إن كان نصيبك ليس نيويورك عليك المبيت في فندق ليوم أو يومين أو الانتظار في صالة المطار حتى تستقل طائرة أخرى لتقلك إلى حيث وجهتك ، بعدها ترخي جسدك أنت ومن معك من عائلتك أو ممن تبقى لك من عائلتك، فهناك من التهمتهم نيران الصواريخ أو عنقوديات الطائرات .
ومن أفلت منهم كان لقصف الهاونات نصيبا من لحومهم، ومن نجا بحفظ الله كان لقمة سائغة للأفواه المتعطشة لدمائنا، فأما من ذهب ولم يعد لحد الآن وعلم وجوده عند خالقه أو لعلك أن تجد له صورة في الطب العدلي لن تستدل عليه أو تعرفه إلا لبسمة كانت تلازمه في حياته وأبت أن تفارقه وهم يستمتعون بتثقيب جسده، أو يقطعوا أوصاله أو يسلخوا جلده عن بدنه وهو حي.
نعم ستعرفينه يا أماه من بسمته، نعم ستعرفينه يا أختاه من بسمته، نعم ستعرفينه يا من ترملتي توا من بسمته فهي هي نفسها، فعلها حين تقدم لخطبتك .. نعم بني هذا هو الإرث الذي تركته لك في هذه الحياة لا عليك بني حين جئت إلى الدنيا كغيرك ببكاء ودمعة أوصيك كن مثل أبيك وفارقها ببسمة؟؟
لا أعلم كيف يبتسمون، أهي من شدة الألم؟ أهي دعوة للأمل؟ أم أنهم من قاتلهم كانوا يسخرون ومنا في بلاد الغربة ما زالوا يشمتون، نعم قد يقول قائل(( يا أبا مهند)) لم خرجت عن الموضوع؟ لمَ خرجت عن النص؟! ما بالكم بالله عليكم من منا في أمريكا أو غيرها ولم يفقد عزيزا قريبا أو بعيدا،فليتحسس قلبه قبل جسده . أجزم بأنه سيجده قد انقسم من النصف، ولمن أسعفه الحظ ولم ينل منه الموت جزء فليبن لأمه وأبيه في أمريكا وغيرها قبرا، وليزرع خلف بيته صبرا أو شجرة زيتون لعلها تذكره بالأحبة، أو تخفف عنه لوعة الفراق، أو تنسيه حرقة الوداع.
بعد أن تكفكف دمعك وتوقف عنوة تجهشك، ستحمد الله بأنك قد نجوت ببعض من أهلك لتبدأ بالسماح لمخيلتك أن تذهب بعيدا وأقلها أنك ستنعم بشهر عسل تريح فيه جسدك المنهك وتلملم فيه وجعك أو بعض ما تبقى من كرامتك، فإخوانك العربان لم يبقوا لك منها سوى بعضا حين رموك في صحرائهم، أو حين دخلت خلسة إلى بلادهم ذوات الحصون المنيعة بوجهك أو جبت بأهلك بلادا أو قطعت بهم بحارا لعلك أن تجد لهم ملاذا آمنا، لأنه بعد كل هذا وذاك ستعود إلى خيمتك فهي قائمة منذ الأزل وستبقى ولم تزل مشرعة أحضانها لتستقبلك، ستعود ولا بديل إلى أمريكا سوى البديل الآخر والأخير أمريكا بلد التحرر والحرية؟؟؟.. وللحديث بقية إن كان هنالك في العمر بقية أن شاء الله..
بقلم / جمال أبو النسب
9/2/2011
المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"