أثار عرض قطر في الدورة العربية الرياضية صورة لخارطة فلسطين الموعودة ضجة كبيرة للبعض وكأنهم يسمعون عن قضية الدولة الفلسطينية وخارطتها وحدودها لأول مرة وكأنهم كانوا بالسابق نائمين وقد استفاقوا الآن ليتحدثوا عن مؤامرة قطرية وعربية ونسوا ان كل مصائبنا نتيجة لهذه المؤامرات قبل قيام الكيان الصهيوني وحتى ما شاء الله ونسوا اننا ضمن مسيرة الكفاح الفلسطيني نفاوض منذ السبعينات من القرن الماضي أي منذ بداية انطلاقة الثورة الفلسطينية نفاوض الصهاينة بالسر والعلن على هذه الدولة وحدودها في عام1967 وقد نسوا ان كل الاتفاقيات التي وقعت سواء في مدريد أو أوسلو أو شرم الشيخ أو وادي عربة أو في المفاوضات المباشرة وغير المباشرة كان هدفها أن تقبل "إسرائيل" بدولة فلسطينية مسخ على حدود عام 67 في الضفة وغزة عاصمتها ما تبقى من القدس الشرقية وحل عادل لما يسمى بقضية اللاجئين وهو توطين وتعويض ، ولاشيء اسمه عودة والمشكلة ليست بنا إنما المشكلة هي في تعنت "إسرائيل" التي لا تريد أي حل إنما تريد أن تقضم كل أراضي فلسطين وتطرد ما تبقى منهم خارج فلسطين ونسي البعض ان هناك أعداد لا بأس بها من شعبنا الفلسطيني ترضى بهذا الحل وترضى بقيام الدولة الفلسطينية على هذه الحدود بسبب ما تعرضوا له من ظلم وقتل وتهجير وظروف لا إنسانية ومحاصرة ومطاردة ومنع المقاومة للعدو الصهيوني مقابل أن نحصل على حقوقنا الإنسانية في هوية وجواز سفر ودولة بل البعض كان يتهم المقاومة بأنها سبب في إفشال عملية السلام التي لولاها لكانت تحققت ومنذ زمن طويل الدولة الفلسطينية الموعودة وان جميع الدول العربية المقاومة وغير المقاومة تقوم باتصالات سرية وعلنية مع الكيان الصهيوني وعلى استعداد أن توقع اتفاقية سلام مع "إسرائيل" حتى لو لم يحصل الفلسطينيون على دولتهم فهل المشكلة في ما قامت فيه قطر أم المشكلة في الموافقة على ضياع حق الأجيال كلها مقابل أن يحصل جيل أو جيلين من أبناء شعبنا على بعض حقوقهم الإنسانية كغيرهم من الشعوب واننا كنظام فلسطيني سنكون مستعدين لان نكتب تاريخ جديد وجغرافية جديدة تناسب عملية السلام وان نعلم أبناءنا ان فلسطين 67 هي فلسطين الحقيقية وان الأراضي الأخرى كان يسكنها يهود وفلسطينيين وغيرهم وإلا سنكون معادين للسامية وعملية السلام وداعمين للإرهاب ، وما قامت به قطر انها دولة مستعدة لتحمل سواد الوجه دائما في البداية ثم يتبعها الآخرون بعد أن يكون قد تم استيعاب الصدمة الأولى كما فعل أنور السادات في زيارته السوداء إلى تل أبيب حيث تحمل سواد الوجه في البداية ثم تبعه العرب في الاعتراف بـ"إسرائيل" ومن ضمنهم الفلسطينيون ، إن قطر قد شاهدت من خلال السونار ان العملية السياسية المسمى بعملية السلام حبلى بالصبي الفلسطيني القادم ، أما الآخرون فينتظرون أن تتم عملية الولادة بالسلامة وأن يتم الختان ويقتطع الجزء الأكبر من اللحم الفلسطيني ثم يتم الاحتفال النهائي بالدم المهدور والحق الفلسطيني الضائع ولله الأمر من قبل ومن بعد .
بقلم محمد خيري عثمان الماضي
14/12/2011
المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"