والمتابع للسياسة الامريكية يجدها انها سياسة ادارة الازمات وليس
لحلحلتها لمصالح ترتئيها وفقا لمفهوماتها الامنية والاقتصادية لتبقي حالة الصراع
مستمرة بين اطراف النزاع وتبقى حاجة كلا الطرفين اليها .
والصراع الفلسطيني الصهيوني هو اهم تلك الاساليب في تعاملاتها معه
فبعد ان فاجئ من يمثل الفلسطينيون العالم بتخليهم عن اكثر من 70% من وطنهم الذي هو
صغير جدا لا يتجاوز مساحة 27 الف كيلو متر مربع .. وافقوا على ما هو 5 الاف فقط
لاقامة دولتهم ثم تنازلوا من خلال مفاوضات
عبثية عن نصف هذا الرقم للكيان لضم اراضي للخط الاخضر لوجود مستوطنات كبيرة ويعني
القبول بمساحة 2700 كيلو متر من فلسطين ..!! .
ومع كل ذلك لم يوافق الكيان الغاصب على اقامة دولة فلسطينية لتلك
المساحة !!! بالرغم من ان عدم وجود وطن للفلسطينيين يشكل لهم نزعة عدوانية لتحسسهم
بعدم الاطمئنان لشعب مشرد تم اجتثاثه باكاذيب لم يقتنع بها حتى بعض حاخاماتهم من
يهود العالم .. لانهم سيبقون تحت التهديد وعدم الاستقرار لمشروعية الشعب الفلسطيني
العمل بأي شيء من اجل استعادة وطنه .
والسؤال المهم هل نزاع وصراع يهدد الامن العالمي عقائديا وامنيا
واقتصاديا يستمر بتلك التعقيدات والاصرار على عدم اعطاء تلك المساحة الصغيرة التي
يمتلك بحجمها اقطاعيين كثار في العالم لشعب تم تشتيته يبلغ تعداده قربة 15 مليون
بين مشرد ومتجنس !؟ .
فما هي الحلول التي تخفيها امريكا ولقيطها الغاصب حتى عن عملائهم !؟
انها ما يسمى بـ"صفقة القرن" تلك الصفقة التي حاكها
دهاقنة التخطيط والمكر السياسي والامني من اليهود والامريكان للسيطرة المطلقة على
المشهد العربي برمته تحت مبررات ساعدتهم من دول اقليمية معادية للعرب على ذلك ففي
تسريبات من امريكان من اصول عربية مقربة من دائرة كوشنر صهر الرئيس الامريكي تتضمن
تلك الخطة ما هو سيعلن قريبا امام الشعوب وما هو غير معلن في دهاليز الغرف المظلمة
وابرز ما سيعلن ويخفى هو ان يبتلع الكيان المصطنع اراضي من الضفة الغربية قوامها
80%ــــ85% لوجود مستوطنات كبيرة ترتقي لمستوى مدن واراضي اخرى لاعتبارات امنية
يقابلها اراضي تضم الى الفلسطينيين لضفتهم من الاردن تقدر 2000 كيلو متر وتقدم
السعودية لقاء التنازل الاردني للفلسطينيين اراضي من الشمال الغربي للسعودية يقدر
4000 كيلومتر متضمن سواحل من البحر الاحمر خليج العقبة بعمق خمسة كيلو متر للمملكة
الاردنية وتتنازل دولة الامارات عن جزيرتين يطلان في منتصف مضيق هرمز وجزيرة من
سلطنة عمان كتعويض جزئي للمملكة العربية السعودية عن تنازلها للمملكة الاردنية .. على
ان تكون احدى تلك الجزر هي للامريكان لزمن طويل لبناء اكبر قاعدة بحرية في العالم
لقاء الحماية المطلقة الامريكية لتلك الدول من الاعداء .
اما فيما يتعلق بقطاع غزة فسيتم التوسع بضم العريش المصرية
وضواحيها الجنوبية لقطاع غزة ومن المعلوم ان الادارة المحلية لحدود فلسطين حتى
نهاية حكم الخلافة العثمانية كانت تشمل من الضاحية الجنوبية لبيروت نزولا للجولان
حتى ميناء إيلات جنوبا والعريش المصرية واجزاء من سيناء غربا والاردن حتى طريبيل
العراقية شرقا .. لكن ما تم تقسيمه في سايكس بيكو ابقى للفلسطينيين الخارطة
السياسية المعروفة قبل عام 1947 اي قبل النكبة .
اما فيما يتعلق بمخاوف القيادة الفلسطينية السلطوية لتلك الخطة دون
معرفتها بأن الخطة المطروحة ستلغي جملة وتفصيلا ما رسم ونفذ في اتفاقية اوسلو بين
الطرفين المتنازعين والتي اخذ الكيان كل ما يتعلق به من تلك الاتفاقية ولم يعطي
للجانب الفلسطيني شيئاً .. معللا انه فيما بعد ومن المعروف لخفايا اتفاقية اوسلو
ديمومة الحكم لموقعيها .
وهذا يعني بنهايتها ستنتهي القيادة السلطوية بالاتفاقية الجديدة
ولم تتطرق تلك التسريبات لصفقة القرن عن "دولة فلسطينية" الا التنويه لـ"حكم
ذاتي" انتقالي لبضع سنوات يتحول بعدها الى "دولة" وفق "شروط
دولية" .
إن هذا المكر والدهاء السياسي للموسوستانتية (الموسونية +البروتستانتية المتصهينة) اسمحولنا ان نطلق مصطلحات كرد عليهم وعلى
مصطلحاتهم وعبر تلك العملية التسطيحية والتبسيطية والإيجاز المغفل من حيث النظرة
لبنية الاستبداد هذا الداء السرطاني القاتل الذي استشرى في غفلة من الأنام وعاني
منه الجميع بلا استثناء وبكل ما يحمل المكر من مخاطر جدية يجب الا يكون على الإطلاق فسحة لأي كان
لاستغلاله واللعب من خلاله بمصير البلاد والعباد لتحقيق منافع سياسية ضيقة ذاتية وآنية قد تعود عليه بريعية ونفعية ما على المدى القصير
الا أنها ستصبح عبئا بل وكارثة تقوض اهم عامل في بقاء الاوطان وهو التشرذم
والتفتيت والانقسامات .
قال الله عز وجل : { وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ
الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ۚ
وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ } [الانفال : 30]
.
بقلم : د. مريم العلــــــــــــي
12/8/1440
17/4/2019
المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع
"حقوق النشر محفوظة لموقع "
فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"