ازدواجية الجنسية الفلسطينية كارثة لأين تمضي بنا ؟ - سامي الأخرس

بواسطة قراءة 3714
ازدواجية الجنسية الفلسطينية كارثة لأين تمضي بنا ؟ - سامي الأخرس
ازدواجية الجنسية الفلسطينية كارثة لأين تمضي بنا ؟ - سامي الأخرس

لفت نظري هرولة ربع سكان قطاع غزة لجمهورية مصر العربية للحصول على جنسيتها بدواعي المولد من أمهات مصرية ، وبدأ تدفق المئات إن لم يكن الآلاف من سكان غزة على مجمع التحرير لتقديم الطلبات ، منهم المئات من حاولوا وقاموا بتزييف العديد من الوثائق والبيانات للحصول على الجنسية ، وهو ما يتوقع بأن يصل عدد سكان القطاع الذين يحصلون على الجنسية المصرية بأكثر من ثلاثين ألف نسمة ، وهو نظير العلاقات الاجتماعية المترابطة بالنسل بين غزة ومصر منذ قديم الزمان ، أي أن الحصول على الجنسية يأتي في سياق القانون الفلسطيني الذي أجاز ازدواجية التجنيس ، وهو قانون أجيز بشكل متعمد ليلبي شهوات ورغبات المشرع والقيادة التي تمتلك بعض الجنسيات الأخرى ولا يريدون فقدانها ، أو التضحية بها ، ولما لا والزائر لمعظم سفاراتنا بالخارج يرى بأن معظم موظفيها ، ودبلوماسييها يحملون جوازات سفر غير فلسطينية ، بل ومنهم العشرات من يضحي بتأشيرة أبنائه الدبلوماسية لأجل الحفاظ على جوازه غير الفلسطيني ، في الدول التي لا تمنح التأشيرة سوى لجواز البلد الذي يمثلها ، فيبدأ مرحلة المساومة مع الدولة المضيفة لأجل الاحتفاظ بهذه الجنسية المزدوجة .

فالموضوع لم يعد مقتصراً على مصر لوحدها بل بدأت ملامح الكارثة تتحول لظاهرة ، حيث بدأت بعض الأصوات تطالب الأردن بمنح الجنسية لمن هم أبناء أردنيات كذلك ، وهو ما يعتبر مؤشر لموافقة الحكومة الأردنية ، بما أن هناك سابقة تمثلت بموافقة مصر على هذا القانون ، وعليه ستجد الأردن مدخلاً سياسياً ، وقانونياً ، ولا يستبعد أن تسير باقي الدول العربية على نفس المنوال ، وخاصة سوريا ولبنان واليمن التي تمتلك أكبر جاليات فلسطينية لاجئة .

أما فلسطينيو أوروبا وأمريكا اللاتينية ، والولايات المتحدة فنادراً من يقيم بهما وليس لديه جنسية البلد المضيفة ، فالقلة القليلة التي لا زالت تحمل جواز فلسطيني ، أو وثيقة سفر لأحد الدول العربية، إضافة لحالة اللجوء السياسي التي انتشرت بين صفوف شبابنا ، متنازلاً عن حقوقه كلاجئ مقابل التجنيس وهو أحد الشروط التي وضعتها هيئة الأمم المتحدة ولجانها للاجئين .

الأمر لا يخضع لجوانب إحصائية ، أو إنسانية بقدر ما يخضع لجانب وطني ، فالشعب الفلسطيني في الداخل والخارج يقارب تسعة ملايين نسمة ، موزعين بشتى بقاع العالم ، منهم من أجبر على حمل الجنسية كما حدث مع فلسطينيو 1948م ، وفلسطينيو المهجر في أوروبا وأمريكا اللاتينية بدوافع إنسانية ، وهي عملية تم تجاهلها من جانب إنساني للاجئ الفلسطيني الذي كان يلاحق من الدول العربية ، ويُذل في موانئها وأراضيها ، وتمارس كل ممارسات الاستعباد له ، والتضييق عليه فأصبح يلهث خلف أي جنسية ليتخلص من هذا العبء ، الذي أثقل كاهله ، واتجه العديد لشراء جنسيات إفريقية لكي يستطيع التنقل أو التحرك بين عواصم العرب ومطاراتهم ، سواء لأعماله أو علاجه ... الخ .

بدأ الأمر يتخذ شكل الظاهرة ، وهو ما يدفعنا للسؤال المشروع ، هل ما يحدث يأتي ضمن التخطيط لتصفية حق العودة الفعلي والحقيقي ، واقتصاره على حق العودة للنازحين فقط وفق تعريف الأمم المتحدة للاجئ الذي غادر أرضه عام 1948م ، والنازح الذي غادر أرضه عام 1967م ؟ وماذا ستبقى للفلسطيني المطالبة به كحق عودة عندما يصبح متجنس بجنسية أخرى ؟ وهل إسرائيل غير مدركه لهذا الجانب الخطير والهام ؟ .

العديد من الأسئلة التي تتطلب رد قانوني من أصحاب الاختصاص ، ورد سياسي من القائمين على قيادة الشعب الفلسطيني ، وكذلك من أعضاء المجلس التشريعي ، والمجلس الوطني الذي أجازوا ازدواجية الجنسية ، في ظل التطورات المتلاحقة بهذه القضية .

من هنا يتطلب الأمر تحرك فاعل وحيوي من قبل رجال القانون الفلسطيني ، الذين لا يمتلكون جنسية مزدوجة في دراسة هذا الجانب ، وتناوله من زاوية وطنية مستقبلية ، والتحرك في إيقاف تسرب الجنسية الفلسطينية ، ورفع دعاوي قضائية على جامعة الدول العربية ، والبلدان العربية التي تجيز منح الفلسطيني جنسيتها ، وعلى المجلس التشريعي الذي اقر قانون ازدواجية الجنسية ، وكذلك تصعيد المسألة ضد هيئة الأمم المتحدة ومفوضية اللاجئين التي تشترط تخلى اللاجئ عن حقوقه مقابل تجنيسه ، مستغلة أوضاع أبناء الشعب الفلسطيني السيئة والمأزومة .

يأتي ضرورة التحرك من باب إفراغ وتسرب الجنسية الفلسطينية الذي إن استمر سيحقق ما ذهبت عليه الحركة الصهيونية منذ نشأتها بأن فلسطين هي " أرض بلا شعب ، لشعب بلا أرض " .


سامي الأخرس

1/7/2011

 

المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع

"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"