ما زالت أصوات المهاجرين واللاجئين العراقيين في تركيا
مرتفعة، مع إحساسهم المتزايد يوما بعد يوم بأنه قد تم التخلي عنهم. معظم هؤلاء
اللاجئين يجمعون على أنهم طوال فترة مكوثهم في تركيا، والتي وصلت إلى أكثر من
ثماني سنوات لبعضهم، لم يسمعوا شيئا حول طلبات إعادة توطينهم من مفوضية اللاجئين.
ويعاني
هؤلاء، كغيرهم من الهاربين من آتون الحروب والفقر في بلادهم إلى تركيا، من ظروف
معيشية صعبة. ويشكون إهمال المنظمة الأممية لهم، وتحميل مسؤولية ملفاتهم للسلطات
التركية.
وتزايدت
أعداد المهاجرين واللاجئين العراقيين في تركيا بشكل كبير، خاصة بعد الاجتياح
الأمريكي للبلاد والإطاحة بنظام صدام حسين، حيث بات مصير الجمهورية معلقا بأحداث
الحرب الأهلية التي تناهشتها وحولتها إلى ساحة حرب مفتوحة.
مهاجر
نيوز كان قد نشر شهادات ومواضيع متعلقة باللاجئين العراقيين في تركيا، خصوصا القصص
المرتبطة بغياب دور مفوضية اللاجئين حسب تعبيرهم، المنظمة الأممية الوحيدة المخولة
بالبت بملفات لجوئهم وإعادة توطينهم.
افتتحت
المفوضية مكتبا لها في أنقرة في تسعينات القرن الماضي، بهدف تأمين إعادة توطين
اللاجئين هناك في دول أخرى. إلا أنها عام 2014، اعتمدت طريقة مختلفة في تعاطيها مع
اللاجئين، إذ اكتفت بتزويدهم بالوثائق الضرورية المطلوبة للحصول على بطاقة الإقامة
التركية "الكملك".
إهمال
المفوضية
سحر
إبراهيم زغيّر، إعلامية عراقية سابقة، حصلت على حق اللجوء في تركيا عام 2018. خلال
مكالمة هاتفية، أوردت سحر أن وضعها المعيشي صعب جدا حاليا، وأن المفوضية لم تؤمن
لها أي مساعدة تذكر منذ لحظة تقدمها بطلب لجوء فيها عام 2015.
وقالت
"عام 2015 قررت وعائلتي مغادرة العراق. كنت أعمل كصحافية في إحدى الجرائد
العراقية. مواضيعي بمجملها كانت حول المرأة. مقالاتي لم تلق استحسانا لدى قوى
الأمن في المنطقة التي كنت أعيش فيها، تعرضت للكثير من التهديدات المتنوعة إلى أن
جاءني تهديد بقتلي وأطفالي".
وأضافت
" تقدمنا مباشرة بطلب لجوء وإعادة توطين لدى مفوضية اللاجئين. عام 2018 حصلنا
على حق اللجوء، حينها توجهت للمفوضية لأستفسر عن آلية لعلاج ابني، 12 عاما، المصاب
بمتلازمة داون. طلبوا مني القيام بفحوصات عامة له بداية، وهنا كانت المفاجأة.
نتائج الفحوص الطبية بينت أنه مصاب بالروماتيزم بالقلب وأمراض أخرى. ساءت حالته
حينها كثيرا. المفوضية لم تؤمن لي سوى دواء مرض الروماتيزم، وهو غير كاف بحالته،
فصحته مستمرة بالتدهور".
خلال
حديثها، اشتكت اللاجئة العراقية من الإهمال الذي وصفته بـ"المتعمد"
حيالها من قبل المفوضية. "لم أستسلم، حاولت بشتى الطرق معرفة مصير ملفنا وطلب
إعادة التوطين. في كل مرة كنت أتصل بالمفوضية كان يأتيني الجواب التالي ‘إعادة
التوطين حلا وليست حقا‘. بدأ اليأس بالتسرب إلى حياتنا، خاصة بعد أن أبلغوني أن
ملفنا تحول إلى دائرة الهجرة التركية. عندما راجعتهم أبدوا استغرابا شديدا، وقالوا
لي إن هذه الملفات عادة تعالجها المفوضية... بقيت على هذه الحال حتى الآن، كلما
راجعت المفوضية يحيلوني إلى دائرة الهجرة والعكس صحيح".
وختمت
قائلة "أراقب الأيام وهي تتسرب من بين أيدينا، أطفالي الخمسة يكبرون دون أن
أستطيع أن أؤمن لهم مستقبلا لائقا. هم خارج المدارس وبت الآن أخشى على مستقبلهم
أكثر من أي وقت مضى. قصتي هذه أتشاركها مع الآلاف غيري من العراقيين هنا في تركيا،
تم إهمالنا بشكل فظ. نعيش على رنّة الهاتف بانتظار مكالمة من المفوضية حول موضوع
إعادة التوطين. أشعر وكأن حياتنا باتت معلقة، هل يجوز أن نبقى على هذا الوضع؟ من
المسؤول؟ لا أدري".
جائحة
كورونا زادت من معاناة اللاجئين
وفي
هذا السياق، أفادت عدة نقابات وجمعيات تركية تعنى بشؤون اللاجئين أن جائحة كورونا
كان لها أثرا "سلبيا وثقيلا" على العمال اللاجئين في البلاد.
وأفادت
"جمعية العمال التركية"، وفقا لإحصاء قامت به، أن من بين كل 100 عامل من
اللاجئين، 83 فقدوا وظائفهم. وذكرت أن السوريين والعراقيين كانوا على رأس تلك
القائمة.
وأصدرت
جمعية عمال الجلود والنسيج والأحذية في وقت سابق بيانا قالت فيه إنه
"بالإضافة إلى فقدان وظائفهم، لم يتمكن العمال اللاجئون من الاستفادة من المساعدة
الاجتماعية المقدمة للعمال الذين فقدوا وظائفهم خلال الجائحة، لأن معظم هؤلاء
العمال يعملون دون قيود رسمية لدى الحكومة (بشكل غير شرعي)".
وأضاف
التقرير "تمكن عدد محدود من اللاجئين من الوصول إلى المساعدات التي تقدمها
البلديات ومجموعات المساعدة الاجتماعية التابعة لوزارة الداخلية".
ووفقًا
لإدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية التابعة للأمم المتحدة، هناك ما مجموعة 5،67
مليون لاجئ ومهاجر في تركيا، 71.4 في المائة منهم في سن العمل.
"لماذا أدارت المفوضية ظهرها لنا؟"
علي،
لاجئ عراقي في مدينة سامسون التركية، قال لمهاجر نيوز "مضى على وجودي في
تركيا حوالي سبع سنوات، لم أتلق من المفوضية خلالها اتصالا واحدا، أنا أراجعهم
بشكل مستمر للحصول على أجوبة في ما يخص ملف إعادة التوطين الخاص بي وبعائلتي. حتى
الآن لا جواب".
ويضيف
"خرجت من بغداد طلبا للأمن وللمستقبل الأفضل لعائلتي، وليس للسياحة. لم أعد
أملك شيئا، الحياة هنا مكلفة جدا بالنسبة لنا وفرص العمل محدودة جدا. لماذا أدارت
المفوضية ظهرها لنا؟ لماذا لا نسمع أحدا يطالب بحقوقنا؟".
مهاجر نيوز
21/2/1442
8/10/2020