ربي اني مشتاق لأشم رائحة الجنة .
وكل يوم يمر كلما باتت توضح هذه الملامح وبات يزداد تعلقا بوالدته وباهله وكانه يشعر بان ملائكة الجنة تناديه وكانه يريد ان يقول لاهله ان الجنة تناديني وكانه يريد ان يقول سأشتاق إليكِ يا أماه سأشتاق الى احضانك اين اللقاء ومتى اللقاء ربي ارحم اهلي واغفر لهم انك ارحم الراحمين .
ومرت الايام حتى بلغ مصطفى التاسعة من عمره وفي يوم 22/4/2004 كان مصطفى قد لبس اجمل ملابسه بعد عودته من المدرسة وتناول مع اهله وجبة الغداء التي لم يعرفوا انها ستكون الاخيرة معهم , خرج ليلعب خارج المنزل مع صديق له في نفس المنطقة التي كان يسكن فيها وكانت منتشرة فيها مخلفات الحرب من القنابل القابلة للانفجار .
بعدها بدء حريق في احدى حاويات النفايات التي كانت فيها ايضا هذه القنابل الغير منفجرة فحدث الانفجار وتتطايرت الشظايا حاملة نفسها نحو جسم هذا الطفل البريء الذي بالكاد بلغ ربيعه التاسع , فهب الناس واهله سارعوا بحمله الى المستشفى ولكن مشيئة الله سبقت وفارقت روح مصطفى جسده قبل ان يصل الى المستشفى .
فكان فقدانه خسارة الى اهله وحمل داخلهم حزن كبير يحملوه حتى هذا اليوم وكان فقدانه صعب على جميع من عرفه واحبه , حتى معلميه ومعلماته لم يكن سهل عليهم فقدانه فأتت معلمته الى منزله وهي تبكي حاملة شهادة مصطفى وهو ناجح بتفوق , وتبقى الشهادة ذكرى كباقي الذكريات والصور التي يحتفظ بها اهله .
ولكنا نسأل الله ان يضع روحه في حواصل طير خضر تسرح في الجنة وان يشفع لوالديه يوم القيامة . ونسال الله ان يرحم جميع الشهداء ويمنح اهلهم الصبر والسلوان .
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"