وكانت
قد اتفقت الحكومتان الفلسطينية والمصرية، على تشكيل طواقم عمل لوضع بروتوكولات
التفاهم والتعاون التي تخص العمليات التجارية، وذلك في إطار خطة تهدف إلى فتح آفاق
اقتصادية جديدة بعيدة عن "إسرئيل".
إذ
أكّد وزير الاقتصاد الوطنيّ في حكومة رام الله خالد العسيلي لـ"إذاعة
راية" في 10 "تشرين الأول/أكتوبر"، أنه تم اتفاق مع الجانب المصري
حول تعزيز التبادل التجاري والزيارات الاقتصادية المشتركة بين رجال أعمال مصريين
وفلسطينيين، معربا عن امله بتطبيق ذلك قريبا، وكان قد صرح لوكالة "وفا"
بـ8 تشرين الأوّل/أكتوبر أنّ المنتجات والبضائع المصريّة ستحلّ بدلاً من المنتجات
"الإسرائيليّة" في الأسواق الفلسطينيّة في وقت قريب، مشيراً إلى أنّ هذا
يأتي ضمن استراتيجيّة الحكومة للانفكاك عن الاقتصاد "الإسرائيليّ".
وكان
وزير الخارجيّة والمغتربين رياض المالكي قد صرح لوكالة "وفا" في 8 تشرين
الأوّل/أكتوبر أنّ انعقاد اجتماع الحكومتين المصريّة والفلسطينيّة في 9 تشرين
الأوّل/أكتوبر بالقاهرة، سيؤسّس لمرحلة جديدة، وسيفتح المجال لإمكانيّة أن يتكرّر
بشكل دوريّ ما بين القاهرة ورام الله، موضحاً أنّ الحكومة الفلسطينيّة معنيّة
بتطوير العلاقة مع القاهرة والبناء عليها.
وكانت
الحكومة أعلنت وصول وفد وزاريّ مشكّل من 13 وزيراً برئاسة رئيس الوزراء محمد
اشتيّة إلى القاهرة، في 7 تشرين الأوّل/أكتوبر مساء، للبحث في آفاق التعاون
المشترك وتبادل الخبرات في كلّ المجالات التخصصيّة، في زيارة هي الأولى من نوعها.
من
جهته، أكّد الناطق باسم الحكومة الفلسطينيّة إبراهيم ملحم لـ"المونيتور"
أنّه تمّ خلال الزيارة التوقيع على اتفاقيّات في مجاليّ الاقتصاد والزراعة لزيادة
التبادل التجاريّ وتبادل الخبرات بين البلدين، كما تم توقيع اتفاقيّات في مجالات
التعليم العالي والطاقة والأوقاف، لافتاً إلى أنّ هذه الزيارة اكتسبت أهميّة
استثنائيّة، نظراً إلى دور مصر المحوريّ في تقديم كلّ متطلّبات الدعم والإسناد إلى
القضيّة الفلسطينيّة في المحافل الدوليّة.
وعن
جدوى الانفكاك الاقتصاديّ عن "إسرائيل" من خلال تعزيز التبادل التجاريّ
مع الدول العربيّة، أوضح أنّ هناك الكثير من الفرص التي من شأنها التسريع في
عمليّة الانفكاك عن "إسرائيل" عبر توفير البدائل من الأسواق العربيّة
لتلك التي تضطرّ الحكومة إلى استيرادها من "إسرائيل"، إذ ستوفّر
الاتفاقيّات مع الأشقّاء العرب إمكانيّة زيادة التبادل التجاريّ، الأمر الذي ينعكس
على الخزنية الماليّة بتحسّن الأوضاع الاقتصاديّة.
وعن
توجّه الحكومة لإقامة المزيد من العلاقات التجاريّة مع دول عربيّة أخرى، قال
إبراهيم ملحم: "الحكومة تتطلّع إلى القيام بالمزيد من الزيارات لدول الخليج
والمغرب العربيّين".
وكانت
الحكومة الفلسطينيّة أجرت تفاهمات اقتصاديّة مشتركة بينها وبين الأردن والعراق، في
تمّوز/يوليو الماضي، لتعزيز سبل التعاون الاقتصاديّ المشترك، في ضوء توجّهات
الحكومة إلى الانفكاك الاقتصاديّ عن "إسرائيل".
بدوره،
تحدّث أستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر بغزّة معين رجب لـ"المونيتور" عن
توجّه الحكومة إلى هذه الخطوة، لافتاً إلى أنّ تحقيق سياسة الانفكاك الاقتصاديّ عن
"إسرائيل" جاء عقب الضغوط والممارسات المنهجيّة المستمرّة والمتصاعدة من
الجانب "الإسرائيليّ"، والتي كان آخرها اقتطاع أموال المقاصّة، فضلاً عن
التبعيّة شبه المطلقة للاقتصاد "الإسرائيليّ" التي أرهقت الجانب
الفلسطينيّ واستنفدت موارده بشكل كبير، وقال: "إنّ الحكومة الفلسطينيّة ارتأت
أن تنفتح مجدّداً على الدول العربيّة، خصوصاً المجاورة منها، وتوقيع اتفاقيّات
اقتصاديّة جديدة وتفعيل المعطّلة منها".
أضاف:
ليست العبرة بتوقيع اتفاقيّات وعقد لجان مشتركة، إنّما بأن تتوافر الجديّة
والإرادة من قبل الجانبين.
وأوضح
أنّ عدم إلتزام "إسرائيل" بالاتفاقيّات التي وقّعتها مع السلطة، يجب أن
يشكّل دافعاً للسلطة للتنصّل منها وإقامة اتفاقيّات ثنائيّة مع الدول العربيّة،
وقال: على الفلسطينيّين أن يبذلوا قصارى جهدهم لتحقيق هدفهم بالخلاص من التبعيّة
الاقتصاديّة "الإسرائيليّة".
وأكّد
أنّ تعزيز العلاقات مع مصر ضروريّ للغاية، خصوصاً أنّ هناك حدوداً جغرافيّة بريّة
وبحريّة تربط البلدين ببعضهما البعض، لافتاً إلى أنّ الانقسام الفلسطينيّ أعاق
محاولات تطوير العلاقات الاقتصاديّة والتجاريّة بينهما، وقال: هناك الكثير من
الفرص لتعزيز الاقتصاد الفلسطينيّ من خلال مصر إذ يمكن إنشاء ميناء أو تطوير
البوّابة التجاريّة معها.
بدوره،
أكّد أستاذ الاقتصاد في جامعة "النّجاح" بنابلس بكر اشتيّة
لـ"المونيتور" أنّ المخارج الاقتصاديّة التي في حوزة الفلسطينيّين
محدودة، فلا مجال أمامهم سوى التوجّه إلى البلدان العربيّة المجاورة، في ظلّ
الأزمة الماليّة التي تعاني منها السلطة الفلسطينيّة، وعدم إيفاء الدول العربيّة
بتفعيل شبكة الأمان التي تقضي بدفع 100 مليون دولار شهريّاً للسلطة الفلسطينيّة في
حال حدوث أزمة ماليّة لها، وقال: "لا أتوقّع استجابة عربيّة حقيقيّة وكبيرة
كون الدول العربيّة لا تمتلك إرادة اقتصاديّة تجاه القضيّة الفلسطينيّة، وما
ستقدّمه الدول العربيّة، خصوصاً مصر، لن يفوق ما ستسمح به أميركا".
أضاف:
"أميركا تريد الضغط على الفلسطينيّين ليقبلوا بصفقة القرن، فلا يمكن أن تسمح
لهم بأن يشعروا بالرخاء من دون ذلك".
وبيّن
أنّ "إسرائيل" لا تريد أن تخسر أكبر قوى شرائيّة بالنّسبة إليها، إذ يصل
حجم استيراد فلسطين من "إسرائيل" 62 في المئة من إجماليّ وارداتها،
لافتاً إلى أنّ أيّ اتفاق مع الدول العربيّة سيصطدم مع اتفاق بروتوكول باريس لعام
1994، الذي قيّد عمليّة التبادل التجاريّ للفلسطينيّين، آملاً في أن يتمّ تعديله
وإلغاء الغلاف الجمركيّ موحّد مع "إسرائيل" ، إذ يمكن حينها التخلّص من
التبعيّة "الإسرائيليّة".
وشرح
أنّ العلاقات التجاريّة مع مصر تأثّرت وتعطّلت بفعل الانقسام الفلسطينيّ، لافتاً
إلى أنّ معدل حجم التبادل التجاريّ مع الأردن يصل لـ 7 في المئة، فيما لا يتجاوز
التبادل التجاريّ مع مصر الـ1 في المئة، رغم أنّه من الأجدى اقتصاديّاً أن يكون
التبادل مع مصر أكبر من أيّ دولة ثانية، نظراً إلى حجم أسواقها وتنوّعها، وقال:
"أتأمّل التوصّل إلى صيغة تفاهم بين مصر والسلطة وحماس لتعزيز التبادل
التجاريّ، بحيث تكون الاستفادة الاقتصاديّة للجميع".
ودعا
الحكومة إلى تفعيل مقاطعة المنتجات "الإسرائيليّة" بتوفير بدائل
فلسطينيّة وتعزيز جودة المنتج الوطنيّ وتعزيز الاستثمار فيه، ووقف التنسيق الأمنيّ
الذي سيدفع بـ"إسرائيل" إلى الموافقة على مطالب السلطة الفلسطينيّة.
المصدر : المونيتر
17/2/1441
16/10/2019